تفسیر ابن عربى (تأویلات عبد الرزاق) سوره المائده
سوره المائده
[۱]
[سوره المائده (۵): آیه ۱]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَکُمْ بَهِیمَهُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما یُتْلى عَلَیْکُمْ غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ یَحْکُمُ ما یُرِیدُ (۱)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا بالإیمان العلمی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أی: العزائم التی أحکمتموها فی السلوک. و الفرق بین العهد و العقد هاهنا: إنّ العهد هو إیداع التوحید فیهم فی الأزل کما مرّ، و العقد هو إحکام عزائم التکلیف علیهم لیتأدّى بهم إلى الإیفاء بما عاهدوا علیه. فالعهد سابق و العقد لاحق، فکل عزیمه على أمر یوجب إخراج ما فی الاستعداد بالقوه إلى الفعل عقد بینه و بین اللّه یجب الوفاء به و الامتناع عن نقضه بفتور أو تقصیر أُحِلَّتْ لَکُمْ جمیع أنواع التمتعات و الحظوظ بالنفوس السلیمه التی لا تغلب علیها السبعیه و الشره، کالنفوس التی هی على طباع الأنعام الثلاثه إِلَّا ما یُتْلى عَلَیْکُمْ من التمتعات المنافیه للفضیله و العداله فإنها منهیّ عنها لحجبها عن الکمال الشخصی و النوعی غَیْرَ مُحِلِّی الصَّیْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ أی: لا متمتعین بالحظوظ فی تجریدکم للسلوک و شروعکم فی الریاضه عند السیر إلى اللّه لطلب الوصول فإنه یجب حینئذ الاقتصار على الحقوق، إذ الإحرام فی الظاهر صوره الإحرام الحقیقی للسالکین فی طریق کعبه الوصال، و القاصدین لدخول الحرم الإلهیّ و سرادقات صفات الجلال و الکمال إِنَّ اللَّهَ یَحْکُمُ ما یُرِیدُ على من یریده من أولیائه.
[۲]
[سوره المائده (۵): آیه ۲]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لا الْهَدْیَ وَ لا الْقَلائِدَ وَ لا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ یَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَ لا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوکُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ (۲)
لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ من المقامات و الأحوال التی یعلم بها حال السالک فی سلوکه کالصبر و الشکر و التوکل و الرضا و أمثالها، أی: لا ترتکبوا ذنوب الأحوال و لا تخرجوا عن حکم المقامات فإنها شعائر دین اللّه الخالص. و کما أن المواضع المعلومه المعلمه بما یفعل فیها کالمطاف و المسعى و المنحر و غیرها و الأفعال المعلومه فی الحجّ شعائر یشعر بها الحاج.
فهذه المقامات و المراتب و الأحوال شعائر یشعر بها حال السالک و کما أنه لا یجوز فی ظاهر الشرع تغییرها عن موضعها و الخروج عن حکمها فکذلک هذه فی شرع المحبین کما یحکى عن أحدهم إنه کان یتکلم فی الصبر فدبّ عقرب على ساقه و أخذت تضربه و هو على حاله لا ینحیها فسئل عنه فقال: أستحی من أن أتکلم فی مقام و أنا أفعل ما ینافیه وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ أی: وقت الإحرام بالحج الحقیقی و هو وقت السلوک و الوصول بالخروج عن حکمه و الاشتغال بما ینافیه و یصده عن وجهته و یثبطه فی سیره وَ لَا الْهَدْیَ و لا النفس المستعدّه المعده للقربان عند الوصول إلى فناء الحضره الإلهیه على ما أشیر إلیه باستعمالها فی شغل یصرفها عن طریقها أو یضعفها أو حمل فوق طاقتها من الریاضه، فینقطع دون البلوغ إلى المحل وَ لَا الْقَلائِدَ و لا ما قلدته النفس من شعار أهل السلوک و السنن و الأعمال الظاهره بترکها و تغییرها عن وضعها وَ لَا آمِّینَ الْبَیْتَ الْحَرامَ و لا القاصدین المجدّین فی السلوک المجتهدین بتغیرهم و منعهم عن الریاضه و إیهان عزائمهم بالمخالطه و تقلیل السعی و إیهامهم أنه لا حاجه بهم إلیه و شغلهم بما یصدّهم أو یکسلهم یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ بتجلّیات الأفعال وَ رِضْواناً بتجلیات الصفات.
وَ إِذا حَلَلْتُمْ بالرجوع إلى البقاء بعد الفناء و الاستقامه فَاصْطادُوا أی: فلا حرج علیکم فی الحظوظ بل ربما کان تمتیع النفس بالحظوظ إعانه لها فی مشاهداتها و مکاشفاتها لشرفها و ذکائها و شدّه صفائها وَ لا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ إلى آخره، أی: لا یکسبنکم بعض القوى النفسانیه المانعه عن سلوککم أن تقهروها بالکلیه بمنعها عن الحقوق التی تقوم بها فتبطلوها أو تضعفوها عن منافعها و ما یحتاج إلیه من أفعالها بسبب صدّها إیاکم، فإنّ وبال ذلک عائد إلیکم.
أو عداوه قوم من أهلیکم و أقاربکم و أصدقائکم بسبب منعهم إیاکم عن التجرید و الریاضه فی السلوک أَنْ تَعْتَدُوا علیهم بإضرارهم و مقتهم و إراده الشرّ بهم فإنه أضرّ بکم فی السلوک من منعهم إیاکم وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى بتدبیر تلک القوى و سیاستها بالإحسان إلیها بحقوقها و منعها من حظوظها أو بمراعاه الأهلین و الأقارب و الأصدقاء بمواساتهم و الإحسان إلیهم، و المعروف فی حقّهم مع مخالفتهم إلى ما یمنعکم عنه و الاجتناب عن ذلک، کما قال تعالى: فَلا تُطِعْهُما وَ صاحِبْهُما فِی الدُّنْیا مَعْرُوفاً[۱]، وَ اتَّقُوا اللَّهَ و اجعلوه وقایه لکم فی هذه الأمور و احذروه فی خلافها إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ یعاقبکم بالصدّ و الحرمان.
[۳]
[سوره المائده (۵): آیه ۳]
حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَهُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَهُ وَ الْمَوْقُوذَهُ وَ الْمُتَرَدِّیَهُ وَ النَّطِیحَهُ وَ ما أَکَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَکَّیْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِکُمْ فِسْقٌ الْیَوْمَ یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ دِینِکُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَ اخْشَوْنِ الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَ رَضِیتُ لَکُمُ الْإِسْلامَ دِیناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِی مَخْمَصَهٍ غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۳)
حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَهُ هذه هی الأمور المستثناه من أنواع التمتعات المحلّله، و هی المیته أی: خمود الشهوه التی هی رذیله التفریط المنافیه للعفه کالخنوثه و العجز عن الإقدام على القدر الضروری من التمتعات و التمتع بفقدان اعتدال القوه الشهوانیه على ما یفعله الخناثى و بعض المغزلین و المتقشفین و المتزهدین بالطبع، القاصرین عن السلوک لنقصان الاستعدادات وَ الدَّمُ أی: التمتع بهوى النفس فی الأعمال فإن مزج الهوى و شوبه یفسد الأعمال کلها وَ لَحْمُ الْخِنْزِیرِ و وجوه التمتعات الحاصله بالحرص و الشره، فإن قوّه الحرص أخبث القوى و أسدّها لطرق الکمال و النجاه وَ ما أُهِلَّ لِغَیْرِ اللَّهِ بِهِ أی: الریاضات و الأعمال بالریاء و کل ما یفعل لغیر اللّه.
فإن کسر النفس و قمعها و مخالفتها لا یکون فعلا جمیلا و فضیله و معینا فی السلوک إلا إذا کان للّه، فأمّا إذا کان لغیر اللّه فهو شرک و الشرک أکبر الکبائر وَ الْمُنْخَنِقَهُ أی: حبس النفس عن الرذائل و منعها عن القبائح بحصول صور الفضائل و صدور الأفعال الحسنه صوره مع کمون الهوى فیها.
فإنّ الأفعال النفسیه إنما تحسن بقمعها و قهرها للّه و خروج الهوى الذی هو قوّتها و حیاتها عنها و قیامها بإراده القلب کخروج الدم الذی هو قوّه الحیوان و حیاته منه بذبحه للّه وَ الْمَوْقُوذَهُ أی: صدور الفضائل فی الظاهر عن النفس مع کره منها و إجبار علیها وَ الْمُتَرَدِّیَهُ التی تتعلق بالتفریط و النقصان و المیل إلى الجهه السفلیه و انحطاط النفس عن الهمم العلیه و الدرجه القویه وَ النَّطِیحَهُ التی تصدر عن خوف و قهر من مثله کالعفاف الحاصل بواسطه زجر المحتسب و خوف الفضیحه وَ ما أَکَلَ السَّبُعُ کفضائل العفه التی تحصل لشده القوّه الغضبیه من الأنفه و الحمیه و استیلاء الغضب، فإنّ الغضب إذا استولى منع الشدّه عن فعلها أو لقهر من قهار کالملک و الأمیر إِلَّا ما ذَکَّیْتُمْ إلا ما قرنت و اعتادت و انقادت لکم بعد قهر من غیر، فکانت تصدر عنها الفضائل بإراده قلبیه من غیر مزج الهوى.
وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ما یفعل بناء على العادات التی یجب رفعها إلا لغرض عقلی أو شرعی وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ و أن تطلبوا السعادات و الکمالات بالرسوم و الطوالع اتکالا على ما قضى اللّه و قدّر و تترکوا السعی و الجدّ فی الطلب، و تجعلوا ذلک علّه للتقصیر بأن تقولوا: لیس لنا نصیب فیها، و لو کان لنا نصیب لحصل. فإنه ربما کان مجرّد تعلیل و قد علق فی القدر کماله بسعیه، فإنه لم یطلع على ذلک ذلِکُمْ فِسْقٌ خروج عن الدین الذی هو طریق الحقّ الْیَوْمَ أی: وقت حصول الکمال بتمرّن النفس بالفضائل، و تثبتها فی العزائم یَئِسَ الَّذِینَ کَفَرُوا أی: حجبوا من قوى نفوسکم أو من أبناء جنسکم و أهل جلدتکم من الطبیعیین و المتزندقین مِنْ دِینِکُمْ أی: من أن یصدّوکم عن طریق الحق فَلا تَخْشَوْهُمْ فإنهم یستولون علیکم بعد ذلک وَ اخْشَوْنِ بأن لا تقفوا عند تجلی صفه من صفاتی و تهیّبوا عظمه ذاتی حتى تصلوا إلى مقام الفناء.
الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ ببیان الشعائر و کیفیه السلوک وَ أَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی بالهدایه إلیّ وَ رَضِیتُ لَکُمُ الاستسلام و الانقیاد بالانمحاء عند تجلیات الأفعال و الصفات أو إسلام الوجه للفناء عند تجلی الذات دِیناً فَمَنِ اضْطُرَّ إلى أمر من هذه الأمور المحرّمه التی عددناها فِی مَخْمَصَهٍ فی هیجان شدید من النفس و غلبه لظهور صفه من صفاتها غَیْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ غیر منحرف عن الدین و الوجهه إلى رذیله مانعه لقصد منه و عزیمه فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ یستر ذلک عنه بنور صفه من صفاته تقابلها رَحِیمٌ یرحم بمداد التوفیق لإظهار الکمال و رفع موانعه.
[۴- ۵]
[سوره المائده (۵): الآیات ۴ الى ۵]
یَسْئَلُونَکَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُکَلِّبِینَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللَّهُ فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ وَ اذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ (۴)الْیَوْمَ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ وَ طَعامُ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ حِلٌّ لَکُمْ وَ طَعامُکُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ إِذا آتَیْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِینَ غَیْرَ مُسافِحِینَ وَ لا مُتَّخِذِی أَخْدانٍ وَ مَنْ یَکْفُرْ بِالْإِیمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَ هُوَ فِی الْآخِرَهِ مِنَ الْخاسِرِینَ (۵)
قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّباتُ من الحقائق و المعارف الحقیّه و الفضائل العلمیه التی تحصل لکم بعقولکم و قلوبکم و أرواحکم وَ ما عَلَّمْتُمْ من جوارح حواسکم الظاهره و الباطنه و سائر قواکم و آلاتکم البدنیه فی اکتساب الفضائل و الآداب، محرّضین تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَکُمُ اللَّهُ من علوم الأخلاق و الشرائع التی تبین طریق الاحتظاء من الحظوظ على وجه العداله فَکُلُوا مِمَّا أَمْسَکْنَ عَلَیْکُمْ مما حصلن لکم بتعلیمکم على ما ینبغی بنیّه و إراده قلبیه و غرض صحیح یؤدی إلى کمال الشخص أو النوع لا یهجن و ینبن و ینزنّ علیه بمیلهنّ و حرصهنّ لطلب لذتهنّ و شهوتهنّ وَ اذْکُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَیْهِ و أحضروا بقلوبکم أنها للصوره الإنسانیه الکامله تقصد و تراد، لا لغرض آخر. و اجعلوا اللّه وقایه لکم فی فعلها حتى تکون حسنه إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ یحاسبکم بها فی آن لا فی أزمنه، کحصول هیآت فی أنفسکم عند ارتکابها.
[۶- ۸]
[سوره المائده (۵): الآیات ۶ الى ۸]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاهِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَیْنِ وَ إِنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ کُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعِیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَ أَیْدِیکُمْ مِنْهُ ما یُرِیدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لکِنْ یُرِیدُ لِیُطَهِّرَکُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ (۶) وَ اذْکُرُوا نِعْمَهَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَ مِیثاقَهُ الَّذِی واثَقَکُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (۷) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِینَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَ لا یَجْرِمَنَّکُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ (۸)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا الإیمان العلمی إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاهِ انبعثتم عن نوم الغفله و قصدتم إلى صلاه الحضور و المناجاه الحقیقیه و التوجه إلى الحقّ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ أی:طهروا وجود قلوبکم بماء العلم النافع الطاهر المطهر من علم الشرائع و الأخلاق و المعاملات التی تتعلق بإزاله الموانع عن لوث صفات النفس وَ أَیْدِیَکُمْ أی: و قدرکم عن دنس تناول الشهوات و التصرفات فی موادّ الرجس إِلَى الْمَرافِقِ إلى قدر الحقوق و المنافع وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ بجهات أرواحکم عن قتام کدوره القلب و غبار تغیره بالتوجه إلى العالم السفلی و محبه الدنیا بنور الهدى.
فإنّ الروح لا یتکدر بالتعلق، بل یحتجب نوره عن القلب فیسودّ القلب و یظلم و یکفی فی انتشار نوره صقل الوجه العالی من القلب الذی إلیه، فإن القلب ذو وجهین أحدهما: إلى الروح و الرأس هاهنا إشاره إلیه. و الثانی: إلى النفس و قواها، فأحرى بالرجل أن تکون إشاره إلیه وَ أَرْجُلَکُمْ و جهات قواکم الطبیعیه البدنیه بنفض غبار الانهماک فی الشهوات و الإفراط فی اللذّات إِلَى الْکَعْبَیْنِ إلى حدّ الاعتدال الذی یقوم به البدن.
فعلى هذا من انهمک فی الشهوات و أفرط فی اللذّات احتاج إلى غسلها بماء علم الأخلاق و علم الریاضات حتى ترجع إلى الصفاء الذی یستعدّ به القلب للحضور و المناجاه، و من قرب حوضه فیها من الاعتدال کفاه المسح و لهذا مسح من مسح و غسل من غسل وَ إِنْ کُنْتُمْ جُنُباً بعداء عن الحق بالانجذاب إلى الجهه السفلیه و الإعراض عن الجهه العلویه و المیل الکلی إلى النفس فَاطَّهَّرُوا بکلیتکم عن تلک الهیئه المظلمه و الصفه الخبیثه الموجبه للبعد و الاحتجاب.
وَ إِنْ کُنْتُمْ مَرْضى إلى آخره مکرر، ما یُرِیدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ من ضیق و مشقّه بکثره المجاهدات و المکابدات وَ لکِنْ یُرِیدُ أن یطهرکم من الهیآت المظلمه و الصفات الخبیثه وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ بالتکمیل لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ نعمه الکمال بالاستقامه و القیام بحق العداله عند البقاء بعد الفناء نِعْمَهَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ بالهدایه إلى طریق الوصول وَ مِیثاقَهُ أی: عقود عزائمه المذکوره إذ قبلتموها من معدن النبوّه بصفاء الفطره هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى أی: العقل أقرب للتجرّد عن ملابس صفات النفس و اتخاذ صفات اللّه تعالى وقایه لأنه أشرف الفضائل الذی إذا حصل تبعه الجمیع وَ اتَّقُوا اللَّهَ و اجعلوه وقایه لکم فی صدور العدل منکم فإن منبع الکمالات و الفضائل ذاته تعالى إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ أنه من صفات نفوسکم أو منه.
[۹- ۱۱]
[سوره المائده (۵): الآیات ۹ الى ۱۱]
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَهٌ وَ أَجْرٌ عَظِیمٌ (۹) وَ الَّذِینَ کَفَرُوا وَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا أُولئِکَ أَصْحابُ الْجَحِیمِ (۱۰) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ یَبْسُطُوا إِلَیْکُمْ أَیْدِیَهُمْ فَکَفَّ أَیْدِیَهُمْ عَنْکُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (۱۱)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا منکم بالتوحید العلمی وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ التی توصلهم إلى التوحید العینی و تعدّهم لذلک لَهُمْ مَغْفِرَهٌ من صفاتهم وَ أَجْرٌ عَظِیمٌ من تجلیات صفاته تعالى. إِذْ هَمَّ قَوْمٌ من قوى نفوسکم المحجوبه و صفاتها أَنْ یَبْسُطُوا إِلَیْکُمْ أَیْدِیَهُمْ بالاستیلاء و القهر و الاستعلاء لتحصیل مآربها و ملاذها فمنعها عنکم بما أراکم من طریق التطهیر و التنزیه وَ اتَّقُوا اللَّهَ و اجعلوه وقایه فی قهرها و منعها وَ عَلَى اللَّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُؤْمِنُونَ برؤیه الأفعال کلها منه.
[۱۲- ۱۶]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۲ الى ۱۶]
وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَیْ عَشَرَ نَقِیباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّی مَعَکُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاهَ وَ آتَیْتُمُ الزَّکاهَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِی وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُکَفِّرَنَّ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّکُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذلِکَ مِنْکُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِیلِ (۱۲) فَبِما نَقْضِهِمْ مِیثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِیَهً یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ نَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُکِّرُوا بِهِ وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَهٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِیلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (۱۳) وَ مِنَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِیثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُکِّرُوا بِهِ فَأَغْرَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَهَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى یَوْمِ الْقِیامَهِ وَ سَوْفَ یُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما کانُوا یَصْنَعُونَ (۱۴) یا أَهْلَ الْکِتابِ قَدْ جاءَکُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَکُمْ کَثِیراً مِمَّا کُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْکِتابِ وَ یَعْفُوا عَنْ کَثِیرٍ قَدْ جاءَکُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ کِتابٌ مُبِینٌ (۱۵) یَهْدِی بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ یُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ یَهْدِیهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (۱۶)
مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ هو العهد المذکور و النقباء الإثنا عشر هم الحواس الخمس الظاهره و الخمس الباطنه و القوّه العاقله النظریه و العاقله العلمیه وَ قالَ اللَّهُ إِنِّی مَعَکُمْ أی: فی العقد اللاحق أوفقکم و أعینکم لئن قمتم بحقوق التزکیه و التخلیه من الإعراض عن السعادات البدنیه بالعباده و ترک السعادات الخارجیه بالزهد، و إیثار الثالثه التی هی الإیمان برسل العقل و الإلهامات و الأفکار الصائبه و الخواطر الصادقه من الروح و القلب، و إمداد الملکوت و تعزیرهم أی: تعظیمهم بتسلیطهم على شیاطین الوهم و تقویتهم و منعهم وساوسها و إلقاء الوهمیات و الخیالیات و الخواطر النفسانیه وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً بالبراءه من الحول و القوه و العلم و القدره إلى اللّه بالجمله من الأفعال و الصفات کلها ثم من الذات بالمحو و الفناء و إسلامها إلى اللّه لَأُکَفِّرَنَّ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ أی: وجودات هذه الثلاث التی هی حجبکم و موانعکم عنکم وَ لَأُدْخِلَنَّکُمْ جَنَّاتٍ من أفعالی و صفاتی و ذاتی تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ علوم التوکل و الرضا و التسلیم و التوحید. و بالجمله علوم تجلیات الأفعال و الصفات و الذات، فمن احتجب بعد ذلک العهد و بعث النقباء منکم فَقَدْ ضَلَ السبیل المستقیم بالحقیقه.
قاسِیَهً قست باستیلاء صفات النفس علیها و میلها إلى الأمور الأرضیه الجاسیه الصلبیه فحجبت عن أنوار الملکوت و الجبروت التی هی کلمات اللّه و استبدلوا قوى نفوسهم بها، و استعملوا وهمیاتهم و خیالیاتهم بدل معارفها و حقائقها من المعانی المعقولیه أو خلطوها بها، و ذلک هو تحریف الکلم عن مواضعه. وَ نَسُوا حَظًّا أی: نصیبا وافرا مما أوتوه فی العهد السابق من الکمالات الکامنه فی استعدادهم بالقوه، فذکروا به فی العهد اللاحق وَ لا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَهٍ مِنْهُمْ أی: على نقض عهد و منع أمانه لاستیلاء صفات النفس و الشیطان علیهم و قساوه قلوبهم الْمُحْسِنِینَ الذین یشاهدون ابتلاء اللّه إیاهم فلا یقابلونهم بالعقاب فیستعملون معهم الصفح و العفو فَأَغْرَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَهَ وَ الْبَغْضاءَ أی: ألزمناهم ذلک لتخالف دواعی قواهم السبعیه و البهیمیه و الشیطانیه و میلهم إلى الجهه السفلیه الموجب للتضاد و التعاند لاحتجابهم عن نور التوحید و بعدهم عن العالم القدسی الذی فیه المقاصد کلیه لا تقتضی التجاذب و التعاند إلى وقت قیامهم بظهور نور الروح و القیامه الکبرى بظهور نور التوحید یُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بعقاب ما صنعوا عند الموت و ظهور الحرمان و الخسران بظهور الهیآت القبیحه المؤذیه الراسخه فیهم.
[۱۷- ۲۲]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۷ الى ۲۲]
لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ قُلْ فَمَنْ یَمْلِکُ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ یُهْلِکَ الْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما یَخْلُقُ ما یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ (۱۷) وَ قالَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُکُمْ بِذُنُوبِکُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَیْنَهُما وَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ (۱۸) یا أَهْلَ الْکِتابِ قَدْ جاءَکُمْ رَسُولُنا یُبَیِّنُ لَکُمْ عَلى فَتْرَهٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِیرٍ وَ لا نَذِیرٍ فَقَدْ جاءَکُمْ بَشِیرٌ وَ نَذِیرٌ وَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ (۱۹) وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ یا قَوْمِ اذْکُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ جَعَلَ فِیکُمْ أَنْبِیاءَ وَ جَعَلَکُمْ مُلُوکاً وَ آتاکُمْ ما لَمْ یُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ (۲۰) یا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَهَ الَّتِی کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِکُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ (۲۱)قالُوا یا مُوسى إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ یَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (۲۲)
لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ بأن حصروا الألوهیه فیه و قیدوا الإله بتعینه أَنْ یُهْلِکَ الْمَسِیحَ ابْنَ مَرْیَمَ إلى قوله جَمِیعاً بالإفناء فی التوحید و الطمس فی غیر الجمع کما قال: کُلُّ شَیْءٍ هالِکٌ إِلَّا وَجْهَهُ[۲].
وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ أی: عالم الأرواح وَ الْأَرْضِ عالم الأجساد وَ ما بَیْنَهُما من الصور و الأعراض کلها ظاهره و باطنه و أسماؤه و صفاته و أفعاله ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَهَ أی:حضره القلب التی هی مقام تجلی الصفات، فإنه بالنسبه إلى سماء الروح أرض کَتَبَ اللَّهُ لَکُمْ عین لکم فی القضاء السابق و أودع فی استعدادکم الوصول إلیها و المقام بها وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِکُمْ فی المیل إلى مدینه البدن و الإقبال علیه بتحصیل مآربه و لذاته و طلب موافقته و تزیین هیآته فإنه مقام خلف مقامکم و أدنى و أسفل من رتبتکم فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِینَ باستبدال ظلمات البدن بأنوار القلب و خبائثه بطیباته إِنَّ فِیها قَوْماً جَبَّارِینَ من سلطان الوهم و أمراء الهوى و الغضب و الشهوه و سائر صفات النفس الفرعونیه أخذوها عنوه و قهرا و استولوا علیها مستعلین یجبرون کلا على هواهم ما لنا بهم یدان و لا نقدر على مقاومتهم، قالوا ذلک لاعتیادهم بالذات الطبیعیه و الشهوات الجسمانیه و غلبه الهوى علیهم، فلم یقدروا على الریاضه و قمع الهوى و کسر صفات النفس بالمجاهده وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى یَخْرُجُوا مِنْها أی:یصرفهم اللّه عنها بلا ریاضه منا و مجاهده أو ینصرفوا بالطبع مع إحالته أو یضعفوا عن الاستیلاء کما فی الشیخوخه مع امتناع دخولهم فیها حینئذ.
[۲۳- ۲۵]
[سوره المائده (۵): الآیات ۲۳ الى ۲۵]
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّکُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَکَّلُوا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۲۳) قالُوا یا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِیها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (۲۴) قالَ رَبِّ إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلاَّ نَفْسِی وَ أَخِی فَافْرُقْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (۲۵)
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِینَ یَخافُونَ کانا من النقباء الإثنی عشر و هم: العقل النظری و العقل العلمی یخافون سوء عاقبه ملازمه الجسم و وبال العقوبه بهیئاته المظلمه أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِمَا بالهدایه إلى الطریق المستقیم و الدین القویم ادْخُلُوا عَلَیْهِمُ الْبابَ باب قریه القلب و هو التوکل بتجلی الأفعال کما أنّ باب قریه الروح هو الرضا فَإِذا دخلتم مقام التوکل الذی هو باب القریه فَإِنَّکُمْ غالِبُونَ بخروجکم عن أفعالکم و عن أحوالکم و بکونکم فاعلین باللّه، و إذا کان الحول و القوه باللّه یهرب شیطان الوهم و التخیل و الهوى و الغضب منکم فغلبتم علیهم.
و یدلّ على أن الباب هو التوکل قوله: وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَکَّلُوا إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ بالحقیقه، إذ الإیمان بالغیبه عن المؤمن به أقل درجات حضور تجلی الأفعال قالُوا یا مُوسى أی:أصروا على إبائهم و امتناعهم عن الدخول فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّکَ أی: إن کنت نبیّا فادفعهم عنا بقوه نفسک، و قمع الهوى، و تلک القوى فینا بلا ریاضه و مجاهده منا، و سل ربّک یدفعها عنا کما یقول الشطّار و الوغود عند موعظتک إیاهم، و زجرک و تهدیدک لهم. ادفع بهمتک عنا هذه الشقاوه إمّا استهزاء و عنادا و إما جدّا و اعتقادا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ملازمون مکاننا فی مقام النفس، معتکفون على هوى نفوسنا و لذات أبداننا کما قالوا: حطا سمقاثا.
[۲۶]
[سوره المائده (۵): آیه ۲۶]
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَهٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَهً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِینَ (۲۶)
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَهٌ عَلَیْهِمْ أَرْبَعِینَ سَنَهً یَتِیهُونَ فِی الْأَرْضِ هی مده بقائهم فی مقام النفس، أی: بقوا فی تیه الطبیعه یتحیرون أربعین سنه إلى قریه القلب، فإنّ دخول مقام القلب مع استیلاء جبابره صفات النفس علیه حرام ممتنع، و لهذا قال تعالى: بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِینَ سَنَهً[۳]، فإنه وقت البلوغ الحقیقی.
و قیل فی قصه التیه: إنهم کانوا یسیرون جادّین طول النهار فی سته فراسخ، فإذا أمسوا کانوا على المقام الذی ارتحلوا عنه، أی: کان سعیهم فی تحصیل المناجح الجسمانیه و المباغی البدنیه المحصوره فی الجهات الست و لم یخرجوا عن الجهات بالتجرد، فکانوا على المقام الأول لعدم توجههم إلى سمت القلب بطلب التجرد و التنزّه عن الهیآت البدنیه و الصفات النفسانیه.
و کان ینزل من السماء باللیل عمود من نار یسیرون و ینتفعون بضوئه، أی: ینزل علیهم نور عقل المعاش من سماء الروح فیهتدون به إلى مصالحهم. و قیل: من نار لأنه عقل مشوب بالوهم لیس عقلا صرفا، و إلا لاهتدوا به إلى طریق القلب. و أما الغمام و المنّ و السلوى فقد مرّ ذکرها و تأویلها و قیل: کان على کل مولود ولد فی التیه قمیص بقدر قامته یزید بزیادته، یعنون به: لباس البدن و اللّه أعلم. و إن شئت أن تطبق القصه على حالک أوّلت موسى بالقلب و هارون بالروح، فإنه کان أخاه الأکبر، و لهذا قال: هُوَ أَفْصَحُ مِنِّی لِساناً[۴] و بنی إسرائیل بالقوّه الروحانیه، و الأرض المقدّسه بالنفس المطمئنه، ثم أجریت القصه بحالها إلى آخرها. فَلا تَأْسَ أی: لا تهتم بهدایتهم، و لا تغتمّ على عقوبتهم، فإنهم فسقوا و خرجوا عن طریق القلب بهواهم و طغیانهم.
[۲۷- ۲۹]
[سوره المائده (۵): الآیات ۲۷ الى ۲۹]
وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَیْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ یُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّکَ قالَ إِنَّما یَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ (۲۷) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنِی ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ (۲۸) إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِی وَ إِثْمِکَ فَتَکُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَ ذلِکَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ (۲۹)
وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَیْ آدَمَ القلب للذین هما هابیل القلب و قابیل الوهم، إذ کان لکل منهما توأمه. أما توأمه العقل فالعاقله العلمیه المدبره لأمور المعاش و المعاد بالآراء الصلاحیه المقتضیه للأعمال الصالحه و الأخلاق الفاضله المستنبطه لأنواع الصناعات و السیاسات.
و أما توأمه الوهم: فالقوّه المتخیله المتصرّفه فی المحسوسات و المعانی الجزئیه لتحصیل الآراء الشیطانیه، فأمر آدم القلب بتزویج الوهم توأمه العقل التی هی العاقله العلمیه لتتسلط علیه بالقیاسات العقلیه البرهانیه و تدّربه بالریاضات الإذعانیه و السیاسات الروحانیه، و تسخّره للعقل فیطیع أب القلب، و یحسن إلیه، و یبرّه بأنواع الرجاء الصادقه و یعینه فی الأعمال الصالحه و یمتنع من عقوقه بالتسویلات و التزینات الشیطانیه الفاسده، و إغراء النفس علیها بالهیئات الفاسقه و الأفعال السیئه، و تزویج العقل توأمه الوهم لیجعلها صالحه و یمنعها عن شهوات التخیلات الفاسده و تهیج أحادیث النفس الکاذبه فیستریح أبوها منها و یستعملها فی المعقولات و المحسوسات و المعانی الکلیه و الجزئیه، فتصیر مفکره عامله فی تحصیل العلوم فینتفع أبوها.
فحسد قابیل الوهم هابیل العقل لکون توأمته أجمل عنده و أحب لمناسبتها إیاه، فأمر أبوهما القلب بأن یقرب کل واحد منهما قربانا أی: نسکا یتقرّب به إلى اللّه بإفاضه النتیجه و إفناء صوره القیاس و قبول الصوره المعقوله الکلیه المطابقه لما فی نفس الأمر التی هی نسیکته التی یتقرّب بها إلى اللّه منه، و عدم قبول قربان الوهم الذی هو صوره المغالطه أو الصوره الموهومه الجزئیه امتناع اتصال العقل به بإفاضه النتیجه إذ لا نتیجه لها أو امتناع قبول الصوره الوهمیه إذ لا تطابق ما فی نفس الأمر فزاد حسده علیه.
قالَ لَأَقْتُلَنَّکَ أی: لما زاد قرب العقل من اللّه و بعده عن رتبه الوهم فی مدرکاته و تصرفاته کان الوهم أحرص على إبطال عمله و منعه عن فعله کما ترى فی التشکیکات الوهمیه و معارضاته العقل فی تحصیل المطالب النظریه العمیقه الغور و قتله عباره عن منعه عن فعله و قطع مدد الروح و نور الهدایه الذی به حیاه العقل عنه مِنَ الْمُتَّقِینَ الذین یتخذون اللّه وقایه فی صدور الخیرات منهم أو یحذرون آثام الهیئات المظلمه البدنیه و الأکاذیب الباطله و الأضالیل المغویه و الأهواء المردیه و التسویلات المهلکه ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ لأنی لا أبطل أعمالک التی هی شدیده فی مواضعها من المحسوسات و لا أقطع عنک حیاتک التی هی مدد النفس و الهوى و لا أمنعک عن فعلک الخاص بک إذ العقل یعلم أنّ المصالح الجزئیه و أحکام المحسوسات و المعانی الجزئیه المعلقه بها و ترتیب أسباب المعاش کلها لا تحصل و لا تتیسر إلا بالوهم و لو لا الرجاء و حصول الأمانی و الآمال الصادره عن الوهم لم یتیسر لأحد ما یتمعش به إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ لأنی أعرفه، و قال: إِنَّما یَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ[۵] و اعلم بأنه إنما خلقک لشأن و أوجدک لحکمه، فلا أتعرّض له فی ذلک إِنِّی أُرِیدُ أَنْ تَبُوءَ بإثم قتلی و إثم قتلک من الآراء الباطله و التصوّرات الفاسده التی لم یتقبل قربانک لأجلها فَتَکُونَ مِنْ أَصْحابِ نار الحجبه و الحرمان وَ ذلِکَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ الواضعین الأشیاء فی غیر موضعها کوضعک الأحکام الحسیّه فی المعقولات.
[۳۰- ۳۴]
[سوره المائده (۵): الآیات ۳۰ الى ۳۴]
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِینَ (۳۰) فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوارِی سَوْأَهَ أَخِیهِ قالَ یا وَیْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَکُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِیَ سَوْأَهَ أَخِی فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِینَ (۳۱) مِنْ أَجْلِ ذلِکَ کَتَبْنا عَلى بَنِی إِسْرائِیلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً وَ مَنْ أَحْیاها فَکَأَنَّما أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعاً وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَیِّناتِ ثُمَّ إِنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِکَ فِی الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (۳۲) إِنَّما جَزاءُ الَّذِینَ یُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ یُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِکَ لَهُمْ خِزْیٌ فِی الدُّنْیا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَهِ عَذابٌ عَظِیمٌ (۳۳) إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَیْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۳۴)
فَطَوَّعَتْ فسهلت و سوّلت لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُ بمنعه عن أفعاله الخاصه و حجبه عن نور الهدایه فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِینَ لتضرره باستیلائه على العقل و استبدال ضلالته و خطأه بهدایه العقل و صوابه، فإنّ الوهم إذا انقطع عن معاضده العقل حمل النفس بأنواع التسویلات و التزیینات على إقدام أمور یتضرّر به النفس و البدن جمیعا، کالإسرافات المذمومه من باب اللذات البهیمیه، و السبعیه مثل شدّه الحرص فی طلب المال و الجاه و الإفراط فیضعف الوهم أیضا أو یبطل فَبَعَثَ اللَّهُ غراب الحرص یَبْحَثُ فِی أرض النفس لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوارِی سَوْأَهَ أَخِیهِ أی: الوهم، إذ بقطع العقل عن نور الهدایه و حجبها عن السیر فی العالم العلوی لتحصیل الکمال و طلب سعاده المآل تحیر فی أمره، فانبعث الحرص فهداه فی تیه الضلاله و أراه کیف یواری و یدفن عورته أی: جثته المقتوله التی حملها الوهم على ظهره حتى أنتنت فصار عقل المعاش فی تراب الأرض و هو صوره العقل المنقطع عن حیاه الروح المشوب بالوهم و الهوى المحجوب عن عالمه فی ظلمات أرض النفس المدفون فیها تأکله دیدان القوى الطبیعیه باستعمالها فی تحصیل لذاتها و مطالبها أَ عَجَزْتُ أَنْ أَکُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ الذی دفن فرخه أی: داعیته أو کماله فی أرض النفس بإفناء ما یحصل له و کتمانه فیها فَأُوارِیَ سَوْأَهَ أَخِی بإخفائها فی ظلمه النفس فأنتفع بها فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِینَ عند الخسران و حصول الحرمان فَکَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعاً لأن کل شخص یشتمل على ما یشتمل علیه جمیع أفراد النوع و قیام النوع بالواحد کقیامه بالجمیع فی الخارج و لا اعتبار بالعدد فإنّ النوع لا یزید بحسب الحقیقه بتعدّد الأفراد و لا ینقص بانحصاره فی شخص.
[۳۵- ۴۷]
[سوره المائده (۵): الآیات ۳۵ الى ۴۷]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَهَ وَ جاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ (۳۵) إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِیَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ یَوْمِ الْقِیامَهِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۳۶) یُرِیدُونَ أَنْ یَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ ما هُمْ بِخارِجِینَ مِنْها وَ لَهُمْ عَذابٌ مُقِیمٌ (۳۷) وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَهُ فَاقْطَعُوا أَیْدِیَهُما جَزاءً بِما کَسَبا نَکالاً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ (۳۸) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ یَتُوبُ عَلَیْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۳۹)أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ یَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ (۴۰) یا أَیُّهَا الرَّسُولُ لا یَحْزُنْکَ الَّذِینَ یُسارِعُونَ فِی الْکُفْرِ مِنَ الَّذِینَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِینَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِینَ لَمْ یَأْتُوکَ یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ یَقُولُونَ إِنْ أُوتِیتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَ مَنْ یُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِکَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً أُولئِکَ الَّذِینَ لَمْ یُرِدِ اللَّهُ أَنْ یُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِی الدُّنْیا خِزْیٌ وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَهِ عَذابٌ عَظِیمٌ (۴۱) سَمَّاعُونَ لِلْکَذِبِ أَکَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُکَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ یَضُرُّوکَ شَیْئاً وَ إِنْ حَکَمْتَ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُقْسِطِینَ (۴۲) وَ کَیْفَ یُحَکِّمُونَکَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراهُ فِیها حُکْمُ اللَّهِ ثُمَّ یَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَ ما أُولئِکَ بِالْمُؤْمِنِینَ (۴۳) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراهَ فِیها هُدىً وَ نُورٌ یَحْکُمُ بِهَا النَّبِیُّونَ الَّذِینَ أَسْلَمُوا لِلَّذِینَ هادُوا وَ الرَّبَّانِیُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ کِتابِ اللَّهِ وَ کانُوا عَلَیْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآیاتِی ثَمَناً قَلِیلاً وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْکافِرُونَ (۴۴)
وَ کَتَبْنا عَلَیْهِمْ فِیها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَیْنَ بِالْعَیْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ کَفَّارَهٌ لَهُ وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ (۴۵) وَ قَفَّیْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراهِ وَ آتَیْناهُ الْإِنْجِیلَ فِیهِ هُدىً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ التَّوْراهِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَهً لِلْمُتَّقِینَ (۴۶) وَ لْیَحْکُمْ أَهْلُ الْإِنْجِیلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِیهِ وَ مَنْ لَمْ یَحْکُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ (۴۷)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ بالتزکیه وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَهَ بالتحلیه وَ جاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ بمحو الصفات و الفناء بالذات لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ من ظهور بقایا الصفات و الذات ما فِی الْأَرْضِ أی: ما فی الجهه السفلیه لأنها أسباب زیاده الحجاب و البعد و لا ینجع ثمه إلا فی الجهه العلویه من المعارف و الحقائق النوریه.
[۴۸- ۴۹]
[سوره المائده (۵): الآیات ۴۸ الى ۴۹]
وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتابِ وَ مُهَیْمِناً عَلَیْهِ فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَکَ مِنَ الْحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَهً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّهً واحِدَهً وَ لکِنْ لِیَبْلُوَکُمْ فِی ما آتاکُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ (۴۸) وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَنْ یَفْتِنُوکَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَیْکَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما یُرِیدُ اللَّهُ أَنْ یُصِیبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَ إِنَّ کَثِیراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (۴۹)
وَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ علم الفرقان الذی هو ظهور تفاصیل کمالک بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتابِ أی: علم القرآن و هو العلم الإجمالی الثابت فی استعدادک و حافظا علیه بالإظهار أو لما بین یدیه العلوم النازله على الأنبیاء السابقین زمانا فإنّ الغالب على موسى عند الرجوع إلى البقاء عند الفناء بالوجود الموهوب قوّه النفس و سلطانها، و لهذا بطش بأخیه کما قال تعالى: وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ[۶]، و قال عند طلب التجلی: أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ[۷] فکان أکثر التوراه علم الأحکام الذی یتعلق بأحوال النفس و تهذیبها و دعوته إلى الظاهر و الغالب على عیسى قوّه القلب و نوره، و لهذا تجرد عن ملابس الدنیا و أمر بالترهب.
و قال لبعض أصحابه: إذا لطمت فی خدک فأدر الخد الآخر لمن لطمک. و کان أکثر الإنجیل علم تجلیات الصفات و الأخلاق و المواعظ و النصائح التی تتعلق بأحوال القلب و تصفیته و تنویره و دعوته إلى الباطن و الغالب على محمد علیه الصلاه و السلام سلطان الروح و نوره، فکان جامعا لمکارم الأخلاق متمما لها، عادلا فی الأحکام، متوسطا فیها. و کان القرآن شاملا لما فی الکتابین من العلوم و الأحکام و المعارف مصدّقا له، حافظا علیه، مع زیادات فی التوحید و المحبه و دعوته إلى التوحید.
فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من العدل الذی هو ظل المحبه التی هی ظل الوحده التی انکشفت علیک وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ فی تغلیب أحد الجانبین، إما الظاهر و إما الباطن عَمَّا جاءَکَ مِنَ الْحَقِ من التوحید و المحبه و العدل، فإنّ التوحید یقتضی المحبه، و المحبه العدل، و یقع ظله من سماء الروح على القلب بالمحبه، و على النفس بالعداله لِکُلٍّ جَعَلْنا مِنْکُمْ شِرْعَهً وَ مِنْهاجاً موردا کمورد النفس و مورد القلب و مورد الروح، و طریقا کعلم الأحکام و المعاملات التی تتعلق بالقلب و سلوک طریق الباطن الموصل إلى جنّه الصفات، و علم التوحید و المشاهده الذی یتعلق بالروح و سلوک طریق الفناء الذی یوصل إلى جنه الذات وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّهً واحِدَهً موحدین على الفطره الأولى، متفقین على دین واحد وَ لکِنْ لیظهر علیکم ما آتاکم بحسب استعداداتکم على قدر قبول کل واحد منکم فتتنوّع الکمالات فَاسْتَبِقُوا الْخَیْراتِ أی: الأمور الموصله إلى کمالکم الذی قدّر لکم بحسب استعدادکم المقربه إیاکم إلیه بإخراجه إلى الفعل إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فی عین جمع الوجود على حسب المراتب لا عین جمع الذات فَیُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ أی: یظهر علیکم ما اختلفتم فیه بحسب اختلاف استعداداتکم من طلب إحدى الجنان الثلاث، و الوصول إلیها، و الحرمان بموانعها التی احتجبتم بها عما فی استعدادکم من الکمال بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ذنوب الیهود حجب الأفعال و ذنوب النصارى حجب الصفات ففسق الیهود هو الخروج عن حکم تجلیات الأفعال الإلهیه برؤیه النفس أفعالها و فسق النصارى خروجهم عن حکم تجلّیات الصفات الحقانیّه برؤیه النفس صفاتها و احتجابها بها کما أنّ فسق المحمدیین هو الالتفات إلى ذواتهم و الخروج عن حکم الوحده الذاتیه.
[۵۰- ۵۴]
[سوره المائده (۵): الآیات ۵۰ الى ۵۴]
أَ فَحُکْمَ الْجاهِلِیَّهِ یَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُکْماً لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ (۵۰) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِیاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ مَنْ یَتَوَلَّهُمْ مِنْکُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ (۵۱) فَتَرَى الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ یُسارِعُونَ فِیهِمْ یَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِیبَنا دائِرَهٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ یَأْتِیَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَیُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِی أَنْفُسِهِمْ نادِمِینَ (۵۲) وَ یَقُولُ الَّذِینَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِینَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَکُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِینَ (۵۳) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دِینِهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ أَذِلَّهٍ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّهٍ عَلَى الْکافِرِینَ یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لا یَخافُونَ لَوْمَهَ لائِمٍ ذلِکَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ (۵۴)
أَ فَحُکْمَ الْجاهِلِیَّهِ یَبْغُونَ أی: ما یطلبون بجهلهم إلا حکما صادرا عن مقام النفس بالجهل لا صادرا عن علم إلهی مَنْ یَرْتَدَّ من یرجع عن طریق الحق إلى الاحتجاب ببعض الحجب، أیّ حجاب کان و خرج عنه فهو من المردودین لا من أهل المحبه و لا ینثلم و لا ینتقض دین الحق بارتداده، فإن اللّه سوف یأتی بقوم یحبهم بحسب العنایه الأولى لا لعله بل لذواتهم، و یحبون ذاته لا لصفه من صفاته ککونه لطیفا أو رحیما أو منعما فإن محبه الصفات تتغیر باختلاف تجلیاتها و من یحب اللطیف لم تبق محبته إذا تجلى بصفه القهر، و من یحب المنعم انمحت محبته إذا تجلى بصفه المنتقم. و أما محبه الذات فهی باقیه ببقائها لا تتغیر باختلاف التجلیات فیحب محبها القهار عند القهر کما یحب اللطیف عند اللطف، و یحب المنتقم حاله الانتقام کما یحب المنعم حاله الإنعام فلا تتفاوت فی الرضا و عدمه، و لا تختلف محبته فی أحواله و یشکر عند البلاء کما یشکر عند النعماء. و أما من یحب المنعم فلا یشکر عند البلاء بل یصبر و مثل هذه المحبه یلزم المحبه الأولى التی هی للّه و لأولیائه فیحبونه بحبه إیاهم، و إلا فمن أین لهم المحبه للّه، یا للتراب و ربّ الأرباب.
أَذِلَّهٍ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ لینین حانین علیهم، عطوفین فی تواضعهم لهم لمکان الجنسیه الذاتیه و رابطه المحبه الأزلیه و المناسبه الفطریه بینهم أَعِزَّهٍ أشدّاء غلاظ عَلَى المحجوبین لأضداد ما ذکر یُجاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ بمحو صفاتهم و إفناء ذواتهم التی هی حجب مشاهداتهم وَ لا یَخافُونَ لَوْمَهَ لائِمٍ من نسبتهم إلى الإباحه و الزندقه و الکفر، و عذلهم بترک الدنیا و لذاتها، بل بترک الآخره و نعیمها کما
قال أمیر المؤمنین علیه السلام: «اعبدوا اللّه لا لرغبه و لا لرهبه»، فهم من الفتیان الذین قیل فیهم:
و إذا الفتى عرف الرشاد لنفسه | هانت علیه ملامه العذال |
[۵۵- ۶۱]
[سوره المائده (۵): الآیات ۵۵ الى ۶۱]
إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاهَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاهَ وَ هُمْ راکِعُونَ (۵۵) وَ مَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (۵۶) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِینَ اتَّخَذُوا دِینَکُمْ هُزُواً وَ لَعِباً مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلِکُمْ وَ الْکُفَّارَ أَوْلِیاءَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۵۷) وَ إِذا نادَیْتُمْ إِلَى الصَّلاهِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَ لَعِباً ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْقِلُونَ (۵۸) قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَ أَنَّ أَکْثَرَکُمْ فاسِقُونَ (۵۹)قُلْ هَلْ أُنَبِّئُکُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِکَ مَثُوبَهً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَیْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَهَ وَ الْخَنازِیرَ وَ عَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِکَ شَرٌّ مَکاناً وَ أَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِیلِ (۶۰) وَ إِذا جاؤُکُمْ قالُوا آمَنَّا وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْکُفْرِ وَ هُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما کانُوا یَکْتُمُونَ (۶۱)
إِنَّما وَلِیُّکُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ و المؤمنون لا هم للتنافی الحقیقی بینکم و بینهم، أی: یتولى اللّه و رسوله و المؤمنون إیاکم أو لا یتولى اللّه و أولیاءه من الرسول و المؤمنین المحجوبون للتضادّ الحقیقی بینهم، إنما تتولون اللّه و رسوله و الذین آمنوا أنتم. جمع أولا فی إثبات ولایتهم للّه مطلقا ثم فصلها بحسب الظاهر، فقال: وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا، کما فعل فی
الشهاده فی قوله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[۸].
الَّذِینَ آمنوا یُقِیمُونَ صلاه الشهود و الحضور الذاتی وَ یُؤْتُونَ زکاه البقایا وَ هُمْ راکِعُونَ خاضعون فی البقاء باللّه بنسبه کمالاتهم و صفاتهم إلى اللّه کأمیر المؤمنین علیه السلام النازل فی حقه هذا القائل: لا إله إلا اللّه بعد فناء الخلق، لا منتصبون فی مقام الطغیان بنسبتها إلى أنفسهم. وَ مَنْ یَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا فهو من أهل اللّه، و إن أهل اللّه هُمُ الْغالِبُونَ باللّه.
[۶۲- ۶۴]
[سوره المائده (۵): الآیات ۶۲ الى ۶۴]
وَ تَرى کَثِیراً مِنْهُمْ یُسارِعُونَ فِی الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ أَکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ (۶۲) لَوْ لا یَنْهاهُمُ الرَّبَّانِیُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَکْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما کانُوا یَصْنَعُونَ (۶۳) وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَهٌ غُلَّتْ أَیْدِیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ کَیْفَ یَشاءُ وَ لَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیاناً وَ کُفْراً وَ أَلْقَیْنا بَیْنَهُمُ الْعَداوَهَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى یَوْمِ الْقِیامَهِ کُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدِینَ (۶۴)
وَ تَرى کَثِیراً مِنْهُمْ یُسارِعُونَ أی: یقدمون على جمیع الرذائل بالسرعه لاعتیادهم بها و تدربهم فیها و کونها ملکات لنفوسهم فالإثم رذیله القوه النطقیه لأنه الکذب، و العدوان رذیله القوّه الشهویه.
[۶۵- ۷۰]
[سوره المائده (۵): الآیات ۶۵ الى ۷۰]
وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْکِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَکَفَّرْنا عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ لَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِیمِ (۶۵) وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراهَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّهٌ مُقْتَصِدَهٌ وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما یَعْمَلُونَ (۶۶) یا أَیُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ یَعْصِمُکَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْکافِرِینَ (۶۷) قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَیْءٍ حَتَّى تُقِیمُوا التَّوْراهَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَ لَیَزِیدَنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیاناً وَ کُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْکافِرِینَ (۶۸) إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هادُوا وَ الصَّابِئُونَ وَ النَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (۶۹)
لَقَدْ أَخَذْنا مِیثاقَ بَنِی إِسْرائِیلَ وَ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمْ رُسُلاً کُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِیقاً کَذَّبُوا وَ فَرِیقاً یَقْتُلُونَ (۷۰)
وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْکِتابِ آمَنُوا آمنوا الإیمان التوحیدی الحقیقی وَ اتَّقَوْا و اجتنبوا عن شرک أفعالهم و صفاتهم و ذواتهم لَکَفَّرْنا عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ من بقایاهم وَ لَأَدْخَلْناهُمْ الجنات الثلاث وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراهَ بتحقق علوم الظاهر و القیام بحقوق تجلیات الأفعال و المحافظات على أحکامها فی المعاملات وَ الْإِنْجِیلَ بتحقق عنوان الباطن، و القیام بحقوق تجلیات الصفات، و المحافظه على أحکامها وَ احکموا ما أُنْزِلَ إِلَیْهِمْ من علم المبدأ و المعاد و توحید الملک و الملکوت من عالم الربوبیه الذی هو عالم الأسماء لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ أی: لرزقوا من العالم العلویّ الروحانی العلوم الإلهیه و الحقائق العقلیه الیقینیه، و المعارف الحقانیّه التی بها اهتدوا إلى معرفه اللّه و معرفه الملکوت و الجبروت وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ أی: من العالم السفلیّ الجسمانی العلوم الطبیعیه و المدرکات الحسیّه التی اهتدوا بها إلى معرفه عالم الملک، فعرفوا اللّه باسمه الظاهر و الباطن، بل بجمیع الأسماء و الصفات و وصلوا إلى مقام التوحیدین المذکورین مِنْهُمْ أُمَّهٌ مُقْتَصِدَهٌ عادله واصله إلى توحید الأسماء و الصفات وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ لم یصلوا إلى توحید الأفعال بعد فضلا عن توحید الصفات، فساء عملهم لأنه من صفات نفوسهم فهو حجابهم الأکثف.
وَ أَرْسَلْنا إِلَیْهِمْ رُسُلًا على حسب مراتبهم فلما کانوا محجوبین من جمیع الوجوه أرسلنا موسى لرفع حجاب الأفعال و الدعوه إلى توحید الملک، فما هوته أنفسهم لأن دعوته کانت مخالفه لهواها لضراوتها بأفعالها و تبجعها بها و بلذاتها و شهواتها فکذبوه و عبدوا عجل النفس و اعتدوا فی السبت و فعلوا ما فعلوا حتى إذا آمن به من آمن و برز من حجاب الأفعال حسب أنه الکمال المطلق، فأرسلنا عیسى برفع حجاب الصفات و الدعوه إلى الباطن، و توحید الملکوت فما هوته أنفسهم لمخالفه دعوته هواها من حسبان الکمال، فکذّبوه و فعلوا ما فعلوا حتى إذا آمن به من آمن و برز عن حجاب الصفات بقی على حاله، حاسبا لنفسه الکمال المطلق فأرسلنا محمدا برفع حجاب الصفات و الدعوه إلى توحید الذات فما هوته أنفسهم فکذبوه.
[۷۱- ۷۲]
[سوره المائده (۵): الآیات ۷۱ الى ۷۲]
وَ حَسِبُوا أَلاَّ تَکُونَ فِتْنَهٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا کَثِیرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بِما یَعْمَلُونَ (۷۱) لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ وَ قالَ الْمَسِیحُ یا بَنِی إِسْرائِیلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّکُمْ إِنَّهُ مَنْ یُشْرِکْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ الْجَنَّهَ وَ مَأْواهُ النَّارُ وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ (۷۲)
وَ حَسِبُوا أَلَّا تَکُونَ فِتْنَهٌ شرک عند توحید الأفعال و ظهور الدعوه العیسویه فَعَمُوا عن تجلیات رؤیه الصفات وَ صَمُّوا عن سماع علمها ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ بفتح أسماع قلوبهم و أبصارها، فتابوا، فقبل توبتهم ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا عند الدعوه المحمدیه عن مشاهده الوجه الباقی و سماع علم توحید الجمع المطلق وَ اللَّهُ بَصِیرٌ بعملهم فی المقامات الثلاث و ردّ الدعوات و إنکار الأنبیاء فیجازیهم على حسب حالهم اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّکُمْ أی:خصصوا عبادتکم بالذات الموصوفه بجمیع الصفات و الأسماء التی هی الوجود المطلق، و لا تعینوه باسم و صفه، فإنّ نسبه ربوبیته إلى الکل سواء و من حصر ألوهیته فی صوره و خصصها باسم معین و کلمه معینه و صفه معینه، فقد أثبت غیره ضروره وجود ما سواه من الأسماء و الصور و الصفات. و من أثبت غیره فقد أشرک به و من أشرک به فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیْهِ جنه شهوده بذاته و صفاته و أفعاله أی: الجنه المطلقه الشامله، یعنی: فقد حجبه مطلقا وَ مَأْواهُ نار الحرمان لظلمه بالشرک وَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنْصارٍ ینصرونهم فینقذونهم من العذاب.
[۷۳- ۸۱]
[سوره المائده (۵): الآیات ۷۳ الى ۸۱]
لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَهٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنْ لَمْ یَنْتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ لَیَمَسَّنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۷۳) أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۷۴) مَا الْمَسِیحُ ابْنُ مَرْیَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّیقَهٌ کانا یَأْکُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ کَیْفَ نُبَیِّنُ لَهُمُ الْآیاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى یُؤْفَکُونَ (۷۵) قُلْ أَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا یَمْلِکُ لَکُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ اللَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (۷۶) قُلْ یا أَهْلَ الْکِتابِ لا تَغْلُوا فِی دِینِکُمْ غَیْرَ الْحَقِّ وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا کَثِیراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِیلِ (۷۷)لُعِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ بَنِی إِسْرائِیلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ ذلِکَ بِما عَصَوْا وَ کانُوا یَعْتَدُونَ (۷۸) کانُوا لا یَتَناهَوْنَ عَنْ مُنکَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما کانُوا یَفْعَلُونَ (۷۹) تَرى کَثِیراً مِنْهُمْ یَتَوَلَّوْنَ الَّذِینَ کَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ فِی الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (۸۰) وَ لَوْ کانُوا یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ النَّبِیِّ وَ ما أُنْزِلَ إِلَیْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِیاءَ وَ لکِنَّ کَثِیراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (۸۱)
لَقَدْ کَفَرَ حجب الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَهٍ واحد من جمله ثلاثه أشیاء الفعل الذی هو ظاهر عالم الملک، و الصفه التی هی باطن عالم الملکوت، و الذات التی تقوم بها الصفه و یصدر عنها الفعل، إذ لیس هو ذلک الواحد الذی توهموه بل الفعل و الصفه فی الحقیقه عین الذات، و لا فرق إلا بالاعتبار، و ما اللّه إلّا الواحد المطلق، و إلا لکان بحسب کل اسم من أسمائه إله آخر، فتتعدّد الآلهه سبحانه و تعالى عما یقول الظالمون علوّا کبیرا وَ إِنْ لَمْ یَنْتَهُوا عَمَّا یَقُولُونَ من کون الصفه و الفعل غیر الذات لَیَمَسَّنَ المحجوبین عَذابٌ مؤلم لقصورهم فی العرفان مع کونهم مستعدّین أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ بالرجوع عن إثبات التعدّد فی اللّه إلى عین الجمع المطلق، و یستغفرونه عن ذنب رؤیه وجودهم و وجود غیرهم وَ اللَّهُ غَفُورٌ یسترهم بذاته رَحِیمٌ یرحمهم بکمال العرفان و التوحید ما لا یَمْلِکُ لَکُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً إذ لا فعل له فیضرّ أو ینفع، بل لا وجود فضلا عن الفعل. و قال: ما لایملک دون من، و إن کان المراد عیسى للتنبیه على أنه شیء یعتبر اعتبارا من حیث تعینه و لا وجود له حقیقه قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ بالاحتجاب عن أنوار الصفات وَ أَضَلُّوا کَثِیراً وَ ضَلُّوا الآن عَنْ سَواءِ السَّبِیلِ طریق الوحده الذاتیه التی هی الاستقامه إلى اللّه.
[۸۲- ۸۵]
[سوره المائده (۵): الآیات ۸۲ الى ۸۵]
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَهً لِلَّذِینَ آمَنُوا الْیَهُودَ وَ الَّذِینَ أَشْرَکُوا وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّهً لِلَّذِینَ آمَنُوا الَّذِینَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِکَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّیسِینَ وَ رُهْباناً وَ أَنَّهُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ (۸۲) وَ إِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْیُنَهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ یَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاکْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِینَ (۸۳) وَ ما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ ما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَ نَطْمَعُ أَنْ یُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِینَ (۸۴) فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها وَ ذلِکَ جَزاءُ الْمُحْسِنِینَ (۸۵)
لَتَجِدَنَ إلى آخره، الموالاه و المعاداه إنما یکونان بحسب المناسبه و المخالفه، فکل من والى أحدا دلّ على رابطه جنسیه بینهما، و کل من عاداه دلّ على مباینه و مضادّه بینهما.
و لما کان الیهود محجوبین عن الذات و الصفات و لم یکن لهم إلا توحید الأفعال کانت مناسبتهم مع المحجوبین المشرکین مطلقا أقوى من مناسبتهم مع المؤمنین الموحدین مطلقا.
و لما کان النصارى برزوا من حجاب الصفات و لم یتولّهم إلا حجاب الذات کانت مناسبتهم مع المؤمنین أقوى، فلذلک کانوا أقرب مودّه لهم من غیرهم. و المشرکون و الیهود أشدّ عداوه لقوّه حجابهم، أما ترى کیف علل قربهم فی الموده بعلمهم و عبادتهم و عدم استکبارهم؟، فإن العباده توصل إلى جنه الأفعال لتجرّدهم فیها عن أفعال نفوسهم فاعلین ما أمر اللّه، و العلم یوصل إلى جنه الصفات لتنزّههم به عن جنه النفوس و الوصول إلى مقام القلب الذی هو محل المکاشفه و قبول العلم الإلهی، و عدم الاستکبار یدل على أنهم ما رأوا نفوسهم موصوفه بصفات العباده و العلم و لا نسبوا فعلهم و علمهم إلیها بل إلى اللّه و إلا استکبروا و أظهروا العجب.
تَرى أَعْیُنَهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ شوقا إلى ما عرفوا من توحید الذات لأنهم کانوا أهل ریاضه و ذوق فهاجت نفوسهم بسماع الوحی و ذکروا الوحده مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِ بصفاته أو سمعوا من الحق کلامه، فبکوا اشتیاقا کما قال:
و یبکی إن نأوا شوقا إلیهم | و یبکی إن دنوا خوف الفراق |
آمَنَّا بالتوحید الذاتی إیمانا عینیا فاجعلنا من الشَّاهِدِینَ الحاضرین الذین مقامهم الشهود الذاتی و الیقین الحقیّ، و إیمانا علمیا یقینیا فاجعلنا مع المعاینین وَ ما لَنا لا نُؤْمِنُ إیمانا حقیقیا بذاته و ما جاءنا من کلامه أو لا نؤمن باللّه جمعا وَ ما جاءَنا مِنَ الْحَقِ تفصیلا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِینَ الذین استقاموا بالبقاء بعد جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ من التجلیات الثلاث مع علومها وَ ذلِکَ جَزاءُ الْمُحْسِنِینَ المشاهدین للوحده فی عین الکثره بالاستقامه فی اللّه.
[۸۶]
[سوره المائده (۵): آیه ۸۶]
وَ الَّذِینَ کَفَرُوا وَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا أُولئِکَ أَصْحابُ الْجَحِیمِ (۸۶)
وَ الَّذِینَ حجبوا عن الذات وَ کَذَّبُوا بآیات الصفات أُولئِکَ أَصْحابُ الحرمان الکلیّ فی جحیم صفات النفوس.
[۸۷- ۹۱]
[سوره المائده (۵): الآیات ۸۷ الى ۹۱]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکُمْ وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ (۸۷) وَ کُلُوا مِمَّا رَزَقَکُمُ اللَّهُ حَلالاً طَیِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (۸۸) لا یُؤاخِذُکُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِی أَیْمانِکُمْ وَ لکِنْ یُؤاخِذُکُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَیْمانَ فَکَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَهِ مَساکِینَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِیکُمْ أَوْ کِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِیرُ رَقَبَهٍ فَمَنْ لَمْ یَجِدْ فَصِیامُ ثَلاثَهِ أَیَّامٍ ذلِکَ کَفَّارَهُ أَیْمانِکُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَ احْفَظُوا أَیْمانَکُمْ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آیاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ (۸۹) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَیْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّیْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ (۹۰) إِنَّما یُرِیدُ الشَّیْطانُ أَنْ یُوقِعَ بَیْنَکُمُ الْعَداوَهَ وَ الْبَغْضاءَ فِی الْخَمْرِ وَ الْمَیْسِرِ وَ یَصُدَّکُمْ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاهِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (۹۱)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إیمانا عملیا لا تُحَرِّمُوا طَیِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکُمْ من مکاشفات الأحوال و تجلیات الصفات بتقصیرکم فی السلوک وَ لا تَعْتَدُوا بطغیان النفس و ظهورها بصفاتها و اجعلوا ما رزقکم اللّه من علوم التجلیات و مواهب الأحوال و المقامات غذاء قلوبکم سائغا طیبا و اجعلوا اللّه وقایه لکم فی حصول تلک الکمالات بأن تروها منه و له لا منکم و لکم فتطغوا إن کنتم موحدین.
[۹۲]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۲]
وَ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ وَ احْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِینُ (۹۲)
وَ أَطِیعُوا اللَّهَ بالفناء فیه فتنقادوا فیما یستعملکم فیه کالمیت وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ بالبقاء بعد الفناء، فتستقیموا فیه مراعین للتفصیل، أحیاء بحیاته وَ احْذَرُوا ظهور البقاء حاله الاستقامه فَإِنْ تَوَلَّیْتُمْ فَاعْلَمُوا أن التقصیر منکم و ما على الرسول إلا البلاغ لا الإلزام.
[۹۳]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۳]
لَیْسَ عَلَى الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِیما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَ أَحْسَنُوا وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ (۹۳)
لَیْسَ عَلَى الَّذِینَ آمَنُوا الإیمان الغیبی بتوحید الأفعال وَ عَمِلُوا بمقتضى إیمانهم أعمالا تخرجهم عن حجب الأفعال و تصلحهم لرؤیه أفعال الحق، حرج و ضیق فیما تمتعوا به من أنواع الحظوظ إذا ما اجتنبوا بقایا أفعالهم و اتّخذوا اللّه وقایه فی صدور الأفعال منهم وَ آمَنُوا بتوحید الصفات وَ عَمِلُوا ما یخرجهم عن حجب الصفات و یصلحهم لمشاهده التجلیات الإلهیه بالمحو فیها ثُمَّ اتَّقَوْا بقایا صفاتهم و اتخذوا اللّه وقایه فی صدور صفاته علیهم وَ آمَنُوا بتوحید الذات ثُمَّ اتَّقَوْا بقیه ذواتهم و اتخذوا اللّه وقایه فی وجودهم بالفناء المحض و الاستهلاک فی عین الذات و أحسنوا بشهود التفصیل فی عین الجمع و الاستقامه فی البقاء بعد الفناء وَ اللَّهُ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ المشاهدین للوحده فی عین الکثره، المراعین لحقوق التفاصیل فی عین الجمع بالوجود الحقانی.
[۹۴- ۹۵]
[سوره المائده (۵): الآیات ۹۴ الى ۹۵]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ بِشَیْءٍ مِنَ الصَّیْدِ تَنالُهُ أَیْدِیکُمْ وَ رِماحُکُمْ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَخافُهُ بِالْغَیْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِکَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِیمٌ (۹۴) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ وَ مَنْ قَتَلَهُ مِنْکُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ یَحْکُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَهِ أَوْ کَفَّارَهٌ طَعامُ مَساکِینَ أَوْ عَدْلُ ذلِکَ صِیاماً لِیَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَ اللَّهُ عَزِیزٌ ذُو انْتِقامٍ (۹۵)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا بالغیب لَیَبْلُوَنَّکُمُ اللَّهُ حال سلوککم و إحرامکم لزیاره کعبه الوصول بِشَیْءٍ من الحظوظ یتیسر لکم و یتهیأ ما یتوصل به إلیها لِیَعْلَمَ اللَّهُ العلم التفصیلی التابع للوقوع الذی یترتب علیه جزاء مَنْ یَخافُهُ فی حاله الغیبه فإن الخوف لا یکون إلّا للمؤمنین بالغیب لتعلقه بالخطاب الذی هو من باب الأفعال. و أما فی حاله الحضور فأما الخشیه فبتجلی الربوبیه و العظمه، و أما الهیبه فبتجلی الذات. فالخوف من صفات النفس، و الخشیه من صفات القلب، و الهیبه من صفات الروح فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِکَ بارتکاب الحظوظ بعد الابتلاء فَلَهُ عَذابٌ مؤلم للاحتجاب بفعله عن الشوق.
لا تَقْتُلُوا الصَّیْدَ لا ترتکبوا الحظوظ النفسانیه فی حاله الإحرام الحقیقی، و من ارتکبه قصدا منه و نیّه بمیل قوى من النفس و انجذاب إلیه لا لأمر اتفاقی أو رعایه خاطر ضیف أو صاحب فَجَزاءٌ أی: فحکمه جزاء قهره تلک القوه التی ارتکب بها الحظ النفسانی من قوى النفس البهیمیه بأمر یوازی ذلک الحظ یَحْکُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ من العاقلتین النظریه و العملیه مِنْکُمْ أی: من أنفسکم أو من شیوخکم أو من أصحابکم المقدمین السابقین یعینان کیفیته و کمیته هَدْیاً بالِغَ الْکَعْبَهِ الحقیقیه، أی: فی حال کون تلک القوه البهیمیه هدیا بإفنائها فی اللّه إن کان صاحبها من الأقویاء ملبیا قادرا أَوْ کَفَّارَهٌ أی: ستر بصدقه أو صیام یزیل ذلک المیل و یستر تلک الهیئه عن نفسه أو بإیتاء حق تلک القوه و الاقتصار علیه دون الحظ فإنهامسکینه أو إمساک عن أفعال تلک القوه بقدر ذلک الحظ کیما یزول عنها المیل لِیَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ وَ مَنْ عادَ فَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ بالحجب و الحرمان وَ اللَّهُ عَزِیزٌ لا یمکن الوصول إلى جنات عزّه مع کدورات صفات النفس ذُو انْتِقامٍ یحجب بهیئه مظلمه و ظهور صفه و وجود بقیه، کماقال تعالى لنبیّه محمد علیه الصلاه و السلام: «أنذر الصدیقین بأنی غیور».
[۹۶]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۶]
أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَکُمْ وَ لِلسَّیَّارَهِ وَ حُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِی إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ (۹۶)
أُحِلَّ لَکُمْ صَیْدُ بحر العالم الروحانی من المعارف و المعقولات و الحظوظ العلمیه فی إحرام الحضره الإلهیه وَ طَعامُهُ من العلم النافع الذی هو حق واجب تعلمه فی المعاملات و الأخلاق تمتیعا لَکُمْ أیها السالکون لطریق الحق وَ لِلسَّیَّارَهِ المسافرین لسفر الآخره، المحرزین لأرباح النعیم الباقی وَ حُرِّمَ عَلَیْکُمْ صَیْدُ بر العالم الجسمانی من المحسوسات و الحظوظ النفسانیه. و اجعلوا اللّه وقایه لکم فی سیرکم لتسیروا به و اجعلوا نفوسکم وقایه اللّه فی صدور الشرور المانعه منها و تیقنوا أنکم إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ بالفناء فی الذات، فاجتهدوا فی السلوک و لا تقفوا مع الموانع وراء الحجاب.
[۹۷]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۷]
جَعَلَ اللَّهُ الْکَعْبَهَ الْبَیْتَ الْحَرامَ قِیاماً لِلنَّاسِ وَ الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ الْهَدْیَ وَ الْقَلائِدَ ذلِکَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ أَنَّ اللَّهَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ (۹۷)
جَعَلَ اللَّهُ کعبه حضره الجمع الْبَیْتَ المحرّم من دخول الغیر فیه کما قیل: جلّ جناب الحق من أن یکون شریعه لکل وارد. قِیاماً لِلنَّاسِ من موتهم الحقیقی و انتعاشا لهم به و بحیاته و قدرته و سائر صفاته وَ الشَّهْرَ الْحَرامَ أی: زمان الوصول، و هو زمان الحج الحقیقی الذی یحرم ظهور صفات النفس فیه وَ الْهَدْیَ أی: النفس المذبوحه بفناء تلک الکعبه وَ الْقَلائِدَ و خصوصا النفس القویه، الشریفه، المطیعه، المنقاده، فإنّ التقرّب بها أفضل و شأنها عند البقاء و القیام بالوجود الثانی و الحیاه الحقیقیه أرفع ذلِکَ أی: جعل تلک الحضره قیاما لکم لِتَعْلَمُوا بعلمه عند القیام به أَنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ حقائق الأشیاء فی عالم الغیب و الشهاده و علمه محیط بکل شیء، إذ لا یمکن إحاطه علمکم بعلمه.
[۹۸]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۸]
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ وَ أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۹۸)
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ بالحجب لمن ظهر بصفه أو بقیه حال الوصول أو ضرب بخطإ و اشتغل بغیر حال السلوک و انتهک حرمه من حرماته غَفُورٌ للتلوینات و الفترات رَحِیمٌ بهیئه الکمالات و السعادات التی لا یعلم قدرها إلا هو.
[۹۹]
[سوره المائده (۵): آیه ۹۹]
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَکْتُمُونَ (۹۹)
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا التبلیغ لا الإیصال وَ اللَّهُ یَعْلَمُ سرّکم و علانیتکم ما تُبْدُونَ من الأعمال و الأخلاق وَ ما تَکْتُمُونَ من النیّات و العلوم و الأحوال، هل تصلح للتقرّب بها إلیه؟ و هل تستعدّون بها للقائه أم لا؟.
[۱۰۰- ۱۰۸]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۰۰ الى ۱۰۸]
قُلْ لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ وَ الطَّیِّبُ وَ لَوْ أَعْجَبَکَ کَثْرَهُ الْخَبِیثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ یا أُولِی الْأَلْبابِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ (۱۰۰) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْیاءَ إِنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ وَ إِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِینَ یُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَکُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَ اللَّهُ غَفُورٌ حَلِیمٌ (۱۰۱) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِکُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها کافِرِینَ (۱۰۲) ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِیرَهٍ وَ لا سائِبَهٍ وَ لا وَصِیلَهٍ وَ لا حامٍ وَ لکِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا یَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْکَذِبَ وَ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (۱۰۳) وَ إِذا قِیلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ إِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَیْهِ آباءَنا أَ وَ لَوْ کانَ آباؤُهُمْ لا یَعْلَمُونَ شَیْئاً وَ لا یَهْتَدُونَ (۱۰۴)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا عَلَیْکُمْ أَنْفُسَکُمْ لا یَضُرُّکُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَیْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُکُمْ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۱۰۵) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا شَهادَهُ بَیْنِکُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَکُمُ الْمَوْتُ حِینَ الْوَصِیَّهِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْکُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَیْرِکُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِی الْأَرْضِ فَأَصابَتْکُمْ مُصِیبَهُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاهِ فَیُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِی بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ کانَ ذا قُرْبى وَ لا نَکْتُمُ شَهادَهَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِینَ (۱۰۶) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ یَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِینَ اسْتَحَقَّ عَلَیْهِمُ الْأَوْلَیانِ فَیُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَ مَا اعْتَدَیْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِینَ (۱۰۷) ذلِکَ أَدْنى أَنْ یَأْتُوا بِالشَّهادَهِ عَلى وَجْهِها أَوْ یَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَیْمانٌ بَعْدَ أَیْمانِهِمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ اسْمَعُوا وَ اللَّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ (۱۰۸)
قُلْ لا یَسْتَوِی الْخَبِیثُ من النفوس و الأعمال و الأخلاق و الأموال وَ الطَّیِّبُ منها عند اللّه تعالى، فإنّ الطیب مقبول موجب للقرب و الوصول و الخبیث منها مردود موجب للبعد و الطرد و الحرمان وَ لَوْ أَعْجَبَکَ الخبیث بکثرته و وفوره لمناسبته للنفس و لملاءمته لصفاتها، فاجعلوا اللّه وقایه لکم فی الاجتناب عن الخبیث و اختیار الطیب. یا کلّ من له لبّ أی: عقل خالص عن شوب الوهم و مزج هوى النفس لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ بالخلاص عن نفوسکم و صفاتها و خبائثها و الوصول إلى اللّه بالفناء فیه.
[۱۰۹- ۱۱۰]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۰۹ الى ۱۱۰]
یَوْمَ یَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَیَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّکَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُیُوبِ (۱۰۹) إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ اذْکُرْ نِعْمَتِی عَلَیْکَ وَ عَلى والِدَتِکَ إِذْ أَیَّدْتُکَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُکَلِّمُ النَّاسَ فِی الْمَهْدِ وَ کَهْلاً وَ إِذْ عَلَّمْتُکَ الْکِتابَ وَ الْحِکْمَهَ وَ التَّوْراهَ وَ الْإِنْجِیلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّینِ کَهَیْئَهِ الطَّیْرِ بِإِذْنِی فَتَنْفُخُ فِیها فَتَکُونُ طَیْراً بِإِذْنِی وَ تُبْرِئُ الْأَکْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِی وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِی وَ إِذْ کَفَفْتُ بَنِی إِسْرائِیلَ عَنْکَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَقالَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِینٌ (۱۱۰)
یَوْمَ یَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فی عین الجمع المطلق أو عین جمع الذات فَیَقُولُ ما ذا أجابکم الأمم حین دعوتموهم إلیّ؟ أی: هل تطلعون على مراتبهم فی کمالاتهم التی توجهوا إلیها فی متابعتکم قالُوا لا عِلْمَ لَنا أی: العلم کله لک جمعا و تفصیلا لیس لغیرک علم لفناء صفاتنا فی صفاتک إِنَّکَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ فغیوب بواطننا و بواطنهم کلها علمک نِعْمَتِی عَلَیْکَ بالهدایه الخاصه و مقام النبوّه و الولایه وَ عَلى والِدَتِکَ بالتطهیر و التزکیه و الاصطفاء تُکَلِّمُ النَّاسَ فی مهد البدن وَ کَهْلًا بالغا إلى نور شیب الکمال بالتجرّد عن البدن و ملابسه وَ إِذْ عَلَّمْتُکَ کتاب الحقائق و المعارف الثابته فی اللوح المحفوظ بتأیید روح القدس و حکمه السلوک فی اللّه بتحصیل الأخلاق و الأحوال و المقامات و التجرید و التفرید، و توراه العلوم الظاهره و الأحکام المتعلقه بالأفعال و أحوال النفس و صفاتها، و إنجیل العلوم الباطنه من علوم تجلیات الصفات و أحکامها و أحکام أحوال القلب و صفاته و أعماله.
وَ إِذْ تَخْلُقُ من طین العقل الهیولانی الذی هو الاستعداد المحض بید التربیه و الحکمه العملیه کَهَیْئَهِ طیر القلوب الطائره إلى حضره القدس لتجرّدها عن عالمها و کمالها بِإِذْنِی أی: بعلمی و قدرتی و تیسیری عند تجلّی صفات حیاتی و علمی و قدرتی لک و إنصافک و استنبائی إیاک فَتَنْفُخُ فِیها من روح الکمال، حیاه العلم الحقیقی بالتکمیل و الإضافه فَتَکُونُ طَیْراً نفسا مجرّده کامله تطیر إلى جناب القدس بجناح العشق وَ تُبْرِئُ الْأَکْمَهَ المحجوب عن نور الحق. وَ الْأَبْرَصَ المعیب بمرض محبه الدنیا و غلبه الهوى وَ إِذْ تُخْرِجُ موتى الجهل من قبور البدن و أرض النفس بِإِذْنِی وَ إِذْ کَفَفْتُ بَنِی إِسْرائِیلَ المحجوبین عن نور تجلیات الصفات الجاهلین المضادّین لک لجهلهم بحالک و مقامک عَنْکَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَیِّناتِ بالحجج و الدلائل الواضحه فَقالَ الَّذِینَ حجبوا مِنْهُمْ عن دین الحق إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِینٌ لحیرتهم فیه.
[۱۱۱- ۱۱۲]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۱۱ الى ۱۱۲]
وَ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَى الْحَوارِیِّینَ أَنْ آمِنُوا بِی وَ بِرَسُولِی قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (۱۱۱) إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ یا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّکَ أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَهً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۱۱۲)
وَ إِذْ أَوْحَیْتُ إِلَى الْحَوارِیِّینَ أی: ألهمت فی قلوبهم النورانیین الذین طهروا نفوسهم بماء المنافع و الأعمال المزکیه حتى قبلوا دعوتک لصفاء نفوسهم و أحبوک بالإراده التامه لمناسبتهم إیاک بنور الفطره و صفاء الاستعداد أَنْ آمِنُوا بِی إیمانا حقیقیا بتوحید الصفات و المحو وَ بِرَسُولِی برعایه حقوق تجلیاتها على التفصیل. قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ یا إلهنا بعلمک الشامل المحیط بالکل أننا منقادون لک مسلمین وجودات صفاتنا إلیک إِذْ قالَ الْحَوارِیُّونَ إذ اقترح علیک أصحابک فقالوا هَلْ یَسْتَطِیعُ رَبُّکَ أی: شاهدک من عالم الربوبیه، فإنّ ربّ کل واحد هو الاسم الذی یربّه و یکمله و لا یعبد أحد إلا ما عرفه من عالم الربوبیه و لا عرف إلا ما بلغ إلیه من المرتبه فی الألوهیه فیستفیض منه العلوم و یستنزل منه البرکات و یستمدّ منه المدد الروحانی، و لهذا قالوا مع إقرارهم و إسلامهم: ربّک، و لم یقولوا:
ربنا، لأن ربهم لا یستطیع أَنْ یُنَزِّلَ عَلَیْنا مائِدَهً مِنَ السَّماءِ شریعه من سماء عالم الروح تشتمل على أنواع العلوم و الحکم و المعارف و الأحکام فیها غذاء القلوب و قوت النفوس و حیاتها و ذوقها قالَ اتَّقُوا اللَّهَ احذروه فی ظهور صفات نفوسکم و اجعلوه وقایه لکم فیما یصدر عنکم من الأخلاق و الأفعال تنجوا من تبعاتها و تفوزوا و تفلحوا إن تحقق إیمانکم فلا حاجه بکم إلى شریعه جدیده.
[۱۱۳- ۱۱۵]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۱۳ الى ۱۱۵]
قالُوا نُرِیدُ أَنْ نَأْکُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَکُونَ عَلَیْها مِنَ الشَّاهِدِینَ (۱۱۳) قالَ عِیسَى ابْنُ مَرْیَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَیْنا مائِدَهً مِنَ السَّماءِ تَکُونُ لَنا عِیداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آیَهً مِنْکَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ (۱۱۴) قالَ اللَّهُ إِنِّی مُنَزِّلُها عَلَیْکُمْ فَمَنْ یَکْفُرْ بَعْدُ مِنْکُمْ فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ (۱۱۵)
قالُوا نُرِیدُ أَنْ نستفید مِنْها و نعمل بها و نتقوى بها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا فإنّ العلم غذاء القلب و قوته وَ نَعْلَمَ صدقک فی الإخبار عن ربک و نبوّتک و ولایتک بها و فیها وَ نَکُونَ عَلَیْها مِنَ الشَّاهِدِینَ الحاضرین أهل العلم نخبر بها من عدانا من الغائبین و نعلمهم و ندعوهم بها إلى اللّه تَکُونُ لَنا عِیداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا أمرا أی: شرعا و دینا یعود إلیه من فی زماننا من أهل دیننا و من بعدنا ممن سیوجد من النصارى وَ آیَهً مِنْکَ علامه و علما منک تعرف بها و تعبد وَ ارْزُقْنا ذلک الشرع و العلم النافع و الهدایه وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ لا ترزق إلا ما ینفعنا و یکون صلاحنا فیه فَمَنْ یَکْفُرْ یحتجب عن ذلک الدین بعد إنزاله و وضوحه فَإِنِّی أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِینَ لبیان الطریق و وضوح الدین و الحجه مع وجود استعدادهم فلا ینکرونه إلا معاندین و العذاب مع العلم أشدّ من العذاب مع الجهل، إذ الشعور بالمحجوب عنه یوجب شدّه الإیلام.
[۱۱۶- ۱۱۷]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۱۶ الى ۱۱۷]
وَ إِذْ قالَ اللَّهُ یا عِیسَى ابْنَ مَرْیَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِی وَ أُمِّی إِلهَیْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَکَ ما یَکُونُ لِی أَنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لِی بِحَقٍّ إِنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِکَ إِنَّکَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُیُوبِ (۱۱۶) ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ ما أَمَرْتَنِی بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّکُمْ وَ کُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً ما دُمْتُ فِیهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی کُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ (۱۱۷)
أَ أَنْتَ دعوت الناس إلى نفسک و أمّک أو إلى مقام قلبک و نفسک فإنّ من بقی فیه وجود الأنانیه و بقیه النفس و الهوى، أو کان فیه تلوین بوجود القلب و ظهوره بصفته یدعو الخلق إما إلى مقام نفسه و إما إلى مقام قلبه لا إلى الحق قالَ سُبْحانَکَ تنزیه للّه عن الشریک و تبرئه له عن وجود البقیه ما یَکُونُ لِی أَنْ أَقُولَ ما لَیْسَ لِی بِحَقٍ فإنی لا وجود لی بالحقیقه فلا ینبغی و لا یصح أن أقول قولا لیس لی ذلک القول بالحقیقه، فإن القول و الفعل و الصفه و الوجود کلها لک إِنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ أی: إن کان صدر منی قول فعن علمک و لا وجود لما لا تعلم و ما وجد بعلمک وجد تَعْلَمُ ما فِی نَفْسِی لإحاطتک بالکلّ، فعلمی بعض علمک وَ لا أَعْلَمُ ما فِی نَفْسِکَ أی: ذاتک لأنی لا أحیط بالکلّ ما قُلْتُ لَهُمْ و ما أمرتهم إلا ما کلفتنی قوله و ألزمتنی إیاه أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّی وَ رَبَّکُمْ أی: ما دعوتهم إلا إلى الجمع فی صوره التفصیل و هو الذی نسبه ربوبیته إلى الکل سواء فغلطوا فما رأوه إلا فی بعض التفاصیل لضیق وعائهم وَ کُنْتُ عَلَیْهِمْ شَهِیداً رقیبا حاضرا أراعیهم و أعلمهم ما دُمْتُ فِیهِمْ أی: ما بقی منی وجود بقیه فَلَمَّا تَوَفَّیْتَنِی أفنیتنی بالکلیه بک کُنْتَ أَنْتَ الرَّقِیبَ عَلَیْهِمْ لفنائی فیک وَ أَنْتَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ حاضر، یوجد بک، و إلا لم یکن ذلک الشیء.
[۱۱۸- ۱۲۰]
[سوره المائده (۵): الآیات ۱۱۸ الى ۱۲۰]
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُکَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۱۱۸) قالَ اللَّهُ هذا یَوْمُ یَنْفَعُ الصَّادِقِینَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها أَبَداً رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ (۱۱۹) لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما فِیهِنَّ وَ هُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ (۱۲۰)
إِنْ تُعَذِّبْهُمْ بإدامه الحجاب فَإِنَّهُمْ عِبادُکَ أحقاء بالحجب و الحرمان و أنت أولى بهم تفعل بهم ما تشاء وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ برفع الحجاب فَإِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ القوی القادر على ذلک لا تزول عزتک بتقریبهم و رفع حجابهم الْحَکِیمُ تفعل ما تفعله من التعذیب بالحجب و الحرمان و التقریب باللطف و الغفران بحکمتک البالغه هذا یَوْمُ نفع صدقک إیاک، و صدق کل صادق لکونه خمیره الکمالات و خاصیه الملکوت لَهُمْ جَنَّاتٌ الصفات بدلیل ثمره الرضوان فإنّ الرضا لا یکون إلا بفناء الإراده و لا تفنى إرادتهم إلا إذا غلبت إراده اللّه علیهم فأفنتها، و لهذا قدّم رضوان اللّه عنهم على رضوانهم عنه، أی: لما أرادهم اللّه تعالى فی الأزل بمظهریه إرادته و محل رضوانه و رضی بهم محلا و أهلا لذلک سلب عنهم إرادتهم بأن جعل إرادته مکانها و أبدلهم بها فرضی عنهم و أرضاهم ذلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ أی: الفلاح العظیم الشأن و لو کان فناء الذات لکان الفوز الأکبر و الفلاح الأعظم. له ما فی العالم العلویّ و السفلیّ باطنه و ظاهره وَ ما فِیهِنَ أسماؤه و صفاته و أفعاله وَ هُوَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ إن شاء أفنى بظهور ذاته، و إن شاء أوجد بتستره بأسمائه و صفاته.
[۱] ( ۱) سوره لقمان، الآیه: ۱۵.
[۲] ( ۱) سوره القصص، الآیه: ۸۸.
[۳] ( ۱) سوره الأحقاف، الآیه: ۱۵.
[۴] ( ۲) سوره القصص، الآیه: ۳۴.
[۵] ( ۱) سوره فاطر الآیه: ۲۸.
[۶] ( ۱) سوره الأعراف، الآیه: ۱۵۰.
[۷] ( ۲) سوره الأعراف، الآیه: ۱۴۳.
[۸] ( ۱) سوره آل عمران، الآیه: ۱۸.