تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره المرسلات
سوره و المرسلات
[۱- ۲]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۱ الى ۲]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (۱) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (۲)
وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً أقسم سبحانه بأنوار القهر و اللطف الموجبه للکمال و الوقوف على أحوال القیامه فقال: و المرسلات، أی: الأنوار القاهره التی أرسلت إلى النفوس الإنسانیه عُرْفاً أی: متتالیه متتابعه و لوائح و لوامع و طوالع من قولهم: جاءوا عرفا، ثم تشتدّ و تقوى کالریاح العاصفه فتعصف بالصفات النفسانیه و القوى البدنیه و الروحانیه بتجلیات صفات العظموت و الجبروت فتقهرها و تذریها. و إن فسر العرف بالذی هو ضدّ النکر فمعناه:
و المرسلات للإحسان فإن هذا القهر فی ضمنه لطف خفیّ کما
قال: «سبقت رحمتی غضبی». و
قال أمیر المؤمنین علیه السلام: و اتسعت رحمته لأولیائه فی شده نقمته.
[۳- ۵]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۳ الى ۵]
وَ النَّاشِراتِ نَشْراً (۳) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (۴) فَالْمُلْقِیاتِ ذِکْراً (۵)
وَ النَّاشِراتِ و الأنوار التی تنشر و تحیی ما أهلکته و أفنته العاصفات من تجلیات صفات المحبه و الرحموت، فتفرق بینها بإقامه کل فی مقامها لیتمیز بعضها من بعض و تفصل بین الحق و الباطل من أفعالها، فتلقی الذکر أی: العلم و الحکمه لأن العلم یستدعی دعاء وجودیا ظاهرا فلا یمکن فیضانه فی حال الفناء بالتجلی القهری و لا قبله و إلا لکان فکریا مستنبطا بالعقل المشوب بالوهم فکان شیطنه و شبها مختلطا فیها الحق بالباطل.
[۶]
[سوره المرسلات (۷۷): آیه ۶]
عُذْراً أَوْ نُذْراً (۶)
عُذْراً أَوْ نُذْراً کلاهما بدل من ذکرا أی: عذرا للمستغفرین المتصلین و محوا لسیئاتهم و هیئات نفوسهم و صفاتهم و إنذارا للمنغمسین فی ملابس الطبیعه و البدن المحجوبین بغواشیها و لذاتها و شهواتها عن الحق أو مفعول لهما أی: لمحو سیئات الأوّلین و ذنوب صفاتهم و أفعالهم و إنذار الآخرین أو حالان أی: فیلقین ذکرا عاذرات و منذرات.
[۷- ۱۲]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۷ الى ۱۲]
إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (۷) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (۸) وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (۹) وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (۱۰) وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (۱۱)
لِأَیِّ یَوْمٍ أُجِّلَتْ (۱۲)
إِنَّما تُوعَدُونَ من أحوال القیامه الصغرى و الکبرى لَواقِعٌ فَإِذَا النُّجُومُ أی: الحواس طُمِسَتْ و محیت بالموت وَ إِذَا السَّماءُ أی: الروح الحیوانیه فُرِجَتْ و شققت و انفلقت من الروح الإنسانیه وَ إِذَا الْجِبالُ أی: الأعضاء نُسِفَتْ أی: فنیت و أذریت وَ إِذَا الرُّسُلُ أی:
ملائکه الثواب و العقاب أُقِّتَتْ عینت و بلغت میقاتها الذی عین لها، إما لإیصال البشرى و الروح و الراحه و إما لإیصال العذاب و الکرب و الذله لِأَیِّ یَوْمٍ أُجِّلَتْ أی: لیوم عظیم أخرت عن معاجله الثواب و العقاب فی وقت الأعمال أو رسل البشر و هم الأنبیاء، عینت و بلغت میقاتها الذی عین لهم للفرق بین المطیع و العاصی و السعید و الشقیّ فأن الرسل یعرفون کلّا بسیماهم.
[۱۳- ۱۴]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۱۳ الى ۱۴]
لِیَوْمِ الْفَصْلِ (۱۳) وَ ما أَدْراکَ ما یَوْمُ الْفَصْلِ (۱۴)
لِیَوْمِ الْفَصْلِ بین السعداء و الأشقیاء، و إن فسرت القیامه الکبرى فإذا نجوم القوى النفسانیه محیت بالعاصفات، و إذا سماء العقل فرجت و شقت بتأثیر نور الروح فیها، و إذا جبال صفات النفس نسفت بالتجلیات الوصفیه فی القیامه الوسطى، بل جبال النفس و القلب و العقل و الروح و کل ما علیها بالتجلی الذاتی، و إذا الرسل الناشرات بالأحیاء فی حال البقاء بعد الفناء عینت لوقت الفرق بعد الجمع و هو حال البقاء أی وقت الرجوع من الجمع إلى التفصیل المسمى یوم الفصل أخرت من وقت الجمع الذی هو الفناء إلى ذلک الوقت.
[۱۵- ۲۹]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۱۵ الى ۲۹]
وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۱۵) أَ لَمْ نُهْلِکِ الْأَوَّلِینَ (۱۶) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِینَ (۱۷) کَذلِکَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِینَ (۱۸) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۱۹)
أَ لَمْ نَخْلُقْکُمْ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ (۲۰) فَجَعَلْناهُ فِی قَرارٍ مَکِینٍ (۲۱) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (۲۲) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (۲۳) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۲۴)
أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ کِفاتاً (۲۵) أَحْیاءً وَ أَمْواتاً (۲۶) وَ جَعَلْنا فِیها رَواسِیَ شامِخاتٍ وَ أَسْقَیْناکُمْ ماءً فُراتاً (۲۷) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۲۸) انْطَلِقُوا إِلى ما کُنْتُمْ بِهِ تُکَذِّبُونَ (۲۹)
وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ بإحدى القیامتین المحجوبین عن الجزاء، و قوله: وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ و ما بعده یدل على أن المراد بما توعدون هو القیامه الصغرى.
[۳۰- ۳۱]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۳۰ الى ۳۱]
انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِی ثَلاثِ شُعَبٍ (۳۰) لا ظَلِیلٍ وَ لا یُغْنِی مِنَ اللَّهَبِ (۳۱)
انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِی ثَلاثِ شُعَبٍ أی: ظل شجره الزقوم و هی النفس الخبیثه الملعونه الإنسانیه إذا احتجبت بصفاتها و انقطعت عن نور الوحده بظلمه ذاتها فبقیت راسخه فی أرض البدن نابته ناشئه فی نار الطبیعه متشعبه إلى شعب النفوس الثلاث البهیمیه و السبعیه و الشیطانیه و هی القوه الملکوتیه المغلوبه بالوهم العامله بمقتضى هوى النفس لا ظَلِیلٍ کظل شجره طوبى، أی: حالها فی إفاده الروح و الراحه بخلاف حال تلک و هی النفس الطیبه المتنوّره بنور الوحده الوحدانیه فی أفعالها الصادره عن العقل الغیر المتشعبه إلى الشعب المختلفه المتضادّه وَ لا یُغْنِی من لهب نار الهوى و تعب طلب ما لا یبقى.
[۳۲- ۳۴]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۳۲ الى ۳۴]
إِنَّها تَرْمِی بِشَرَرٍ کَالْقَصْرِ (۳۲) کَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (۳۳) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۳۴)
إِنَّها تَرْمِی بِشَرَرٍ الدواعی العظیمه و التمنیات الباطله کالجبال الناریه مع الحرمان عن المتمنیات.
[۳۵- ۳۷]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۳۵ الى ۳۷]
هذا یَوْمُ لا یَنْطِقُونَ (۳۵) وَ لا یُؤْذَنُ لَهُمْ فَیَعْتَذِرُونَ (۳۶) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۳۷)
هذا یَوْمُ لا یَنْطِقُونَ لفقدان آلات النطق و عدم الإذن فیه بالختم على الأفواه فلا یعتذرون لأنهم لا یتمکنون من الاعتذار و ذلک الیوم یوم طویل لا نهایه لطوله و المواقف فیه مختلفه ففی بعض المواقف لا ینطقون و فی بعضها یمکنهم النطق.
[۳۸- ۴۰]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۳۸ الى ۴۰]
هذا یَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناکُمْ وَ الْأَوَّلِینَ (۳۸) فَإِنْ کانَ لَکُمْ کَیْدٌ فَکِیدُونِ (۳۹) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۴۰)
هذا یَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناکُمْ بالحشر العامّ فی عین جمع الوجود مع الأولین ثم فرّقنا بین السعداء منکم و الأشقیاء أو فصلنا بینکم بتمییزکم من السعداء و جمعناکم مع الأولین من الأشقیاء المتوفین قبلکم فی النار فَإِنْ کانَ لَکُمْ کَیْدٌ فَکِیدُونِ تعجیز لهم و بیان لمقهوریتهم و عدم حیلتهم فی رفع العذاب.
[۴۱]
[سوره المرسلات (۷۷): آیه ۴۱]
إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی ظِلالٍ وَ عُیُونٍ (۴۱)
إِنَّ الْمُتَّقِینَ المتزکین عن صفات النفوس و هیئات الأعمال المتجردین عنها فِی ظِلالٍ من الصفات الإلهیه وَ عُیُونٍ من العلوم و المعارف و الحکم و الحقائق المستفاده من تجلیاتها.
[۴۲- ۴۳]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۴۲ الى ۴۳]
وَ فَواکِهَ مِمَّا یَشْتَهُونَ (۴۲) کُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِیئاً بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۴۳)
وَ فَواکِهَ من لذات المحبات و المدرکات مِمَّا یَشْتَهُونَ على حسب إرادتهم مقولا لهم کُلُوا وَ اشْرَبُوا أی: کلوا من تلک الفواکه و اشربوا من تلک العیون أکلا هنیئا و شربا هنیئا سائغا رافها بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الأعمال الزکیه و الریاضات القلبیه و القالبیه.
[۴۴- ۴۷]
[سوره المرسلات (۷۷): الآیات ۴۴ الى ۴۷]
إِنَّا کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ (۴۴) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۴۵) کُلُوا وَ تَمَتَّعُوا قَلِیلاً إِنَّکُمْ مُجْرِمُونَ (۴۶) وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ (۴۷)
إِنَّا کَذلِکَ نَجْزِی الْمُحْسِنِینَ الذین یعبدون اللّه فی مقام مشاهده الصفات و الذات من ورائها
لقوله: «الإحسان أن تعبد اللّه کأنک تراه».
[۴۸]
[سوره المرسلات (۷۷): آیه ۴۸]
وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ ارْکَعُوا لا یَرْکَعُونَ (۴۸)
وَ إِذا قِیلَ لَهُمُ ارْکَعُوا انخفضوا و اخشعوا بالانکسار و تواضعوا لقبول الفیض بترک التجبر و الاستکبار لا یقبلون و لا ینقادون و ذلک إجرامهم الموجب لهلاکهم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۰۰