تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره النمل

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره النمل

سوره النمل‏

[۱- ۲]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۱ الى ۲]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

طس تِلْکَ آیاتُ الْقُرْآنِ وَ کِتابٍ مُبِینٍ (۱) هُدىً وَ بُشْرى‏ لِلْمُؤْمِنِینَ (۲)

طس‏ أی: تِلْکَ‏ الصفات العظیمه المذکوره فی طسم التی أصلها الطهاره من صفات النفس و سلامه الاستعداد فی الأصل عن النقص هی‏ آیاتُ الْقُرْآنِ‏ أی: العقل القرآنی و هو الاستعداد الحمدی الجامع لجمیع الکمالات باطنا فإذا ظهرت و برزت إلى الفعل فی القیامه الکبرى کانت فرقانا، و قوله: هُدىً وَ بُشْرى‏ قائم مقام (م) فی طسم لأن الهدایه إلى الحق و البشاره بالوصول لا یکونان إلا بعد الکمال العلمی، إذ الهدایه للغیر التی هی التکمیل ملزومه العلم الذی هو الکمال، فیحصل الاکتفاء بها عنه و هما حالان معمولان لتلک المشار بها إلى الصفات المذکوره فی (طسم) کما ذکر، أی: هادیا و مبشّرا للمؤمنین، أی: الموقنین بعلم التوحید.

 

 

 

[۳- ۵]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۳ الى ۵]

الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاهَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاهَ وَ هُمْ بِالْآخِرَهِ هُمْ یُوقِنُونَ (۳) إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَهِ زَیَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ یَعْمَهُونَ (۴) أُوْلئِکَ الَّذِینَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَ هُمْ فِی الْآخِرَهِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (۵)

الَّذِینَ یُقِیمُونَ‏ صلاه الحضور و المراقبه وَ یُؤْتُونَ الزَّکاهَ عن صفات النفوس، أی:یزکون بالتجرید و المجاهده وَ هُمْ بِالْآخِرَهِ أی: مقام المشاهده یُوقِنُونَ‏ یعنی فی حال المکاشفه یوقنون بالمعاینه و الرسول یهدیهم إلیها و یبشّرهم بجنه الذات و الفوز الأعظم‏ إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَهِ من المحجوبین بتزین نفوسهم بکمالاتها و هیئات أعمالها فَهُمْ یَعْمَهُونَ‏ یعمون بصائرهم عن إدراک صفات الحق و تجلیات أنوارها و إلا لم یحجبوا بصفاتهم و أفعالهم بل فنوا عنها.

أُوْلئِکَ الَّذِینَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ‏ بنیران الحجاب و الحرمان عن لذات تجلیات الصفات‏ وَ هُمْ فِی الْآخِرَهِ و مقام کشف الذات فی القیامه الکبرى‏ هُمُ الْأَخْسَرُونَ‏ لتکاثف حجابهم بصفاتهم و ذواتهم فلا خلاق لهم من الجنتین و لذاتهما.

 

 

 

[۶- ۷]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۶ الى ۷]

وَ إِنَّکَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَکِیمٍ عَلِیمٍ (۶) إِذْ قالَ مُوسى‏ لِأَهْلِهِ إِنِّی آنَسْتُ ناراً سَآتِیکُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِیکُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّکُمْ تَصْطَلُونَ (۷)

وَ إِنَّکَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ‏ أی: العقل القرآنی‏ مِنْ لَدُنْ‏ أی: من عین جمع الوحده فی الصفات الأول الذی لا حجاب بینه و بین الحضره الأحدیه بل هو نفسه الحجاب الأقدس المفیض لکل الاستعدادات من العقول الفرقانیه على أربابها من الأعیان الثابته الإنسانیه حَکِیمٍ‏ ذی حکمه بالغه تامّه و علم محیط شامل.

اذکر من جمله علوم الحق و حکمه وقت قول موسى القلب‏ لِأَهْلِهِ‏ من النفس و الحواس الظاهره و الباطنه امْکُثُوا* و اثبتوا و لا تشوّشوا وقتی بالحرکات‏ إِنِّی آنَسْتُ* بعین البصیره ناراً أی: نار و ما أعظمها هی نار العقل الفعال‏ سَآتِیکُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أی: علم بالطریقه إلى اللّه، و کان حاله أنه ضلّ الطریقه إلى اللّه برعایه أغنام القوى البهیمیه و زوجه النفس الحیوانیه أَوْ آتِیکُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ‏ أی: بشعله نوریه تشرق علیکم حین اتصالی بالنار و تنوّری بها لَعَلَّکُمْ تَصْطَلُونَ‏ عن برد الرکون إلى البدن و السکون إلیه و هوى لذاته فتشتاقوا بحرکه تلک النار إلى جناتی و تسیرون بمحبتی إلى مقام الصدر.

 

 

 

[۸- ۱۰]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۸ الى ۱۰]

فَلَمَّا جاءَها نُودِیَ أَنْ بُورِکَ مَنْ فِی النَّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (۸) یا مُوسى‏ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۹) وَ أَلْقِ عَصاکَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ کَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَ لَمْ یُعَقِّبْ یا مُوسى‏ لا تَخَفْ إِنِّی لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ (۱۰)

فَلَمَّا جاءَها نُودِیَ أَنْ بُورِکَ‏ أی: کثر خیر مَنْ فِی النَّارِ أی: هو موسى القلب الواصل إلى النار بتجلیّات الصفات الإلهیه و وجدان الکمالات الحقیقیه و مقام المکالمه عن النبوّه وَ مَنْ حَوْلَها من القوى الروحانیه و الملائکه السماویه بأنوار المکاشفه و أسرار العلوم و الحکم و التأییدات القدسیه و الأحوال السریّه و الذوقیه وَ سُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ‏ و نزّه ذات اللّه بتجرّدک عن الصفات النفسانیه و الغواشی الجسدانیه و النقائص و المعائب.

أَنَا اللَّهُ‏ القوی الذی قهر نفسک و کل شی‏ء بالفناء فیه‏ الْحَکِیمُ‏ الذی علمک الحکمه و هداک بها إلى مقام المکالمه وَ أَلْقِ‏ عصا نفسک القدسیه المؤتلفه بشعاع القدس، أی: خلفا عن الضبط بالریاضه و أرسلها و لا تمنعها عن الحرکه فإنها تنوّرت‏ فَلَمَّا رَآها تضطرب و تتحرّک‏ کَأَنَّها حیّه غالبه بالظهور وَلَّى‏ إلى جناب الحق‏ مُدْبِراً خوف ظهور النفس‏ وَ لَمْ یُعَقِّبْ‏ أی: لم یرجع و بقی مشتغلا بتدارک البقیه لا تَخَفْ‏ من استیلاء النفس و ظهور الحجاب، فإن النفس إذا حییت بعد موتها بالإراده و فنائها بالریاضه إن استقلت بنفسها و استبدت بأمر کانت حجابا و ابتلاء، و إذا تحرّکت بأمری حیّه بنور الروح و المحبه الحقانیه لا بهواها لم تکن حجابا إِنِّی لا یَخافُ لَدَیَّ الْمُرْسَلُونَ‏ الذین أرسلتهم بالبقاء بعد الفناء و أحییت نفوسهم بحیاتی.

 

[۱۱]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۱۱]

إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّی غَفُورٌ رَحِیمٌ (۱۱)

إِلَّا مَنْ ظَلَمَ‏ بظهور النفس قبل وقت الاستقامه و استحکام مقام البقاء، فإنه ذنب حاله تجب عنه التوبه بالاستغفار و الخوف بالابتلاء ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بالخوف و التدارک بقمعها و الالتجاء إلى جناب الحق من شرّها بَعْدَ سُوءٍ أیه صفه ظهرت بها من صفاتها فَإِنِّی غَفُورٌ أستر بنوری ظلمتها رَحِیمٌ‏ أرحم بعد الغفران بصفتی القائمه صفتها الظاهره هی بها.

 

 

 

[۱۲]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۱۲]

وَ أَدْخِلْ یَدَکَ فِی جَیْبِکَ تَخْرُجْ بَیْضاءَ مِنْ غَیْرِ سُوءٍ فِی تِسْعِ آیاتٍ إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ قَوْمِهِ إِنَّهُمْ کانُوا قَوْماً فاسِقِینَ (۱۲)

وَ أَدْخِلْ یَدَکَ‏ العاقله العلمیه فِی جَیْبِکَ‏ تحت لباس النفس متصله بالقلب فی إبطک الأیسر موضع الصدر تَخْرُجْ بَیْضاءَ نورانیه ذات قدره مِنْ غَیْرِ سُوءٍ أی: التلوین و الظهور بصفه من صفاتها بل بالتنوّر بالنور فِی تِسْعِ آیاتٍ‏ أی: اذهب بهاتین الآیتین بین النفس القدسیه و العاقله العلمیه الحیّه إحداهما بحیاه القلب، و المتنوّره ثانیتهما بنوره، فی جمله تسع آیات هما ثنتان منها و الباقیه هی السبع المشار إلیها فی قول المتکلمین بالقدماء السبعه:

و هی الصفات الإلهیه التی تجلى بها الحق تعالى على القلب فقامت مقام صفاته، و هی الحیاه و القدره و العلم و الإراده و السمع و البصر و التکلم. إِلى‏ فِرْعَوْنَ‏ النفس الأمّاره بالسوء المحجوبه بالأنائیه وَ قَوْمِهِ‏ من قواها کلما ظهرت بتفرعنها على أیه صفه فی أی مظهر ظهرت و أینما وجدت اذهب بهذه الصفات‏ إِنَّهُمْ کانُوا قَوْماً فاسِقِینَ‏ خارجین عن دین الحق و طاعته بدین الهوى، منکرین للتوحید بظهورهم.

 

 

 

[۱۳- ۱۶]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۱۳ الى ۱۶]

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آیاتُنا مُبْصِرَهً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِینٌ (۱۳) وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَیْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الْمُفْسِدِینَ (۱۴) وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ وَ سُلَیْمانَ عِلْماً وَ قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلى‏ کَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ (۱۵) وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ (۱۶)

فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آیاتُنا مُبْصِرَهً منه نورانیه تحیّروا فیها وَ جَحَدُوا بِها بظهورهم بصفاتها و مخالفتها ظُلْماً وَ عُلُوًّا و إن استیقنتها أنفسهم من طریق العلم و العقل لتفرعنها و تعوّدها بالاستعلاء و عدم ملکیه العدل‏ فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ‏ عاقبتهم من الغرق فی یمّ القطران لإفسادهم فی أرض البدن بالطغیان‏ وَ لَقَدْ آتَیْنا داوُدَ الروح‏ وَ سُلَیْمانَ‏ القلب‏ عِلْماً و اتّصفا بالصفات الربانیه العامه و ذلک قولهما: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی فَضَّلَنا عَلى‏ کَثِیرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِینَ‏.

وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ‏ القلب‏ داوُدَ الروح الملک بالسیاسه و النبوّه بالهدایه وَ قالَ یا أَیُّهَا النَّاسُ‏ أی: نادى القوى البدنیه وقت الریاسه علیها، و قال: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ القوى الروحانیه وَ أُوتِینا مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ من المدرکات الکلیه و الجزئیه و الکمالات الکسبیه و العطائیه إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ‏ أی: الکمال الظاهر الراجح صاحبه على غیره.

 

 

 

[۱۷]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۱۷]

وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ وَ الطَّیْرِ فَهُمْ یُوزَعُونَ (۱۷)

وَ حُشِرَ لِسُلَیْمانَ جُنُودُهُ‏ من جنّ القوى الوهمیه و الخیالیه و دواعیها، و إنس الحواس الظاهره، و طیر القوى الروحانیه بتسخیره ریح الهوى و تسلیطه علیها بحکم العقل العملیّ، جالسا على کرسیّ الصدر، موضوعا على رفوف المزاج المعتدل‏ فَهُمْ یُوزَعُونَ‏ یحبس أوّلهم على آخرهم و یوقفون على مقتضى الرأی العقلی لا یتقدّم بعضهم بالإفراط و لا یتأخر البعض بالتفریط.

 

 

 

[۱۸- ۱۹]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۱۸ الى ۱۹]

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى‏ وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَهٌ یا أَیُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساکِنَکُمْ لا یَحْطِمَنَّکُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (۱۸) فَتَبَسَّمَ ضاحِکاً مِنْ قَوْلِها وَ قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلى‏ والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَ أَدْخِلْنِی بِرَحْمَتِکَ فِی عِبادِکَ الصَّالِحِینَ (۱۹)

حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى‏ وادِ النَّمْلِ‏ أی: نمل الحرص فی جمع المال و الأسباب فی السیر على طریق الحکمه العملیه و قطع الملکات الردیّه قالَتْ نَمْلَهٌ هی ملکه الشره، ملکه دواعی الحرص. و کانت على ما قیل: عرجاء، لکسر العاقله رجلها و منعها بمخالفه طبعها عن مقتضاه من سرعه سیرها یا أَیُّهَا النَّمْلُ‏ أی: الدواعی الحرصیه الفائته الحصر ادْخُلُوا مَساکِنَکُمْ لا یَحْطِمَنَّکُمْ سُلَیْمانُ وَ جُنُودُهُ‏ أی: اختبئوا فی مقارّکم و محالکم و مبادیکم لا یکسرنکم القلب و القوى الروحانیه بالإماته و الإفناء.

و هذا هو السیر الحکمی باکتساب الملکات الفاضله و تعدیل الأخلاق و إلا لما بقیت للنمله الکبرى و لصغارها عین و لا أثر فی الفناء بتجلیات الصفات‏ فَتَبَسَّمَ ضاحِکاً مِنْ قَوْلِها أی: استبشر بزوال الملکات الردیئه و حصول الملکات الفاضله و دعا ربّه بالتوفیق لشکر هذه النعمه التی أنعم بها علیه بالاتصاف بصفاته و أفعاله و الفناء عن أفعال نفسه و صفاتها.

و على والدیه، أی: الروح و النفس بکمال الأول و تنوّره و قبول الثانیه و تأثرها بقوله: رَبِّ أَوْزِعْنِی أَنْ أَشْکُرَ نِعْمَتَکَ الَّتِی أَنْعَمْتَ عَلَیَّ وَ عَلى‏ والِدَیَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ‏ بالاستقامه فی القیام بحقوق تجلیات صفاتک و العبادات القلبیه لوجهک و نور ذاتک‏ وَ أَدْخِلْنِی بِرَحْمَتِکَ فِی عِبادِکَ الصَّالِحِینَ‏ أی: بکمال ذاتک فی زمره الکمل الذین هم سبب صلاح العالم و کمال الخلق.

 

 

[۲۰- ۲۱]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۲۰ الى ۲۱]

وَ تَفَقَّدَ الطَّیْرَ فَقالَ ما لِیَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ کانَ مِنَ الْغائِبِینَ (۲۰) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ (۲۱)

وَ تَفَقَّدَ حال طیر القوى الروحانیه ففقد هدهد القوه المفکره لأن القوه المفکره إذا کانت فی طاعه الوهم کانت متخیله و المفکره غائبه بل معدومه، و لا تکون مفکره إلا إذا کانت مطیعه للعقل‏ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِیداً بالریاضه القویه و منعها عن طاعه الوهمیه و تطویعها للعاقله أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ‏ بالإماته أَوْ لَیَأْتِیَنِّی بِسُلْطانٍ مُبِینٍ‏ أو تصیر مطواعه للعقل لصفاء جوهرها و نوریه ذاتها فتأتی بالحجه البینه فی حرکتها.

 

 

 

[۲۲]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۲۲]

فَمَکَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وَ جِئْتُکَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ یَقِینٍ (۲۲)

فَمَکَثَ غَیْرَ بَعِیدٍ أی: لم یطل زمان ریاضتها لقدسیتها و ما احتاجت إلى الإماته لطهارتها حتى رجعت بسلطان مبین، و تمرّنت فی ترکیب الحجج على أصح المناهج‏ فَقالَ أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ‏ من أحوال مدینه البدن و إدراک الجزئیات و ترکیبها مع الکلیات، فإن القلب لا یدرک بذاته إلا بالکلیات و لا یضمها إلى الجزئیات فی ترکیب القیاس، و استنتاج و استنباط الرأی إلا الفکر و بواسطته یحیط بأحوال العالمین و یجمع بین خیرات الدارین‏ وَ جِئْتُکَ مِنْ سَبَإٍ مدینه الجسد بِنَبَإٍ یَقِینٍ‏ عیانیّ مشاهد بالحسّ.

 

 

 

[۲۳]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۲۳]

إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَهً تَمْلِکُهُمْ وَ أُوتِیَتْ مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ (۲۳)

إِنِّی وَجَدْتُ امْرَأَهً تَمْلِکُهُمْ‏ هی الروح الحیوانیه، المسمّاه باصطلاح القوم: النفس‏ وَ أُوتِیَتْ مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ من الأسباب التی یدبرها البدن و یتم بها تملکه‏ وَ لَها عَرْشٌ عَظِیمٌ‏ هو الطبیعه البدنیه التی هی متکؤها بهیئه ارتفاعها من طبائع البسائط العنصریه التی هی المزاج المعتدل، أو تؤوّل مدینه سبأ بالعالم الجسمانی، و العرش بالبدن.

 

 

 

[۲۴]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۲۴]

وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ (۲۴)

وَجَدْتُها وَ قَوْمَها یَسْجُدُونَ‏ لشمس عقل المعاش المحجوب عن الحق بانقیادها له و إذعانها لحکمه دون الانقیاد لحکم الروح و الانخراط فی سلک التوحید، و الإذعان لأمر الحق و طاعته‏ وَ زَیَّنَ لَهُمُ‏ شیطان الوهم‏ أَعْمالَهُمْ‏ من تحصیل الشهوات و اللذات البدنیه و الکمالات الجسمانیه فَصَدَّهُمْ عَنِ‏ سبیل الحق و سلوک طریق الفضیله بالعدل‏ فَهُمْ لا یَهْتَدُونَ‏ إلى التوحید و الصراط المستقیم.

 

 

 

[۲۵]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۲۵]

أَلاَّ یَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ‏ءَ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وَ ما تُعْلِنُونَ (۲۵)

أَلَّا یَسْجُدُوا لِلَّهِ‏ أی: فصدّهم عن السبیل لئلا ینقادوا و یذعنوا فی إخراج کمالاتهم إلى العقل‏ الَّذِی یُخْرِجُ الْخَبْ‏ءَ أی: المخبوء من الکمالات الممکنه فی سموات الأرواح و أرض الجسم‏ وَ یَعْلَمُ ما تُخْفُونَ‏ مما فیهم بالقوه من الکمالات بالأعمال الحاجبه و المانعه لخروج ما فی الاستعداد إلى العقل‏ وَ ما تُعْلِنُونَ‏ من الهیئات المظلمه و الأخلاق المردیه.

 

 

 

[۲۶- ۲۷]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۲۶ الى ۲۷]

اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ (۲۶) قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ کُنْتَ مِنَ الْکاذِبِینَ (۲۷)

اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فلا یجوز التعبّد و الانقیاد إلا له‏ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ‏ المحیط بکل شی‏ء، فما أصغر عرش بلقیس النفس فی جنب عظمته، فکیف لا تطیعه و تحتجب بمحبه عرشها عن طاعته‏ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ‏ فی تضلیلهم و الإحاطه بأحوالهم بالطریق العقلی‏ أَمْ کُنْتَ مِنَ الْکاذِبِینَ‏ بموافقه الوهم و ترکیب التخیلات الفاسده.

 

 

 

[۲۸- ۳۰]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۲۸ الى ۳۰]

اذْهَبْ بِکِتابِی هذا فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ (۲۸) قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ إِنِّی أُلْقِیَ إِلَیَّ کِتابٌ کَرِیمٌ (۲۹) إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (۳۰)

اذْهَبْ بِکِتابِی هذا أی: الحکمه العملیه و الشریعه الإلهیه فَأَلْقِهْ إِلَیْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا یَرْجِعُونَ‏ أ یقبلون الطاعه و الانقیاد أم یأبون‏ إِنَّهُ مِنْ سُلَیْمانَ‏ لصدوره من القلب بواسطه الفکر إلى النفس‏ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏ أی: باسم الذات الموصوفه بإفاضه الاستعداد و ما یخرج به ما فیه إلى العقل من الآلات و إفاضه الکمال المناسب له من الأخلاق و الصفات.

 

 

 

[۳۱- ۳۴]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۳۱ الى ۳۴]

أَلاَّ تَعْلُوا عَلَیَّ وَ أْتُونِی مُسْلِمِینَ (۳۱) قالَتْ یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی فِی أَمْرِی ما کُنْتُ قاطِعَهً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (۳۲) قالُوا نَحْنُ أُولُوا قُوَّهٍ وَ أُولُوا بَأْسٍ شَدِیدٍ وَ الْأَمْرُ إِلَیْکِ فَانْظُرِی ما ذا تَأْمُرِینَ (۳۳) قالَتْ إِنَّ الْمُلُوکَ إِذا دَخَلُوا قَرْیَهً أَفْسَدُوها وَ جَعَلُوا أَعِزَّهَ أَهْلِها أَذِلَّهً وَ کَذلِکَ یَفْعَلُونَ (۳۴)

أَلَّا تَعْلُوا عَلَیَ‏ ألا تغلبوا و لا تستعلوا وَ أْتُونِی‏ منقادین مستسلمین. و قولها: یا أَیُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِی‏ إلى آخره، إشاره إلى قابلیه النفس و نجابه جوهرها و مخالفتها لأمر قواها فی الاستعلاء و الغرور بهیئه الشوکه و الاستیلاء، و إن لم یمکنها القبول إلا بمظاهرتهم و مشاورتهم.

و إفساد القریه و إذلال أعزّتها إشاره إلى منعها عن الحظوظ و اللذات، و قمع ما یغلب و یستولی على القوى بالریاضات.

 

 

 

[۳۵- ۳۶]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۳۵ الى ۳۶]

وَ إِنِّی مُرْسِلَهٌ إِلَیْهِمْ بِهَدِیَّهٍ فَناظِرَهٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (۳۵) فَلَمَّا جاءَ سُلَیْمانَ قالَ أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ فَما آتانِیَ اللَّهُ خَیْرٌ مِمَّا آتاکُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِکُمْ تَفْرَحُونَ (۳۶)

وَ إِنِّی مُرْسِلَهٌ إِلَیْهِمْ بِهَدِیَّهٍ من أموال المدرکات الحسیّه و الشهوات النفسیه، و اللذات الوهمیه و الخیالیه، و إمداد المواد الهیولانیه بتزیینها علیهم و تسویلها لهم على أیدی الهواجس و الدواعی و البواعث‏ فَناظِرَهٌ هل یقبلها فیلین و یمیل إلى النفس أو یردّها فیتصلب فی المیل إلى الحق‏ فَما آتانِیَ اللَّهُ‏ من المعارف الیقینیه و الحقائق القدسیه و اللذات العقلیه و المشاهدات النوریه خَیْرٌ مِمَّا آتاکُمْ‏ من المزخرفات الحسیّه و الخیالیه و الوهمیه بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِیَّتِکُمْ تَفْرَحُونَ‏ لا نحن، و إنما فرحنا بما هو من عند اللّه لا بما ذکر.

 

 

 

[۳۷- ۴۰]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۳۷ الى ۴۰]

ارْجِعْ إِلَیْهِمْ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّهً وَ هُمْ صاغِرُونَ (۳۷) قالَ یا أَیُّهَا الْمَلَؤُا أَیُّکُمْ یَأْتِینِی بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ (۳۸) قالَ عِفْرِیتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِکَ وَ إِنِّی عَلَیْهِ لَقَوِیٌّ أَمِینٌ (۳۹) قالَ الَّذِی عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْکِتابِ أَنَا آتِیکَ بِهِ قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْکَ طَرْفُکَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْکُرُ أَمْ أَکْفُرُ وَ مَنْ شَکَرَ فَإِنَّما یَشْکُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ کَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیٌّ کَرِیمٌ (۴۰)

ارْجِعْ إِلَیْهِمْ‏ خطاب للمتخیل المرسل العارض للهدایا علیهم بالتسویل‏ فَلَنَأْتِیَنَّهُمْ بِجُنُودٍ من القوى الروحانیه و أمداد الأنوار الإلهیه لا طاقه لَهُمْ بِها وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها بالقهر و الاستیلاء و القمع‏ أَذِلَّهً وَ هُمْ‏ أذلاء بالطبع و الرتبه لدنوّ مرتبتهم فی الأصل و الطینه و تنویرها بالآداب‏ قَبْلَ أَنْ یَأْتُونِی مُسْلِمِینَ‏ أی: قبل قرب النفس و قواها بالأخلاق و الطاعه، فإن تسخیر القوى الطبیعیه بالأعمال و الآداب أسهل و أقرب من تسخیر النفس الحیوانیه و قواها بالأخلاق و الملکات. و العفریت هو الوهم لأنه یسخرها بالخوف و الرجاء و یبعثها على الأعمال بالدواعی الوهمیه و الأمانی الموافقه.

قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِکَ‏ أی: ما دمت فی مقام الصدر قبل الترقی إلى مقام السرّ، فإنّ الوهم حینئذ ینعزل عن فعله بالهدایه و المشایعه. و الذی عنده علم من الکتاب هو العقل العملی الذی عنده بعض العلم و هو الحکمه العملیه و الشریعه من کتاب اللوح المحفوظ یسخرها و یقرّبها و یبعثها على الطاعات بتحبیب الکمال و حصول الشرف و الذکر الجمیل و الکرامه إلیها قَبْلَ أَنْ یَرْتَدَّ إِلَیْکَ طَرْفُکَ‏ أی: نظرک إلى ذاتک و ما ینبغی لها من الترقی إلى عالمک فی عالم القدس لإدراک الحقائق و المعارف الکلیه، و المشاهدات الحقّه العینیه، فإنّ الکمال العملیّ مقدّم على الکمال الذوقیّ و الکشفیّ‏ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ‏ ثابتا على حاله اتصاله به، متمرّنا فی الطاعه غیر متغیر بالدواعی الشهوانیه و النوازع الشیطانیه قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّی لِیَبْلُوَنِی أَ أَشْکُرُ بالطاعه و العمل بالشریعه أَمْ أَکْفُرُ بالمعصیه و مخالفه الشریعه، أو أشکر عند التوفیق للطاعه بالسلوک فی الطریقه و الإقبال على الحضره، و تبدیل الصفات،و مراقبه التجلیات، أم أکفر بالاحتجاب برؤیه الأعمال، و الإدبار عن الحق بالغرور و العجب، و الوقوف مع المعقول و العقل.

 

 

 

[۴۱]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۴۱]

قالَ نَکِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی أَمْ تَکُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ (۴۱)

نَکِّرُوا لَها عَرْشَها بتغییر العادات و ترک المذمومات، و نهک القوى الطبیعیه بالریاضات، و تنکیسه بجعل ما کان أعلى رتبه منه عندها و هی الهیئات البدنیه و راحات البدن و لذاته، و ما کان فی جهه الإفراط من الأکل و الشرب و النوم و أمثالها، و القوى الطبیعیه المستعلیه أسفل، و ما کان أسفل من أنواع التعب و الریاضه و التقلیل و السهر، و کل ما مال إلى التفریط من الأمور البدنیه و القوى الروحانیه المستضعفه أعلى‏ نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِی‏ إلى الفضائل و طرق الکمالات بالریاضه لنجاه جوهرها و شرف أصلها و حسن استعدادها و قبولها أَمْ تَکُونُ مِنَ الَّذِینَ لا یَهْتَدُونَ‏ إلیها لعکس ما ذکر.

 

 

 

[۴۲- ۴۴]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۴۲ الى ۴۴]

فَلَمَّا جاءَتْ قِیلَ أَ هکَذا عَرْشُکِ قالَتْ کَأَنَّهُ هُوَ وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَ کُنَّا مُسْلِمِینَ (۴۲) وَ صَدَّها ما کانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّها کانَتْ مِنْ قَوْمٍ کافِرِینَ (۴۳) قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّهً وَ کَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِیرَ قالَتْ رَبِّ إِنِّی ظَلَمْتُ نَفْسِی وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (۴۴)

فَلَمَّا جاءَتْ‏ مترقیه إلى مقام القلب متنوّره بأنواره، متخلّقه بأخلاقه، منقاده مستسلمه بجنودها قِیلَ أَ هکَذا عَرْشُکِ‏ أی: على هذه الصوره المغیره عرشک أم على الصوره الأولى؟

أی: أ هذا صورته المستویه التی ینبغی أن یکون علیها أم تلک، و تلک منکوسه أم هذه‏ قالَتْ کَأَنَّهُ هُوَ أی: کأنّ هذا بالنسبه إلى حالی هو بالنسبه إلى الحاله الأولى، أی: إذا کنت متوجهه إلى جهه السفل کان عرشی على تلک الصوره مطابقا لحالی، و إذا توجهت إلى جهه العلو کان على هذه الصوره مستویا و موافقا لحالی‏ وَ أُوتِینَا الْعِلْمَ‏ من قبل هذه الحاله، أی:

أوتیناه فی الأزل عند میثاق الفطره وَ کُنَّا منقادین قبل هذه النشأه إلا أننا نسینا فتذکرنا الساعه وَ صَدَّها ما کانَتْ تَعْبُدُ من شمس عقل المعاش بصرفها إلى التوحید إِنَّها کانَتْ مِنْ قَوْمٍ‏ محجوبین عن الحق‏ قِیلَ لَهَا ادْخُلِی الصَّرْحَ‏ أی: مقام الصدر الذی هو صرح ممرّد مملس عن تقابل الأضداد و تخالف الطباع مستویا بالتجرّد عن الموادّ من قواریر أنوار القلب الصافی المشبّه بالزجاجه فی الصفاء و التنوّر فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّهً بحر الوحده لکونه غایه رتبتها فی التجرّد و الترقی و نهایه کمالها فی التدانی و التلقی، و لا یتجاوز نظرها إلى أعلى منه و کل ما لا یمکن فوقه من الکمال لشی‏ء فیه نهایته فی التوحید و معظم ما یستغرق فیه من جمال المعبود و المطلوب‏ وَ کَشَفَتْ عَنْ ساقَیْها یعنی: جرّدت جهتها السفلیه التی تلی البدن و تسعى بها فیه‏ المنقسمه إلى القوه الغضبیه و الشهویه عن الغواشی البدنیه و الملابس الهیولانیه بقطع التعلقات لکن کان علیها شعر الهیئات الباقیه من أعمالها و الآثار المسوده من کدوراتها، و من هذا قیل:

یدخل سلیمان الجنه بعد الأنبیاء بخمسمائه خریف و یحبو حبوا ظَلَمْتُ نَفْسِی‏ بالاحتجاب و اتخاذ العقل المشوب بالوهم، المشرّب بالهوى، إلها و معبودا وَ أَسْلَمْتُ‏ بالانقیاد لأمر الحق و الانخراط فی سلک التوحید مَعَ سُلَیْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ‏ و على تأویل العرش بالبدن یستقیم هذا أیضا و یتجه وجه آخر و هو أن یراد أنها کانت محجوبه بمعقولها ما بقی عرشها، و ما انقادت لسلیمان القلب إلا فی النشأه الثانیه، فعلى هذا یکون الذی عنده علم من الکتاب هو العقل الفعّال و إیتاؤه به قبل ارتداد الطرف إیجاد البدن الثانی فی آن واحد، و معنى: قبل أن یأتونی مسلمین تقدّم ماده البدن على تعلق النفس به.

و قال ابن الأعرابی رحمه اللّه: إن الإتیان کان بإفنائه ثمه و إیجاده بحضره سلیمان و التنکیر تغییر الصوره. و معنى: کأنه هو أنه یشابه صورته، و الصرح هو ماده البدن الثانی، فیکون دخول الصرح على هذا مقدّما على تنکیر الصوره، و کشف الساقین قطع تعلق البدن الأول دون زوال الهیئات البدنیه التی هی بمثابه الشعر، و هذا بناء على أن النفوس المحجوبه الناقصه لا بد لها من التعلق و اللّه أعلم.

 

 

 

[۴۵- ۴۶]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۴۵ الى ۴۶]

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذا هُمْ فَرِیقانِ یَخْتَصِمُونَ (۴۵) قالَ یا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّیِّئَهِ قَبْلَ الْحَسَنَهِ لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ (۴۶)

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ ثَمُودَ أی: أهل الماء القلیل الذی هو المعاش صالح القلب بالدعوه إلى التوحید فَإِذا هُمْ فَرِیقانِ‏ فریق القوى الروحانیه و فریق القوى النفسانیه یَخْتَصِمُونَ‏.

تقول الأولى: ما جاء به صالح حق، و تقول الثانیه: بل باطل، و ما نحن علیه حق‏ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّیِّئَهِ أی: الاستیلاء على القلب بالرذیله قَبْلَ‏ الإتیان بالفضیله لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ‏ بالتنوّر بنور التوحید، و التنصل عن الهیئات البدنیه المظلمه لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ‏ بإفاضه الکمال.

 

 

 

[۴۷- ۵۸]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۴۷ الى ۵۸]

قالُوا اطَّیَّرْنا بِکَ وَ بِمَنْ مَعَکَ قالَ طائِرُکُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ (۴۷) وَ کانَ فِی الْمَدِینَهِ تِسْعَهُ رَهْطٍ یُفْسِدُونَ فِی الْأَرْضِ وَ لا یُصْلِحُونَ (۴۸) قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَیِّتَنَّهُ وَ أَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِیِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِکَ أَهْلِهِ وَ إِنَّا لَصادِقُونَ (۴۹) وَ مَکَرُوا مَکْراً وَ مَکَرْنا مَکْراً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (۵۰) فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ مَکْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَ قَوْمَهُمْ أَجْمَعِینَ (۵۱)

فَتِلْکَ بُیُوتُهُمْ خاوِیَهً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیَهً لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (۵۲) وَ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ آمَنُوا وَ کانُوا یَتَّقُونَ (۵۳) وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَهَ وَ أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (۵۴) أَ إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَهً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (۵۵) فَما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْیَتِکُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَهَّرُونَ (۵۶)

فَأَنْجَیْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِینَ (۵۷) وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِینَ (۵۸)

اطَّیَّرْنا بِکَ‏ لمنعک إیانا من الحظوظ و الترفه‏ طائِرُکُمْ عِنْدَ اللَّهِ‏ سبب خیرکم و شرّکم من اللّه. و الرهط المفسدون الحواس: الغضب و الشهوه و الوهم و التخیل، و تبییته: إهلاکه فی ظلمه لیل النفس، و الولیّ: الروح، و مکر اللّه بهم: إهلاکهم بهدّ جبال الأعضاء علیهم و تدمیرهم فی غارّ محلهم و تدمیر قومهم بالصیحه التی هی النفخه الأولى، و فاحشه قوم لوط فی هذا التطبیق و هی إتیان الذکور، إتیان القوى النفسانیه أدبار القوى الروحانیه و استنزالهم عن رتبه التأثیر بتأثرهم عن تأثیر هذه من الجهه السفلیه و استیلاؤها علیهم فی تحصیل اللذات و الشهوات البدنیه بهم.

 

 

 

[۵۹]

[سوره النمل (۲۷): آیه ۵۹]

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ سَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِینَ اصْطَفى‏ آللَّهُ خَیْرٌ أَمَّا یُشْرِکُونَ (۵۹)

قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ بظهور کمالاته و تجلیات صفاته على مظاهر مخلوقاته‏ وَ سَلامٌ عَلى‏ عِبادِهِ الَّذِینَ اصْطَفى‏ بصفاء استعداداتهم و براءتهم من النقص و الآفه، فالحمد مطلقا مخصوص به لکون جمیع الکمالات الظاهره على مظاهر الأکوان صفاته الجمالیه و الجلالیه لیس لغیره فیها نصیب، و صفاء ذوات المصطفین من عباده و نزاهه أعیانهم عن نقص الاستعداد، و آفه الحجاب سلامه علیهم و حصول الأمرین للمظهر التام النبویّ بالفعل هو قوله ذلک مأمورا به من عین الجمع فی مقام التفصیل، منتقلا من مقام التفصیل لعین الجمع، مبتدئا منه و راجعا إلیه الله الذی له الحمد المطلق و السلام المطلق، خیر مطلق محض فی ذاته‏ أَمَّا یُشْرِکُونَ‏ من الأکوان التی أثبتوا لها وجودا و تأثیرا إذ لا یبقى بعد الکمال المطلق و القبول المطلق الذی هو اسم السلام المطلق باعتبار الفیض الأقدس إلا العدم البحت، و الشرّ الصرف المطلق الذی یقابل الخیر المحض المطلق فکیف یکون خیرا.

 

 

 

[۶۰- ۶۳]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۶۰ الى ۶۳]

أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ لَکُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَهٍ ما کانَ لَکُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ (۶۰) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَ جَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَ جَعَلَ لَها رَواسِیَ وَ جَعَلَ بَیْنَ الْبَحْرَیْنِ حاجِزاً أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْلَمُونَ (۶۱) أَمَّنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَ یَکْشِفُ السُّوءَ وَ یَجْعَلُکُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِیلاً ما تَذَکَّرُونَ (۶۲) أَمَّنْ یَهْدِیکُمْ فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مَنْ یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا یُشْرِکُونَ (۶۳)

أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ أی: المؤثر المطلق الموجد للکل من الأعیان الممکنه و صفاتها خیر فی التأثیر و الإیجاد، أم ما لا وجود له، فکیف بالتأثیر و الإیجاد. أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ‏ فی التأثیر و الإیجاد بَلْ هُمْ قَوْمٌ یَعْدِلُونَ‏ عن الحق، فیثبتون الباطل بالتوهم. أَمَّنْ یَهْدِیکُمْ‏ إلى نور ذاته‏ فِی ظُلُماتِ الْبَرِّ أی: حجب الأکوان و الأفعال‏ وَ الْبَحْرِ أی:حجب الصفات‏ وَ مَنْ یُرْسِلُ‏ ریاح النفحات محییه للقلوب من یدی رحمه التجلیات.

 

 

 

[۶۴- ۸۱]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۶۴ الى ۸۱]

أَمَّنْ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَ مَنْ یَرْزُقُکُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۶۴) قُلْ لا یَعْلَمُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الْغَیْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَ ما یَشْعُرُونَ أَیَّانَ یُبْعَثُونَ (۶۵) بَلِ ادَّارَکَ عِلْمُهُمْ فِی الْآخِرَهِ بَلْ هُمْ فِی شَکٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ (۶۶) وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَ إِذا کُنَّا تُراباً وَ آباؤُنا أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ (۶۷) لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ (۶۸)

قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الْمُجْرِمِینَ (۶۹) وَ لا تَحْزَنْ عَلَیْهِمْ وَ لا تَکُنْ فِی ضَیْقٍ مِمَّا یَمْکُرُونَ (۷۰) وَ یَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۷۱) قُلْ عَسى‏ أَنْ یَکُونَ رَدِفَ لَکُمْ بَعْضُ الَّذِی تَسْتَعْجِلُونَ (۷۲) وَ إِنَّ رَبَّکَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لَکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لا یَشْکُرُونَ (۷۳)

وَ إِنَّ رَبَّکَ لَیَعْلَمُ ما تُکِنُّ صُدُورُهُمْ وَ ما یُعْلِنُونَ (۷۴) وَ ما مِنْ غائِبَهٍ فِی السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِلاَّ فِی کِتابٍ مُبِینٍ (۷۵) إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ یَقُصُّ عَلى‏ بَنِی إِسْرائِیلَ أَکْثَرَ الَّذِی هُمْ فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (۷۶) وَ إِنَّهُ لَهُدىً وَ رَحْمَهٌ لِلْمُؤْمِنِینَ (۷۷) إِنَّ رَبَّکَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ بِحُکْمِهِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْعَلِیمُ (۷۸)

فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّکَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِینِ (۷۹) إِنَّکَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى‏ وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِینَ (۸۰) وَ ما أَنْتَ بِهادِی الْعُمْیِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ یُؤْمِنُ بِآیاتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (۸۱)

أَمَّنْ یَبْدَؤُا الْخَلْقَ‏ باختفائه بأعیانهم و احتجابه بذواتهم‏ ثُمَّ یُعِیدُهُ‏ بإفنائهم فی عین الجمع و إهلاکهم فی ذاته بالطمس أو بإظهارهم فی النشأه و إعادتهم إلى الفطره وَ مَنْ یَرْزُقُکُمْ مِنَ السَّماءِ الغذاء الروحانی‏ وَ من‏ الْأَرْضِ‏ الجسمانی إذ من السماء المعارف و الحقائق و من الأرض الحکم و الأخلاق.

 

 

 

[۸۲- ۸۷]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۸۲ الى ۸۷]

وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّهً مِنَ الْأَرْضِ تُکَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ کانُوا بِآیاتِنا لا یُوقِنُونَ (۸۲) وَ یَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ کُلِّ أُمَّهٍ فَوْجاً مِمَّنْ یُکَذِّبُ بِآیاتِنا فَهُمْ یُوزَعُونَ (۸۳) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَ کَذَّبْتُمْ بِآیاتِی وَ لَمْ تُحِیطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۸۴) وَ وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا یَنْطِقُونَ (۸۵) أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّیْلَ لِیَسْکُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۸۶)

وَ یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ وَ کُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِینَ (۸۷)

وَ إِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَیْهِمْ‏ أی: و إذا تحقق وقوع ما سبق فی القضاء حکمنا به من‏ الشقاوه الأبدیه علیهم‏ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّهً من صوره نفس کل شقیّ مختلفه الهیئات و الأشکال هائله، بعیده النسبه بین أطرافها و جوارحها على ما ذکر من قصتها بحسب تفاوت أخلاقها و ملکاتها من أرض البدن قدّام القیامه الصغرى التی هی من أشراطها تُکَلِّمُهُمْ‏ بلسان حیاتها و صفاتها أَنَّ النَّاسَ کانُوا بِآیاتِنا قدرتنا على البعث‏ لا یُوقِنُونَ‏.

وَ یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ النفخه الأولى نفخه الإماته فی القیامه الصغرى‏ فَفَزِعَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ‏ من العقلاء المجرّدین و الجهال البدنیین، أو من القوى الروحانیه و الجسمانیه إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ‏ من الموحدین الفانین فی اللّه، و الشهداء القائمین باللّه‏ وَ کُلٌّ أَتَوْهُ‏ إلى المحشر للبعث، صاغرین، أذلاء، لا قدره لهم و لا اختیار، أو أتوه منقادین قابلین لحکمه بالموت.

 

 

[۸۸- ۹۰]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۸۸ الى ۹۰]

وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَهً وَ هِیَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِی أَتْقَنَ کُلَّ شَیْ‏ءٍ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِما تَفْعَلُونَ (۸۸) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَهِ فَلَهُ خَیْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ یَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (۸۹) وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَهِ فَکُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۹۰)

وَ تَرَى‏ جبال الأبدان‏ تَحْسَبُها جامِدَهً ثابته فی مکانها وَ هِیَ تَمُرُّ و تذهب و تتلاشى بالتحلیل کالسحاب لتجتمع أجزاؤها عند البعث فی الیوم الطویل‏ صُنْعَ اللَّهِ‏ أی:

صنع هذا النفخ و الإماته و الإحیاء لمجازاه العباد بالأعمال صنعا متقنا یلیق به‏ إِنَّهُ خَبِیرٌ بِما تَفْعَلُونَ‏ مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَهِ أی: بمحو صفه من صفات نفسه بالتوبه إلى اللّه عنها من قیام صفه إلهیه مقامها.

وَ مَنْ جاءَ بِالسَّیِّئَهِ باحتجابه بصفه من صفات نفسه‏ فَکُبَّتْ وُجُوهُهُمْ‏ بتنکیس بنائهم لشدّه میلهم إلى الجهه السفلیه فی نار الطبیعه هَلْ تُجْزَوْنَ‏ إلا بصور أعمالکم و جعل هیئاتها صورکم.

 

 

 

[۹۱- ۹۳]

[سوره النمل (۲۷): الآیات ۹۱ الى ۹۳]

إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَهِ الَّذِی حَرَّمَها وَ لَهُ کُلُّ شَیْ‏ءٍ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَکُونَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ (۹۱) وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى‏ فَإِنَّما یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِینَ (۹۲) وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَیُرِیکُمْ آیاتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَ ما رَبُّکَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (۹۳)

إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ‏ لا ألتفت إلى غیر الحق و أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَهِ أی: القلب‏ الَّذِی حَرَّمَها حماها عن استیلاء صفات النفس و منعها من دخول أهل الرجس و آمنها و آمن من فیها لئلا ینکبّ وجهی فی نار الطبیعه وَ لَهُ کُلُّ شَیْ‏ءٍ أی: تحت ملکوته و ربوبیته یعطی عابده ما شاء أن یعطیه و یمنعه ما شاء أن یمنعه و یدفع من غالبه‏ وَ أُمِرْتُ أَنْ أَکُونَ مِنَ الْمُسْلِمِینَ‏ الذین أسلموا وجوههم بالفناء فیه‏ وَ أَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ‏ أفصل الکمالات المجموعه فی إبرازها و إخراجها إلى الفعل فی مقام البقاء وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ بالاتّصاف بصفاته الحمیده سَیُرِیکُمْ‏ صفاته فی مقام القلب‏ فَتَعْرِفُونَها أو آیات أفعاله و آثارها بالقهر فی مقام النفس فتعرفونها عند التعذب بها أو یوم ینفخ فی الصور بتجلی الذات فی القیامه الکبرى، ففزع من فی السموات و من فی الأرض بصعقه الفناء و القهر الکلیّ إلا من شاء اللّه من أهل البقاء الذین أحیوا لحیاته و أفاقوا بعد صعقه الفناء به‏ وَ کُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِینَ‏[۱] ساقطین عن درجه الحیاه و الوجود، مقهورین. و ترى جبال الوجودات تحسبها جامده ثابته على حالها ظاهرا و هی تمرّ مرّ السحاب فی الحقیقه زائله.


[۱] ( ۱) سوره النمل، الآیه: ۸۷.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=