تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الأحزاب
سوره الأحزاب
[۱- ۵]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۱ الى ۵]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
یا أَیُّهَا النَّبِیُّ اتَّقِ اللَّهَ وَ لا تُطِعِ الْکافِرِینَ وَ الْمُنافِقِینَ إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلِیماً حَکِیماً (۱) وَ اتَّبِعْ ما یُوحى إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ إِنَّ اللَّهَ کانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً (۲) وَ تَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ کَفى بِاللَّهِ وَکِیلاً (۳) ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَیْنِ فِی جَوْفِهِ وَ ما جَعَلَ أَزْواجَکُمُ اللاَّئِی تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِکُمْ وَ ما جَعَلَ أَدْعِیاءَکُمْ أَبْناءَکُمْ ذلِکُمْ قَوْلُکُمْ بِأَفْواهِکُمْ وَ اللَّهُ یَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ یَهْدِی السَّبِیلَ (۴)
ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُکُمْ فِی الدِّینِ وَ مَوالِیکُمْ وَ لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ فِیما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَ لکِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُکُمْ وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً (۵)
یا أَیُّهَا النَّبِیُّ اتَّقِ اللَّهَ بالفناء عن ذاتک بالکلیه دون بقاء البقیه وَ لا تُطِعِ الْکافِرِینَ بموافقتهم فی بعض الحجب لظهور الأنانیه وَ الْمُنافِقِینَ بالنظر إلى الغیر فتکون ذا وجهین و بالانتهاء بحکم هذا النهی وصف بقوله: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (۱۷)[۱]، إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلِیماً یعلم ذنوب الأحوال حَکِیماً فی ابتلائک بالتلوینات فإنها تنفع فی الدعوه و إصلاح أمر الأمه إذ لو لم یکن له تلوین لم یعرف ذلک من أمّته فلا یمکنه القیام بهدایتهم وَ اتَّبِعْ فی ظهور التلوینات ما یُوحى إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ من التأدیبات و أنواع العتاب و التشدیدات بحسب المقامات کما ذکر غیر مره فی قوله: وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناکَ[۲] و أمثاله إِنَّ اللَّهَ کانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیراً یعلم مصادر الأعمال و أنها من- أی الصفات- تصدر من الصفات النفسانیه أو الشیطانیه أو الرحمانیه فیهدیک إلیها و یزکیک منها و یعلمک سبیل التزکیه و الحکمه فی ذلک وَ تَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ فی دفع تلک التلوینات و رفع تلک الحجب و الغشاوات وَ کَفى بِاللَّهِ وَکِیلًا فإنها لا ترتفع و لا تنکشف إلا بیده لا بنفسک و علمک و فعلک، أی: لا تحتجب برؤیه الفناء فی الفناء فإنه لیس من فعلک سواء کان فی الأفعال أو الصفات أو الذات أو إزاله التلوینات فإنها کلها بفعل اللّه لا مدخل لک فیها و إلا لما کنت فانیا.
[۶]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۶]
النَّبِیُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِیائِکُمْ مَعْرُوفاً کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ مَسْطُوراً (۶)
النَّبِیُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لأنه مبدأ وجوداتهم الحقیقیه و مبدأ کمالاتهم و منشأ الفیضین الأقدس الاستعدادی أولا و المقدس الکمالی ثانیا، فهو الأب الحقیقی لهم و لذلک کانت أزواجه أمّهاتهم فی التحریم و محافظه الحرمه مراعاه لجانب الحقیقه و هو الواسطه بینهم و بین الحق فی مبدأ فطرتهم فهو المرجع فی کمالاتهم و لا یصل إلیهم فیض الحق بدونه لأنه الحجاب الأقدس و الیقین الأول، کما قال: «أول ما خلق اللّه نوری»، فلو لم یکن أحبّ إلیهم من أنفسهم لکانوا محجوبین بأنفسهم عنه، فلم یکونوا ناجین، إذ نجاتهم إنما هی بالفناء فیه لأنه المظهر الأعظم.
وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ بعضهم أولى ببعض من غیرهم للاتصال الروحانی و الجسمانی و الأخوه الدینیه و القرابه الصوریه و لا تخلو القرابه من تناسب ما فی الحقیقه لاتصال الفیض الروحانی بحسب الاستعداد المزاجی، فکما تتناسب أمزجه أولی الأرحام و هیاکلهم الصوریه فکذلک أرواحهم و أحوالهم المعنویه إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِیائِکُمْ المحبوبین فی اللّه للتناسب الروحی و التقارب الذاتی مَعْرُوفاً إحسانا بمقتضى المحبه و الاشتراک فی الفضیله زائدا عما بین الأقارب کانَ ذلِکَ فِی الْکِتابِ أی: اللوح المحفوظ مَسْطُوراً.
[۷- ۲۰]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۷ الى ۲۰]
وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِیِّینَ مِیثاقَهُمْ وَ مِنْکَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِیمَ وَ مُوسى وَ عِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِیثاقاً غَلِیظاً (۷) لِیَسْئَلَ الصَّادِقِینَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَ أَعَدَّ لِلْکافِرِینَ عَذاباً أَلِیماً (۸) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا نِعْمَهَ اللَّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ جاءَتْکُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ کانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیراً (۹) إِذْ جاؤُکُمْ مِنْ فَوْقِکُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْکُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (۱۰) هُنالِکَ ابْتُلِیَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِیداً (۱۱)
وَ إِذْ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (۱۲) وَ إِذْ قالَتْ طائِفَهٌ مِنْهُمْ یا أَهْلَ یَثْرِبَ لا مُقامَ لَکُمْ فَارْجِعُوا وَ یَسْتَأْذِنُ فَرِیقٌ مِنْهُمُ النَّبِیَّ یَقُولُونَ إِنَّ بُیُوتَنا عَوْرَهٌ وَ ما هِیَ بِعَوْرَهٍ إِنْ یُرِیدُونَ إِلاَّ فِراراً (۱۳) وَ لَوْ دُخِلَتْ عَلَیْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَهَ لَآتَوْها وَ ما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ یَسِیراً (۱۴) وَ لَقَدْ کانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا یُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَ کانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (۱۵) قُلْ لَنْ یَنْفَعَکُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِیلاً (۱۶)
قُلْ مَنْ ذَا الَّذِی یَعْصِمُکُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِکُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِکُمْ رَحْمَهً وَ لا یَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً (۱۷) قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِینَ مِنْکُمْ وَ الْقائِلِینَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَیْنا وَ لا یَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِیلاً (۱۸) أَشِحَّهً عَلَیْکُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَیْتَهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْکَ تَدُورُ أَعْیُنُهُمْ کَالَّذِی یُغْشى عَلَیْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوکُمْ بِأَلْسِنَهٍ حِدادٍ أَشِحَّهً عَلَى الْخَیْرِ أُولئِکَ لَمْ یُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَ کانَ ذلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیراً (۱۹) یَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ یَذْهَبُوا وَ إِنْ یَأْتِ الْأَحْزابُ یَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِی الْأَعْرابِ یَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِکُمْ وَ لَوْ کانُوا فِیکُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِیلاً (۲۰)
وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِیِّینَ مِیثاقَهُمْ و خصوصا الخمسه المذکوره لاختصاصهم بمزید المرتبه و الفضیله میثاق التوحید و التکمیل و الهدایه بالتبلیغ عند الفطره و هو المیثاق الغلیظ المضاعف بالکمال و التکمیل و لذلک أضافه إلیهم بقوله: میثاقهم، أی: المیثاق الذی ینبغی لهم و یختص بهم، و قدّم فی الاختصاص بالذکر نبینا علیه السلام بقوله منک، لتقدّمه على الباقین فی الرتبه و الشرف لِیَسْئَلَ اللّه بسبب عهدهم و میثاقهم و بواسطه هدایتهم الصَّادِقِینَ الذین صدّقوا العهد الأول و المیثاق الفطری فی قوله: أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى[۳]، عَنْ صِدْقِهِمْ بالوفاء و الوصول إلى الحق بإخراج ما فی استعدادهم من الکمال بحضور الأنبیاء کما قال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ[۴] فالسؤال إنما کان مسببا عن میثاق الأنبیاء لأنه یسألهم على ألسنتهم و هم الشاهدون لهم آخرا کما کانوا شاهدین علیهم أولا.
[۲۱- ۲۷]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۲۱ الى ۲۷]
لَقَدْ کانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ لِمَنْ کانَ یَرْجُوا اللَّهَ وَ الْیَوْمَ الْآخِرَ وَ ذَکَرَ اللَّهَ کَثِیراً (۲۱) وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ ما زادَهُمْ إِلاَّ إِیماناً وَ تَسْلِیماً (۲۲) مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلاً (۲۳) لِیَجْزِیَ اللَّهُ الصَّادِقِینَ بِصِدْقِهِمْ وَ یُعَذِّبَ الْمُنافِقِینَ إِنْ شاءَ أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ إِنَّ اللَّهَ کانَ غَفُوراً رَحِیماً (۲۴) وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِینَ کَفَرُوا بِغَیْظِهِمْ لَمْ یَنالُوا خَیْراً وَ کَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِینَ الْقِتالَ وَ کانَ اللَّهُ قَوِیًّا عَزِیزاً (۲۵)
وَ أَنْزَلَ الَّذِینَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ مِنْ صَیاصِیهِمْ وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِیقاً تَقْتُلُونَ وَ تَأْسِرُونَ فَرِیقاً (۲۶) وَ أَوْرَثَکُمْ أَرْضَهُمْ وَ دِیارَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ وَ أَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَ کانَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیراً (۲۷)
لَقَدْ کانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ وجب على کل مؤمن متابعه رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم مطلقا حتى یتحقق رجاؤه و یتم عمله لکونه الواسطه فی وصولهم و الوسیله فی سلوکهم للرابطه النفیسه بینه و بینهم بحکم الجنسیه. و ذکر الرجاء اللازم للإیمان بالغیب فی مقام النفس و قرن به الذکر الکثیر الذی هو عمل ذلک المقام لیعلم أن من کان فی بدایته یلزمه متابعته فی الأعمال و الأخلاق و المجاهده و المواساه بالنفس و المال، إذ لو لم یحکم البدایه لم یفلح بالنهایه.
ثم إذا تجرّد و تزکّى عن صفات نفسه فلیتابعه فی موارد القلب، أی: الصدق و الإخلاص، و التسلیم و التوکل، کما تابعه فی منازل النفس لیحتظی ببرکه متابعته بالمواهب و الأحوال و تجلّیات الصفات فی مقامه کما احتظى بالمکاسب و المقامات و تجلّیات الأفعال فی مقام النفس، و کذا فی مقام السرّ و الروح حتى الفناء. و من صحه المتابعه تصدیقه فی کل ما أخبر به بحیث لا یعتوره الشک فی شیء من أخباره و إلا فترت العزیمه و بطلت المتابعه، فإن الأصل و العمده فی العمل الاعتقاد الجازم، و لهذا مدحهم بقوله: وَ لَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ صَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ إذ وعدهم الابتلاء و الزلزال حتى ینخلعوا عن أبدانهم و یتجرّدوا فی التوجه إلیه عن نفوسهم فی قوله: وَ لَمَّا یَأْتِکُمْ مَثَلُ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرَّاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتَّى یَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ[۵].
وَ ما زادَهُمْ أی: وقوع البلاء بالأحزاب إِلَّا إِیماناً وَ تَسْلِیماً لقوّه اعتقادهم فی البدایه و صحه متابعتهم فی التسلیم ففازوا بمقام الفتوه و الانخلاع بالبلاء و عن قیود النفس لسلامه الفطره، فوصفهم بالوفاء الذی هو کمال مقام الفتوه، و سماهم رجالا على الحقیقه بقوله: مِنَ الْمُؤْمِنِینَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَیْهِ أی: رجال أیّ رجال، ما أعظم قدرهم لکونهم صادقین فی العهد الأول الذی عاهدوا اللّه علیه فی الفطره الأولى بقوه الیقین و عدم الاضطراب عند ظهور الأحزاب، فلم یتنحوا بکثرتهم و قوّتهم عن التوحید و شهود تجلی الأفعال فیقعوا فی الارتیاب و یخافوا سطوتهم و شوکتهم فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ بالوفاء بعهده و البلوغ إلى کمال فطرته وَ مِنْهُمْ مَنْ یَنْتَظِرُ فی سلوکه بقوه عزیمته وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِیلًا بالاحتجاب بغواشی النشأه و ارتکاب مخالفات الفطره بمحبه النفس و البدن و لذاتهما و المیل إلى الجهه السفلیه و شهواتها فیکونوا کاذبین فی العهد، غادرین لِیَجْزِیَ اللَّهُ الصَّادِقِینَ بِصِدْقِهِمْ جنات الصفات وَ یُعَذِّبَ الْمُنافِقِینَ الذین وافقوا المؤمنین بنور الفطره و أحبوهم بالمیل الفطریّ إلى الوحده، و أحبوا الکافرین بسبب غواشی النشأه و الانهماک فی الشهوه، فهم متذبذبون بین الجهتین لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء، و بهیئات نفوسهم المظلمه إِنْ شاءَ لرسوخها أَوْ یَتُوبَ عَلَیْهِمْ لعروضها و عدم رسوخها إِنَّ اللَّهَ کانَ غَفُوراً یستر هیئات النفوس بنوره رَحِیماً یفیض الکمال عند إمکان قبوله.
[۲۸- ۳۵]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۲۸ الى ۳۵]
یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِأَزْواجِکَ إِنْ کُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَیاهَ الدُّنْیا وَ زِینَتَها فَتَعالَیْنَ أُمَتِّعْکُنَّ وَ أُسَرِّحْکُنَّ سَراحاً جَمِیلاً (۲۸) وَ إِنْ کُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الدَّارَ الْآخِرَهَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْکُنَّ أَجْراً عَظِیماً (۲۹) یا نِساءَ النَّبِیِّ مَنْ یَأْتِ مِنْکُنَّ بِفاحِشَهٍ مُبَیِّنَهٍ یُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَیْنِ وَ کانَ ذلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیراً (۳۰) وَ مَنْ یَقْنُتْ مِنْکُنَّ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَیْنِ وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً کَرِیماً (۳۱) یا نِساءَ النَّبِیِّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَیْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَیَطْمَعَ الَّذِی فِی قَلْبِهِ مَرَضٌ وَ قُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً (۳۲)
وَ قَرْنَ فِی بُیُوتِکُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِیَّهِ الْأُولى وَ أَقِمْنَ الصَّلاهَ وَ آتِینَ الزَّکاهَ وَ أَطِعْنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنَّما یُرِیدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ وَ یُطَهِّرَکُمْ تَطْهِیراً (۳۳) وَ اذْکُرْنَ ما یُتْلى فِی بُیُوتِکُنَّ مِنْ آیاتِ اللَّهِ وَ الْحِکْمَهِ إِنَّ اللَّهَ کانَ لَطِیفاً خَبِیراً (۳۴) إِنَّ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِینَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقِینَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرِینَ وَ الصَّابِراتِ وَ الْخاشِعِینَ وَ الْخاشِعاتِ وَ الْمُتَصَدِّقِینَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ وَ الصَّائِمِینَ وَ الصَّائِماتِ وَ الْحافِظِینَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحافِظاتِ وَ الذَّاکِرِینَ اللَّهَ کَثِیراً وَ الذَّاکِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَهً وَ أَجْراً عَظِیماً (۳۵)
یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِأَزْواجِکَ إلى آخره، اختبر النساء هو إحدى خصال التجرید و أقدام الفتوه التی یجب متابعته فیها، فإنه علیه السلام مع میله إلیهنّ لقوله: «حبّب إلیّ من دنیاکم ثلاث»، إذ شوّشنّ وقته بمیلهنّ إلى الحیاه الدنیا و زینتها خیرهنّ و جرّد نفسه عنهنّ و حکمهنّ بین اختیار الدنیا و نفسه، فإن اخترنه لقوه إیمانهن بقینّ معه بلا تفریق لجمعیته و تشویش لوقته بطلب الزینه و المیل إلیها، بل على التجرد و التوجه إلى الحق کقوى نفسه، و إن اخترن الدنیا و زینتها متعهنّ و سرّحهنّ و فرّغ قلبه عنهنّ بمثابه إماته القوى المستولیه.
[۳۶]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۳۶]
وَ ما کانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَهٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ یَکُونَ لَهُمُ الْخِیَرَهُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ یَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِیناً (۳۶)
وَ ما کانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَهٍ الآیه، من جمله الخصال التی تجب طاعته و متابعته فیها و هو مقام الرضا و الفناء فی الإراده لکونه علیه السلام إذا فنى بذاته و صفاته فی ذات اللّه و صفاته تعالى أعطى صفات الحق بدل صفاته عند تحققه بالحق فی مقام البقاء بالوجود الموهوب و کان حکمه و إرادته حکم اللّه و إرادته تعالى کسائر صفاته. ألا ترى إلى قوله تعالى:
وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (۳) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحى (۴)[۶] فمن لوازم متابعته الفناء فی إراده الحق، فإرادته إراده الحق فیجب الفناء فی إرادته و ترک الاختیار مع اختیاره و إلا لکان عصیانا و ضَلالًا مُبِیناً لکونه مخالفه صریحه للحق.
[۳۷- ۴۰]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۳۷ الى ۴۰]
وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِی أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِ أَمْسِکْ عَلَیْکَ زَوْجَکَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِی فِی نَفْسِکَ مَا اللَّهُ مُبْدِیهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَیْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناکَها لِکَیْ لا یَکُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ حَرَجٌ فِی أَزْواجِ أَدْعِیائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَ کانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (۳۷) ما کانَ عَلَى النَّبِیِّ مِنْ حَرَجٍ فِیما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّهَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ کانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (۳۸) الَّذِینَ یُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَ یَخْشَوْنَهُ وَ لا یَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَ کَفى بِاللَّهِ حَسِیباً (۳۹) ما کانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِکُمْ وَ لکِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِیِّینَ وَ کانَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیماً (۴۰)
وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِی أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَیْهِ إلى قوله: وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ أحد التأدیبات الإلهیه النازله فی تلوینه عند ظهور نفسه للتثبیت و تلک التلوینات هی موارد التأدیبات، و لهذا کان خلقه القرآن.
[۴۱- ۴۲]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۴۱ الى ۴۲]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللَّهَ ذِکْراً کَثِیراً (۴۱) وَ سَبِّحُوهُ بُکْرَهً وَ أَصِیلاً (۴۲)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اذْکُرُوا اللَّهَ باللسان فی مقام النفس، و الحضور فی مقام القلب، و المناجاه فی مقام السرّ، و المشاهده فی مقام الروح، و المواصله فی مقام الخفاء، و الفناء فی مقام الذات، وَ سَبِّحُوهُ بالتجرید عن الأفعال و الصفات و الذات بُکْرَهً وقت طلوع فجر نور القلب و إدبار ظلمه النفس و لیل غروب شمس الروح بالفناء فی الذات، أی: دائما من ذلک الوقت إلى الفناء السرمدی.
[۴۳]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۴۳]
هُوَ الَّذِی یُصَلِّی عَلَیْکُمْ وَ مَلائِکَتُهُ لِیُخْرِجَکُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ کانَ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً (۴۳)
هُوَ الَّذِی یُصَلِّی عَلَیْکُمْ بحسب تسبیحکم بتجلیات الأفعال و الصفات دون الذات لاحتراقهم هناک بالسبحات، کما
قال جبریل علیه السلام: «لو دنوت أنمله لاحترقت».
لِیُخْرِجَکُمْ بالإمداد الملکوتی و التجلی الأسمائیّ من ظلمه أفعال النفوس إلى نور تجلّیات أفعاله فی مقام التوکل، و من ظلمه صفات النفوس إلى نور تجلیات صفاته و من ظلمه الأنانیه إلى نور الذات وَ کانَ بِالْمُؤْمِنِینَ رَحِیماً یرحمهم بما یستدعیه حالهم و یقتضیه استعدادهم من الکمالات.
[۴۴]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۴۴]
تَحِیَّتُهُمْ یَوْمَ یَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً کَرِیماً (۴۴)
تَحِیَّتُهُمْ أی: تحیه اللّه إیاهم وقت اللقاء بالفناء فیه تکمیلهم و تسلیمهم عن النقص بجبر کسرهم بأفعاله و صفاته و ذاته، أو تحیته لهم بإفاضه هذه الکمالات وقت لقائهم إیاه بالمحو و الفناء هی سلامتهم عن آفات صفاتهم و أفعالهم و ذواتهم أو بسلامتهم، لأن التحیه بالتجلیات و السلامه عن الآفات تکونان معا و الأول یناسب إطلاق اسم السلام على اللّه تعالى.
وَ أَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً کَرِیماً بإثابه هذه الجنات عن أعمالهم فی التسبیحات و المذاکرات.
[۴۵- ۴۷]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۴۵ الى ۴۷]
یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَرْسَلْناکَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِیراً (۴۵) وَ داعِیاً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِیراً (۴۶) وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً کَبِیراً (۴۷)
إِنَّا أَرْسَلْناکَ شاهِداً للحق فی الإرسال إلى الخلق غیر محتجب بالکثره عن الوحده مطلقا على أحوالهم و کمالاتهم بنور الحق وَ مُبَشِّراً للمستعدّین السالمین فیه بالفوز بالوصول وَ نَذِیراً للمحجوبین و الواقفین مع الغیر بالعقاب و الحرمان و الحجاب وَ داعِیاً إِلَى اللَّهِ کل مستعدّ بحسب حاله و مقامه بِإِذْنِهِ و ما یسر اللّه بحسب استعداده وَ سِراجاً مُنِیراً بنور الحق النفوس المظلمه بغشاوات الجهل و هیئات البدن و الطبع وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِینَ المستبصرین بنور الفطره بِأَنَّ لَهُمْ بحسب صفاء استعداداتهم مِنَ اللَّهِ فَضْلًا بإفاضه الکمالات بعد هبه الاستعدادات کَبِیراً من جنات الصفات.
[۴۸- ۵۵]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۴۸ الى ۵۵]
وَ لا تُطِعِ الْکافِرِینَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ کَفى بِاللَّهِ وَکِیلاً (۴۸) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذا نَکَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَکُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّهٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِیلاً (۴۹) یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَکَ أَزْواجَکَ اللاَّتِی آتَیْتَ أُجُورَهُنَّ وَ ما مَلَکَتْ یَمِینُکَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَیْکَ وَ بَناتِ عَمِّکَ وَ بَناتِ عَمَّاتِکَ وَ بَناتِ خالِکَ وَ بَناتِ خالاتِکَ اللاَّتِی هاجَرْنَ مَعَکَ وَ امْرَأَهً مُؤْمِنَهً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِیِّ إِنْ أَرادَ النَّبِیُّ أَنْ یَسْتَنْکِحَها خالِصَهً لَکَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِینَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَیْهِمْ فِی أَزْواجِهِمْ وَ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُمْ لِکَیْلا یَکُونَ عَلَیْکَ حَرَجٌ وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً (۵۰) تُرْجِی مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَ تُؤْوِی إِلَیْکَ مَنْ تَشاءُ وَ مَنِ ابْتَغَیْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَیْکَ ذلِکَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْیُنُهُنَّ وَ لا یَحْزَنَّ وَ یَرْضَیْنَ بِما آتَیْتَهُنَّ کُلُّهُنَّ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما فِی قُلُوبِکُمْ وَ کانَ اللَّهُ عَلِیماً حَلِیماً (۵۱) لا یَحِلُّ لَکَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَکَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَکَتْ یَمِینُکَ وَ کانَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ رَقِیباً (۵۲)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتَ النَّبِیِّ إِلاَّ أَنْ یُؤْذَنَ لَکُمْ إِلى طَعامٍ غَیْرَ ناظِرِینَ إِناهُ وَ لکِنْ إِذا دُعِیتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَ لا مُسْتَأْنِسِینَ لِحَدِیثٍ إِنَّ ذلِکُمْ کانَ یُؤْذِی النَّبِیَّ فَیَسْتَحْیِی مِنْکُمْ وَ اللَّهُ لا یَسْتَحْیِی مِنَ الْحَقِّ وَ إِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِکُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِکُمْ وَ قُلُوبِهِنَّ وَ ما کانَ لَکُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَ لا أَنْ تَنْکِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِکُمْ کانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیماً (۵۳) إِنْ تُبْدُوا شَیْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ کانَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیماً (۵۴) لا جُناحَ عَلَیْهِنَّ فِی آبائِهِنَّ وَ لا أَبْنائِهِنَّ وَ لا إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَ لا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَ لا نِسائِهِنَّ وَ لا ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُنَّ وَ اتَّقِینَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ کانَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیداً (۵۵)
وَ لا تُطِعِ الْکافِرِینَ وَ الْمُنافِقِینَ فی التلوینات کما ذکر فی أول السوره فیتکدّر نور سراجک وَ دَعْ أَذاهُمْ بنفسک لتنجو من آفه التلوین و رؤیه فعل الغیر فإنهم لا یفعلون ما یفعلون بالاستقلال بأنفسهم وَ تَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ برؤیه أفعالهم و أفعالک منه وَ کَفى بِاللَّهِ وَکِیلًا یفعل بک و بهم ما یشاء، فإن آذاهم على مظهرک فهو القادر على ذلک مع براءتک عن ذنب التلوین کما فعل عند التمکین و إلا فهو أعلم بشأنه.
[۵۶- ۶۵]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۵۶ الى ۶۵]
إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَى النَّبِیِّ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَیْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِیماً (۵۶) إِنَّ الَّذِینَ یُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِیناً (۵۷) وَ الَّذِینَ یُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَیْرِ مَا اکْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِیناً (۵۸) یا أَیُّهَا النَّبِیُّ قُلْ لِأَزْواجِکَ وَ بَناتِکَ وَ نِساءِ الْمُؤْمِنِینَ یُدْنِینَ عَلَیْهِنَّ مِنْ جَلابِیبِهِنَّ ذلِکَ أَدْنى أَنْ یُعْرَفْنَ فَلا یُؤْذَیْنَ وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً (۵۹) لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِینَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْمُرْجِفُونَ فِی الْمَدِینَهِ لَنُغْرِیَنَّکَ بِهِمْ ثُمَّ لا یُجاوِرُونَکَ فِیها إِلاَّ قَلِیلاً (۶۰)
مَلْعُونِینَ أَیْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِیلاً (۶۱) سُنَّهَ اللَّهِ فِی الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّهِ اللَّهِ تَبْدِیلاً (۶۲) یَسْئَلُکَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَهِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ ما یُدْرِیکَ لَعَلَّ السَّاعَهَ تَکُونُ قَرِیباً (۶۳) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْکافِرِینَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِیراً (۶۴) خالِدِینَ فِیها أَبَداً لا یَجِدُونَ وَلِیًّا وَ لا نَصِیراً (۶۵)
إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِکَتَهُ یُصَلُّونَ عَلَى النَّبِیِ بالأمداد و التأییدات و الإفاضه للکمالات فالمصلی فی الحقیقه هو اللّه تعالى جمعا و تفصیلا بواسطه و غیر واسطه، و من ذلک تعلم صلاه المؤمنین علیه و تسلیمهم له فإنها من حیز التفصیل و حقیقه صلاتهم علیه قبولهم لهدایته و کماله و محبتهم لذاته و صفاته فإنها إمداد له منهم و تکمیل و تعمیم للفیض إذ لو لم یمکن قبولهم لکمالاته لما ظهرت، و لم یوصف بالهدایه و التکمیل فالإمداد أعمّ من أن یکون من فوق بالتأثیر أو من تحت بالتأثر، و ذلک کقبول المحبه. و الصفاء هو حقیقه الدعاء فی صلاتهم بقولهم: اللهمّ صلّ على محمد. و تسلیمهم جعلهم إیاه بریئا من النقص و الآفه فی تکمیل نفوسهم و التأثیر فیها و هو معنى دعائهم له بالتسلیم لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ لأن النبی فی غایه القرب منه بحیث یتحقق به بفناء آنیته و لم تبق اثنینیه هناک لخلوص محبته، فالمؤذی له یکون مؤذیا للّه، و المؤذی للّه هو الظاهر بآنیه نفسه لعداوه اللّه له فهو فی غایه البعد الذی هو حقیقه اللعن فی الدارین ظاهرا و باطنا و هو مقابل لحضره العزّه فیکون فی غایه الهوان فی عذاب الاحتجاب وَ ما یُدْرِیکَ لَعَلَّ السَّاعَهَ تَکُونُ قَرِیباً لمن استعدّ لها لَعَنَ الْکافِرِینَ لبعدهم عنه بالاحتجاب.
[۶۶- ۶۹]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۶۶ الى ۶۹]
یَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ یَقُولُونَ یا لَیْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولا (۶۶) وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ کُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِیلا (۶۷) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَیْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً کَبِیراً (۶۸) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا وَ کانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِیهاً (۶۹)
یَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِی النَّارِ بتغییر صورهم فی أنواع العذاب و براز الحجاب.
[۷۰- ۷۱]
[سوره الأحزاب (۳۳): الآیات ۷۰ الى ۷۱]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِیداً (۷۰) یُصْلِحْ لَکُمْ أَعْمالَکُمْ وَ یَغْفِرْ لَکُمْ ذُنُوبَکُمْ وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِیماً (۷۱)
اتَّقُوا اللَّهَ بالاجتناب عن الرذائل و السداد فی القول الذی هو الصدق و الصواب، و الصدق هو ماده کل سعاده و أصل کل کمال لأنه من صفاء القلب و صفاؤه یستدعی قبول جمیع الکمالات و أنوار التجلیات، و هو و إن کان داخلا فی التقوى المأمور بها لأنه اجتناب من رذیله الکذب مندرج تحت التزکیه التی عبر عنها بالتقوى لکنه أفرد بالذکر للفضیله کأنه جنس برأسه کما خص جبریل و میکائیل من الملائکه.
یُصْلِحْ لَکُمْ أَعْمالَکُمْ بإفاضه الکمالات و الفضائل، أی: زکّوا أنفسکم لقبول التحلیه من اللّه بفیض الکمالات علیکم وَ یَغْفِرْ لَکُمْ ذنوب صفاتکم بتجلیات صفاته وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فی التزکیه و محو الصفات فَقَدْ فازَ بالتحلیه و الاتصاف بالصفات الإلهیه و هو الفوز العظیم.
[۷۲]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۷۲]
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَهَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً جَهُولاً (۷۲)
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَهَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ بإیداع حقیقه الهویه عندها و احتجابها بالتعینات بها فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَها بأن تظهر علیهنّ مع عظم إجرامها لعدم استعدادها لقبولها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها لعظمها عن أقدارها و ضعفها عن حملها و قبولها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ لقوه استعداده و اقتداره على حملها فانتحلها لنفسه بإضافتها إلیه إِنَّهُ کانَ ظَلُوماً بمنعه حق اللّه حین ظهر بنفسه و انتحلها جَهُولًا لا یعرفها لاحتجابه بأنانیته عنها.
[۷۳]
[سوره الأحزاب (۳۳): آیه ۷۳]
لِیُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِکِینَ وَ الْمُشْرِکاتِ وَ یَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِیماً (۷۳)
لِیُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِینَ وَ الْمُنافِقاتِ الذین ظلموا بمنع ظهور نور استعدادهم بظلمه الهیئات البدنیه و الصفات النفسانیه و وضعوه فی غیر موضعه فجهلوا حقه وَ الْمُشْرِکِینَ وَ الْمُشْرِکاتِ الذین جهلوا لاحتجابهم بالأنائیه و الوقوف مع الغیر بغلبه الرین و کثافه الحجب الخلقیه فعظم ظلمهم لانطفاء نورهم بالکلیه و امتناع وفائهم بالأمانه الإلهیه.
وَ یَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ الذین تابوا عن الظلم بالاجتناب عن الصفات النفسانیه المانعه عن الأداء و عدلوا بإبراز ما أخفوه من حق اللّه عند الوفاء و عن الجهل بحقه إذ عرفوه و أدّوا أمانته إلیه بالفناء وَ کانَ اللَّهُ غَفُوراً ستر ذنوب ظلمهم و جهلهم عن التزکیه و التصفیه و التجرید و المحو و الطمس بأنوار تجلیاته رَحِیماً رحمهم بالوجود الحقانی عند البقاء بأفعاله و صفاته و ذاته أو عرضنا الأمانه الإلهیه بالتجلی علیها و إیداع ما تطیق حملها فیها من الصفات بجعلها مظاهر لها.
أو: فأبین أن یحملنها بخیانتها و إمساکها عندها و الامتناع عن أدائها، و أشفقن من حملها عندها فأدّینها بإظهار ما أودع فیها من الکمالات و حملها الإنسان بإخفائها بالشیطنه و ظهور الأنانیه و الامتناع عن أدائها بإظهار ما أودع فیه من الکمال و إمساکها بظهور النفس بالمظلمه و المنع عن الترقی فی مقام المعرفه، و اللّه أعلم.
[۱] ( ۱) سوره النجم، الآیه: ۱۷.
[۲] ( ۲) سوره الإسراء، الآیه: ۷۴.
[۳] ( ۱) سوره الأعراف، الآیه: ۱۷۲.
[۴] ( ۲) سوره الأحزاب، الآیه: ۲۳.
[۵] ( ۱) سوره البقره، الآیه: ۲۱۴.
[۶] ( ۱) سوره النجم، الآیات: ۳- ۴.