تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره الواقعة

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الواقعه

سوره الواقعه

[۱- ۳]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۱ الى ۳]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَهُ (۱) لَیْسَ لِوَقْعَتِها کاذِبَهٌ (۲) خافِضَهٌ رافِعَهٌ (۳)

إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَهُ أی: القیامه الصغرى‏ لَیْسَ لِوَقْعَتِها نفس تکذب على اللّه أن البعث و أحوال الآخره لا تکون، لأن کل نفس تشاهد أحوالها من السعاده و الشقاوه خافِضَهٌ رافِعَهٌ تخفض الأشقیاء إلى الدرکات و ترفع السعداء إلى الدرجات.

 

 

[۴- ۹]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۴ الى ۹]

إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (۴) وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (۵) فَکانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا (۶) وَ کُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَهً (۷) فَأَصْحابُ الْمَیْمَنَهِ ما أَصْحابُ الْمَیْمَنَهِ (۸)

وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَهِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَهِ (۹)

إِذا رُجَّتِ‏ أی: حرکت و زلزلت أرض البدن بمفارقه الروح تحریکا یخرج به جمیع ما فیها و ینهدم معه جمیع أعضائه‏ وَ بُسَّتِ‏ أی: فتتت جبال العظام بصیرورتها رمیما و رفاتا أو سیقت و أذهبت حتى صارت‏ هَباءً مُنْبَثًّا وَ کُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَهً السعداء الذین هم الأبرار و الصلحاء من الناس، و الأشقیاء الذین هم الأشرار و المفسدون من الناس.

و إنما سمى الأولون أصحاب المیمنه لکونهم أهل الیمن و البرکه أو لکونهم متوجهین إلى أفضل الجهتین و أقواهما التی هی الجهه العلیا و عالم القدس، و سمى الآخرون أصحاب المشأمه لکونهم أهل الشؤم و النحوسه أو لکونهم متوجهین إلى أرذل الجهتین و أضعفهما التی هی الجهه السفلى و عالم الحسّ.

 

 

[۱۰- ۱۴]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۱۰ الى ۱۴]

وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (۱۰) أُولئِکَ الْمُقَرَّبُونَ (۱۱) فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ (۱۲) ثُلَّهٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ (۱۳) وَ قَلِیلٌ مِنَ الْآخِرِینَ (۱۴)

وَ السَّابِقُونَ‏ الموحدون الذین سبقوا الفریقین و جاوزوا العالمین بالفناء فی اللّه‏ السَّابِقُونَ‏ أی: الذین لا یمکن مدحهم و الزیاده على أوصافهم‏ أُولئِکَ الْمُقَرَّبُونَ‏ حال التحقق بالوجود الحقانی بعد الفناء فِی جَنَّاتِ النَّعِیمِ‏ من جمیع مراتب الجنان‏ ثُلَّهٌ أی:

جماعه کثیره مِنَ الْأَوَّلِینَ‏ أی: المحبوبین الذین هم أهل الصف الأول من صفوف الأرواح، أهل العنایه الأولى فی الأزل‏ وَ قَلِیلٌ مِنَ الْآخِرِینَ‏ أی: المحبین الذین تتأخر مرتبتهم عن مرتبه المحبوبین أهل الصف الثانی، و وصفوا بالقلیل لأن المحب قلما یدرکه شأو المحبوب و یبلغ غایته فی الکمال بل أکثرهم فی جنات الصفات واقفین فی درجات السعداء، و المحبوبون کلهم فی جنه الذات بالغین أقصى الغایات، و لهذا

قال رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم: «الثنتان جمیعا من أمتی»

، أی: لیس الأولون من أمم المتقدمین و الآخرون من أمّته علیه السلام، بل العکس أولى أو ثله من أوائل هذه الأمه الذین شاهدوا النبی صلى اللّه علیه و سلم و أدرکوا طراوه الوحی فی زمانه أو قاربوا زمانه و شاهدوا من صحبه من التابعین، و الآخرون هم الذین طال علیهم الأمد فقست قلوبهم فی آخر دور الدعوه و قرب زمان خروج المهدی علیه السلام لا الذین هم فی زمانه، فإن السابقین فی زمانه أکثر لکونهم أصحاب القیامه الکبرى و أهل الکشف و الظهور.

 

 

[۱۵- ۱۶]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۱۵ الى ۱۶]

عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَهٍ (۱۵) مُتَّکِئِینَ عَلَیْها مُتَقابِلِینَ (۱۶)

عَلى‏ سُرُرٍ مَوْضُونَهٍ أی: متواصله متراصفه من الوجودات الموهوبه الحقانیه المخصوصه بکل أحد منهم،

کقوله علیه السلام: «على منابر من نور»

أو على مراتب الصفات‏ مُتَّکِئِینَ عَلَیْها متظاهرین فیها لکونها من مقاماتهم‏ مُتَقابِلِینَ‏ متساوین فی الرتب لا حجاب بینهم أصلا فی عین الوحده لتحققهم بالذات و تخیرهم فی الظهور بأیّ صفه من الصفات شاءوا بجمعهم المحبه الذاتیه لا یحتجبون بالصفات عن الذات و لا بالذات عن الصفات.

 

 

[۱۷]

[سوره الواقعه (۵۶): آیه ۱۷]

یَطُوفُ عَلَیْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (۱۷)

یَطُوفُ عَلَیْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ‏ تخدمهم قواهم الروحانیه الدائمه بدوله ذواتهم أو الأحداث المستعدّون من أهل الإراده المتصلون بهم بفرط الإراده، کما قال: بِإِیمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ‏[۱] أو الملکوت السماویه.

 

 

[۱۸- ۲۴]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۱۸ الى ۲۴]

بِأَکْوابٍ وَ أَبارِیقَ وَ کَأْسٍ مِنْ مَعِینٍ (۱۸) لا یُصَدَّعُونَ عَنْها وَ لا یُنْزِفُونَ (۱۹) وَ فاکِهَهٍ مِمَّا یَتَخَیَّرُونَ (۲۰) وَ لَحْمِ طَیْرٍ مِمَّا یَشْتَهُونَ (۲۱) وَ حُورٌ عِینٌ (۲۲)

کَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَکْنُونِ (۲۳) جَزاءً بِما کانُوا یَعْمَلُونَ (۲۴)

بِأَکْوابٍ وَ أَبارِیقَ‏ من خمور الإراده و المعرفه و المحبه و العشق و الذوق و میاه الحکم و العلوم‏ لا یُصَدَّعُونَ عَنْها أی: کلها لذّه لا ألم معها و لا خمار لکونهم واصلین واجدین لذه برد الیقین، شاربین الشراب الکافوری. فإن محبه الوصول خالصه عن ألم الشوق و خوف الفقدان‏ وَ لا یُنْزِفُونَ‏ لا یذهب تمییزهم و عقلهم بالسکر و لا یطفحون لکونهم أهل الصحو غیر محجوبین بالذات عن الصفات فیلحقهم السکر و یغلب علیهم الحال‏ وَ فاکِهَهٍ من‏ مواجیدهم و کشفیاتهم الذوقیه مِمَّا یَتَخَیَّرُونَ‏ یأخذون خیره لأنهم واجدون جمیعها فیختارون أصفاها و أبهاها و أشرفها و أسناها وَ لَحْمِ طَیْرٍ مِمَّا یَشْتَهُونَ‏ من لطائف الحکم و دقائق المعانی المقویّه لهم‏ وَ حُورٌ عِینٌ‏ من تجلیات الصفات و مجردات الجبروت و ما فی مراتبهم من الأرواح المجرّده کَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الرطب فی صفائها و نوریتها الْمَکْنُونِ‏ فی الأصداف أو المخزون لکونها فی بطنان الغیب و خزائنه مستوره عن الأغیار من أهل الظاهر جَزاءً بِما کانُوا یَعْمَلُونَ‏ فی حال الاستقامه من الأعمال الإلهیه المقصوده لذاتها المقارنه لجزائها، أو بما کانوا یعملون فی حال السلوک من أعمال التزکیه و التصفیه.

 

 

[۲۵- ۲۶]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۲۵ الى ۲۶]

لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً وَ لا تَأْثِیماً (۲۵) إِلاَّ قِیلاً سَلاماً سَلاماً (۲۶)

لا یَسْمَعُونَ فِیها لَغْواً هذیانا و کلاما غیر مفید لمعنى لکونهم أهل التحقیق متأدّبین بین یدی اللّه بآداب الروحانیین‏ وَ لا تَأْثِیماً من الفواحش التی یؤثم بها صاحبها کالغیبه و الکذب و أمثالهما إِلَّا قِیلًا سَلاماً سَلاماً أی: قولا هو سلام فی نفسه منزه عن النقائص مبرأ عن الفضول و الزوائد، و قولا یفید سلامه السامع من العیوب و النقائص و یوجب سروره و کرامته و یبین کماله و بهجته لکون کلامهم کله معارف و حقائق و تحایا و لطائف على اختلاف وجهی الإعراب.

 

 

[۲۷- ۳۴]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۲۷ الى ۳۴]

وَ أَصْحابُ الْیَمِینِ ما أَصْحابُ الْیَمِینِ (۲۷) فِی سِدْرٍ مَخْضُودٍ (۲۸) وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ (۲۹) وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ (۳۰) وَ ماءٍ مَسْکُوبٍ (۳۱)

وَ فاکِهَهٍ کَثِیرَهٍ (۳۲) لا مَقْطُوعَهٍ وَ لا مَمْنُوعَهٍ (۳۳) وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَهٍ (۳۴)

وَ أَصْحابُ الْیَمِینِ ما أَصْحابُ الْیَمِینِ‏ أی: هم شرفاء عظماء کرماء یتعجب من أوصافهم فی السعاده فِی سِدْرٍ مَخْضُودٍ أی: فی جنه النفس المخضوده عن شوک تضادّ القوى و الطبائع و تنازع الأهواء و الدواعی لتجرّدها عن هیئات صفاتها بنور الروح و القلب أو موقره بثمار الحسنات و الهیئات الصالحات على اختلاف التفسیرین‏ وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ أی: فی جنه القلب لأن الطلح شجره الموز و ثمرتها حلوه دسمه لذیذه لا نوى لها کمدرکات القلب و معانیه المجرده عن المواد و الهیئات الجرمیه بخلاف السدر التی هی شجره النبق الکثیره النوى کمدرکات النفس الجزئیه المقرونه باللواحق المادیه و الهیئات الجرمیه منضود نضد ثمره من أسفله إلى أعلاه لا ساق بارزه لها لکثره تکون مدرکاته غیر متناهیه الکثره وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ من نور الروح المروّح‏ وَ ماءٍ مَسْکُوبٍ‏ أی: علم یرشح علیهم و یسکب من عالم الروح، و إنما سکب سکبا و لم یجر جریانا لقلّه علوم السعداء بالنسبه إلى أعمالهم، إذ ثقل علومهم الروحانیه من المواجید و المعارف و التوحیدیات و الذوقیات و إن کثرت علومهم النافعه وَ فاکِهَهٍ کَثِیرَهٍ من المدرکات الجزئیه و الکلیه اللذیذه کالمحسوسات و المخیلات و الموهومات و المعانی الکلیه القلبیه لا مَقْطُوعَهٍ لکونها غیر متناهیه وَ لا مَمْنُوعَهٍ لکونها اختیاریه کلما شاؤوا أین شاؤوا وجدوها وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَهٍ من فضائل الأخلاق و الهیئات النورانیه النفسیه المکتسبه من الأعمال الحسنه، رفعت عن مرتبه الهیئات البدنیه و الجهه السفلیه إلى حیز الصدر الذی هو الجهه العلیا من النفس المتصله بالقلب، أو حور من النسوان أی: الملکوت المتصله بهم المساویه فی المرتبه على اختلاف التفسیرین.

 

 

[۳۵- ۴۰]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۳۵ الى ۴۰]

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (۳۵) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْکاراً (۳۶) عُرُباً أَتْراباً (۳۷) لِأَصْحابِ الْیَمِینِ (۳۸) ثُلَّهٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ (۳۹)

وَ ثُلَّهٌ مِنَ الْآخِرِینَ (۴۰)

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً عجیبا نورانیا مجرده عن المواد، مطهره عن أدناس الطبائع و ألواث العناصر فَجَعَلْناهُنَّ أَبْکاراً أی: لم تتأثر بملامسه الأمور الطبیعیه و مباشره الطبیعیین الظاهرین من أهل العاده و المخالطین للماده من النفوس‏ عُرُباً متحببه إلیهم محبوبه لصفائها و حسن جوهرها و دوام اتصالها بهم‏ أَتْراباً لکونها فی درجه واحده متساویه المراتب أزلیه الجواهر ثُلَّهٌ مِنَ الْأَوَّلِینَ‏ لأن المحبوبین یدخلون على أصحاب الیمین جناتهم عند التدانی و الترقی فی الدرجات و عند التدلی و الرجوع إلى الصفات فیختلطون بهم و ینخرطون فی سلکهم‏ وَ ثُلَّهٌ مِنَ الْآخِرِینَ‏ لأن المحبین أکثرهم أصحاب الیمین واقفون مع الصفات دون محبه الذات و إن فسرنا الأولین و الآخرین بأوائل الأمه المحمدیه و أواخرها فظاهر لکثره أصحاب الیمین فی أواخرهم أیضا دون السابقین.

 

 

[۴۱- ۵۶]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۴۱ الى ۵۶]

وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (۴۱) فِی سَمُومٍ وَ حَمِیمٍ (۴۲) وَ ظِلٍّ مِنْ یَحْمُومٍ (۴۳) لا بارِدٍ وَ لا کَرِیمٍ (۴۴) إِنَّهُمْ کانُوا قَبْلَ ذلِکَ مُتْرَفِینَ (۴۵)

وَ کانُوا یُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِیمِ (۴۶) وَ کانُوا یَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ کُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (۴۷) أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (۴۸) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِینَ وَ الْآخِرِینَ (۴۹) لَمَجْمُوعُونَ إِلى‏ مِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ (۵۰)

ثُمَّ إِنَّکُمْ أَیُّهَا الضَّالُّونَ الْمُکَذِّبُونَ (۵۱) لَآکِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (۵۲) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (۵۳) فَشارِبُونَ عَلَیْهِ مِنَ الْحَمِیمِ (۵۴) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِیمِ (۵۵)

هذا نُزُلُهُمْ یَوْمَ الدِّینِ (۵۶)

وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ‏ أی: هم الذین یتعجب من أحوالهم و صفاتهم فی الشقاوه و النحوسه و الهوان و الخساسه فِی سَمُومٍ‏ من الأهواء المردیه و الهیئات الفاسقه المؤذیه وَ حَمِیمٍ‏ من العلوم الباطله و العقائد الفاسده وَ ظِلٍّ مِنْ یَحْمُومٍ‏ من هیئات النفوس المسوده بالصفات المظلمه و الهیئات السود الردئیه لأن الیحموم دخان أسود بهیم‏ لا بارِدٍ وَ لا کَرِیمٍ‏ أی: لیس له صفتا الظل الذی یأوی إلیه الناس من الروح و نفع من یأوی إلیه بالراحه بل له إیذاء و إیلام و ضرّ بإیصال التعب و اللهب و الکرب‏ إِنَّهُمْ کانُوا قَبْلَ ذلِکَ مُتْرَفِینَ‏ منهمکین فی اللذات و الشهوات، منغمسین فی الأمور الطبیعیه و الغواشی البدنیه، فبذلک اکتسبوا هذه الهیئات الموبقه و التبعات المهلکه وَ کانُوا یُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِیمِ‏ من الأقاویل الباطله و العقائد الفاسده التی استحقوا بها العذاب المخلّد و العقاب المؤبّد وَ کانُوا یَقُولُونَ‏ أی: من جمله عقائدهم إنکار البعث‏ الضَّالُّونَ الْمُکَذِّبُونَ‏ أی: الجاهلون المصرون على جهالاتهم و إنکار ما یخالف عقائدهم الباطله من الحق‏ لَآکِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ‏ أی: من نفس متعبده اللذات و الشهوات، منغمسه فیها، منجذبه إلى السفلیات من الطبیعیات لتعوّدکم بها و بفوائدها فَمالِؤُنَ مِنْهَا و من ثمراتها الوبیه البشعه المحرقه التی هی الهیئات المنافیه للکمال الموجبه للوبال‏ الْبُطُونَ‏ لشدّه حرصکم و نهمکم و ضراوتکم بها لشرهکم و سقمکم‏ فَشارِبُونَ عَلَیْهِ مِنَ الْحَمِیمِ‏ من الوهمیات الباطله و الشبهات الکاذبه التی هی من باب الجهل المورّط فی المهالک و المعاطب، المسیغ لتلک الأعمال الشیطانیه و الأعمال البهیمیه الظلمانیه فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِیمِ‏ أی: التی بها الهیام من الإبل و هو داء لا ریّ معه لشدّه شغفکم و کلبکم بها.

 

 

[۵۷- ۷۴]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۵۷ الى ۷۴]

نَحْنُ خَلَقْناکُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ (۵۷) أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ (۵۸) أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (۵۹) نَحْنُ قَدَّرْنا بَیْنَکُمُ الْمَوْتَ وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِینَ (۶۰) عَلى‏ أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَکُمْ وَ نُنْشِئَکُمْ فِی ما لا تَعْلَمُونَ (۶۱)

وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَهَ الْأُولى‏ فَلَوْ لا تَذَکَّرُونَ (۶۲) أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (۶۳) أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (۶۴) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَکَّهُونَ (۶۵) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (۶۶)

بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (۶۷) أَ فَرَأَیْتُمُ الْماءَ الَّذِی تَشْرَبُونَ (۶۸) أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (۶۹) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْکُرُونَ (۷۰) أَ فَرَأَیْتُمُ النَّارَ الَّتِی تُورُونَ (۷۱)

أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (۷۲) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْکِرَهً وَ مَتاعاً لِلْمُقْوِینَ (۷۳) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّکَ الْعَظِیمِ (۷۴)

نَحْنُ خَلَقْناکُمْ‏ بإظهارکم بوجودنا و ظهورنا فی صورکم‏ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ* أَ فَرَأَیْتُمْ ما تُمْنُونَ‏ أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ‏ بإفاضه الصوره الإنسانیه علیه‏ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ‏ أَ فَرَأَیْتُمْ ما تَحْرُثُونَ‏ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ‏ بإنزال الصور النوعیه علیه‏ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ‏ أَ فَرَأَیْتُمُ‏ ماء العلم الذی تشربونه بتعطش استعدادکم‏ أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ‏ من مزن العقل الهیولانی‏ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ‏ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً بصرفه فی تدابیر المعاش و ترتیب الحیاه الدنیا فَلَوْ لا تَشْکُرُونَ‏ أَ فَرَأَیْتُمُ‏ نار المعانی القدسیه الَّتِی تُورُونَ‏ بقدح زناد الفکر أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أی: القوه الفکریه أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ‏ نَحْنُ جَعَلْناها تَذْکِرَهً تذکیر للعهد الأزلی فی العالم القدسی‏ وَ مَتاعاً للذین لا زاد لهم فی السلوک من العلم و العمل.

 

 

[۷۵- ۷۶]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۷۵ الى ۷۶]

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (۷۵) وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ (۷۶)

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ‏ أی: أوقات اتصال النفس المحمدیه المقدّسه بروح القدس و هی أوقات وقوع نجوم القرآن إلیه، فیا لها أوقاتا شریفه و اتصالات نوریه، أو مساقط النجوم و هی أوقات غیبته عن الحواس و أفول حواسه فی مغرب الجسد عند تعطیلها بانغماس سرّه فی الغیب و انخراطه فی سلک القدس بل غیبته فی الحق و استغراقه فی الوحده وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِیمٌ‏ و أنى یعلمون، و أین هم و علم ذلک؟!.

 

 

[۷۷- ۸۰]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۷۷ الى ۸۰]

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ کَرِیمٌ (۷۷) فِی کِتابٍ مَکْنُونٍ (۷۸) لا یَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (۷۹) تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ (۸۰)

إِنَّهُ لَقُرْآنٌ کَرِیمٌ‏ أی: علم مجموع له کرم و شرف قدیم و قدر رفیع‏ فِی کِتابٍ مَکْنُونٍ‏ هو قلبه المکنون فی الغیب عن الحواس و ما عدا المقرّبین من الملائکه المطهرین لأن العقل القرآنی مودع فیه کما قال عیسى علیه السلام: «لا تقولوا العلم فی السماء من ینزل به، و لا فی تخوم الأرض من یصعد به، و لا من وراء البحار من یعبر و یأتی به، بل العلم مجعول فی قلوبکم تأدّبوا بین یدی اللّه بآداب الروحانیین یظهر علیکم»، أو الروح الأول الذی هو محل القضاء و مأوى الروح المحمدی، بل هو هو لا یَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ‏ من الأرواح المجرّده المطهره عن دنس الطبائع و لوث تعلق المواد تَنْزِیلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ‏ لأن علمه ظهر على المظهر المحمدی فهو منزل منه على مدرجته منجما.

 

 

[۸۱- ۸۲]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۸۱ الى ۸۲]

أَ فَبِهذَا الْحَدِیثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (۸۱) وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَکُمْ أَنَّکُمْ تُکَذِّبُونَ (۸۲)

أَ فَبِهذَا الْحَدِیثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ‏ متهاونون و لا تبالون به و لا تتصلبون فی القیام بحقه و فهم معناه کمن یلین جانبه و یداهن فی الأمر تساهلا و تهاونا به‏ وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَکُمْ أَنَّکُمْ تُکَذِّبُونَ‏ أی: قوتکم القلبی و رزقکم الحقیقی تکذیبه لاحتجابکم بعلومکم و إنکارکم ما لیس من جنسه کإنکار رجل جاهل ما یخالف اعتقاده کأن علمه نفس تکذیبه، أو رزقکم الصوری أی: لمداومتکم على التکذیب کأنکم تجعلون التکذیب غذاءکم کما تقول للمواظب على الکذب: الکذب غداؤه.

 

 

[۸۳- ۸۷]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۸۳ الى ۸۷]

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (۸۳) وَ أَنْتُمْ حِینَئِذٍ تَنْظُرُونَ (۸۴) وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَیْهِ مِنْکُمْ وَ لکِنْ لا تُبْصِرُونَ (۸۵) فَلَوْ لا إِنْ کُنْتُمْ غَیْرَ مَدِینِینَ (۸۶) تَرْجِعُونَها إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۸۷)

فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ‏ أی: فلولا ترجعون الروح عند بلوغها الحلقوم‏ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ‏ فی أنکم غیر مسوسین مربوبین مقهورین یعنی أنکم مجبرون عاجزون تحت قهر الربوبیه و إلا لأمکنکم دفع ما تکرهون أشدّ الکراهیه و هو الموت.

 

 

[۸۸- ۹۶]

[سوره الواقعه (۵۶): الآیات ۸۸ الى ۹۵]

فَأَمَّا إِنْ کانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ (۸۸) فَرَوْحٌ وَ رَیْحانٌ وَ جَنَّهُ نَعِیمٍ (۸۹) وَ أَمَّا إِنْ کانَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ (۹۰) فَسَلامٌ لَکَ مِنْ أَصْحابِ الْیَمِینِ (۹۱) وَ أَمَّا إِنْ کانَ مِنَ الْمُکَذِّبِینَ الضَّالِّینَ (۹۲)

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ (۹۳) وَ تَصْلِیَهُ جَحِیمٍ (۹۴) إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْیَقِینِ (۹۵)

فَأَمَّا إِنْ کانَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ‏ من جمله الأصناف الثلاثه فله روح الوصول إلى جنه الذات و ریحان جنه الصفات و تجلیاتها البهیجه المبهجه و جنه نعیم الأفعال و لذاتها وَ أَمَّا إِنْ کانَ‏ من السعداء و الأبرار فله السرور و الحبور بلقاء أصحاب الیمین و تحیتهم إیاه بسلامه الفطره و النجاه من العذاب و البراءه عن نقائص صفات النفوس فی جنه الصفات‏ وَ أَمَّا إِنْ کانَ‏ من الأشقیاء و المعاندین للسابقین المنکرین لکمالاتهم المحجوبین بالجهل المرکب فلهم عذاب هیئات الاعتقادات الفاسده و ظلمات الجهالات الموحشه من فوق المشار إلیه بقوله:

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِیمٍ‏ و عذاب الهیئات البدنیه و تبعات سیئاتهم العملیه من تحت المشار إلیه بقوله: وَ تَصْلِیَهُ جَحِیمٍ‏ إِنَّ هذا المذکور من أحوال الفرق الثلاث و عواقبهم‏ لَهُوَ حقیّه الأمر و جلیه الحال من معاینه أهل القیامه الکبرى المتحققین بالحق فی یقینهم و عیانهم، و اللّه تعالى أعلم.

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج‏۲، ص: ۳۱۷


[۱] ( ۱) سوره الطور، الآیه: ۲۱.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=