تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الحشر
سوره الحشر
[۱- ۷]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۱ الى ۷]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۱) هُوَ الَّذِی أَخْرَجَ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ مِنْ دِیارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ما ظَنَنْتُمْ أَنْ یَخْرُجُوا وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَیْثُ لَمْ یَحْتَسِبُوا وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ یُخْرِبُونَ بُیُوتَهُمْ بِأَیْدِیهِمْ وَ أَیْدِی الْمُؤْمِنِینَ فَاعْتَبِرُوا یا أُولِی الْأَبْصارِ (۲) وَ لَوْ لا أَنْ کَتَبَ اللَّهُ عَلَیْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِی الدُّنْیا وَ لَهُمْ فِی الْآخِرَهِ عَذابُ النَّارِ (۳) ذلِکَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ یُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ (۴)
ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِینَهٍ أَوْ تَرَکْتُمُوها قائِمَهً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَ لِیُخْزِیَ الْفاسِقِینَ (۵) وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَیْهِ مِنْ خَیْلٍ وَ لا رِکابٍ وَ لکِنَّ اللَّهَ یُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ (۶) ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِی الْقُرْبى وَ الْیَتامى وَ الْمَساکِینِ وَ ابْنِ السَّبِیلِ کَیْ لا یَکُونَ دُولَهً بَیْنَ الْأَغْنِیاءِ مِنْکُمْ وَ ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِیدُ الْعِقابِ (۷)
وَ قَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ أی: نظر بنظر القهر إلیهم فتأثروا به لاستحقاقهم لذلک و مخالفه الحبیب و مشاقته و مضادته و لوجود الشک فی قلوبهم و کونهم على غیر بصیره من أمرهم و بینه من ربهم إذ لو کانوا أهل یقین ما وقع الرعب فی قلوبهم و لعرفوا رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم بنور الیقین و آمنوا به فلم یخالفوه وَ ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا لأنه متحقق باللّه فکل ما أمر به فهو أمر اللّه و ما نهى عنه نهی اللّه لقوله: وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (۳) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحى (۴)[۱].
[۸- ۹]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۸ الى ۹]
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ الَّذِینَ أُخْرِجُوا مِنْ دِیارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ یَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ یَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِکَ هُمُ الصَّادِقُونَ (۸) وَ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِیمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ یُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَیْهِمْ وَ لا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ حاجَهً مِمَّا أُوتُوا وَ یُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَهٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۹)
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِینَ أی: التارکین المجرّدین المهاجرین عن مقام النفس الَّذِینَ أُخْرِجُوا أی: أخرجهم اللّه، إذ لو خرجوا بنفوسهم لاحتجبوا بها و برؤیه الترک و التجرید فوقعوا فی مقام النفس مع حجاب العجب الذی هو أشدّ من الذنب مِنْ دِیارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ من مواطنهم و مألوفاتهم أی: صفات نفوسهم و معلوماتهم یَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ من العلوم و الفضائل الخلقیه وَ رِضْواناً من الأحوال و المواهب السنیه من أنوار تجلیات الصفات وَ یَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ببذل النفوس لقوه الیقین أُولئِکَ هُمُ الصَّادِقُونَ فی الإیمان الیقینی لتصدیق أعمالهم دعواهم، إذ علامه وجدان الیقین ظهور أثره على الجوارح بحیث لا تمکن حرکاتها إلا على مقتضى شاهدهم من العلم وَ الَّذِینَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِیمانَ أی: المقرّ الأصلی الذی هو الفطره الأولى و العهد الأول الذی هو محل الإیمان و موطنه و لهذا قرنه به، فإن النفس موطن الغربه مِنْ قَبْلِهِمْ أی: من قبل هجره المهاجرین من دار الغربه التی هی النفس إلیها لأن هذه الدار هی الدار الأصلیه المتقدمه على دیارهم، و لهذا
قال علیه السلام: «حبّ الوطن من الإیمان».
فهم الذین لم یسقطوا عن الفطره و لم یحتجبوا بحجاب النفس فی النشأه و بقوا على صفائها بخلاف الأولین الذین تکدّروا و تغیروا ثم رجعوا إلى الصفاء بالسیر و السلوک یُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَیْهِمْ لوجود الجنسیه فی الصفاء و تحقق المناسبه الأصلیه و القرابه الحقیقیه بالوفاء و تذکر العهد السابق بالموافقه فی الدین و الإخاء وَ لا یَجِدُونَ فِی صُدُورِهِمْ حاجَهً مِمَّا أوتی المهاجرون من الحظوظ لسلامه قلوبهم عن آفات النفوس و طهارتها عن دواعی الحرص و تنزّهها عن محبه الحظوظ و تیقنها بالأقسام.
وَ یُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ لتجرّدهم و توجههم إلى جناب القدس و ترفّعهم عن مواد الرجس و کون الفضیله لهم أمرا ذاتیا باقتضاء الفطره و فرط محبه الإخوان بالحقیقه و الأعوان فی الطریقه وَ لَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَهٌ فتقدیمهم أصحابهم على أنفسهم لمکان الفتوّه و کمال المروءه و لقوه التوحید و الاحتراز عن حظ النفس و خوف الرجوع إلى المطالب الجزئیه بعد وجدان الذوق من المطالب الکلیه.
وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ بعصمه اللّه و کلاءته، فإنّ النفس مأوى کل شرّ و وصف ردیء، و موطن کل رجس و خلق دنیء، و الشح من غرائزها المعجونه فی طینتها لملازمتها الجهه السفلیه و محبتها الحظوظ الجزئیه فلا ینتفی منها إلا عند انتفائها و لکن المعصوم من تلک الآفات و الشرور من عصمه اللّه فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ بالکمالات القلبیه.
[۱۰- ۱۲]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۱۰ الى ۱۲]
وَ الَّذِینَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ یَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونا بِالْإِیمانِ وَ لا تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّکَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ (۱۰) أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِینَ نافَقُوا یَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَکُمْ وَ لا نُطِیعُ فِیکُمْ أَحَداً أَبَداً وَ إِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّکُمْ وَ اللَّهُ یَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَکاذِبُونَ (۱۱) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا یَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَ لَئِنْ قُوتِلُوا لا یَنْصُرُونَهُمْ وَ لَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَیُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا یُنْصَرُونَ (۱۲)
وَ الَّذِینَ جاؤُ من بعد الذین هاجروا إلى الفطره، أی: أخذوا فی السلوک و قطع منازل النفس متضرّعین قائلین بلسان الافتقار: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا هیئات الرذائل و صفات النفوس بأنوار القلوب وَ لِإِخْوانِنَا الَّذِینَ سَبَقُونا بِالْإِیمانِ ذنوب التلوینات بظهور تلک الصفات و الضلاله بعد الهدى وَ لا تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنا غِلًّا بالاحتجاب بالهیئات السبعیه و الشیطانیه و رسوخها فی قلوبنا رَبَّنا إِنَّکَ رَؤُفٌ تستر تلک الهیئات بأنوار الصفات رَحِیمٌ بإفاضه الکمالات و إراءه التجلیات.
[۱۳- ۱۵]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۱۳ الى ۱۵]
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَهً فِی صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَفْقَهُونَ (۱۳) لا یُقاتِلُونَکُمْ جَمِیعاً إِلاَّ فِی قُرىً مُحَصَّنَهٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَیْنَهُمْ شَدِیدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِیعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْقِلُونَ (۱۴) کَمَثَلِ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِیباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۱۵)
لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَهً فِی صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ لاحتجابهم بالخلق عن الحق بسبب جهلهم باللّه و عدم معرفتهم له إذ لو عرفوه لعلموا أن لا مؤثر غیره و شعروا بعظمته و قدرته فلم یبق عظم الخلق و لا أثرهم و قدرهم عندهم، کما
قال أمیر المؤمنین علیه السلام: «عظم الخالق عندک یصغر المخلوق فی عینک».
بَأْسُهُمْ بَیْنَهُمْ شَدِیدٌ لکونهم غیر مقهورین هناک بقهر اللّه و لا واقعا ظل قهر الرسول و هیبته و عکس نور تأییده و تنوّر نفسه بالاتصال بعالم القدس علیهم تَحْسَبُهُمْ جَمِیعاً لاتفاقهم فی الظاهر وَ قُلُوبُهُمْ شَتَّى لانتفاء الجمعیه الحقیقیه بنور التوحید عنها و تجاذب دواعیها لتفنن تعلقاتها بالأمور السفلیه و تفرّقها عن الحق بالباطل لاحتجابها بالکثره عن الوحده ذلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْقِلُونَ فیختارون طریق التوحید العلمی و یتنحون عن السبل المتفرّقه الوهمیه، فإن طریق العقل واحد و طریق شیطان الوهم متفرّقه، و تشتت القلوب یوهن العزائم و یضعف القوى.
[۱۶- ۱۷]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۱۶ الى ۱۷]
کَمَثَلِ الشَّیْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اکْفُرْ فَلَمَّا کَفَرَ قالَ إِنِّی بَرِیءٌ مِنْکَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِینَ (۱۶) فَکانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِی النَّارِ خالِدَیْنِ فِیها وَ ذلِکَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ (۱۷)
کَمَثَلِ الشَّیْطانِ أی: مثل إخوانهم المنافقین فی إغوائهم کمثل الشیطان، أی: الوهم الإنسانی، إذ زین للإنسان حال کونه على الفطره اللذات الحسیه و الشهوات البدنیه و حرّضه على مخالفه العقل بالهوى و الاحتجاب بالطبیعیه لیقع فی الردى فلما احتجب بها عن الحق و انغمس فی ظلمه النفس تبرأ منه بإدراک المعانی دونه، و التقرّب إلى جناب الحق بالترقی إلى الأفق العقلی و الاطلاع على بعض الصفات الإلهیه و استشعار الخوف بإدراک آثار العظمه و القدره و أنوار الربوبیه فَکانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِی النَّارِ لکونهما جسمانیین ملازمین للطبیعه و نیرانها المتفننه و آلامها المتنوعه وَ ذلِکَ جَزاءُ الظَّالِمِینَ الذین وضعوا العباده غیر موضعها فعبدوا صنم الهوى و طاغوت البدن، و اتخذوا آلهتهم أهواءهم.
[۱۸]
[سوره الحشر (۵۹): آیه ۱۸]
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ (۱۸)
یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا الإیمان الغیبی التقلیدی اتَّقُوا اللَّهَ فی اجتناب المعاصی و السیئات و الرذائل و اکتساب الحسنات و الطاعات و الفضائل وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ لما بعد الموت من الصالحات وَ اتَّقُوا اللَّهَ فی الاحتجاب بالأعراض و الأغراض و توسیط الحق للمشتهیات إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بأعمالکم و نیّاتکم فیجازیکم بحسبها، کما
قال علیه السلام: «لکل امرئ ما نوى».
أو آمنوا الإیمان التحقیقی و اتّقوا اللّه فی الاحتجاب عنه بأفعالکم و صفاتکم و لتنظر نفس ما قدّمت لغد من محقرات الأعمال و الصفات، فإنها حجب حاجزه و وسائل مردوده مذمومه، و اتّقوا اللّه فی البقیات و التلوینات فإن اللّه خبیر بما تعملون بنفوسکم و ما تعملون به لا بنفوسکم.
[۱۹]
[سوره الحشر (۵۹): آیه ۱۹]
وَ لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ (۱۹)
وَ لا تَکُونُوا کَالَّذِینَ نَسُوا اللَّهَ بالاحتجاب بالشهوات الجسمانیه و الاشتغال باللذات النفسانیه فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ حتى حسبوها البدن و ترکیبه و مزاجه فذهلوا عن الجوهره القدسیه و الفطریه النوریه أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ الذین خرجوا عن الدین القیم الذی هو فطره اللّه التی فطر الناس علیها و خانوا و غدروا و جاسوا و نبذوا عهد اللّه وراء ظهورهم فخسروا.
[۲۰- ۲۱]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۲۰ الى ۲۱]
لا یَسْتَوِی أَصْحابُ النَّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّهِ أَصْحابُ الْجَنَّهِ هُمُ الْفائِزُونَ (۲۰) لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَیْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْیَهِ اللَّهِ وَ تِلْکَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ (۲۱)
لا یَسْتَوِی الناسون الغادرون الذین هم أَصْحابُ النَّارِ وَ المؤمنون المتحققون المتّقون الموفون بعهدهم الذین هم أَصْحابُ الْجَنَّهِ أَصْحابُ الْجَنَّهِ هُمُ الْفائِزُونَ و الخاسرون لفرط غفلتهم و ذهاب تمییزهم کأنهم لا یفرقون بین الجنه و النار و إلا لعملوا بمقتضى تمییزهم عَلى جَبَلٍ أی: قلوبهم أقسى من الحجر فی عدم التأثر و القبول إذ الکلام الإلهی بلغ من التأثیر ما لا إمکان للزیاده وراءه حتى لو فرض إنزاله على جبل لتأثر منه بالخشوع و الانصداع
[۲۲- ۲۴]
[سوره الحشر (۵۹): الآیات ۲۲ الى ۲۴]
هُوَ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عالِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَهِ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِیمُ (۲۲) هُوَ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِکُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَیْمِنُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ الْمُتَکَبِّرُ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یُشْرِکُونَ (۲۳) هُوَ اللَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى یُسَبِّحُ لَهُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۲۴)
هُوَ اللَّهُ الَّذِی لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لما کان الإسلام مبنیّا على الجمع و التفصیل کثر تکرارهما فی المثانی، أی: لا إله فی الوجود إلا هو، فجمع ثم فصّل بقوله: عالِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَهِ و العلم مبدأ التفصیل إذ عالمیته هی تمیّز الحقائق و أعیان الماهیات فی عین الجمع أی: صور الماهیات فی عالم الغیب عن عالمیته و وجوداتها فی عالم الشهاده هی بعینها ظهرت فی مظاهر محسوسه لا بمعنى الانتقال بل بمعنى الظهور و البطون کظهور الصوره المعلومه على القرطاس بالکتابه، فکل ما ظهر فعن علمه السابق ظهر.
الرَّحْمنُ بإفاضه وجودات الماهیات و صورها النوعیه على المظاهر باعتبار البدایه الرَّحِیمُ بإفاضه کمالاتها فی النهایه. ثم کرر التوحید الذاتی باعتبار الجمع لینبه على أن هذه الکثره المعتبره باعتبار تفاصیل الصفات لا تنافی وحدته الذاتیه کالإضافیات و السلبیات المعدوده بعده الْمَلِکُ أی: الغنیّ المطلق الذی یحتاج إلیه کل شیء المدبر للکل فی ترتیب النظام، الحکیم الذی لا یمکن کون أتمّ و أکمل منه الْقُدُّوسُ المجرد عن الماده و شوائب الإمکان فی جمیع صفاته فلا یکون شیء من صفاته بالقوه و فی وقت دون وقت السَّلامُ أی: المبرّأ عن النقائص کالعجز الْمُؤْمِنُ لأهل الیقین بإنزال السکینه الْمُهَیْمِنُ الحافظ لمن أمّنه على حاله الأمن من کل مخوف الْعَزِیزُ القوی الذی یغلب و لا یغلب الْجَبَّارُ الذی یجبر کل أحد على ما أراد الْمُتَکَبِّرُ المتعالی عن أن یصل إلیه غیره و یقارنه فی الوجود سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یُشْرِکُونَ بإثبات الغیر الْخالِقُ المقدّر للمظاهر على حسب ما أراد ظهوره من أسمائه و صفاته الْبارِئُ المفصل الممیز بعضها عن بعض بالهیئات المتمیزه فی عین ذاته الْمُصَوِّرُ لصوره تفاصیل مظاهر صفاته لَهُ هذه الْأَسْماءُ الْحُسْنى الظاهره فی صور المخلوقات المصوّره الباطنه فی صور المبدعات المغیبه لیسبح ذاته على لسان أسمائه و صفاته و اللّه أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۳۳۳
[۱] ( ۱) سوره النجم، الآیات: ۳- ۴.