اب

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره التحریم

سوره التحریم‏

[۱- ۶]

[سوره التحریم (۶۶): الآیات ۱ الى ۶]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

یا أَیُّهَا النَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَکَ تَبْتَغِی مَرْضاتَ أَزْواجِکَ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۱) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَکُمْ تَحِلَّهَ أَیْمانِکُمْ وَ اللَّهُ مَوْلاکُمْ وَ هُوَ الْعَلِیمُ الْحَکِیمُ (۲) وَ إِذْ أَسَرَّ النَّبِیُّ إِلى‏ بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِیثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَیْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَ أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَکَ هذا قالَ نَبَّأَنِیَ الْعَلِیمُ الْخَبِیرُ (۳) إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُکُما وَ إِنْ تَظاهَرا عَلَیْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِیلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمَلائِکَهُ بَعْدَ ذلِکَ ظَهِیرٌ (۴)

عَسى‏ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَکُنَّ أَنْ یُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَیْراً مِنْکُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَیِّباتٍ وَ أَبْکاراً (۵) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَ أَهْلِیکُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَهُ عَلَیْها مَلائِکَهٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ (۶)

قُوا أَنْفُسَکُمْ وَ أَهْلِیکُمْ ناراً الأهل بالحقیقه هو الذی بینه و بین الرجل تعلق روحانی و اتصال عشقی سواء اتصل به اتصالا جسمانیا أو لا، و کل ما تعلق به تعلقا عشقیا فبالضروره یکون معه فی الدنیا و الآخره فوجب علیه وقایته و حفظه من النار کوقایه نفسه فإنه زکّى نفسه عن الهیئات الظلمانیه و فیه میل و محبه لبعض النفوس المنغمسه فیها لم یزکها بالحقیقه لأنه بتلک المحبه تنجذب إلیها فیکون معها فی الهاویه محجوبا بها سواء هی قواها الطبیعیه الداخله فی ترکیبه أو نفوس إنسانیه منتکسه فی عالم الطبیعه خارجه عن ذاته و لهذا یجب على الصادق محبه الأصفیاء و الأولیاء لیحشر معهم فإن المرء یحشر مع من أحبّ. ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَهُ أی: نارا مخصوصه من بین النیران بأن لا تتقد إلا بالناس و الحجاره لکونها نارا روحانیه من صفات قهر اللّه تعالى مستولیه على النفوس المرتبطه بالأمور السفلیه المقترنه بالأجرام الجاسیه الأرضیه بسلسله المحبه الروحانیه، فلما قرنت تلک النفوس أنفسها بها حبا و هوى حشرت معها فی الهاویه عَلَیْها أی: یلی أمرها مَلائِکَهٌ غِلاظٌ أعزاء جافیه غلاظ الأجرام و هی القوى السماویه و الملکوت الفعاله فی الأمور الأرضیه التی هی روحانیات الکواکب السبعه و البروج الاثنا عشر المشار إلیها بالزبانیه التسعه عشر غیر مالک الذی هو الطبیعه الجسمانیه الموکله بالعالم السفلی و جمیع القوى و الملکوت المؤثره فی الأجسام التی لو تجرّدت هذه النفوس الإنسانیه ترقت من مراتبها و اتصلت بعالم الجبروت و صارت مؤثره فی‏ هذه القوى الملکوتیه و لکنها لما انغمست فی الأمور البدنیه و قرنت أنفسها بالأجرام الهیولانیه المعبر عنها بالحجاره صارت متأثره منها محبوسه فی أسرها معذبه بأیدیها شِدادٌ أی: أقویاء لا لین و لا رأفه و لا رحمه فیهم لأنهم مجبولون على القهر لا لذه لهم إلا فیه‏ لا یَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ‏ لتسخرهم و انقیادهم لأمره و طاعتهم و إذعانهم له لأنهم و إن کانوا قهارین مؤثرین بالنسبه إلى ما تحتهم من أجرام هذا العالم و قواها فإنهم مقهورون و متأثرون بالنسبه إلى الحضره الإلهیه، و لو لم یکن انقیادهم للأمر الإلهی طبعا لما کان لهم تأثیر فی هذا العالم‏ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤْمَرُونَ‏ لدوام تأثیرهم و عدم تناهی قواهم و قدرهم.

[۷- ۸]

[سوره التحریم (۶۶): الآیات ۷ الى ۸]

یا أَیُّهَا الَّذِینَ کَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۷) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَهً نَصُوحاً عَسى‏ رَبُّکُمْ أَنْ یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَ یُدْخِلَکُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ یَوْمَ لا یُخْزِی اللَّهُ النَّبِیَّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ یَسْعى‏ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ بِأَیْمانِهِمْ یَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَ اغْفِرْ لَنا إِنَّکَ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ (۸)

لا تَعْتَذِرُوا الْیَوْمَ‏ إذ لیس بعد خراب البدن و رسوخ الهیئات إلا الجزاء على الأعمال لامتناع الاستکمال ثمه.

یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ‏ بالرجوع إلیه فی کل حال من أحوالکم فإن مراتب التوبه کمراتب التقوى فکما أن أول مراتب التقوى هو الاجتناب عن المنهیات الشرعیه و آخرها الاتقاء عن الأنانیه و البقیه فکذلک التوبه أولها الرجوع عن المعاصی و آخرها الرجوع عن ذنب الوجود الذی هو من أمّهات الکبائر عند أهل التحقیق‏ تَوْبَهً نَصُوحاً أی: توبه ترقع الخروق و ترتق الفتوق و تصلح الفاسد و تسدّ الخلل، فإن خلل کل مقام و فساده و نقصانه لا ینسدّ و لا ینصلح و لا ینجبر إلا عند التوبه عنه بالترقی إلى ما هو فوقه فإذا تاب عنه بالترقی و برز عن حجاب رؤیه ذلک المقام انجبر نقصه و تمّ. و هو من النصح بمعنى الخیاطه أو توبه خالصه عن شوب المیل إلى المقام الذی تاب عنه و النظر إلیه بعدم الالتفات و قطع النظر عنه من النصوح بمعنى الخلوص‏ عَسى‏ رَبُّکُمْ أَنْ یُکَفِّرَ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ‏ من ذنوب المقام الذی تبتم إلیه عنه و حجبه و آفاته و النظر إلیه أو الاعتداد به و المیل إلیه و رؤیته أو التلوین الذی یحدث بعد الترقی عنه کالتلوین بظهور النفس فی مقام القلب و بظهور القلب فی مقام الروح و بظهور الأنانیه فی مقام الوحده وَ یُدْخِلَکُمْ جَنَّاتٍ‏ مترتبه على مراتب التوبه یَوْمَ لا یُخْزِی اللَّهُ النَّبِیَّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ‏ بظهور الحجاب فی مقام القرب‏ نُورُهُمْ یَسْعى‏ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ‏ أی: الذی لهم بحسب النظر و الکمال العلمی‏ وَ بِأَیْمانِهِمْ‏ أی: الذی لهم بحسب العمل و کماله إذ النور العلمی من منبع الوحده و العملی من جانب القلب الذی هو یمین النفس أو نور السابقین منهم‏ یسعى بین أیدیهم و نور الأبرار منهم یسعى بأیمانهم‏ یَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا أی: یعوذون به و یلوذون إلى جنابه من ظهور البقیه، فإنها ظلمه فی شهودهم فیطلبون إدامه النور بالفناء المحض، أو: أدم علینا هذا الکمال بوجودک و دوام إشراق سبحات وجهک. یقولون ذلک عن فرط الاشتیاق مع الشهود کقوله:

و یبکی إن دنوا خوف الفراق أو یقول بعضهم، و هم الذین لم یصلوا إلى الشهود الذاتی‏ وَ اغْفِرْ لَنا ظهور البقایا بعد الفناء أو وجود الإثبات قبله.

[۹- ۱۲]

[سوره التحریم (۶۶): الآیات ۹ الى ۱۲]

یا أَیُّهَا النَّبِیُّ جاهِدِ الْکُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ (۹) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ کَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَ امْرَأَتَ لُوطٍ کانَتا تَحْتَ عَبْدَیْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَیْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ یُغْنِیا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَیْئاً وَ قِیلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِینَ (۱۰) وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّهِ وَ نَجِّنِی مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۱۱) وَ مَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِکَلِماتِ رَبِّها وَ کُتُبِهِ وَ کانَتْ مِنَ الْقانِتِینَ (۱۲)

جاهِدِ الْکُفَّارَ وَ الْمُنافِقِینَ‏ للمضادّه الحقیقیه بینک و بینهم‏ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ‏ لقوّتک باللّه منبع القوى و القدر و معدن القهر و العزّه، عسى أن تنکسر صلابتهم و تلین شکیمتهم و عریکتهم فتنقهر نفوسهم و تذلّ و تخضع فتنفعل عن النور القهری و تهتدی فتکون صوره القهر عین اللطف‏ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ ما دام هم هم، أی: ما داموا على صفتهم أو دائما أبدا لزوال استعدادهم أو عدمه.

ثم بین أن الوصل الطبیعیه و الاتصالات الصوریه غیر معتبره فی الأمور الأخرویه بل المحبه الحقیقیه و الاتصالات الروحانیه هی المؤثره فحسب، و الصوریه التی بحسب اللحمه الطبیعیه و الخلطه و المعاشره لا یبقى لها أثر فیما بعد الموت و لا تکون إلا فی الدنیا بالتمثیلین المذکورین، و إن المعتبر فی استحقاق الکرامه عند اللّه هو العمل الصالح و الاعتقاد الحق کإحصان مریم و تصدیقها بکلمات ربّها و طاعتها المعدّه إیاها لقبول نفخ روح اللّه فیها. و قد یلوح بینهما أن النفس الخائنه التی لا تفی بطاعه الروح و القلب و لا بحسن معاشرتهما و لا تطیعهما بامتثال أوامرهما و نواهیهما و لا تحفظ أسرارهما و تبیح مخالفتهما و تسیر بسیر الإباحه باستراق کلمه التوحید و الطغیان بانتحال الکمال داخله فی نار الحرمان و جحیم الهجران مع المحجوبین و لا تغنی هدایه الروح أو القلب عنها شیئا من الإغناء فی باب العذاب و إن أغنت عنها فی باب الخلود، و إن القلب المقهور تحت استیلاء النفس الأماره الفرعونیه الطالب‏ للخلاص بالالتجاء إلى الحق الذی قویت قوه محبه اللّه لصفائه و ضعفت قوه قهره للنفس و الشیطان لعجزه و ضعفه لا یبقى فی العذاب مخلدا و یخلص إلى النجاه و یبقى فی النعیم سرمدا، و إن تعذب بمجاورتها حینا و تألم بأفعالها برهه. و أن النفس المتزینه بفضیله العفّه المشار إلیها بإحصان الفرج هی القابله لفیض روح القدس، الحامله بعیسى القلب، المتنوّره بنور الروح، المصدّقه بکلمات الربّ من العقائد الحکمیه و الشرائع الإلهیه المطیعه للّه مطلقا علما و عملا و سرّا و جهرا، المنخرطه فی سلک التوحید جمعا و تفصیلا باطنا و ظاهرا و اللّه تعالى أعلم.

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج‏۲، ص: ۳۵۶

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=