تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الأعلى
سوره الأعلى
[۱]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۱]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الْأَعْلَى (۱)
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّکَ الْأَعْلَى اسمه الأعلى و الأعظم هو الذات مع جمیع الصفات، أی:
نزّه ذاتک بالتجرّد عما سوى الحق و قطع النظر عن الغیر لیظهر علیها الکمالات الحقانیه بأسرها، و هو تسبیحه الخاص به فی مقام الفناء لأن الاستعداد التام القابل لجمیع الصفات الإلهیه لم یکن إلا له، فذاته هو الاسم الأعلى عند بلوغ کماله و لکل شیء تسبیح خاص یسبح به اسما خاصا من أسماء ربّه.
[۲]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۲]
الَّذِی خَلَقَ فَسَوَّى (۲)
الَّذِی خَلَقَ أنشأ ظاهرک فَسَوَّى أی: عدل بنیتک على وجه قبلت بمزاجه الخاص الروح الأتم المستعدّ لجمیع الکمالات.
[۳]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۳]
وَ الَّذِی قَدَّرَ فَهَدى (۳)
وَ الَّذِی قَدَّرَ فیک الکمال النوعی التام فَهَدى إلى إبرازه و إظهاره و إخراجه إلى الفعل بالتزکیه و التصفیه.
[۴]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۴]
وَ الَّذِی أَخْرَجَ الْمَرْعى (۴)
وَ الَّذِی أَخْرَجَ الْمَرْعى أی: زینه الحیاه الدنیا و منافعها و مآکلها و مشاربها فإنها مرعى النفس الحیوانیه و مرتع بهائم القوى.
[۵]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۵]
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى (۵)
فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى أی: سریع الفناء و شیک الزوال کالهشیم و الحطام البالی المسودّ فلا تلتفت إلیه و لا تشتغل به فیمنعک عن تسبیحک الخاص من تنزیه ذاتک و تجریدها فتحتجب به عن کمالک المقدّر فیک و لا تعد عیناک عنه إلیه، فإنه الفانی و ذلک هو الباقی أبدا لا یزال.
[۶- ۷]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۶ الى ۷]
سَنُقْرِئُکَ فَلا تَنْسى (۶) إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ یَعْلَمُ الْجَهْرَ وَ ما یَخْفى (۷)
سَنُقْرِئُکَ نجعلک قارئا لما فی کتاب استعدادک الذی هو العقل القرآنی من القرآن الجامع للحقائق فتذکره و لا تنساه أبدا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أن ینسیک و یذهلک عنها فیدخرللمقام المحمود إذا بعثت فیه إِنَّهُ یَعْلَمُ الْجَهْرَ أی: ما ظهر فیک من الکمال وَ ما یَخْفى بعد بالقوه.
[۸]
[سوره الأعلى (۸۷): آیه ۸]
وَ نُیَسِّرُکَ لِلْیُسْرى (۸)
وَ نُیَسِّرُکَ لِلْیُسْرى أی: نوفقک للطریقه الیسرى أی: الشریعه السمحه السهله التی هی أیسر الطرق إلى اللّه و هو عطف على سنقرئک أی: نکلمک بالکمال العلمی و العملی التام و فوق التام الذی هو التکمیل و هی الحکمه البالغه و القدره الکامله.
[۹- ۱۰]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۹ الى ۱۰]
فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْرى (۹) سَیَذَّکَّرُ مَنْ یَخْشى (۱۰)
فَذَکِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْرى أی: کمل الخلق بالدعوه إن کانوا قابلین مستعدّین لقبول التذکره فتنفعهم، یعنی: أن التذکیر و إن کان عاما لا ینفع الخلق کلهم بل هو مشروط بشرط الاستعداد، فمن استعدّ قبل انتفع به، و من لا فلا، أجمل فی قوله: إِنْ نَفَعَتِ الذِّکْرى، ثم فصّل بقوله: سَیَذَّکَّرُ مَنْ یَخْشى أی: یتذکر و یتعظ و ینتفع به من کان لین القلب سلیم الفطره مستعدا لقبوله یتأثر به لنوریته و صفائه.
[۱۱- ۱۳]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۱۱ الى ۱۳]
وَ یَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (۱۱) الَّذِی یَصْلَى النَّارَ الْکُبْرى (۱۲) ثُمَّ لا یَمُوتُ فِیها وَ لا یَحْیى (۱۳)
وَ یَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى أی: یتحاماه المحجوب عن الربّ، العدیم الاستعداد، النائی القلب الذی هو أشقى من المستعدّ الذی زال استعداده و احتجب بظلمه صفات نفسه الَّذِی یَصْلَى النَّارَ الْکُبْرى التی هی نار الحجاب عن الربّ بالشرک و الوقوف مع الغیر، و نار القهر فی مقام الصفات و نار الغضب و السخط فی مقام الأفعال و نار جهنم الآثار فی المواقف الأربعه من موقف الملک و الملکوت و الجبروت و حضره اللاهوت أبد الآبدین فما أکبر ناره. و أما الثانی فلا یصلى إلا بنار الآثار.
ثُمَّ لا یَمُوتُ فِیها لامتناع انعدامه وَ لا یَحْیى بالحقیقه لهلاکه الروحانی أی:
یتعذب دائما سرمدا فی حاله یتمنى عندها الموت و کلما احترق و هلک أعید إلى الحیاه و عذب، فلا یکون میتا مطلقا و لا حیّا مطلقا.
[۱۴- ۱۵]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۱۴ الى ۱۵]
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکَّى (۱۴) وَ ذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (۱۵)
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَکَّى أی: فاز و ظفر من تطهر عن صفات نفسه و ظلمات بدنه بعد حصول استعداده وَ ذَکَرَ اسْمَ رَبِّهِ أی: الاسم الخاص الذی یریه به بإفاضه کماله الذی یسأل ربّه بلسان استعداده کالعلیم للجاهل و الهادی للضالّ و الغفار للمذنب و هو فی الحقیقه عین ذاته التی غفل هو عنها بحجاب الآثار و الهیئات و صفات النفس و سائر الظلمات، کما قال تعالى:
نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ[۱]. و ذکره تعرفه و طلب کماله المخصوص به بالتأیید الربانی و التوفیق الإلهی فَصَلَّى فعبد معبوده الذی هو الحق المتجلی له فی صوره ذلک الاسم الخاص الذی یعرف ربّه به بعد رؤیته بکماله المقدّر له.
[۱۶- ۱۷]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۱۶ الى ۱۷]
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاهَ الدُّنْیا (۱۶) وَ الْآخِرَهُ خَیْرٌ وَ أَبْقى (۱۷)
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَیاهَ الدُّنْیا أی: تغفلون و تحتجبون عن ذکر ذلک الاسم و صلاه الربّ بالحیاه الحسیه و طیباتها و زخارفها لعدم التزکیه و تؤثرونها بالمحبه على الحیاه الحقیقیه الدائمه الروحانیه و هی أفضل و أدوم.
[۱۸- ۱۹]
[سوره الأعلى (۸۷): الآیات ۱۸ الى ۱۹]
إِنَّ هذا لَفِی الصُّحُفِ الْأُولى (۱۸) صُحُفِ إِبْراهِیمَ وَ مُوسى (۱۹)
إِنَّ هذا المعنى من انتفاع المستعدّ بالتذکیر و عدم انتفاع العدیم الاستعداد و تعذّبه بالنار الکبرى و فلاح أهل التزکیه و التحلیه من المستعدّین و هلاک المؤثرین للحیاه الحسیّه منهم لَفِی الصُّحُفِ القدیمه المنزّهه عن التبدیل و التغییر المحفوظه عند اللّه من الألواح النوریه المجرّده التی اطلع علیها النبیان المذکوران و نزل علیهما الظهور على مظاهرها و السلام، و اللّه أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۲۷
[۱] ( ۱) سوره الحشر، الآیه: ۱۹.