تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره النور

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره النور

سوره النور

[۱- ۳۴]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۱ الى ۳۴]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

سُورَهٌ أَنْزَلْناها وَ فَرَضْناها وَ أَنْزَلْنا فِیها آیاتٍ بَیِّناتٍ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ (۱) الزَّانِیَهُ وَ الزَّانِی فَاجْلِدُوا کُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَهَ جَلْدَهٍ وَ لا تَأْخُذْکُمْ بِهِما رَأْفَهٌ فِی دِینِ اللَّهِ إِنْ کُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْیَوْمِ الْآخِرِ وَ لْیَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَهٌ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ (۲) الزَّانِی لا یَنْکِحُ إِلاَّ زانِیَهً أَوْ مُشْرِکَهً وَ الزَّانِیَهُ لا یَنْکِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِکٌ وَ حُرِّمَ ذلِکَ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ (۳) وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ یَأْتُوا بِأَرْبَعَهِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِینَ جَلْدَهً وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَهً أَبَداً وَ أُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ (۴)

إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۵) وَ الَّذِینَ یَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَ لَمْ یَکُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَهُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِینَ (۶) وَ الْخامِسَهُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَیْهِ إِنْ کانَ مِنَ الْکاذِبِینَ (۷) وَ یَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْکاذِبِینَ (۸) وَ الْخامِسَهَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَیْها إِنْ کانَ مِنَ الصَّادِقِینَ (۹)

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَکِیمٌ (۱۰) إِنَّ الَّذِینَ جاؤُ بِالْإِفْکِ عُصْبَهٌ مِنْکُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَکُمْ بَلْ هُوَ خَیْرٌ لَکُمْ لِکُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اکْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَ الَّذِی تَوَلَّى کِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِیمٌ (۱۱) لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَیْراً وَ قالُوا هذا إِفْکٌ مُبِینٌ (۱۲) لَوْ لا جاؤُ عَلَیْهِ بِأَرْبَعَهِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ یَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِکَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْکاذِبُونَ (۱۳) وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ لَمَسَّکُمْ فِیما أَفَضْتُمْ فِیهِ عَذابٌ عَظِیمٌ (۱۴)

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِکُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْواهِکُمْ ما لَیْسَ لَکُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَیِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِیمٌ (۱۵) وَ لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَتَکَلَّمَ بِهذا سُبْحانَکَ هذا بُهْتانٌ عَظِیمٌ (۱۶) یَعِظُکُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۱۷) وَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمُ الْآیاتِ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَکِیمٌ (۱۸) إِنَّ الَّذِینَ یُحِبُّونَ أَنْ تَشِیعَ الْفاحِشَهُ فِی الَّذِینَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (۱۹)

وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ (۲۰) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّیْطانِ وَ مَنْ یَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّیْطانِ فَإِنَّهُ یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَتُهُ ما زَکى‏ مِنْکُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَ لکِنَّ اللَّهَ یُزَکِّی مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (۲۱) وَ لا یَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْکُمْ وَ السَّعَهِ أَنْ یُؤْتُوا أُولِی الْقُرْبى‏ وَ الْمَساکِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لْیَعْفُوا وَ لْیَصْفَحُوا أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ یَغْفِرَ اللَّهُ لَکُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۲۲) إِنَّ الَّذِینَ یَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِی الدُّنْیا وَ الْآخِرَهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (۲۳) یَوْمَ تَشْهَدُ عَلَیْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَ أَیْدِیهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما کانُوا یَعْمَلُونَ (۲۴)

یَوْمَئِذٍ یُوَفِّیهِمُ اللَّهُ دِینَهُمُ الْحَقَّ وَ یَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِینُ (۲۵) الْخَبِیثاتُ لِلْخَبِیثِینَ وَ الْخَبِیثُونَ لِلْخَبِیثاتِ وَ الطَّیِّباتُ لِلطَّیِّبِینَ وَ الطَّیِّبُونَ لِلطَّیِّباتِ أُولئِکَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا یَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَهٌ وَ رِزْقٌ کَرِیمٌ (۲۶) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ بُیُوتِکُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَ تُسَلِّمُوا عَلى‏ أَهْلِها ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ (۲۷) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِیها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى یُؤْذَنَ لَکُمْ وَ إِنْ قِیلَ لَکُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْکى‏ لَکُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِیمٌ (۲۸) لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُیُوتاً غَیْرَ مَسْکُونَهٍ فِیها مَتاعٌ لَکُمْ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما تَکْتُمُونَ (۲۹)

قُلْ لِلْمُؤْمِنِینَ یَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَ یَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِکَ أَزْکى‏ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما یَصْنَعُونَ (۳۰) وَ قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَ یَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَ لا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها وَ لْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى‏ جُیُوبِهِنَّ وَ لا یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِی إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِی أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِینَ غَیْرِ أُولِی الْإِرْبَهِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِینَ لَمْ یَظْهَرُوا عَلى‏ عَوْراتِ النِّساءِ وَ لا یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ ما یُخْفِینَ مِنْ زِینَتِهِنَّ وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ (۳۱) وَ أَنْکِحُوا الْأَیامى‏ مِنْکُمْ وَ الصَّالِحِینَ مِنْ عِبادِکُمْ وَ إِمائِکُمْ إِنْ یَکُونُوا فُقَراءَ یُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِیمٌ (۳۲) وَ لْیَسْتَعْفِفِ الَّذِینَ لا یَجِدُونَ نِکاحاً حَتَّى یُغْنِیَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ الَّذِینَ یَبْتَغُونَ الْکِتابَ مِمَّا مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ فَکاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِیهِمْ خَیْراً وَ آتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِی آتاکُمْ وَ لا تُکْرِهُوا فَتَیاتِکُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَیاهِ الدُّنْیا وَ مَنْ یُکْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِکْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۳۳) وَ لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَیْکُمْ آیاتٍ مُبَیِّناتٍ وَ مَثَلاً مِنَ الَّذِینَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِکُمْ وَ مَوْعِظَهً لِلْمُتَّقِینَ (۳۴)

إِنَّ الَّذِینَ جاؤُ بِالْإِفْکِ‏ إلى قوله: لَهُمْ مَغْفِرَهٌ وَ رِزْقٌ کَرِیمٌ‏ إنما عظم أمر الإفک و غلظ فی الوعید علیه بما لم یغلظ فی غیره من المعاصی، و بالغ فی العقاب علیه بما لم یبالغ به فی باب الزنا و قتل النفس المحرّمه لأن عظم الرذیله و کبر المعصیه إنما یکون على حسب القوّه التی هی مصدرها. و تتفاوت حال الرذائل فی حجب صاحبها عن الحضره الإلهیه و الأنوار القدسیّه و توریطه فی المهالک الهیولانیه و المهاوی الظلمانیه على حسب تفاوت مبادیها.

فکلما کانت القوه التی هی مصدرها و مبدؤها أشرف، کانت الرذیله الصادره منها أردأ و بالعکس، لأن الرذیله ما تقابل الفضیله. فلما کانت الفضیله أشرف کان ما یقابلها من الرذیله أخسّ، و الإفک رذیله القوّه الناطقه التی هی أشرف القوى الإنسانیه، و الزنا رذیله القوّه الشهوانیه، و القتل رذیله القوه الغضبیه فبحسب شرف الأولى على الباقیتین تزداد رداءه رذیلتها، و ذلک أن الإنسان إنما یکون بالأولى إنسانا و ترقیه إلى العالم العلوی، و توجهه إلى الجناب الإلهی، و تحصیله للمعارف و الکمالات، و اکتسابه للخیرات و السعادات، إنما یکون بها، فإذا فسدت بغلبه الشیطنه علیها و احتجب عن النور باستیلاء الظلمه، حصلت الشقاوه العظمى و حقّت العقوبه بالنار و هو الرین و الحجاب الکلی لقوله: کَلَّا بَلْ رانَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ ما کانُوا یَکْسِبُونَ (۱۴) کَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ یَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (۱۵)[۱] و لهذا وجب خلود العقاب و دوام العذاب بفساد الاعتقاد دون فساد الأعمال‏ إِنَّ اللَّهَ لا یَغْفِرُ أَنْ یُشْرَکَ بِهِ وَ یَغْفِرُ ما دُونَ ذلِکَ لِمَنْ یَشاءُ*[۲].

و أما الباقیتان فرذیله کل منهما إنما تعود بظهورها على النطقیه الملکیه ثم ربما محیت بانقهارها و تسخرها لها عند سکون هیجانها و فتور سلطانها باستیلاء غلبه النور و تسلّطها علیها بالطبع، کحال النفس اللوّامه عند التوبه و الندامه. و ربما بقیت بالإصرار و ترک الاستغفار، و فی الحالین لا تبلغ رذیلتهما مقام السرّ و محل الحضور و مناجاه الربّ، و لا تتجاوز حدّ الصدر. و لا تصیر الفطره بها محجوبه الحقیقه منکوسه بخلاف تلک، ألا ترى أن الشیطنه المغویه للآدمی أبعد عن الحضره الإلهیه من السبعیه و البهیمیه و أبعد بما لا یقدر قدره؟

فالإنسان برسوخ رذیله النطقیه یصیر شیطانا، و برسوخ الرذیلتین الأخریین یصیر حیوانا کالبهیمه أو السبع و کل حیوان أرجى صلاحا و أقرب فلاحا من الشیطان و لهذا قال تعالى: هَلْ أُنَبِّئُکُمْ عَلى‏ مَنْ تَنَزَّلُ الشَّیاطِینُ (۲۲۱) تَنَزَّلُ عَلى‏ کُلِّ أَفَّاکٍ أَثِیمٍ (۲۲۲)[۳]، و نهى ها هنا عن اتباع خطوات الشیطان، فإنّ ارتکاب مثل هذه الفواحش لا یکون إلا بمتابعته و مطاوعته و صاحبه یکون من جنوده و أتباعه، فیکون أخسّ منه و أذلّ، محروما من فضل اللّه الذی هو نور هدایته، محجوبا من رحمته التی هی إفاضه کمال و سعاده، ملعونا فی الدنیا و الآخره، ممقوتا من اللّه و الملائکه، تشهد علیه جوارحه بتبدّل صورها و تشوّه منظرها، خبیث الذات و النفس، متورّطا فی الرجس، فإنّ مثل هذه الخبائث لا تصدر إلا من الخبیثین، کما قال تعالى: الْخَبِیثاتُ لِلْخَبِیثِینَ‏ و أما الطیبون المتنزهون عن الرذائل، فإنما تصدر عنهم الطیبات و الفضائل‏ لَهُمْ مَغْفِرَهٌ بستر الأنوار الإلهیه صفات نفوسهم‏ وَ رِزْقٌ کَرِیمٌ‏ من المعانی و المعارف الوارده على قلوبهم.

 

 

 

[۳۵]

[سوره النور (۲۴): آیه ۳۵]

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ کَمِشْکاهٍ فِیها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِی زُجاجَهٍ الزُّجاجَهُ کَأَنَّها کَوْکَبٌ دُرِّیٌّ یُوقَدُ مِنْ شَجَرَهٍ مُبارَکَهٍ زَیْتُونَهٍ لا شَرْقِیَّهٍ وَ لا غَرْبِیَّهٍ یَکادُ زَیْتُها یُضِی‏ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى‏ نُورٍ یَهْدِی اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ (۳۵)

اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ النور هو الذی یظهر بذاته و تظهر الأشیاء به، و هو مطلقا اسم من أسماء اللّه تعالى باعتبار شدّه ظهوره و ظهور الأشیاء به، کما قیل:

خفیّ لإفراط الظهور تعرّضت‏ لإدراکه أبصار قوم أخافش‏
و حظ العیون الزرق من نور وجهه‏ کشدّه حظ للعیون العوامش‏

و لما وجد بوجوده، و ظهر بظهوره، کان نور السموات و الأرض، أی: مظهر سموات الأرواح و أرض الأجساد و هو الوجود المطلق الذی وجد به ما وجد من الموجودات و الإضاءه مَثَلُ نُورِهِ‏ صفه وجوده و ظهوره فی العالمین بظهورها به کمثل‏ کَمِشْکاهٍ فِیها مِصْباحٌ‏ و هی إشاره إلى الجسد لظلمته فی نفسه و تنوّره بنور الروح الذی أشیر إلیه بالمصباح و تشبکه بشباک الحواس و تلألؤ النور من خلالها کحال المشکاه مع المصباح.

و الزجاجه إشاره إلى القلب المتنوّر بالروح المنوّر لما عداه بالإشراق علیه، تنور القندیل کله بالشعله و تنویره لغیره. و شبّه الزجاجه بالکوکب الدریّ لبساطتها و فرط نوریتها و علوّ مکانها و کثره شعاعها کما هو الحال فی القلب. و الشجره التی توقد منها هذه الزجاجه هی النفس القدسیه المزکاه، الصافیه، شبّهت بها لتشعب فروعها و تفنن قواها، نابته من أرض الجسد و متعالیه أغصانها فی فضاء القلب إلى سماء الروح، و صفت بالبرکه لکثره فوائدها و منافعها من ثمرات الأخلاق و الأعمال و المدرکات و شدّه نمائها بالترقی فی الکمالات و حصول سعاده الدارین، و کمال العالمین بها، و توقف ظهور الأنوار و الأسرار و المعارف و الحقائق و المقامات و المکاسب و الأحوال و المواهب علیها، و خصّت بالزیتونه لکون مدرکاتها جزئیه مقارنه لنوء اللواحق المادیه کالزیتون، فإنه لیس کله لبّا، و لوفور قلّه استعدادها للاشتعال و الاستضاءه بنور نار العقل الفعال، الواصل إلیها بواسطه الروح و القلب کوفور الدهنیه القابله لاشتعال الزیتون. و معنى کونها لا شرقیه و لا غربیه إنها متوسطه بین غرب عالم الأجساد الذی هو موضع غروب النور الإلهی و تستره بالحجاب الظلمانی، و بین شرق عالم الأرواح الذی هو موضع طلوع النور و بروزه عن الحجاب النورانی لکونها ألطف و أنور من الجسد و أکثف من الروح.

یَکادُ زیت استعدادها من النور القدسی الفطری الکامن فیها، یضی‏ء بالخروج إلى الفعل و الوصول إلى الکمال بنفسه، فتشرق‏ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ العقل الفعال، و لم یتصل به نور روح القدس لقوّه استعداده و فرط صفائه‏ نُورٌ عَلى‏ نُورٍ أی: هذا المشرق بالإضاءه من الکمال الحاصل نور زائد على نور الاستعداد الثابت المشرق فی الأصل کأنه نور متضاعف‏ یَهْدِی اللَّهُ لِنُورِهِ‏ الظاهر بذاته المظهر لغیره، بالتوفیق و الهدایه مَنْ یَشاءُ من أهل العنایه لیفوز بالسعاده وَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ‏ یعلم الأمثال و تطبیقها، و یکشف لأولیائه تحقیقها.

 

 

 

[۳۶- ۳۸]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۳۶ الى ۳۸]

فِی بُیُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْکَرَ فِیهَا اسْمُهُ یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ (۳۶) رِجالٌ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَهٌ وَ لا بَیْعٌ عَنْ ذِکْرِ اللَّهِ وَ إِقامِ الصَّلاهِ وَ إِیتاءِ الزَّکاهِ یَخافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ (۳۷) لِیَجْزِیَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَ اللَّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ بِغَیْرِ حِسابٍ (۳۸)

فِی بُیُوتٍ‏ أی: یهدی اللّه لنوره من یشاء فی مقامات‏ أَذِنَ اللَّهُ‏ أن یرفع بناؤها و تعلى درجاتها وَ یُذْکَرَ فِیهَا اسْمُهُ‏ باللسان و المجاهده و التخلّق بالأخلاق فی مقام النفس و الحضور و المراقبه، و الاتّصاف بالأوصاف فی مقام القلب و المناجاه و المکالمه، و التحقیق بالأسرار فی مقام السرّ و المناغاه بالمشاهده، و التحیّر فی الأنوار فی مقام الروح و الاستغراق و الانطماس و الفناء فی مقام الذات.

یُسَبِّحُ لَهُ فِیها بالتزکیه و التنزیه و التوحید و التجرید و التفرید بغدوّ التجلی و آصال الاستتار رِجالٌ‏ أی: رجال أفراد سابقون مجرّدون مفردون قائمون بالحق‏ لا تُلْهِیهِمْ تِجارَهٌ باستبدال متاع العقبى بالدنیا فی زهدهم، و لا بیع أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنه فی جهادهم عن ذکر الذات‏ وَ إِقامِ‏ صلاه الشهود فی الفناء وَ إِیتاءِ زکاه الإرشاد و التکمیل حال البقاء یَخافُونَ یَوْماً تَتَقَلَّبُ فِیهِ الْقُلُوبُ‏ إلى الأسرار وَ الْأَبْصارُ إلى البصائر، بل تتقلب حقائقها بأن تفنى و توجد بالحق، کما قال: «کنت سمعه و بصره» من ظهور البقیه و بقاء الإنیه لِیَجْزِیَهُمُ اللَّهُ‏ بالوجود الحقانیّ‏ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا من جنات الأفعال و النفوس و الأعمال‏ وَ یَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ‏ من جنات القلوب و الصفات‏ وَ اللَّهُ یَرْزُقُ مَنْ یَشاءُ من جنات الأرواح و المشاهدات‏ بِغَیْرِ حِسابٍ‏ لکونه أکثر من أن یحصى و یقاس.

 

 

 

[۳۹]

[سوره النور (۲۴): آیه ۳۹]

وَ الَّذِینَ کَفَرُوا أَعْمالُهُمْ کَسَرابٍ بِقِیعَهٍ یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ یَجِدْهُ شَیْئاً وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَ اللَّهُ سَرِیعُ الْحِسابِ (۳۹)

وَ الَّذِینَ کَفَرُوا حجبوا عن الدین‏ أَعْمالُهُمْ‏ التی یعملونها رجاء الثواب‏ کَسَرابٍ بِقِیعَهٍ لکونها صادره عن هیئات خالیه قائمه بساهره نفس حیوانیه یَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً أی:یتوهمها صاحبها المؤمل لثوابها أمورا باقیه لذیذه دائمه مطابقه لما توهمه‏ حَتَّى إِذا جاءَهُ‏ فی القیامه الصغرى‏ لَمْ یَجِدْهُ‏ شیئا موجودا، بل خالیا، فاسدا، و ظنا کاذبا، کما قال تعالى:وَ قَدِمْنا إِلى‏ ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً (۲۳)[۴].

وَ وَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ‏ أی: وجد ملائکه اللّه من زبانیه القوى و النفوس السماویه و الأرضیه عند ذلک التخیّل الموهوم یقودونه إلى نیران الحرمان و خزی الخسران، و یوفونه ما یناسب‏ اعتقاده الفاسد و عمله الباطل من حمیم الجهل و غساق الظلمه.

 

 

 

[۴۰- ۴۲]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۴۰ الى ۴۲]

أَوْ کَظُلُماتٍ فِی بَحْرٍ لُجِّیٍّ یَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ یَدَهُ لَمْ یَکَدْ یَراها وَ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (۴۰) أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الطَّیْرُ صَافَّاتٍ کُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَ تَسْبِیحَهُ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ بِما یَفْعَلُونَ (۴۱) وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِیرُ (۴۲)

أَوْ کَظُلُماتٍ‏ فی بحر الهیولى اللجیّ العمیق الغامر لجثه کل نفس جاهله، محجوبه بهیئات بدنیه، الغامس لکل ما یتعلق به من القوى النفسانیه یَغْشاهُ‏ موج الطبیعه الجسمانیه مِنْ فَوْقِهِ‏ موج النفس النباتیه مِنْ فَوْقِهِ‏ سحاب النفس الحیوانیه و هیئاتها الظلمانیه ظُلُماتٌ‏ متراکمه بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ‏ المحجوب بها، المنغمس، المحبوس فیها یَدَهُ‏ القوه العاقله النظریه بالفکر لَمْ یَکَدْ یَراها لظلمتها و عمى بصیره صاحبها و عدم اهتدائه إلى شی‏ء، و کیف یرى الأعمى الشی‏ء الأسود فی اللیل البهیم؟.

وَ مَنْ لَمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً بإشراق أنوار الروح علیه من التأیید القدسیّ و المدد العقلی‏ فَما لَهُ مِنْ نُورٍ، أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِی‏ عالم سموات الأرواح بالتقدیس و إظهار صفاته الجمالیه و من فی عالم أراضی الأجساد بالتحمید و التعظیم و إظهار صفاته الجلالیه، و طیر القوى القلبیه و السریه بالأمرین‏ صَافَّاتٍ‏ مترتبات فی مراتبها من فضاء السرّ، مستقیمات بنور السکینه، لا تتجاوز واحده منها حدّها، کما قال: وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (۱۶۴)[۵].

کُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ‏ طاعته المخصوصه به من انقهاره و تسخره تحت قهره، و سلطنته علمیه کانت أو عملیه، و من محافظته لتربیته و حضوره لوجهه تعالى فیما أمره به‏ وَ تَسْبِیحَهُ‏ إظهار خاصیته التی ینفرد بها، الشاهده على وحدانیته‏ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ‏ بأفعالهم و طاعاتهم.

 

 

 

[۴۳- ۴۴]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۴۳ الى ۴۴]

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی سَحاباً ثُمَّ یُؤَلِّفُ بَیْنَهُ ثُمَّ یَجْعَلُهُ رُکاماً فَتَرَى الْوَدْقَ یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَ یُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِیها مِنْ بَرَدٍ فَیُصِیبُ بِهِ مَنْ یَشاءُ وَ یَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ یَشاءُ یَکادُ سَنا بَرْقِهِ یَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (۴۳) یُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّیْلَ وَ النَّهارَ إِنَّ فِی ذلِکَ لَعِبْرَهً لِأُولِی الْأَبْصارِ (۴۴)

أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ یُزْجِی‏ بریاح النفخات و الإرادات سحاب العقل فروعا منتزعه من الصور الجزئیه ثم یؤلف فیه على ضروب المتألفات المنتجه ثُمَّ یَجْعَلُهُ رُکاماً حججا و براهین‏ فَتَرَى‏ و دق النتائج و العلوم الیقینیه یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَ یُنَزِّلُ مِنَ‏ سماء الروح من‏ جبال أنوار السکینه و الیقین الموجبه للوقار و الطمأنینه و الاستقرار فِیها أی: فی تلک الجبال من برد الحقائق و المعارف الکشفیه و المعانی الذوقیه، أو من جبال فی السماء و هی معادن العلوم و الکشوف و أنواعها، فإنّ لکل علم و صنعه معدنا فی الروح ثابتا فیه بحسب الفطره، یفیض منه ذلک العلم، و لهذا یتأتى لبعضهم بعض العلوم بالسهوله دون بعض، و یتأتى لبعضهم أکثرها و لا یتأتى لبعضهم شی‏ء منها، و کل میسر لما خلق له، أی: ینزل من سماء الروح من الجبال التی فیها برد المعارف و الحقائق‏ فَیُصِیبُ بِهِ مَنْ یَشاءُ من القوى الروحانیه وَ یَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ یَشاءُ من القوى النفسانیه و النفوس المحجوبه.

یَکادُ سَنا بَرْقِهِ‏ أی: ضوء بوارق ذلک البرد، و هو ما یقدّمه من الأنوار الملتمعه التی لا تلبث و لا تستقرّ بل تلمع و تخفى إلى أن تصیر متمکنه تذهب بأبصار البصائر حیره و دهشا، و کلما زاد ازدادت تحیرا، و لهذا قال علیه السلام: «ربّ زدنی تحیّرا»

أی: علما و نورا یُقَلِّبُ اللَّهُ‏ لیل ظلمه النفس و نهار نور الروح بأن یغلب تاره نور الروح فینوّر القلب و النفس و یعقبه أخرى ظلمه النفس بالظهور فتتکدّر و تکدّر القلب فی التلوینات‏ إِنَّ فِی ذلِکَ لَعِبْرَهً یعتبر بها أولو الأبصار القلبیه أو ذوو البصائر، فیلتجؤون إلى اللّه فی التلوینات و ظلم النفس، و یلوذون بجناب الحق و معدن النور، و یعبرون إلى مقام السر و الروح، فینکشف عنهم الحجاب.

 

 

 

[۴۵- ۵۱]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۴۵ الى ۵۱]

وَ اللَّهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّهٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ رِجْلَیْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ أَرْبَعٍ یَخْلُقُ اللَّهُ ما یَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ (۴۵) لَقَدْ أَنْزَلْنا آیاتٍ مُبَیِّناتٍ وَ اللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (۴۶) وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ وَ أَطَعْنا ثُمَّ یَتَوَلَّى فَرِیقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَ ما أُولئِکَ بِالْمُؤْمِنِینَ (۴۷) وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْکُمَ بَیْنَهُمْ إِذا فَرِیقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (۴۸) وَ إِنْ یَکُنْ لَهُمُ الْحَقُّ یَأْتُوا إِلَیْهِ مُذْعِنِینَ (۴۹)

أَ فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ یَخافُونَ أَنْ یَحِیفَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِکَ هُمُ الظَّالِمُونَ (۵۰) إِنَّما کانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِینَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ لِیَحْکُمَ بَیْنَهُمْ أَنْ یَقُولُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۵۱)

وَ اللَّهُ خَلَقَ کُلَّ دَابَّهٍ من أصناف دواب الدواعی التی تدبّ فی أراضی النفوس و تبعثها إلى الأفعال‏ مِنْ ماءٍ مخصوص، أی: علم مناسب لتلک الداعیه المتولده منه. فإن منشأ کل داعیه إدراک مخصوص.

فَمِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ بَطْنِهِ‏ و یزحف فی الطبیعه، و یحدث الأعمال البدنیه الطبیعیه وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ رِجْلَیْنِ‏ من الدواعی الإنسانیه فیحدث الأعمال الإنسانیه و الکمالات العملیه وَ مِنْهُمْ مَنْ یَمْشِی عَلى‏ أَرْبَعٍ‏ من الدواعی الحیوانیه فیبعث على الأعمال السبعیه و البهیمیه یَخْلُقُ اللَّهُ ما یَشاءُ من هذه الدواعی من منشأ قدرته الباهره، الکامله فی إنشاء الأعمال و یهدی من یشاء بالآیات السابقه المذکوره من الحکم و المعانی و المعارف و الحقائق من منشأ حکمته البالغه التامه فی إظهار العلوم و الأحوال إلى صراط التوحید الموصوف بالاستقامه إلیه‏ وَ یَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالرَّسُولِ‏ أی: یدّعون التوحید جمعا و تفصیلا و العمل بمقتضاه‏ ثُمَّ یَتَوَلَّى فَرِیقٌ مِنْهُمْ‏ بترک العمل بمقتضى الجمع و التفصیل، بارتکاب الإباحه و التزندق‏ وَ ما أُولئِکَ بِالْمُؤْمِنِینَ‏ الإیمان الذی عرفته و ادّعوه من العلم باللّه جمعا و تفصیلا.

 

 

 

[۵۲- ۵۴]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۵۲ الى ۵۴]

وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ یَخْشَ اللَّهَ وَ یَتَّقْهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْفائِزُونَ (۵۲) وَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَیْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَیَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَهٌ مَعْرُوفَهٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِیرٌ بِما تَعْمَلُونَ (۵۳) قُلْ أَطِیعُوا اللَّهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَیْهِ ما حُمِّلَ وَ عَلَیْکُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَ إِنْ تُطِیعُوهُ تَهْتَدُوا وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِینُ (۵۴)

وَ مَنْ یُطِعِ اللَّهَ‏ باطنا بشهود الجمع‏ وَ رَسُولَهُ‏ ظاهرا بحکم التفصیل‏ وَ یَخْشَ اللَّهَ‏ بالقلب بمراقبه تجلیات الصفات‏ وَ یَتَّقْهِ‏ بالروح عن ظهور أنائیته فی شهود الذات‏ فَأُولئِکَ هُمُ الْفائِزُونَ‏ بالفوز العظیم.

 

 

 

[۵۵- ۶۴]

[سوره النور (۲۴): الآیات ۵۵ الى ۶۴]

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِی الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَیُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِینَهُمُ الَّذِی ارْتَضى‏ لَهُمْ وَ لَیُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً یَعْبُدُونَنِی لا یُشْرِکُونَ بِی شَیْئاً وَ مَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ (۵۵) وَ أَقِیمُوا الصَّلاهَ وَ آتُوا الزَّکاهَ وَ أَطِیعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ (۵۶) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا مُعْجِزِینَ فِی الْأَرْضِ وَ مَأْواهُمُ النَّارُ وَ لَبِئْسَ الْمَصِیرُ (۵۷) یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لِیَسْتَأْذِنْکُمُ الَّذِینَ مَلَکَتْ أَیْمانُکُمْ وَ الَّذِینَ لَمْ یَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْکُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاهِ الْفَجْرِ وَ حِینَ تَضَعُونَ ثِیابَکُمْ مِنَ الظَّهِیرَهِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاهِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَکُمْ لَیْسَ عَلَیْکُمْ وَ لا عَلَیْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَیْکُمْ بَعْضُکُمْ عَلى‏ بَعْضٍ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمُ الْآیاتِ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَکِیمٌ (۵۸) وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْکُمُ الْحُلُمَ فَلْیَسْتَأْذِنُوا کَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آیاتِهِ وَ اللَّهُ عَلِیمٌ حَکِیمٌ (۵۹)

وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِی لا یَرْجُونَ نِکاحاً فَلَیْسَ عَلَیْهِنَّ جُناحٌ أَنْ یَضَعْنَ ثِیابَهُنَّ غَیْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِینَهٍ وَ أَنْ یَسْتَعْفِفْنَ خَیْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (۶۰) لَیْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِیضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى‏ أَنْفُسِکُمْ أَنْ تَأْکُلُوا مِنْ بُیُوتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ آبائِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أُمَّهاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ إِخْوانِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخَواتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَعْمامِکُمْ أَوْ بُیُوتِ عَمَّاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخْوالِکُمْ أَوْ بُیُوتِ خالاتِکُمْ أَوْ ما مَلَکْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِیقِکُمْ لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْکُلُوا جَمِیعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُیُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى‏ أَنْفُسِکُمْ تَحِیَّهً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَکَهً طَیِّبَهً کَذلِکَ یُبَیِّنُ اللَّهُ لَکُمُ الْآیاتِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ (۶۱) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذا کانُوا مَعَهُ عَلى‏ أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ یَذْهَبُوا حَتَّى یَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَأْذِنُونَکَ أُولئِکَ الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوکَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۶۲) لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَیْنَکُمْ کَدُعاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً قَدْ یَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِینَ یَتَسَلَّلُونَ مِنْکُمْ لِواذاً فَلْیَحْذَرِ الَّذِینَ یُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَهٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۶۳) أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قَدْ یَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ وَ یَوْمَ یُرْجَعُونَ إِلَیْهِ فَیُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَ اللَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ (۶۴)

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُمْ‏ بالیقین‏ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ باکتساب الفضائل‏ لَیَسْتَخْلِفَنَّهُمْ‏ و أقسم لیجعلنهم خلفاء فی أرض النفس إذ جاهدوا فی اللّه حق جهاده‏ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِینَ‏ سبقوهم إلى مقام الفناء فی التوحید من أولیائه‏ وَ لَیُمَکِّنَنَّ لَهُمْ‏ بالبقاء بعد الفناء دِینَهُمُ‏ طریق الاستقامه فیه المرضیه وَ لَیُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ‏ فی مقام النفس‏ أَمْناً بالوصول و الاستقامه یَعْبُدُونَنِی‏ أی: یوحدوننی من غیر التفات إلى غیری و إثباته‏ وَ مَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذلِکَ‏ بالطغیان بظهور الأنانیه، و خرج عن الاستقامه و التمکین بالتلوین‏ فَأُولئِکَ هُمُ الْفاسِقُونَ‏ الخارجون عن دین التوحید.


[۱] ( ۱) سوره المطففین، الآیات: ۱۴- ۱۵.

[۲] ( ۲) سوره النساء، الآیه: ۴۸.

[۳] ( ۳) سوره الشعراء، الآیات: ۲۲۱- ۲۲۲.

[۴] ( ۱) سوره الفرقان، الآیه: ۲۳.

[۵] ( ۱) سوره الصافات، الآیه: ۱۶۴.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=