تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره المؤمن و هی غافر
سوره المؤمن و هی غافر
[۱- ۲]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۱ الى ۲]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
حم (۱) تَنْزِیلُ الْکِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ (۲)
هذه حم أی: الحق المحتجب بمحمد فهو حق بالحقیقه، محمد بالخلیقه، أحبه فظهر بصورته فکان ظهوره به تَنْزِیلُ الْکِتابِ المحمدی مِنَ اللَّهِ أی: ذاته الموصوفه قد تجمع صفاته الْعَزِیزِ بستور جلاله حال کون الکتاب قرآنا الْعَلِیمِ الظاهر بعلمه، فیکون فرقانا فقوله: (حم) معناه فی الحقیقه: لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه، أی: الحق الباطن حقیقته الظاهر بمحمد هو تنزیل الکتاب الذی هو عین الجمع الجامع للکل المکنون بعزّته فی سرادقات جلاله المتنزّل فی مراتب غیوبه و مظاهر علیه فی الصوره المحمدیه التی ظهر علمه بها فی مظهر العقل الفرقانی.
[۳]
[سوره غافر (۴۰): آیه ۳]
غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ شَدِیدِ الْعِقابِ ذِی الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَیْهِ الْمَصِیرُ (۳)
غافِرِ الذَّنْبِ بظهور نوره و ستره لظلمات النفوس و الطبائع وَ قابِلِ التَّوْبِ برجوع الحقیقه المجرّده من غواشی النشأه إلیه شَدِیدِ الْعِقابِ للمحجوب الواقف مع الغیر بالشرک غیر الراجع إلیه بالتوحید ذِی الطَّوْلِ أی: الفضل بإفاضه الکمال الزائد على نور الاستعداد الأول على حسب قبوله لا إِلهَ إِلَّا هُوَ أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا معاقبا و متفضلا إِلَیْهِ مصیر الکل على کل الأحوال من الراجع التائب و الواقف المعاقب إما إلى ذاته أو صفاته أو أفعاله کیف کان لا یخرج عن إحاطته شیء فیکون خارجا عن ذاته موجودا بوجود غیر وجوده، أَ وَ لَمْ یَکْفِ بِرَبِّکَ أَنَّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ[۱].
[۴- ۶]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۴ الى ۶]
ما یُجادِلُ فِی آیاتِ اللَّهِ إِلاَّ الَّذِینَ کَفَرُوا فَلا یَغْرُرْکَ تَقَلُّبُهُمْ فِی الْبِلادِ (۴) کَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ الْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ هَمَّتْ کُلُّ أُمَّهٍ بِرَسُولِهِمْ لِیَأْخُذُوهُ وَ جادَلُوا بِالْباطِلِ لِیُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَکَیْفَ کانَ عِقابِ (۵) وَ کَذلِکَ حَقَّتْ کَلِمَهُ رَبِّکَ عَلَى الَّذِینَ کَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (۶)
ما یُجادِلُ فِی آیاتِ اللَّهِ إِلَّا المحجوبون عن الحق لأن غیر المحجوب یقبلها بنور استعداده من غیر إنکار لصفاته. و أما المحجوب فلظلمه جوهره و خبث باطنه لا یناسب ذاته آیاته فینکرها و یجادل فیها بِالْباطِلِ لیدحض بجداله آیاته فیحق له العقاب.
[۷- ۱۰]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۷ الى ۱۰]
الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ کُلَّ شَیْءٍ رَحْمَهً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِینَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَکَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِیمِ (۷) رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِی وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّیَّاتِهِمْ إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۸) وَ قِهِمُ السَّیِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّیِّئاتِ یَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ (۹) إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا یُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَکْبَرُ مِنْ مَقْتِکُمْ أَنْفُسَکُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِیمانِ فَتَکْفُرُونَ (۱۰)
الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الْعَرْشَ من النفوس الناطقه السماویه اللاتی أرجلهم فی الأرضین السفلى بتأثیرهم فیها و أعناقهم مرقت من السموات العلى لتجرّدهم منها و تدبیرهم إیاها أو الأرواح التی هی معشوقاتها وَ مَنْ حَوْلَهُ من الأرواح المجرّده القدسیه و النفوس الکوکبیه یُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ینزهونه عن اللواحق المادیه بتجرّد ذواتهم حامدین له بإظهار کمالاتهم المستفاده منه تعالى فکأنهم یقولون بلسان الحال: یا من هذه صفاته و هباته وَ یُؤْمِنُونَ بِهِ الإیمان العیانی الحقیقی وَ یَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِینَ آمَنُوا بالأمداد النوریه و الإفاضات السبوحیه لمناسبه ذواتهم ذواتهم فی الحقیقه الإیمانیه رَبَّنا وَسِعْتَ کُلَّ شَیْءٍ رَحْمَهً وَ عِلْماً أی: شملت رحمتک و أحاط بالکل علمک فَاغْفِرْ بنورک لِلَّذِینَ تابُوا إلیک بالتجرّد عن الهیئات الظلمانیه و الظلمات الهیولانیه وَ اتَّبَعُوا سَبِیلَکَ بالسلوک فیک على متابعه حبیبک فی الأعمال و المقامات و الأحوال یتنصلون عن ذنوب أفعالهم و صفاتهم و ذواتهم وَ قِهِمْ بعنایتک عَذابَ جحیم الطبیعه رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ صفاتک و حظائر قدسک الَّتِی وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ بالتجرّد عن الغواشی المادیه و استعدّ لذلک بالتزکیه و التحلیه من أقاربهم المتصلین بهم للمناسبه و القرابه الروحانیه إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الغالب القادر على التعذیب الْحَکِیمُ الذی لا یفعل ما یفعل إلا بالحکمه و من الحکمه الوفاء بالوعد وَ قِهِمُ السَّیِّئاتِ بتوفیقک و حسن عنایتک و کلاءتک.
وَ مَنْ تَقِ السَّیِّئاتِ فقد حقّت له رحمتک وَ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ لأن المرحوم سعید، و المحجوب یمقت نفسه حین تظهر له هیئاتها المظلمه و صفاتها المؤلمه و سواد وجهه الموحش و قبح منظرها المنفر بارتفاع الشواغل الحسیّه التی کانت تشغله عن إدراک ذاته فینادى: لَمَقْتُ اللَّهِ أَکْبَرُ مِنْ مَقْتِکُمْ أَنْفُسَکُمْ إذ هو نور الأنوار و کلما کان الشیء أشدّ نوریه و أکثر ضوءا فهو أبعد مناسبه من الجوهر المظلم الکدر، فیکون أشدّ مقتا له، و مقته لنفسه أیضا ناشئ من النور الأصلی الاستعدادی لانطباع محبه النور فی الأصل الاستعدادی النوری، بل النور لذاته محبوب و الظلمه مبغوضه.
إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِیمانِ فَتَکْفُرُونَ أی: کبر مقته إیاکم وقت احتجابکم عنه و عدم قبولکم للدعوه إلى الإیمان التوحیدی أو لاحتجابکم و إبائکم عن الدعوه الإیمانیه.
[۱۱- ۱۲]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۱۱ الى ۱۲]
قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ وَ أَحْیَیْتَنَا اثْنَتَیْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِیلٍ (۱۱) ذلِکُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِیَ اللَّهُ وَحْدَهُ کَفَرْتُمْ وَ إِنْ یُشْرَکْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُکْمُ لِلَّهِ الْعَلِیِّ الْکَبِیرِ (۱۲)
قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَیْنِ أی: أنشأتنا أمواتا مرتین وَ أَحْیَیْتَنَا فی النشأتین فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا عند وقوع العقاب المرتب علیها و امتناع المحیص عنه ذلِکُمْ العذاب السرمد و المقت الأکبر بسبب شرککم و احتجابکم عن الحق بالغیر فَالْحُکْمُ لِلَّهِ بعقابکم الأبدی لا للغیر فلا سبیل إلى النجاه لعلوّه و کبریائه فلا یمکن أحدا ردّ حکمه و عقابه.
[۱۳- ۱۴]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۱۳ الى ۱۴]
هُوَ الَّذِی یُرِیکُمْ آیاتِهِ وَ یُنَزِّلُ لَکُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَ ما یَتَذَکَّرُ إِلاَّ مَنْ یُنِیبُ (۱۳) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ وَ لَوْ کَرِهَ الْکافِرُونَ (۱۴)
هُوَ الَّذِی یُرِیکُمْ آیات صفاته بتجلیاته وَ یُنَزِّلُ لَکُمْ من سماء الروح رِزْقاً حقیقیا ما أعظمه و هو العلم الذی یحیا به القلب و یتقوى وَ ما یَتَذَکَّرُ أحواله السابقه بذلک الرزق إِلَّا مَنْ یُنِیبُ إلیه بالتجرّد و قطع النظر عن الغیر فأنیبوا إلیه لتتذکروا بتخصیص العباده به و إخلاص الدین عن شوب الغیریه و تجرید الفطره عن النشأه و لو أنکر المحجوبون و کرهوا.
[۱۵]
[سوره غافر (۴۰): آیه ۱۵]
رَفِیعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ یُلْقِی الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِیُنْذِرَ یَوْمَ التَّلاقِ (۱۵)
رَفِیعُ الدَّرَجاتِ أی: رفیع درجات غیوبه و مصاعد سماواته من المقامات التی یعرج فیها السالکون إلیه ذُو الْعَرْشِ أی: المقام الأرفع المالک للأشیاء کلها یُلْقِی الرُّوحَ أی:
الوحی و العلم اللدنی الذی تحیا به القلوب المیته مِنْ عالم أَمْرِهِ عَلى مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ الخاصه به أهل العنایه الأزلیه لِیُنْذِرَ یَوْمَ القیامه الکبرى الذی یتلاقى فیه العبد و الربّ بفنائه فیه أو العباد فی عین الجمع.
[۱۶- ۳۳]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۱۶ الى ۳۳]
یَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا یَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَیْءٌ لِمَنِ الْمُلْکُ الْیَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (۱۶) الْیَوْمَ تُجْزى کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْیَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ (۱۷) وَ أَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْآزِفَهِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ کاظِمِینَ ما لِلظَّالِمِینَ مِنْ حَمِیمٍ وَ لا شَفِیعٍ یُطاعُ (۱۸) یَعْلَمُ خائِنَهَ الْأَعْیُنِ وَ ما تُخْفِی الصُّدُورُ (۱۹) وَ اللَّهُ یَقْضِی بِالْحَقِّ وَ الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَقْضُونَ بِشَیْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ (۲۰)
أَ وَ لَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الَّذِینَ کانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ کانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّهً وَ آثاراً فِی الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما کانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (۲۱) ذلِکَ بِأَنَّهُمْ کانَتْ تَأْتِیهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَکَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِیٌّ شَدِیدُ الْعِقابِ (۲۲) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ (۲۳) إِلى فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ قارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ کَذَّابٌ (۲۴) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْیُوا نِساءَهُمْ وَ ما کَیْدُ الْکافِرِینَ إِلاَّ فِی ضَلالٍ (۲۵)
وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِی أَقْتُلْ مُوسى وَ لْیَدْعُ رَبَّهُ إِنِّی أَخافُ أَنْ یُبَدِّلَ دِینَکُمْ أَوْ أَنْ یُظْهِرَ فِی الْأَرْضِ الْفَسادَ (۲۶) وَ قالَ مُوسى إِنِّی عُذْتُ بِرَبِّی وَ رَبِّکُمْ مِنْ کُلِّ مُتَکَبِّرٍ لا یُؤْمِنُ بِیَوْمِ الْحِسابِ (۲۷) وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَکْتُمُ إِیمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ یَقُولَ رَبِّیَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَکُمْ بِالْبَیِّناتِ مِنْ رَبِّکُمْ وَ إِنْ یَکُ کاذِباً فَعَلَیْهِ کَذِبُهُ وَ إِنْ یَکُ صادِقاً یُصِبْکُمْ بَعْضُ الَّذِی یَعِدُکُمْ إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ کَذَّابٌ (۲۸) یا قَوْمِ لَکُمُ الْمُلْکُ الْیَوْمَ ظاهِرِینَ فِی الْأَرْضِ فَمَنْ یَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِیکُمْ إِلاَّ ما أَرى وَ ما أَهْدِیکُمْ إِلاَّ سَبِیلَ الرَّشادِ (۲۹) وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یا قَوْمِ إِنِّی أَخافُ عَلَیْکُمْ مِثْلَ یَوْمِ الْأَحْزابِ (۳۰)
مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِینَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ یُرِیدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (۳۱) وَ یا قَوْمِ إِنِّی أَخافُ عَلَیْکُمْ یَوْمَ التَّنادِ (۳۲) یَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِینَ ما لَکُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَ مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (۳۳)
یَوْمَ هُمْ بارِزُونَ عن حجاب الإنیات أو غواشی الأبدان لا یَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَیْءٌ مما ستروا من أعمالهم و استخفوا بها من الناس توهما أنه لا یطلع علیهم لظهورها فی صحائفهم و بروزها من الکمون إلى الظهور، کما قال: أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ[۲]، و قالوا: ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَهً وَ لا کَبِیرَهً إِلَّا أَحْصاها[۳]، و لا یخفى علیه منهم شیء لبروزهم عن حجب الأوصاف إلى عین الذات.
لِمَنِ الْمُلْکُ الْیَوْمَ ینادی به الحق سبحانه عند فناء الکل فی عین الجمع فیجیب هو وحده لِلَّهِ الْواحِدِ الذی لا شیء سواه الْقَهَّارِ الذی أفنى الکل بقهره إِنَّ اللَّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ لوقوعه دفعه باقتضاء سیئاتهم المکتوبه فی صحائف نفوسهم تبعاتها و حسناتها ثمراتها وَ أَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْآزِفَهِ أی: الواقعه القریبه و هی القیامه الصغرى إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ لشدّه الخوف.
[۳۴- ۴۲]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۳۴ الى ۴۲]
وَ لَقَدْ جاءَکُمْ یُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَیِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِی شَکٍّ مِمَّا جاءَکُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَکَ قُلْتُمْ لَنْ یَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً کَذلِکَ یُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (۳۴) الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ بِغَیْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ کَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَ عِنْدَ الَّذِینَ آمَنُوا کَذلِکَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلى کُلِّ قَلْبِ مُتَکَبِّرٍ جَبَّارٍ (۳۵) وَ قالَ فِرْعَوْنُ یا هامانُ ابْنِ لِی صَرْحاً لَعَلِّی أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (۳۶) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ کاذِباً وَ کَذلِکَ زُیِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَ صُدَّ عَنِ السَّبِیلِ وَ ما کَیْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِی تَبابٍ (۳۷) وَ قالَ الَّذِی آمَنَ یا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِکُمْ سَبِیلَ الرَّشادِ (۳۸)
یا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَیاهُ الدُّنْیا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَهَ هِیَ دارُ الْقَرارِ (۳۹) مَنْ عَمِلَ سَیِّئَهً فَلا یُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَکَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِکَ یَدْخُلُونَ الْجَنَّهَ یُرْزَقُونَ فِیها بِغَیْرِ حِسابٍ (۴۰) وَ یا قَوْمِ ما لِی أَدْعُوکُمْ إِلَى النَّجاهِ وَ تَدْعُونَنِی إِلَى النَّارِ (۴۱) تَدْعُونَنِی لِأَکْفُرَ بِاللَّهِ وَ أُشْرِکَ بِهِ ما لَیْسَ لِی بِهِ عِلْمٌ وَ أَنَا أَدْعُوکُمْ إِلَى الْعَزِیزِ الْغَفَّارِ (۴۲)
کَذلِکَ یُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ کقوله: إِنَّ اللَّهَ لا یَهْدِی مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ کَذَّابٌ[۴] أی: الإضلال و الخذلان کل واحد منهما مرتب على الرذیلتین العلمیه و العملیه.
فإن الکذب و الارتیاب کلاهما من باب رذیله القوه النطقیه لعدم الیقین و الصدق و الإسراف عن رذیله القوتین الأخریین و الإفراط فی أعمالها.
و الصرح الذی أمر فرعون هامان ببنائه هو قاعده الحکمه النظریه من القیاسات الفکریه، فإن القوم کانوا منطقیین محجوبین بعقولهم المشوبه بالوهم غیر المنوّره بنور الهدایه، أراد أن یبلغ طرق سموات الغیوب و یطلع على الحضره الأحدیه بطریق الفکر دون السلوک فی اللّه بالتجرید و المحو و الفناء و لاحتجابه بأنانیته و علمه قال: وَ إِنِّی لَأَظُنُّهُ کاذِباً وَ کَذلِکَ أی: مثل ذلک التزیین و الصدّ زُیِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ لاحتجابه بصفات نفسه و رذائله وَ صُدَّ عَنِ السَّبِیلِ لخطئه فی فکره، أی: فسد علمه و نظره لشده میله إلى الدنیا و محبته إیاها بغلبه الهوى بخلاف حال الذی آمن حیث حذر أولا من الدنیا بقوله: یا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَیاهُ الدُّنْیا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَهَ هِیَ دارُ الْقَرارِ لسرعه زوال الأولى و بقاء الأخرى دائما أَدْعُوکُمْ إِلَى النَّجاهِ أی: التوحید و التجرید الذی هو سبب نجاتکم وَ تَدْعُونَنِی إلى الشرک الموجب لدخول النار وَ أُشْرِکَ بِهِ ما لَیْسَ لِی بوجوده علم إذ لا وجود له وَ أَنَا أَدْعُوکُمْ إِلَى الْعَزِیزِ الغالب الذی یقهر من عصاه الْغَفَّارِ الذی یستر ظلمات نفوس من أطاعه بأنواره.
[۴۳- ۵۰]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۴۳ الى ۵۰]
لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِی إِلَیْهِ لَیْسَ لَهُ دَعْوَهٌ فِی الدُّنْیا وَ لا فِی الْآخِرَهِ وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَ أَنَّ الْمُسْرِفِینَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (۴۳) فَسَتَذْکُرُونَ ما أَقُولُ لَکُمْ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِی إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِیرٌ بِالْعِبادِ (۴۴) فَوَقاهُ اللَّهُ سَیِّئاتِ ما مَکَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (۴۵) النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَهُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (۴۶) وَ إِذْ یَتَحاجُّونَ فِی النَّارِ فَیَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا إِنَّا کُنَّا لَکُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِیباً مِنَ النَّارِ (۴۷)
قالَ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا إِنَّا کُلٌّ فِیها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَکَمَ بَیْنَ الْعِبادِ (۴۸) وَ قالَ الَّذِینَ فِی النَّارِ لِخَزَنَهِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّکُمْ یُخَفِّفْ عَنَّا یَوْماً مِنَ الْعَذابِ (۴۹) قالُوا أَ وَ لَمْ تَکُ تَأْتِیکُمْ رُسُلُکُمْ بِالْبَیِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَ ما دُعاءُ الْکافِرِینَ إِلاَّ فِی ضَلالٍ (۵۰)
لا جَرَمَ إلى آخره، أی: وجب و حق أَنَّما تَدْعُونَنِی إِلَیْهِ لا دعوه له فی الدارین لعدمه بنفسه و استحاله وجوده فیهما النَّارُ یُعْرَضُونَ عَلَیْها غُدُوًّا وَ عَشِیًّا أی: تصلى أرواحهم بنار الهیئات الطبیعیه و احتجاب الأنوار القدسیه و الحرمان عن اللذات الحسیّه و الشوق إلیها مع امتناع حصولها.
وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَهُ بمحشر الأجساد أو ظهور المهدی علیه السلام. قیل لهم: ادخلوا أَشَدَّ الْعَذابِ لانقلاب هیئاتهم و صورها و تراکم الظلمات و تکاثف الحجب و ضیق المحبس و ضنک المضجع على الأول، و قهر المهدی علیه السلام إیاهم و تعذیبه لهم لکفرهم به و بعدهم عنه و معرفته إیاهم بسیماهم على الثانی.
[۵۱- ۵۴]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۵۱ الى ۵۴]
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا وَ یَوْمَ یَقُومُ الْأَشْهادُ (۵۱) یَوْمَ لا یَنْفَعُ الظَّالِمِینَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَهُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (۵۲) وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَى الْهُدى وَ أَوْرَثْنا بَنِی إِسْرائِیلَ الْکِتابَ (۵۳) هُدىً وَ ذِکْرى لِأُولِی الْأَلْبابِ (۵۴)
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِینَ آمَنُوا بالتأیید الملکوتی و النور القدسی فی الدارین.
[۵۵- ۵۹]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۵۵ الى ۵۹]
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِکَ وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ بِالْعَشِیِّ وَ الْإِبْکارِ (۵۵) إِنَّ الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ بِغَیْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِی صُدُورِهِمْ إِلاَّ کِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِیهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ (۵۶) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَکْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (۵۷) وَ ما یَسْتَوِی الْأَعْمى وَ الْبَصِیرُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ لا الْمُسِیءُ قَلِیلاً ما تَتَذَکَّرُونَ (۵۸) إِنَّ السَّاعَهَ لَآتِیَهٌ لا رَیْبَ فِیها وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یُؤْمِنُونَ (۵۹)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ أی: احبس النفس عن الظهور فی مقابله أذاهم، و اعلم أنک ستغلب حال البقاء و التمکین، إنّا غالبون وَ اسْتَغْفِرْ لذنب حالک بالتنصل عن أفعالک وَ سَبِّحْ بالتجرید بِحَمْدِ رَبِّکَ موصوفا بکماله دائما، أی: ما دمت فی حال الفناء لا تأمن التلوین بظهور النفس و صفاتها، وجب علیک الصبر و الاستغفار و التجرید عن الأوصاف التی تظهر بها النفس، و التحقق باللّه و صفاته، فإذا حصل لک مقام الاستقامه و التمکین حال البقاء بعد الفناء فذلک وقت الغلبه و ظهور النفس و الوفاء بالوعد.
[۶۰- ۶۱]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۶۰ الى ۶۱]
وَ قالَ رَبُّکُمُ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِی سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِینَ (۶۰) اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ اللَّیْلَ لِتَسْکُنُوا فِیهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَشْکُرُونَ (۶۱)
وَ قالَ رَبُّکُمُ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ هذا دعاء الحال، لأن الدعاء باللسان مع عدم العلم بأن المدعوّ به خیر له أم لا دعاء المحجوبین، و قال اللّه تعالى: وَ ما دُعاءُ الْکافِرِینَ إِلَّا فِی ضَلالٍ*[۵] أی: ضیاع. و أما الدعاء الذی لا تتخلف عنه الاستجابه فهو دعاء الحال بأن یهیئ العبد استعداده لقبول ما تطلبه و لا تتخلف الاستجابه عن هذا الدعاء کمن طلب المغفره، فتاب إلى اللّه و أناب بالزهد و الطاعه، و من طلب الوصول فاختار الفناء، و لهذا قال تعالى: إِنَّ الَّذِینَ یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِی أی: لا یدعوننی بالتضرّع و الخضوع و الاستکانه بل تظهر أنفسهم بصفه التکبّر و العلوّ سَیَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِینَ لدعائهم بلسان الحال مع القهر و الإذلال إذ صفه الاستکبار و منازعه اللّه فی کبریائه تستدعی ذلک.
[۶۲- ۶۹]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۶۲ الى ۶۹]
ذلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَکُونَ (۶۲) کَذلِکَ یُؤْفَکُ الَّذِینَ کانُوا بِآیاتِ اللَّهِ یَجْحَدُونَ (۶۳) اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً وَ صَوَّرَکُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَکُمْ وَ رَزَقَکُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ ذلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ فَتَبارَکَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ (۶۴) هُوَ الْحَیُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ (۶۵) قُلْ إِنِّی نُهِیتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جاءَنِی الْبَیِّناتُ مِنْ رَبِّی وَ أُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِینَ (۶۶)
هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَهٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَهٍ ثُمَّ یُخْرِجُکُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّکُمْ ثُمَّ لِتَکُونُوا شُیُوخاً وَ مِنْکُمْ مَنْ یُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَ لِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ (۶۷) هُوَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما یَقُولُ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ (۶۸) أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِینَ یُجادِلُونَ فِی آیاتِ اللَّهِ أَنَّى یُصْرَفُونَ (۶۹)
ذلِکُمُ اللَّهُ رَبُّکُمْ أی: ذلکم المتجلی بأفعاله و صفاته اللّه الموصوف بجمیع الصفات ربّکم بأسمائه المختصّه بکل واحده من أحوالکم خالِقُ کُلِّ شَیْءٍ بالاحتجاب به لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فی الوجود یخلق شیئا و یظهر بصفه فَأَنَّى تُؤْفَکُونَ عن طاعته إلى إثبات الغیر و طاعته.
مثل ذلک الضرب الذی ضربتم به لاحتجابکم بالکثره یؤفک الجاحدون بآیات اللّه حین لم یعرفوها إذ یسترها إلى الغیر.
[۷۰- ۷۴]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۷۰ الى ۷۴]
الَّذِینَ کَذَّبُوا بِالْکِتابِ وَ بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (۷۰) إِذِ الْأَغْلالُ فِی أَعْناقِهِمْ وَ السَّلاسِلُ یُسْحَبُونَ (۷۱) فِی الْحَمِیمِ ثُمَّ فِی النَّارِ یُسْجَرُونَ (۷۲) ثُمَّ قِیلَ لَهُمْ أَیْنَ ما کُنْتُمْ تُشْرِکُونَ (۷۳) مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَکُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَیْئاً کَذلِکَ یُضِلُّ اللَّهُ الْکافِرِینَ (۷۴)
الَّذِینَ کَذَّبُوا بِالْکِتابِ لبعد مناسبتهم له و احتجابهم بظلماتهم عن النور فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ وبال أمرهم إِذِ أغلال قیود الطبائع المختلفه فِی أَعْناقِهِمْ و سلاسل الحوادث الغیر المتناهیه ممنوعین بها عن الحرکه إلى مقاصدهم یُسْحَبُونَفِی حمیم الجهل و الهوى ثم یُسْجَرُونَ فی نار الأشواق إلى المشتهیات و اللذات الحسیّه مع فقدها و وجدان آلام الهیئات المؤذیه بدلها، فاقدین لما احتجبوا بها و وقفوا معها من صور الکثره التی عبدوها قائلین لَمْ نَکُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَیْئاً لاطلاعهم على أنّ ما عبدوه و ضیعوا أعمارهم فی عبادته لیس بشیء فضلا عن إغنائه عنهم شیئا.
[۷۵- ۸۵]
[سوره غافر (۴۰): الآیات ۷۵ الى ۸۵]
ذلِکُمْ بِما کُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ بِما کُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (۷۵) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَکَبِّرِینَ (۷۶) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِیَنَّکَ بَعْضَ الَّذِی نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّیَنَّکَ فَإِلَیْنا یُرْجَعُونَ (۷۷) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِکَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَیْکَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَیْکَ وَ ما کانَ لِرَسُولٍ أَنْ یَأْتِیَ بِآیَهٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِیَ بِالْحَقِّ وَ خَسِرَ هُنالِکَ الْمُبْطِلُونَ (۷۸) اللَّهُ الَّذِی جَعَلَ لَکُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْکَبُوا مِنْها وَ مِنْها تَأْکُلُونَ (۷۹)
وَ لَکُمْ فِیها مَنافِعُ وَ لِتَبْلُغُوا عَلَیْها حاجَهً فِی صُدُورِکُمْ وَ عَلَیْها وَ عَلَى الْفُلْکِ تُحْمَلُونَ (۸۰) وَ یُرِیکُمْ آیاتِهِ فَأَیَّ آیاتِ اللَّهِ تُنْکِرُونَ (۸۱) أَ فَلَمْ یَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرُوا کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ کانُوا أَکْثَرَ مِنْهُمْ وَ أَشَدَّ قُوَّهً وَ آثاراً فِی الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما کانُوا یَکْسِبُونَ (۸۲) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَ حاقَ بِهِمْ ما کانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ (۸۳) فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ کَفَرْنا بِما کُنَّا بِهِ مُشْرِکِینَ (۸۴)
فَلَمْ یَکُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِی قَدْ خَلَتْ فِی عِبادِهِ وَ خَسِرَ هُنالِکَ الْکافِرُونَ (۸۵)
ذلِکُمْ العذاب بسبب فرحکم بالباطل الزائل الفانی فی الجهه السفلیه بالنفس و نشاطکم به لمناسبه نفوسکم الکدره الظلمانیه البعیده عن الحق له ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِینَ فِیها لرسوخ رذائلکم و استحکام حجابکم فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَکَبِّرِینَ الظاهرین برذیله الکبر فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ أی: المحجوبون بالعقول المشوبه بالوهم و بمعقولهم الخالی عن نور الهدایه و الوحی، إذ جاءتهم الرسل بالعلوم الحقیقیه التوحیدیه و المعارف الحقانیه الکشفیه، فرحوا بعلومهم و حجبوا بها عن قبول هدایتهم و استهزءوا برسلهم لاستصغارهم بما جاءوا به فی جنب علومهم، فحاق بهم جزاء استهزائهم و هلکوا عن آخرهم، و اللّه أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۲۱۸
[۱] ( ۱) سوره فصلت، الآیه: ۵۳.
[۲] ( ۱) سوره المجادله، الآیه: ۶.
[۳] ( ۲) سوره الکهف، الآیه: ۴۹.
[۴] ( ۱) سوره غافر، الآیه: ۲۸.
[۵] ( ۱) سوره الرعد، الآیه: ۱۴.