تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره حم الجاثیه
سوره حم الجاثیه
[۱- ۲]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۱ الى ۲]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
حم (۱) تَنْزِیلُ الْکِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ (۲)
حم جواب القسم محذوف لدلاله تنزیل الکتاب علیه، أی: أقسم بحقیقه الهویه، أی: الوجود المطلق الذی هو أصل الکل و عین الجمع، و بمحمد أی: الوجود الإضافی الذی هو کمال الکل و صوره التفصیل لأنزلنّ الکتاب المبین لهما أو یجعل حم مبتدأ و تَنْزِیلُ الْکِتابِ خبره على تقدیر حذف مضاف أی: ظهور حقیقه الحق المفصله، تَنْزِیلُ الْکِتابِ أی: إرسال الوجود المحمدی أو إنزال القرآن المبین الکاشف عن معنى الجمع و التفصیل فی غیر موضع کما جمع فی قوله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[۱] ثم فصّل بقوله: وَ الْمَلائِکَهُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ[۲]. مِنَ اللَّهِ من عین الجمع الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ فی صوره تفاصیل القهر و اللطف اللذین هما. أما الأسماء و منشؤها الکثره فی الصفات إذ لا صفه إلا و هی من باب القهر أو اللطف.
[۳- ۴]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۳ الى ۴]
إِنَّ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لَآیاتٍ لِلْمُؤْمِنِینَ (۳) وَ فِی خَلْقِکُمْ وَ ما یَبُثُّ مِنْ دابَّهٍ آیاتٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ (۴)
إِنَّ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أی: فی الکل لَآیاتٍ لِلْمُؤْمِنِینَ بذاته لأن الکل مظهر وجوده الذی هو عین ذاته وَ فِی خَلْقِکُمْ إلى آخره، آیاتٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ بصفاته لأنکم و جمیع الحیوانات مظاهر صفاته من کونه حیّا عالما مریدا قادرا متکلما سمیعا بصیرا، لأنکم بهذه الصفات شاهدون بصفاته.
[۵]
[سوره الجاثیه (۴۵): آیه ۵]
وَ اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَ تَصْرِیفِ الرِّیاحِ آیاتٌ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (۵)
وَ فی اخْتِلافِ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ إلى آخره، آیاتٌ لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ أفعاله، فإن هذه التصرفات أفعاله، و إنما فرّق بین الفواصل الثلاث بالإیمان و الإیقان و العقل لأن شهود الذات أوضح و إن خفی لغایه وضوحه و الوجود أظهر و المصدّقون به أکثر لکونه من الضروریات و مشاهده الصفات أدّق و ألطف من القسمین الباقیین فعبر عنها بالإیقان، فکل موقن مؤمن بوجوده و لا ینعکس و قد یوجد الإیقان بدون الإیمان بالذات لذهول المؤمن بالوجود الموقن بالصفات عن شهود الذات لاحتجابه بالکثره عن الوحده. و أما الأفعال فمعرفتها استدلال بالعقل إذ التغیر فی الأشیاء لا بد له من تغییر مغیر عند العقل لاستحاله التأثر بدون التأثیر عقلا. و الأول فطری روحی، و الثانی علمی قلبی، أی: کشفی ذوقی، و الثالث عقلی.
فالمحبوب الباقی على الفطره یؤمن أولا بالذات ثم یوقن بالصفات ثم یعقل الأفعال. و أما المحب المحتجب عن الفطره بالنشأه و الماده فهو فی مقام النفس یعقل أولا أفعاله ثم یوقن بصفاته التی هی مبادئ أفعاله، ثم یؤمن بذاته و لهذا لماسئل حبیب اللّه صلى اللّه علیه و سلم: بم عرفت اللّه؟
قال: «عرفت الأشیاء باللّه».
[۶- ۸]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۶ الى ۸]
تِلْکَ آیاتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَیْکَ بِالْحَقِّ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَ آیاتِهِ یُؤْمِنُونَ (۶) وَیْلٌ لِکُلِّ أَفَّاکٍ أَثِیمٍ (۷) یَسْمَعُ آیاتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَیْهِ ثُمَّ یُصِرُّ مُسْتَکْبِراً کَأَنْ لَمْ یَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِیمٍ (۸)
تِلْکَ أی: آیات سموات الأرواح و أرض الجسم المطلق، أی الکل و آیات الأحیاء من الموجودات و آیات سائر الحوادث من الکائنات آیاتُ اللَّهِ أی: آیات ذاته و صفاته و أفعاله فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ و آیات صفاته و أفعاله یُؤْمِنُونَ إذ لا موجود بعدها إلا حدیث بلا معنى و اسم بلا مسمى، کما قال: إِنْ هِیَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّیْتُمُوها[۳] أی: بلا مسمیات وَیْلٌ لِکُلِّ أَفَّاکٍ منغمس فی إفک الوجود المزخرف الباطل الموهوم، و إثم الشرک بنسبه الأفعال لذلک الوجود یَسْمَعُ آیاتِ اللَّهِ من کل موجود قائل بلسان الحال أو القال تُتْلى عَلَیْهِ على لسان کل شیء إلا على لسان النبی وحده ثُمَّ یُصِرُّ مُسْتَکْبِراً فی نسبتها إلى الغیر لاحتجابه بوجوده و استکباره و أنائیته لفرط تفرعنه أو لغرّته و غفلته کَأَنْ لَمْ یَسْمَعْها لعدم تأثره بها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ الحجاب المؤلم و الحرمان الموبق.
[۹- ۱۷]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۹ الى ۱۷]
وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آیاتِنا شَیْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ (۹) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَ لا یُغْنِی عَنْهُمْ ما کَسَبُوا شَیْئاً وَ لا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِیمٌ (۱۰) هذا هُدىً وَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیمٌ (۱۱) اللَّهُ الَّذِی سَخَّرَ لَکُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِیَ الْفُلْکُ فِیهِ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ (۱۲) وَ سَخَّرَ لَکُمْ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ جَمِیعاً مِنْهُ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ (۱۳)
قُلْ لِلَّذِینَ آمَنُوا یَغْفِرُوا لِلَّذِینَ لا یَرْجُونَ أَیَّامَ اللَّهِ لِیَجْزِیَ قَوْماً بِما کانُوا یَکْسِبُونَ (۱۴) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَیْها ثُمَّ إِلى رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ (۱۵) وَ لَقَدْ آتَیْنا بَنِی إِسْرائِیلَ الْکِتابَ وَ الْحُکْمَ وَ النُّبُوَّهَ وَ رَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّیِّباتِ وَ فَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِینَ (۱۶) وَ آتَیْناهُمْ بَیِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْیاً بَیْنَهُمْ إِنَّ رَبَّکَ یَقْضِی بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَهِ فِیما کانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (۱۷)
وَ إِذا عَلِمَ مِنْ آیاتِنا شَیْئاً اتَّخَذَها هُزُواً بنسبتها إلى من لا وجود له أصلا أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِینٌ فی ذلّ الإمکان إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ أی: فی تسخیر ما فی السموات و ما فی الأرض لکم دلائل لمن یتفکر فی نفسه من هو؟ و لما ذا سخّر له هذه الأشیاء؟ حتى الملکوت و الجبروت منه من جهته فیرجع إلى ذاته و یعرف حقیقته و سرّ وجوده و خاصیته التی بها شرّف و فضل علیها و أهل لتسخیرها له فیأنف عن التأخر عن رتبه أشرفها فضلا عن أخسها و یترقى إلى غایته التی یندب إلیها.
[۱۸- ۱۹]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۱۸ الى ۱۹]
ثُمَّ جَعَلْناکَ عَلى شَرِیعَهٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ (۱۸) إِنَّهُمْ لَنْ یُغْنُوا عَنْکَ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً وَ إِنَّ الظَّالِمِینَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیاءُ بَعْضٍ وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُتَّقِینَ (۱۹)
ثُمَّ جَعَلْناکَ عَلى شَرِیعَهٍ طریقه من أمر الحق هی طریقه التوحید فَاتَّبِعْها بسلوکها على بینه و بصیره وَ لا تَتَّبِعْ جهالات أهل التقلید الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ علم التوحید إِنَّهُمْ لَنْ یُغْنُوا عَنْکَ مِنَ اللَّهِ شَیْئاً أی: لن یدفعوا عنک ضرّا بأفعالهم لعدم تأثیرهم و لا جهاله و حجابا بأوصافهم لعدم قواهم و قدرهم و علومهم، إذ لا حول و لا قوّه إلا باللّه و لا وحشه بحضورهم إذ لا مناسبه بینک و بینهم فتستأنس بهم بل لا أنس لک إلا بالحق و هم لا شیء محض فی شهودک فلا موالاه بینک و بینهم بوجه و إنما موالاه الظالمین لیست إلا مع الظالمین لما بینهم من الجنسیه و المناسبه فی الاحتجاب وَ اللَّهُ وَلِیُّ الْمُتَّقِینَ أی: متولی أمور من اتقى أفعاله بالتوکل علیه فی شهود توحید الأفعال أو ناصر من اتقى صفاته فی مقام الرضا بمشاهده تجلیات الصفات أو حبیب من اتقى ذاته فی شهود توحید الذات إذ الولیّ یستعمل بالمعانی الثلاثه لغه.
[۲۰- ۲۲]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۲۰ الى ۲۲]
هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَهٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ (۲۰) أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ اجْتَرَحُوا السَّیِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ کَالَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْیاهُمْ وَ مَماتُهُمْ ساءَ ما یَحْکُمُونَ (۲۱) وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ لِتُجْزى کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ (۲۲)
هذا أی: هذا البیان بَصائِرُ أی: بیّنات لقلوب الذین طالعوا بهجه الصفات، یطالعون بکل بصیره تجلی طلعه صفته وَ هُدىً لأرواحهم إلى محل شهود الذات وَ رَحْمَهٌ لنفوسهم من عذاب حجاب الأفعال لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ هذه البیانات.
[۲۳- ۲۵]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۲۳ الى ۲۵]
أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَهً فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَ فَلا تَذَکَّرُونَ (۲۳) وَ قالُوا ما هِیَ إِلاَّ حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا وَ ما یُهْلِکُنا إِلاَّ الدَّهْرُ وَ ما لَهُمْ بِذلِکَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ یَظُنُّونَ (۲۴) وَ إِذا تُتْلى عَلَیْهِمْ آیاتُنا بَیِّناتٍ ما کانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۲۵)
أَ فَرَأَیْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ الإله المعبود و لما أطاعوا الهوى فقد عبدوه و جعلوه إلها، إذ کل ما یعبده الإنسان بمحبته و طاعته فهو إلهه و لو کان حجرا وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عالما بحاله من زوال استعداده و انقلاب وجهه إلى الجهه السفلیه أو مع کون ذلک العابد للهوى عالما بعلم ما یجب علیه فعله فی الدین على تقدیر أن یکون على علم حالا من الضمیر المفعول فی أضله اللّه لا من الفاعل و حینئذ یکون الإضلال لمخالفته علمه بالعمل و تخلف القدم عن النظر لتشرب قلبه بمحبه النفس و غلبه الهوى کحال بلعام بن باعورا و أضرابه کما
قال علیه السلام: «کم من عالم ضلّ و معه علمه لا ینفعه»
أو على علم منه غیر نافع، لکونه من باب الفضول لا تعلق له بالسلوک وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ بالطرد عن باب الهدى و الإبعاد عن محل سماع کلام الحق و فهمه لمکان الرین و غلظ الحجاب وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَهً عن رؤیه جماله و شهود لقائه فَمَنْ یَهْدِیهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ إذ لا موجود سواه یقوم بهدایته أَ فَلا تَذَکَّرُونَ أیها الموحدون ما هِیَ إِلَّا حَیاتُنَا الدُّنْیا أی: الحسیّه نَمُوتُ بالموت البدنی الطبیعی وَ نَحْیا الحیاه الجسمانیه الحسیّه لا موت و لا حیاه غیرهما و لا ینسبون ذلک إلا إلى الدهر لاحتجابهم عن المؤثر الحقیقی القابض للأرواح و المفیض للحیاه على الأبدان.
[۲۶]
[سوره الجاثیه (۴۵): آیه ۲۶]
قُلِ اللَّهُ یُحْیِیکُمْ ثُمَّ یُمِیتُکُمْ ثُمَّ یَجْمَعُکُمْ إِلى یَوْمِ الْقِیامَهِ لا رَیْبَ فِیهِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (۲۶)
قُلِ اللَّهُ یُحْیِیکُمْ ثُمَّ یُمِیتُکُمْ لا الدهر ثُمَّ یَجْمَعُکُمْ إلیه بالحیاه الثانیه عند البعث، أو اللّه یحییکم لا الدهر بالحیاه الأبدیه القلبیه بعد الحیاه النفسانیه ثم یمیتکم بالفناء فیه ثم یجمعکم إلیه بالبقاء بعد الفناء و الوجود الموهوب لتکونوا به معه.
[۲۷- ۳۵]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۲۷ الى ۳۵]
وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ یَوْمَ تَقُومُ السَّاعَهُ یَوْمَئِذٍ یَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (۲۷) وَ تَرى کُلَّ أُمَّهٍ جاثِیَهً کُلُّ أُمَّهٍ تُدْعى إِلى کِتابِهَا الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۲۸) هذا کِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْکُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا کُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۲۹) فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَیُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِی رَحْمَتِهِ ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِینُ (۳۰) وَ أَمَّا الَّذِینَ کَفَرُوا أَ فَلَمْ تَکُنْ آیاتِی تُتْلى عَلَیْکُمْ فَاسْتَکْبَرْتُمْ وَ کُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِینَ (۳۱)
وَ إِذا قِیلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَهُ لا رَیْبَ فِیها قُلْتُمْ ما نَدْرِی مَا السَّاعَهُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَیْقِنِینَ (۳۲) وَ بَدا لَهُمْ سَیِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما کانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ (۳۳) وَ قِیلَ الْیَوْمَ نَنْساکُمْ کَما نَسِیتُمْ لِقاءَ یَوْمِکُمْ هذا وَ مَأْواکُمُ النَّارُ وَ ما لَکُمْ مِنْ ناصِرِینَ (۳۴) ذلِکُمْ بِأَنَّکُمُ اتَّخَذْتُمْ آیاتِ اللَّهِ هُزُواً وَ غَرَّتْکُمُ الْحَیاهُ الدُّنْیا فَالْیَوْمَ لا یُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ یُسْتَعْتَبُونَ (۳۵)
وَ لِلَّهِ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا مالک غیره فی نظر الشهود وَ یَوْمَ تَقُومُ القیامه الکبرى یَخْسَرُ الذین یثبتون الغیر إذ کل ما سواه باطل و من أثبته و احتجب به عنه مبطل وَ تَرى یا موحد کُلَّ أُمَّهٍ جاثِیَهً لا حراک بها إذ هی بنفسها میته غیر قادره کما قال:
إِنَّکَ مَیِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَیِّتُونَ (۳۰)[۴] أو تراها جاثیه فی الموقف الأول وقت البعث قبل الجزاء على حالها فی النشأه الأولى عند الاجتنان و فیه سرّ.
کُلُّ أُمَّهٍ تُدْعى إِلى کِتابِهَا أی: اللوح الذی أثبت فیه أعمالها و تجسدت صورها و انتقشت فیه على هیئه جسدانیه فإن کتابه الأعمال إنما تکون فی أربعه ألواح أحدها: اللوح السفلی الذی یدعى إلیه کل أمّه و یعطى بیمین من کان سعیدا و شمال من کان شقیّا، و الثلاثه الأخرى سماویه علویه أشیر إلیها فیما قبل. و إنما قلنا هذا الکتاب هو اللوح السفلی لأن الکلام هاهنا فی جزاء الأعمال لقوله: الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و قوله: إِنَّا کُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ و الناسخون هم الملکوت السماویه و الأرضیه جمیعا فَأَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا الإیمان الغیبی التقلیدی أو الیقینی العلمی وَ عَمِلُوا ما صلح به حالهم فی المعاد الجسمانی من أبواب البرّ فَیُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِی رحمه ثواب الأعمال فی جنّه الأفعال وَ أَمَّا الَّذِینَ کَفَرُوا احتجبوا عن الحق بالکفر الأصلی و الانغماس فی الهیئات الجرمانیه المظلمه بالإجرام بدلیل قوله: الْیَوْمَ نَنْساکُمْ کَما نَسِیتُمْ لِقاءَ یَوْمِکُمْ هذا أی: نترککم فی العذاب کما ترکتم العمل للقائی فی یومکم هذا لعدم اعترافکم، أو نجعلکم کالشیء المنسیّ المتروک بالخذلان فی العذاب کما نسیتم لقاء یومکم هذا بنسیان العهد الأزلی.
[۳۶- ۳۷]
[سوره الجاثیه (۴۵): الآیات ۳۶ الى ۳۷]
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَ رَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِینَ (۳۶) وَ لَهُ الْکِبْرِیاءُ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۳۷)
فَلِلَّهِ الْحَمْدُ الکمال المطلق الحاصل للکل ببلوغ الأشیاء إلى غایاتها و حصولها على أجلّ ما یمکن من کمالاتها رَبِّ السَّماواتِ مکمل الأرواح و مدبرها وَ رَبِّ الْأَرْضِ مدبر الأجساد و مالکها و مصرّفها رَبِّ الْعالَمِینَ موجه العالمین إلى کمالاتهم بربوبیته إیاهم وَ لَهُ الْکِبْرِیاءُ أی: استعلاء و نهایه الترفع و الکبر على کل شیء و غایه العلو و العظمه باستغنائه عنه و افتقاره إلیه، فکل یحمده بإظهار کماله و جمیع صفاته بلسان حاله و یکبره بتغیره و إمکانه و انخراطه فی سلک المخلوقات المحتاجه إلیه الفانیه بالذات القاصره عن سائر الکمالات غیر ما اختصّ به وَ هُوَ الْعَزِیزُ القوی القاهر لکل شیء بتأثیره فیه و إجباره على ما هو علیه الْحَکِیمُ المرتب لاستعداد کل شیء بلطف تدبیره، المهیّئ لقبوله لما أراد منه من صفاته بدقیق صنعته و خفیّ حکمته.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۲۵۶
[۱] ( ۱- ۲) سوره آل عمران، الآیه: ۱۸.
[۲] ( ۱- ۲) سوره آل عمران، الآیه: ۱۸.
[۳] ( ۱) سوره النجم، الآیه: ۲۳.
[۴] ( ۱) سوره الزمر، الآیه: ۳۰.