تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره السجدة

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره حم السجده

سوره حم السجده

[۱- ۵]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۱ الى ۵]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

حم (۱) تَنْزِیلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ (۲) کِتابٌ فُصِّلَتْ آیاتُهُ قُرْآناً عَرَبِیًّا لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (۳) بَشِیراً وَ نَذِیراً فَأَعْرَضَ أَکْثَرُهُمْ فَهُمْ لا یَسْمَعُونَ (۴)

وَ قالُوا قُلُوبُنا فِی أَکِنَّهٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ وَ فِی آذانِنا وَقْرٌ وَ مِنْ بَیْنِنا وَ بَیْنِکَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (۵)

حم‏ ظهور الحق بالصوره المحمدیه تَنْزِیلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ* کِتابٌ‏ الکل الجامع لجمیع الحقائق من الذات الأحدیه الموصوفه بالرحمه الرحمانیه العامّه للکل، بإفاضه الوجود و الکمال علیه، و الرحیمیه الخاصه بالأولیاء المحمدیین، المستعدّین لقبول الکمال الخاص العرفانی، و التوحید الذاتیّ. و هو کتاب العقل الفرقانی الذی‏ فُصِّلَتْ آیاتُهُ‏ بالتنزیل بعد ما أجملت قبل فی عین الجمع حال کونه‏ قُرْآناً أی: فصّلت بحسب ظهور الصفات و حدوث الاستعدادات فی حال کونه جامعا للکل‏ عَرَبِیًّا لوجود نشأته فی العرب‏ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ‏ حقائق آیاته لقرب استعداداتهم منه و صفاء فطرهم‏ بَشِیراً للقابلین المستعدّین للکمال، المستبصرین بنوره باللقاء نَذِیراً للمحجوبین بظلمات نفوسهم من العقاب‏ فَأَعْرَضَ أَکْثَرُهُمْ‏ لاحتجابهم بالأغیار و بقائهم فی ظلمات الاستتار فَهُمْ لا یَسْمَعُونَ‏ کلام الحق لوقر سمع القلب کما قالوا: قُلُوبُنا فِی أَکِنَّهٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَیْهِ وَ فِی آذانِنا وَقْرٌ لأنّ غشاوات الطبیعه و حجب صفات النفوس أعمت أبصار قلوبهم و أصمّت آذانها و جعلتها فی أغطیه و أکنّه و حجبت بینهم و بینه.

 

 

[۶]

[سوره فصلت (۴۱): آیه ۶]

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُوحى‏ إِلَیَّ أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِیمُوا إِلَیْهِ وَ اسْتَغْفِرُوهُ وَ وَیْلٌ لِلْمُشْرِکِینَ (۶)

قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُکُمْ‏ أی: إنی من جنسکم و أناسبکم فی البشریه و المماثله النوعیه، لتوجهه للإنس و الخلطه، و أباینکم بالوحی المنبه على التوحید المبین لطریق السلوک، فاتصلوا بی بالمناسبه النوعیه و مجانسه البشریه لتهتدوا بنور التوحید و الوحی المفید لبیان الدین، و تسلکوا سبیل الحق الذی عرّفنیه بقوله: أَنَّما إِلهُکُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا شریک له فی الوجود فَاسْتَقِیمُوا بالثبات على الإیمان و السکینه و الإیقان فی التوجه‏ إِلَیْهِ‏ من غیر انحراف إلى الباطل و الطرق المتفرّقه و لا زیغ بالالتفات إلى الغیر و المیل إلى النفس‏ وَ اسْتَغْفِرُوهُ‏ بالتنصل‏ عن الهیئات المادیه و التجرّد عن الصفات البشریه لیستر بنور صفاته ذنوب صفاتکم‏ وَ وَیْلٌ‏ للمحتجبین بالغیر.

 

 

[۷- ۸]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۷ الى ۸]

الَّذِینَ لا یُؤْتُونَ الزَّکاهَ وَ هُمْ بِالْآخِرَهِ هُمْ کافِرُونَ (۷) إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُونٍ (۸)

الَّذِینَ‏ لا یزکون أنفسهم بمحو صفاتها لیرتفع حجاب الغیریه فتتحقق بالوحده وَ هُمْ بِالْآخِرَهِ هُمْ کافِرُونَ‏ لسترهم النور الفطری المقتضی الشوق إلى عالم القدس و معدن الحیاه الأبدیه بظلمات الحسّ و هیئات الطبیعه البدنیه.

 

 

[۹- ۱۱]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۹ الى ۱۱]

قُلْ أَ إِنَّکُمْ لَتَکْفُرُونَ بِالَّذِی خَلَقَ الْأَرْضَ فِی یَوْمَیْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِکَ رَبُّ الْعالَمِینَ (۹) وَ جَعَلَ فِیها رَواسِیَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَکَ فِیها وَ قَدَّرَ فِیها أَقْواتَها فِی أَرْبَعَهِ أَیَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِینَ (۱۰) ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ وَ هِیَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً قالَتا أَتَیْنا طائِعِینَ (۱۱)

قُلْ أَ إِنَّکُمْ لَتَکْفُرُونَ بِالَّذِی خَلَقَ الْأَرْضَ فِی یَوْمَیْنِ‏ أی: فی حادثین کما ذکر أنّ الیوم معبّر به عن الحادث لنسبته إلیه فی قولهم: الحوادث الیومیه لتشابههما فی الظهور و الخفاء، و هما الصوره و المادّه وَ بارَکَ فِیها أی: أکثر خیرها وَ قَدَّرَ فِیها معایشها و أرزاقها فِی أَرْبَعَهِ أَیَّامٍ‏ هی الکیفیات الأربع و العناصر الأربعه التی خلق منها المرکبات بالترکیب و التعدیل‏ سَواءً مستویه بالامتزاج و الاعتدال للطالبین للأقوات و المعایش، أی: قدّرها لهم‏ ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ أی: قصد إلى إیجادها و ثم للتفاوت بین الخلقین فی الإحکام و عدمه، و اختلافهما فی الجهه و الجوهر لا للتراخی فی الزمان إذ لا زمان هناک‏ وَ هِیَ دُخانٌ‏ أی:

جوهر لطیف بخلاف الجواهر الکثیفه الثقیله الأرضیه فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِیا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً أی: تعلق أمره و إرادته بإیجادهما فوجدتا فی الحال معا کالمأمور المطیع إذا ورد علیه أمر الآمر المطاع لم یلبث فی امتثاله، و هو من باب التمثیل إذ لا قول ثمه.

 

 

[۱۲- ۱۹]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۱۲ الى ۱۹]

فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِی یَوْمَیْنِ وَ أَوْحى‏ فِی کُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیحَ وَ حِفْظاً ذلِکَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الْعَلِیمِ (۱۲) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُکُمْ صاعِقَهً مِثْلَ صاعِقَهِ عادٍ وَ ثَمُودَ (۱۳) إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِکَهً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ کافِرُونَ (۱۴) فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ قالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّهً أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِی خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّهً وَ کانُوا بِآیاتِنا یَجْحَدُونَ (۱۵) فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً فِی أَیَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِیقَهُمْ عَذابَ الْخِزْیِ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا وَ لَعَذابُ الْآخِرَهِ أَخْزى‏ وَ هُمْ لا یُنْصَرُونَ (۱۶)

وَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَیْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى‏ عَلَى الْهُدى‏ فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَهُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ (۱۷) وَ نَجَّیْنَا الَّذِینَ آمَنُوا وَ کانُوا یَتَّقُونَ (۱۸) وَ یَوْمَ یُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ یُوزَعُونَ (۱۹)

فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِی یَوْمَیْنِ‏ أی: الماده و الصوره کالأرض‏ وَ أَوْحى‏ فِی کُلِّ سَماءٍ أَمْرَها أی: أشار إلیها بما أراد من حرکتها و تأثیرات ملکوتها و تدبیراتها و خواص کوکبها و کل ما یتعلق بها.

وَ زَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا أی: السطح الذی یلینا من فلک القمر بِمَصابِیحَ‏ الشهب‏ وَ حفظناها حِفْظاً من أن تنخرق بصعود البخارات إلیها و وصول القوى الطبیعیه الشیطانیه إلى ملائکتها ذلِکَ تَقْدِیرُ الْعَزِیزِ الغالب على أمره کیف یشاء الْعَلِیمِ‏ الذی أتقن صنعه بعلمه، أو أ إنکم لتکفرون و تحتجبون بالغواشی البدنیه عن الذی خلق أرض البدن و جعلها حجاب وجهه فی یومین أی شهرین أو حادثین ماده و صوره، و تجعلون له أندادا بوقوفکم مع الغیر و نسبتکم التأثیر إلى ما لا وجود له و لا أثر، ذلک الخالق هو الذی یربّ العالمین بأسمائه و جعل فیها رواسی الأعضاء من فوقها أو رواسی الطبائع الموجبه للمیل السفلی من القوى العنصریه و الصور المادیّه التی تقتضی ثباتها على حالها، و بارک فیها بتهیئه الآلات و الأسباب و المزاجات و القوى التی تتم بها لمقته و أفعاله و قدّر فیها أقواتها بتدبیر الغاذیه و أعوانها و تقدیر مجاری الغذاء و أمور التغذیه و أسبابها و موادّها فی تتمه أربعه أشهر، أی: جمیع ذلک فی أربعه أشهر سواء متساویه أو فی مواد العناصر الأربعه، ثم استوى أی: بعد ذلک قصد قصدا مستویا من غیر أن یلوی إلى شی‏ء آخر، إلى سماء الروح و تسویتها و هی دخان أی: ماده لطیفه من بخاریه الأخلاط و لطافتها مرتفعه من القلب.

و قد جاءفی الحدیث: «إن خلق أحدکم یجمع فی بطن أمّه أربعین یوما نطفه، ثم یکون علقه مثل ذلک، ثم یکون مضغه مثل ذلک، ثم یبعث اللّه إلیه ملکا بأربع کلمات، فیکتب عمله و أجله و رزقه و شقیّ أم سعید، ثم ینفخ فیه الروح و یعضده». حدیث آخر فی أنّ نفخ الروح فی الجنین یکون بعد أربعه أشهر من وقت الحمل.

فقال لها و لأرض البدن: ائتیا، أی: تعلقت إرادته بتکوینهما و صیرورتهما شیئا واحدا و خلقا جدیدا، فتکونا على ما أراد من الصوره و هذا معنى خلوّ الأرض قبل السماء غیر مدحوّه و دحوها بعده. فإن الماده البدنیه و إن تخلقت بدنا قبل اتصال الروح و انتفاخه فیها لکن الأعضاء لم تنبسط و لم ینفتق بعضها من بعض إلا بعده، فقضاهنّ سبع سموات، أی: الغیوب السبعه المذکوره من القوى و النفس و القلب و السرّ و الروح و الخفاء، و الحق الذی أدرج هویته فی هویه الشخص الموجود و تنزل بإیجاده فی هذه المراتب و احتجب بها و إن جعلت السبعه من المخلوقات حتى تخرج الهویه من جملتها فإحداها و هی الرابعه بین القلب، و السرّ العقل،و هی السماء الدنیا باعتبار دنوّها من القلب الذی به الإنسان إنسانا فی یومین فی شهرین آخرین، فتمّ مده الحمل سته أشهر أو مده خلق الإنسان، و لهذا إذا ولد بعد تمام السته على رأس الشهر السابع عاش مستوی الخلق أو فی طورین مجرّده و غیر مجرّده أو حادثین روح و جسد و اللّه أعلم.

و أوحى فی کل سماء من الطبقات المذکوره أمرها و شأنها المخصوص بها من الأعمال و الإدراکات و المکاشفات و المشاهدات و المواصلات و المناغیات و التجلیات. و زیّنا السماء الدّنیا: أی العقل بمصابیح الحجج و البراهین و حفظناها من استراق شیاطین الوهم و الخیال، کلام الملأ الأعلى من الروحانیات بالترقی إلى الأفق العقلی و استفاده الصور القیاسیه لترویج أکاذیبها و تخیلاتها بها.

 

 

[۲۰- ۲۹]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۲۰ الى ۲۹]

حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَیْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما کانُوا یَعْمَلُونَ (۲۰) وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَیْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنْطَقَ کُلَّ شَیْ‏ءٍ وَ هُوَ خَلَقَکُمْ أَوَّلَ مَرَّهٍ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ (۲۱) وَ ما کُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ یَشْهَدَ عَلَیْکُمْ سَمْعُکُمْ وَ لا أَبْصارُکُمْ وَ لا جُلُودُکُمْ وَ لکِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا یَعْلَمُ کَثِیراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (۲۲) وَ ذلِکُمْ ظَنُّکُمُ الَّذِی ظَنَنْتُمْ بِرَبِّکُمْ أَرْداکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِینَ (۲۳) فَإِنْ یَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَ إِنْ یَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِینَ (۲۴)

وَ قَیَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَیَّنُوا لَهُمْ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنَّهُمْ کانُوا خاسِرِینَ (۲۵) وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِیهِ لَعَلَّکُمْ تَغْلِبُونَ (۲۶) فَلَنُذِیقَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا عَذاباً شَدِیداً وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِی کانُوا یَعْمَلُونَ (۲۷) ذلِکَ جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِیها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما کانُوا بِآیاتِنا یَجْحَدُونَ (۲۸) وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِیَکُونا مِنَ الْأَسْفَلِینَ (۲۹)

حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَیْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ‏ أی: غیّرت صور أعضائهم و صوّرت أشکالها على هیئه الأعمال التی ارتکبوها، و بدّلت جلودهم و أبشارهم، فتنطق بلسان الحال، و تدل بالأشکال على ما کانوا یعملون. و لنطقها بهذا اللسان قالت:

أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِی أَنْطَقَ کُلَّ شَیْ‏ءٍ إذ لا یخلو شی‏ء ما من النطق، و لکنّ الغافلین لا یفهمون‏ وَ قَیَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ أی: قدّرنا لهم أخدانا و أقرانا من شیاطین الأنس و الجنّ من الوهوم و التخیل لتباعدهم من الملأ الأعلى، و مخالفتهم بالذات للنفوس القدسیه و الأنوار الملکوتیه بانغماسهم فی الموادّ الهیولانیه، و احتجابهم بالصفات النفسانیه، و انجذابهم إلى الأهواء البدنیه و الشهوات الطبیعیه، فناسبوا النفوس الأرضیه الخبیثه، و الکدره المظلمه، و خالفوا الجواهر القدسیه و الذوات المجرّده، فجعلت الشیاطین أقرانهم و حجبوا عن نور الملکوت‏ فَزَیَّنُوا لَهُمْ ما بَیْنَ أَیْدِیهِمْ‏ ما بحضرتهم من اللذات البهیمیه و السبعیه و الشهوات الطبیعیه وَ ما خَلْفَهُمْ‏ من الآمال و الأمانی التی لا یدرکونها وَ حَقَّ عَلَیْهِمُ الْقَوْلُ‏ فی القضاء الإلهیّ بالشقاء الأبدیّ کائنین‏ فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ‏ المکذبین بالأنبیاء و المحجوبین عن الحق من الباطنیین و الظاهریین‏ إِنَّهُمْ کانُوا خاسِرِینَ‏ لخسرانهم نور الاستعداد الأصلی، و ربح الکمال الکسبی، و وقوعهم فی الهلاک الأبدیّ و العذاب السرمدیّ.

رَبَّنا أَرِنَا الَّذَیْنِ أَضَلَّانا أی: حنق المحجوبون و اغتاظوا على من أضلّهم من الفریقین عند وقوع العذاب و تمنوا أن یکونوا فی أشدّ من عذابهم و أسفل من درکاتهم لما لقوا من الهوان و ألم النیران و عذاب الحرمان و الخسران بسببهم و أرادوا أن یشفوا صدورهم برؤیتهم فی أسوأ أحوالهم و أنزل مراتبهم، کما ترى من وقع فی البلیّه بسبب رفیق أشار إلیه بما أوقعه فیها یتجرّد علیه و یتغیظ و یکاد أن یقع فیه مع غیبته و یتحرّق.

 

 

[۳۰]

[سوره فصلت (۴۱): آیه ۳۰]

إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ أَلاَّ تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّهِ الَّتِی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ (۳۰)

إِنَّ الَّذِینَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ‏ أی: وحدوه بنفی غیره و عرفوه بالإیقان حق معرفته‏ ثُمَّ اسْتَقامُوا إلیه بالسلوک فی طریقه و الثبات على صراطه مخلصین لأعمالهم عاملین لوجهه، غیر ملتفتین بها إلى غیره‏ تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ للمناسبه الحقیقیه بینهم فی التوحید الحقیقی و الإیمان الیقینی و العمل الثابت على منهاج الحق و الاستقامه فی الطریقه إلیه، غیر ناکثین فی عزیمه و لا منحرفین عن وجهه و لا زائغین فی عمل کما ناسبت نفوس المحجوبین من أهل الرذائل الشیاطین بالجواهر المظلمه و الأعمال الخبیثه فتنزّلت علیهم‏ أَلَّا تَخافُوا من العقاب لتنوّر ذواتکم بالأنور و تجرّدها عن غواسق الهیئات‏ وَ لا تَحْزَنُوا بفوات کمالاتکم التی اقتضاها استعدادکم‏ وَ أَبْشِرُوا بجنّه الصفات‏ الَّتِی کُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏ حال الإیمان بالغیب أو قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ‏ بالفناء فیه ثم استقاموا به بالبقاء بعد الفناء عند التمکین‏ تَتَنَزَّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلائِکَهُ للتعظیم عند الرجوع إلى التفصیل، إذ فی حال الفناء لا وجود للملائکه و لا لغیرهم، ألّا تخافوا من التلوین و لا تحزنوا على الاستغراق فی التوحید، فإن أهل الوحده إذا ردّوا إلى التفصیل و رؤیه الکثره غلب علیهم الحزن و الوجد فی أول الوهله لفوات الشهود الذاتی فی عین الجمع و الاحتجاب بالتفصیل حتى یتمکنوا فی التحقق بالحق حال البقاء و انشراح الصدر بنور الحق فلا تحجبهم الکثره عن الوحده و لا الوحده عن الکثره، شاهدین فی تفاصیل الصفات عین الذات بالذات، کما قال تعالى لنبیه علیه السلام فی هذه الحال:

أَ لَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ (۱) وَ وَضَعْنا عَنْکَ وِزْرَکَ (۲) الَّذِی أَنْقَضَ ظَهْرَکَ (۳)[۱] و أبشروا بجنّه الذات‏ الشامله لجمیع مراتب الجنان التی کنتم توعدونها فی مقام تجلّیات الصفات.

 

 

[۳۱- ۳۳]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۳۱ الى ۳۳]

نَحْنُ أَوْلِیاؤُکُمْ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا وَ فِی الْآخِرَهِ وَ لَکُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُکُمْ وَ لَکُمْ فِیها ما تَدَّعُونَ (۳۱) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِیمٍ (۳۲) وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ (۳۳)

نَحْنُ أَوْلِیاؤُکُمْ‏ و أحباؤکم فی الدارین للمناسبه الوصفیه و الجنسیه الأصلیه بیننا و بینکم، کما أن الشیاطین أولیاء المحجوبین لما بینهم من الجنسیه و المشارکه فی الظلمه و الکدوره وَ لَکُمْ فِیها ما تَشْتَهِی أَنْفُسُکُمْ‏ من المشاهدات و التجلیات و الروح و الریحان و النعیم المقیم أی: إذا بلغتم الکمال الذی هو مقتضى استعدادکم فلا شوق لکم إلى ما غاب عنکم، بل کل ما تشتهون و تتمنون فهو مع الاشتهاء و التمنی حاضر لکم فی الجنان الثلاث‏ نُزُلًا معدّا لکم‏ مِنْ غَفُورٍ ستر لکم بنوره ذنوب آثارکم و أفعالکم و صفاتکم و ذواتکم‏ رَحِیمٍ‏ رحمکم بتجلیّات أفعاله و صفاته و ذاته و إبدالکم بها إیاها وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا أی:

حالا إذ کثیرا ما یستعمل القول بمعنى الفعل و الحال منه، قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ‏ أی: جعلوا دینهم التوحید، و منه‏

الحدیث: «هلک المکثرون إلا من قال هکذا و هکذا …»

أی: أعطى. مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صالِحاً وَ قالَ إِنَّنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ‏ أی: ممن أسلم وجهه إلى اللّه فی التوحید و عمل بالاستقامه و التمکین، و دعا الخلق إلى الحق للتکمیل، فقدّم الدعوه إلى الحق و التکمیل لکونه أشرف المراتب و لاستلزامه الکمال العلمی و العملی، و إلا لما صحت الدعوه و إن صحت ما کانت إلى اللّه، أی: إلى ذاته الموصوفه بجمیع الصفات، فإن العالم الغیر العامل إن دعا کانت دعوته إلى العلیم، و العامل الغیر العالم إلى الغفور الرحیم، و العالم العامل العارف الکامل صحّت دعوته إلى اللّه.

 

 

[۳۴- ۳۵]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۳۴ الى ۳۵]

وَ لا تَسْتَوِی الْحَسَنَهُ وَ لا السَّیِّئَهُ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِی بَیْنَکَ وَ بَیْنَهُ عَداوَهٌ کَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ (۳۴) وَ ما یُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِینَ صَبَرُوا وَ ما یُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ (۳۵)

وَ لا تَسْتَوِی الْحَسَنَهُ وَ لَا السَّیِّئَهُ لکون الأولى من مقام القلب تجرّ صاحبها إلى الجنّه و مصاحبه الملائکه، و الثانیه من مقام النفس تجرّ صاحبها إلى النار و مقارنه الشیاطین‏ ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ‏ إذا أمکنک دفع السیئه من عدوّک بالحسنه التی هی أحسن، فلا تدفعها بالحسنه التی دونها، فکیف بالسیئه؟!، فإن السیئه لا تندفع بالسیئه بل تزید و تعلو ارتفاع النار بالحطب، فإن قابلتها بمثلها کنت منحطا إلى مقام النفس، متّبعا للشیطان، سالکا طریق النار، ملقیا لصاحبک فی الأوزار و جاعلا له و لنفسک من جمله الأشرار، متسببا لازدیاد الشرّ معرضا عن الخیر.

و إن دفعتها بالحسنه سکنت شرارته و أزلت عداوته و تثبت فی مقام القلب على الخیر، و هدیت إلى الجنه و طردت الشیطان، و أرضیت الرحمن و انخرطت فی سلک الملکوت و محوت ذنب صاحبک بالندامه. و إن دفعتها بالتی هی أحسن ناسبت الحضره الرحیمیه بالرحموت و صرت باتصافک بصفاته تعالى من أهل الجبروت و أفضت من ذاتک فیض الرحمه على صاحبک فصار کَأَنَّهُ وَلِیٌّ حَمِیمٌ‏ و لأمر ما

قال النبی علیه السلام: «لو جاز أن یظهر البارئ لظهر بصوره الحلم»

، و لا یلقى هذه الخصله الشریفه و الفضیله العظیمه إِلَّا الَّذِینَ صَبَرُوا مع اللّه، فلم یتغیروا بزلّه الأعداء لرؤیتهم منه تعالى و توکلهم علیه و اتّصافهم بحلمه أو طاعتهم لأمره‏ وَ ما یُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِیمٍ‏ من اللّه بالتخلّق بأخلاقه.

 

 

[۳۶]

[سوره فصلت (۴۱): آیه ۳۶]

وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّکَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (۳۶)

وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّکَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ‏ ینخسنک نخس بالمقابله بالسیئه و داعیه بالانتقام و هیجان من غضبک‏ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ‏ بالرجوع إلى جنابه و اللجوء إلى حضرته من شرّه و وسوسته و نزغه بالبراءه عن أفعالک و صفاتک و الفناء فیه عن حولک و قوّتک‏ إِنَّهُ هُوَ السَّمِیعُ‏ لما هجس ببالک من أحادیث نفسک و أقوالک‏ الْعَلِیمُ‏ بنیاتک و ما بطن من أحوالک.

 

 

[۳۷- ۳۹]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۳۷ الى ۳۹]

وَ مِنْ آیاتِهِ اللَّیْلُ وَ النَّهارُ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَ لا لِلْقَمَرِ وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُنَّ إِنْ کُنْتُمْ إِیَّاهُ تَعْبُدُونَ (۳۷) فَإِنِ اسْتَکْبَرُوا فَالَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ یُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّیْلِ وَ النَّهارِ وَ هُمْ لا یَسْأَمُونَ (۳۸) وَ مِنْ آیاتِهِ أَنَّکَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَهً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَیْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ إِنَّ الَّذِی أَحْیاها لَمُحْیِ الْمَوْتى‏ إِنَّهُ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ (۳۹)

وَ مِنْ آیاتِهِ‏ لیل ظلمه النفس بظهور صفاتها الساتره للنور لتقعوا فی السیئات و تستعدّوا لقبول الوساوس الشیطانیه و نهار نور الروح بإشراق أشعتها من القلب إلى النفس، فتباشروا الحسنات و تدفعوا السیئات بها و تمتنعوا عن قبول الوساوس و تتعرّضوا للنفحات و شمس الروح و قمر القلب‏ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ‏ بالفناء فیه و الوقوف معه و الاحتجاب به عن الحق‏ وَ لا لِلْقَمَرِ بالوقوف مع الفضائل و الکمالات و النبوّ إلى جنّه الصفات‏ وَ اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِی خَلَقَهُنَ‏ بالفناء فی الذات‏ إِنْ کُنْتُمْ‏ موحدین، مخصصین العبودیه به دون غیره لا مشرکین و لا محجوبین‏ فَإِنِ اسْتَکْبَرُوا عن الفناء فیه بظهور الأنانیه و الطغیان و الاستعلاء بصفات النفس و العدوان‏ فَالَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ یُسَبِّحُونَ لَهُ‏ بالتجرید و التنزیه عن حجب ذواتهم و صفاتهم دائما بلیل الاستتار فی مقام التفصیل و نهار التجلی فی مقام الجمع‏ لا یَسْأَمُونَ‏ لکونهم قائمین باللّه ذاکرین بالمحبه الذاتیه.

 

 

[۴۰- ۴۳]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۴۰ الى ۴۳]

إِنَّ الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی آیاتِنا لا یَخْفَوْنَ عَلَیْنا أَ فَمَنْ یُلْقى‏ فِی النَّارِ خَیْرٌ أَمْ مَنْ یَأْتِی آمِناً یَوْمَ الْقِیامَهِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (۴۰) إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِالذِّکْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَکِتابٌ عَزِیزٌ (۴۱) لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِیلٌ مِنْ حَکِیمٍ حَمِیدٍ (۴۲) ما یُقالُ لَکَ إِلاَّ ما قَدْ قِیلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِکَ إِنَّ رَبَّکَ لَذُو مَغْفِرَهٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِیمٍ (۴۳)

إِنَّ الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی آیاتِنا أی: یمیلون و یزیغون فیها من طریق الحق إلى الباطل فینسبونها إلى غیر الحق لاحتجابهم عنه و یتلونها بأنفسهم فیفهمون منها ما یناسب صفاتهم‏ لا یَخْفَوْنَ عَلَیْنا و إن خفینا عنهم‏ وَ إِنَّهُ لَکِتابٌ عَزِیزٌ منیع محمیّ عن أن یمسّه و یفهمه النفوس الخبیثه المحجوبه فتغیره و یطلع علیه المبطله فتبطله لبعده عن مبالغ عقولهم و ما اعتقدوه من باطلهم إذ لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ‏ جهه من الجهات لا من جهه الحق فیبطله بما هو أبلغ منه و أشدّ إحکاما فی کونه حقا و صدقا و لا من جهه الخلق فیبطلونه بالإلحاد فی تأویله و یغیّرونه بالتحریف لکونه ثابتا فی اللوح محفوظا من جهه الحق، کما قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (۹)[۲].

 

 

[۴۴- ۵۲]

[سوره فصلت (۴۱): الآیات ۴۴ الى ۵۲]

وَ لَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِیًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آیاتُهُ ءَ أَعْجَمِیٌّ وَ عَرَبِیٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِینَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ فِی آذانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَیْهِمْ عَمًى أُولئِکَ یُنادَوْنَ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ (۴۴) وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَى الْکِتابَ فَاخْتُلِفَ فِیهِ وَ لَوْ لا کَلِمَهٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّکَ لَقُضِیَ بَیْنَهُمْ وَ إِنَّهُمْ لَفِی شَکٍّ مِنْهُ مُرِیبٍ (۴۵) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَیْها وَ ما رَبُّکَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِیدِ (۴۶) إِلَیْهِ یُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَهِ وَ ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَکْمامِها وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى‏ وَ لا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَ یَوْمَ یُنادِیهِمْ أَیْنَ شُرَکائِی قالُوا آذَنَّاکَ ما مِنَّا مِنْ شَهِیدٍ (۴۷) وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما کانُوا یَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِیصٍ (۴۸)

لا یَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَیْرِ وَ إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَیَؤُسٌ قَنُوطٌ (۴۹) وَ لَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَهً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَیَقُولَنَّ هذا لِی وَ ما أَظُنُّ السَّاعَهَ قائِمَهً وَ لَئِنْ رُجِعْتُ إِلى‏ رَبِّی إِنَّ لِی عِنْدَهُ لَلْحُسْنى‏ فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَ لَنُذِیقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِیظٍ (۵۰) وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَ نَأى‏ بِجانِبِهِ وَ إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِیضٍ (۵۱) قُلْ أَ رَأَیْتُمْ إِنْ کانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ کَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِی شِقاقٍ بَعِیدٍ (۵۲)

قُلْ هُوَ لِلَّذِینَ آمَنُوا هُدىً وَ شِفاءٌ أی: هو للمؤمنین بالغیب هدایه تهدیهم إلى الحق و تبصرهم بالمعرفه و شفاء یزیل أمراض قلوبهم من الرذائل کالنفاق و الشک أی: تبصرهم بطریق النظر و العمل فتعلمهم و تزکّیهم‏ وَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ‏ من المحجوبین لا یسمعونه و لا یفهمونه بل یشتبه علیهم و یلتبس لاستیلاء الغفله علیهم و سدّ الغشاوات الطبیعیه و الهیئات البدنیه طرق‏ أسماع قلوبهم و أبصارها فلا ینفذ فیها و لا یتنبهوا بها و لا یتیقظوا کالذی ینادی من مکان بعید لبعدهم عن منبع النور الذی یدرک به الحق و یرى، و انهماکهم فی ظلمات الهیولى.

 

 

[۵۳]

[سوره فصلت (۴۱): آیه ۵۳]

سَنُرِیهِمْ آیاتِنا فِی الْآفاقِ وَ فِی أَنْفُسِهِمْ حَتَّى یَتَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ یَکْفِ بِرَبِّکَ أَنَّهُ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ شَهِیدٌ (۵۳)

سَنُرِیهِمْ آیاتِنا فِی الْآفاقِ وَ فِی أَنْفُسِهِمْ‏ أی: نوفقهم للنظر فی تصاریفنا للممکنات و أحوالها حَتَّى یَتَبَیَّنَ لَهُمْ‏ بطریق الاستدلال و الیقین البرهانی‏ أَنَّهُ الْحَقُّ أَ وَ لَمْ یَکْفِ بِرَبِّکَ‏ للذین شاهدوه من أهل العیان‏ أَنَّهُ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ شَهِیدٌ حاضر مطلع، أی: لم یکف شهوده على مظاهر الأشیاء فی معرفته و کونه الحق الثابت دون غیره حتى تحتاج إلى الاستدلال بأفعاله أو التوسل بتجلیات صفاته و هذا هو حال المحبوب المکاشف بالجذب قبل السلوک، و الأول حال المحبّ السالک المجاهد لطلب الوصول.

 

 

[۵۴]

[سوره فصلت (۴۱): آیه ۵۴]

أَلا إِنَّهُمْ فِی مِرْیَهٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ مُحِیطٌ (۵۴)

أَلا إِنَّهُمْ فِی مِرْیَهٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ‏ لاحتجابهم بالکون عن المکوّن و المخلوق عن الخالق‏ أَلا إِنَّهُ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ مُحِیطٌ لا یخرج عن إحاطته شی‏ء و إلا لم یوجد، إذ حقیقه کل شی‏ء عین علمه تعالى و وجوده به، و علمه عین ذاته و ذاته عین وجوده، فلا یخرج شی‏ء عن إحاطته إذ لا وجود لغیره و لا عین و لا ذات‏ کُلُّ شَیْ‏ءٍ هالِکٌ إِلَّا وَجْهَهُ‏[۳] کما قال تعالى:

کُلُّ مَنْ عَلَیْها فانٍ (۲۶) وَ یَبْقى‏ وَجْهُ رَبِّکَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِکْرامِ (۲۷)[۴].

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج‏۲، ص: ۲۲۷


[۱] ( ۱) سوره الشرح، الآیات: ۱- ۳.

[۲] ( ۱) سوره الحجر، الآیه: ۹.

[۳] ( ۱) سوره القصص، الآیه: ۸۸.

[۴] ( ۲) سوره الرحمن، الآیات: ۲۶- ۲۷.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=