تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره البلد
سوره البلد
[۱- ۳]
[سوره البلد (۹۰): الآیات ۱ الى ۳]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (۱) وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (۲) وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ (۳)
أقسم بالبلد الحرام الذی هو البلد القدسی النازل به رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم و هو الأفق الأعلى و الوادی المقدّس وَ أَنْتَ حِلٌ مطلق بِهذَا الْبَلَدِ تفعل به ما تشاء غیر مقید بقیود صفات النفس و العادات وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ أی: روح القدس الذی هو الأب الحقیقی للنفوس الإنسانیه کقول عیسى علیه السلام: «إنی ذاهب إلى أبی و أبیکم السماوی»، و قوله: «تشبّهوا بأبیکم السماویّ». و نفسک التی ولدها هو أی: بروح القدس و نفسک الناطقه.
[۴]
[سوره البلد (۹۰): آیه ۴]
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی کَبَدٍ (۴)
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِی مکابده و مشقه من نفسه و هواه أو مرض باطن و فساد قلب و غلظ حجاب إذ الکبد فی اللغه غلظ الکبد الذی هو مبدأ القوه الطبیعیه و فساده و حجاب القلب و فساده من هذه القوه فاستعیر غلظ الکبد لغلظ حجاب القلب و مرض الجهل.
[۵- ۷]
[سوره البلد (۹۰): الآیات ۵ الى ۷]
أَ یَحْسَبُ أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ أَحَدٌ (۵) یَقُولُ أَهْلَکْتُ مالاً لُبَداً (۶) أَ یَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ (۷)
أَ یَحْسَبُ لغلظ حجابه و مرض قلبه لاحتجابه بالطبیعه أَنْ لَنْ یَقْدِرَ عَلَیْهِ أَحَدٌ یَقُولُ أَهْلَکْتُ مالًا لُبَداً کثیرا، أی: فی المکارم للافتخار و المباهاه کقول العرب: خسرت علیه کذا، إذا أنفق علیه یتفضل على الناس بالتبذیر و الإسراف و یحسبه فضیله لاحتجابه عن الفضیله و جهله و لهذا قال: أَ یَحْسَبُ أَنْ لَمْ یَرَهُ أَحَدٌ أی: أ یحسب أن لم یطلع اللّه تعالى على باطنه و نیته حین ینفق ماله فی السمعه و الریاء و المباهاه لا على ما ینبغی فی مراضی اللّه و هی رذیله على رذیله فکیف تکون فضیله.
[۸- ۱۰]
[سوره البلد (۹۰): الآیات ۸ الى ۱۰]
أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ (۸) وَ لِساناً وَ شَفَتَیْنِ (۹) وَ هَدَیْناهُ النَّجْدَیْنِ (۱۰)
أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَیْنَیْنِ ألم ننعم علیه بالآلات البدنیه التی یتمکن بها من اکتساب الکمال لیبصر ما یعتبر به و یسأل عما لا یعلم و یتکلم فیه وَ هَدَیْناهُ إلى طریقی الخیر و الشر.
[۱۱- ۱۷]
[سوره البلد (۹۰): الآیات ۱۱ الى ۱۷]
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَهَ (۱۱) وَ ما أَدْراکَ مَا الْعَقَبَهُ (۱۲) فَکُّ رَقَبَهٍ (۱۳) أَوْ إِطْعامٌ فِی یَوْمٍ ذِی مَسْغَبَهٍ (۱۴) یَتِیماً ذا مَقْرَبَهٍ (۱۵)
أَوْ مِسْکِیناً ذا مَتْرَبَهٍ (۱۶) ثُمَّ کانَ مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَهِ (۱۷)
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَهَ أی: عقبه النفس و هواها الحاجبه للقلب بالریاضه و المجاهده، و أی عقبه کؤود هی لا یدری کنه مشقتها فَکُّ رَقَبَهٍ أی: العقبه التی یجب اقتحامها تخلیص رقبه القلب الأسیر فی قید هوى النفس و فکها عن أسرها بالتجرید عن المیول الطبیعیه بالکلیه فإن لم یکن الفک بالکلیه بالریاضه و إماته القوى و قهر النفس فتکلف الفضائل و التزام سلوک طریقها و اکتسابها حتى یصیر التطبع طباعا و هو معنى قوله:
أَوْ إِطْعامٌ فِی یَوْمٍ ذِی مَسْغَبَهٍ إلى قوله: وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَهِ فإن الإطعام خصوصا وقت شده الاحتیاج للمستحق الذی هو وضع فی موضعه من باب فضیله العفه بل أفضل أنواعها و الإیمان من فضیله الحکمه و أشرف أنواعها و أجلها و هو الإیمان العلمی الیقینی و الصبر على الشدائد من أعظم أنواع الشجاعه و أخره عن الإیمان لامتناع حصول فضیله الشجاعه بدون الیقین، و المرحمه أی: التراحم و التعاطف من أفضل أنواع العداله فانظر کیف عدد أجناس الفضائل الأربع التی یحصل بها کمال النفس.
بدأ بالعفه التی هی أولى الفضائل و عبر عنها بمعظم أنواعها و أخص خصالها الذی هو السخاء، ثم أورد الإیمان الذی هو الأصل و الأساس و جاء بلفظه ثم لبعد مرتبته عن الأولى فی الارتفاع و العلوّ و عبر عن الحکمه به لکونه أم سائر مراتبها و أنواعها ثم رتب علیه الصبر لامتناعه بدون الیقین و أخر العداله التی هی نهایتها و استغنى بذکر المرحمه التی هی صفه الرحمن عن سائر أنواعها کما استغنى بذکر الصبر عن سائر أنواع الشجاعه.
[۱۸- ۲۰]
[سوره البلد (۹۰): الآیات ۱۸ الى ۲۰]
أُولئِکَ أَصْحابُ الْمَیْمَنَهِ (۱۸) وَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَهِ (۱۹) عَلَیْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَهٌ (۲۰)
أُولئِکَ أَصْحابُ الْمَیْمَنَهِ أی: الموصوفون بهذه الفضائل هم السعداء أصحاب الیمن و سکان عالم القدس وَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِنا أی: حجبوا عن هذه الصفات التی هی آیات اللّه الحقیقیه التی تعرف بها ذاته هُمْ أَصْحابُ الشؤم و سکان عالم الرجس عَلَیْهِمْ تستولی نار الطبیعه الآثاریه مطبقه علیهم أبوابها محبوسین فیها ممنوعین عن الروح و المراتب أبد الآبدین، و اللّه أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۳۴