تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره العصر
سوره و العصر
[۱- ۲]
[سوره العصر (۱۰۳): الآیات ۱ الى ۲]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
وَ الْعَصْرِ (۱) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِی خُسْرٍ (۲)
أقسم بالعصر أی: بامتداد بقاء الزمان و ما فیه و ما یحدث معه بمبدعه و علّته الذی هو الدهر الناس یضیفون تغیرات الأمور و الأحوال إلیه و یجعلونه مؤثرا فیه کقولهم: وَ ما یُهْلِکُنا إِلَّا الدَّهْرُ[۱]. و المؤثر بالحقیقه هو اللّه تعالى کما
قال علیه السلام: «لا تسبّوا الدهر فإنّ اللّه هو الدهر»
، تعظیما له لظهوره تعالى بصفاته و أفعاله فی مظهره على أن المحجوب به عنه فی خسر و هو الإنسان لخسارته برأس ماله الذی هو نور الفطره و الهدایه الأصلیه من الاستعداد الأزلیّ باختیار الحیاه الدنیا و اللذات الفانیه و الاحتجاب بها و بالدهر و إضاعه الباقی فی الفانی.
[۳]
[سوره العصر (۱۰۳): آیه ۳]
إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ تَواصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ (۳)
إِلَّا الَّذِینَ آمَنُوا باللّه الإیمان العلمی الیقینی و عرفوا أن لا مؤثر إلا اللّه و برزوا عن حجاب الدهر وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الباقیات من الفضائل و الخیرات، أی: اکتسبوها فربحوا بزیاده النور الکمالی على النور الاستعدادی الذی هو رأس مالهم وَ تَواصَوْا بِالْحَقِ أی:
الثابت الدائم الباقی على حاله أبدا من التوحید و العدل، أی: التوحید الذاتی و الوصفی و الفعلی فإنه الحق الثابت فحسب وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ معه و علیه عن کل ما سواه بالتمکین و الاستقامه، فإن الوصول إلى الحق سهل.
و أما البقاء علیه و الصبر معه بالاستقامه فی العبودیه فأعزّ من الکبریت الأحمر و الغراب الأبیض، فالفحوى أن نوع الإنسان فی خسر إلا الکاملین فی العلم و العمل، المکملین بهما.
و یجوز أن یؤخذ العصر بمعنى المصدر من عصر یعصر أی: و عصر اللّه الإنسان بالبلاء و المجاهده و الریاضه حتى تصفو نقاوته، إن الإنسان الباقی مع الثفل الواقف مع حجاب البشریه فی خسر إلا الذین اتصفوا بالعلم و العمل و تواصوا بالحق الثابت الذی هو الاعتقاد الیقینی اللازم للصفاوه الباقیه بعد ذهاب الثفل و تواصوا بالصبر على العصر و الانعصار بالبلاء و الریاضه، و لهذا
قال علیه السلام: «البلاء موکل بالأنبیاء ثم الأولیاء ثم الأمثل فالأمثل»،
وقال: «البلاء سوط من سیاط اللّه یسوق به عباده إلیه».
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۵۸
[۱] ( ۱) سوره الجاثیه، الآیه: ۲۴.