تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره الحديد

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الحدید

سوره الحدید

[۱- ۲]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۱ الى ۲]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۱) لَهُ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ هُوَ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ (۲)

سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أظهر کل موجود تنزیهه عن الإمکان و قبول الفناء بوجوده الإضافی و ثباته‏ وَ هُوَ الْعَزِیزُ القوی الذی یقهرها و یجبرها الْحَکِیمُ‏ الذی یرتب کمالاتها و عن العجز بحدوثه و تغیره و عن جمیع النقائص بإظهار کمالات کل موجود و نظامها على ترتیب حکمی.

 

 

[۳- ۶]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۳ الى ۶]

هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظَّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ (۳) هُوَ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ یَعْلَمُ ما یَلِجُ فِی الْأَرْضِ وَ ما یَخْرُجُ مِنْها وَ ما یَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما یَعْرُجُ فِیها وَ هُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ ما کُنْتُمْ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ (۴) لَهُ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (۵) یُولِجُ اللَّیْلَ فِی النَّهارِ وَ یُولِجُ النَّهارَ فِی اللَّیْلِ وَ هُوَ عَلِیمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (۶)

هُوَ الْأَوَّلُ‏ الذی یبتدئ منه الوجود الإضافی باعتبار إظهاره‏ وَ الْآخِرُ الذی ینتهی إلیه باعتبار إمکانه و انتهاء احتیاجه إلیه فکل شی‏ء به یوجد و فیه یفنى، فهو أوله و آخره فی حاله واحده باعتبارین‏ وَ الظَّاهِرُ فی مظاهر الأکوان بصفاته و أفعاله‏ وَ الْباطِنُ‏ باحتجابه بماهیاته و بذاته‏ وَ هُوَ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ‏ لأن عین ماهیته صوره من صور معلوماته إذ صور الأشیاء کلها فی اللوح المحفوظ و هو یعلم اللوح مع تلک الصور بعین ماهیه اللوح المنقش بتلک الصور فعلمه بها عین علمه بذاته.

خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ‏ من الأیام الإلهیه أی: الآلات السته التی هی من زمان آدم إلى زمان محمد علیهما السلام جمیع مدّه دور الخفاء، أی: احتجب بها فظهر الخلق دونه إذ الخلق احتجاب الحق بالأشیاء و هذا الزمان زمان الاحتجاب کما ذکر فی (الأعراف).

ثُمَّ اسْتَوى‏ على عرش القلب المحمدی بالظهور فی جمیع الصفات غیر محتجب‏ بعضها ببعض و لا الذات بالصفات و لا الصفات بالذات، بل استوت کلها فی الظهور فی الیوم السابع أو فی صور المراتب الستّ من الجواهر و الأعراض المذکوره فی (ق)، ثم استوى على عرش الروح الأعظم بالتأثیر فی جمیع الأشیاء فی الصوره الرحمانیه بالسویه و الظهور باسم الرحمن‏ یَعْلَمُ ما یَلِجُ‏ فی أرض العالم الجسمانی من الصور النوعیه لأنها صور معلوماته‏ وَ ما یَخْرُجُ مِنْها من الأرواح التی تفارقها و الصور التی تزایلها عند الفناء و الفساد و هی التی تنزل من السماء و تعرج فیها، أو ما ینزل من سماء الروح من العلوم و الأنوار الفائضه على القلب و ما یعرج فیها من الکلیات المنتزعه من الجزئیات المحسوسه و هیئات الأعمال المزکیه وَ هُوَ مَعَکُمْ أَیْنَ ما کُنْتُمْ‏ لوجودکم به و ظهوره فی مظاهرکم‏ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِیرٌ لسبق علمه به و کونه منقوشا فی أربعه ألواح فی عالم ملکوته بحضرته یولج لیل الغفله فی نهار الحضور و یولج نهار الحضور فی لیل الغفله، و یستر الجمال بالجلال و یحجب الجلال بالجمال‏ وَ هُوَ عَلِیمٌ‏ بما أودع الصدور من أسراره و دقائق الغفله و الحضور و حکمتهما و لطائف التستر و التجلی و فائدتهما لا یعلمها إلا هو.

 

 

[۷]

[سوره الحدید (۵۷): آیه ۷]

آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ أَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَکُمْ مُسْتَخْلَفِینَ فِیهِ فَالَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَ أَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ کَبِیرٌ (۷)

آمِنُوا بِاللَّهِ‏ الإیمان الیقینی بتوحید الأفعال‏ وَ رَسُولِهِ‏ أی: لا تحتجبوا بأفعال الحق فی إیمانکم بتوحید الأفعال عن أفعال الخلق فتقعوا فی الجبر و حرمان الأجر، بل شاهدوا أفعال الحق بالإیمان به جمعا فی مظاهر التفاصیل بحکم الشرع لیحصل لکم التوکل و یسهل علیکم الإنفاق من مال اللّه الذی هو فی أیدیکم و جعلکم مستخلفین فیه بتمکینکم و إقدارکم على التصرّف فیه بحکم الشرع إذ الأموال کلها للّه و اختصاص نسبه التصرّف إنما هو بحکمه فی شریعته، فَالَّذِینَ آمَنُوا مِنْکُمْ‏ بشهود الأفعال‏ وَ أَنْفِقُوا عن مقام التوکل‏ لَهُمْ أَجْرٌ کَبِیرٌ فی جنه الأفعال.

 

 

[۸]

[سوره الحدید (۵۷): آیه ۸]

وَ ما لَکُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الرَّسُولُ یَدْعُوکُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّکُمْ وَ قَدْ أَخَذَ مِیثاقَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۸)

وَ ما لَکُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ‏ و قد اعتضد السببان الداخلی و الخارجی الموجب اجتماعهما للإیمان إیجابا ذاتیا. أما الخارجی فدعوه الرسول الذی هو السبب الفاعلی، و أما الداخلی فأخذ المیثاق الأزلی و هو الاستعداد الفطری الذی هو السبب القابلی و قوه الاستدلال‏ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ‏ بالقوه، أی: إن بقی نور الفطره و الإیمان الأزلی فیکم.

 

 

[۹- ۱۲]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۹ الى ۱۲]

هُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ عَلى‏ عَبْدِهِ آیاتٍ بَیِّناتٍ لِیُخْرِجَکُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ بِکُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ (۹) وَ ما لَکُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَ لِلَّهِ مِیراثُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا یَسْتَوِی مِنْکُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِکَ أَعْظَمُ دَرَجَهً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ کُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى‏ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِیرٌ (۱۰) مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَیُضاعِفَهُ لَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ کَرِیمٌ (۱۱) یَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُؤْمِناتِ یَسْعى‏ نُورُهُمْ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ وَ بِأَیْمانِهِمْ بُشْراکُمُ الْیَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها ذلِکَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِیمُ (۱۲)

هُوَ الَّذِی یُنَزِّلُ عَلى‏ عَبْدِهِ آیاتٍ بَیِّناتٍ‏ من بیان تجلیات الأفعال و الصفات و الذات‏ لِیُخْرِجَکُمْ‏ من ظلمات صفات النفس و الهیئات البدنیه المستفاده من الحس إلى تنوّر القلب و من ظلمات صفات القلب إلى نور الروح و من ظلمات وجوداتکم و إنباتکم إلى نور الدین، و هی الظلمات المشار إلیها بقوله: ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ‏[۱] وَ إِنَّ اللَّهَ بِکُمْ لَرَؤُفٌ رَحِیمٌ‏ یدفع آفه النقصان عنکم بهبه الاستعداد و توفیق الهدایه إلى إزاله الحجب ببعث الرسول و تعلیمه إیاکم، رحیم بإفاضه الکمالات مع حصول القبول بتزکیه النفوس و تصفیه الاستعدادات.

لا یَسْتَوِی مِنْکُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ‏ أی: بذلوا أموالهم و أنفسهم قبل الفتح المطلق الذی کان لرسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم بالمعراج التام و الوصول إلى حضره الوحده أُولئِکَ أَعْظَمُ دَرَجَهً مِنَ الَّذِینَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ لقوه استعدادهم و شدّه أنوار باطنهم الأصلیه عرفوه و ألفوه بتشامّ الروح و ظهرت علیهم کمالاتهم من غیر واسطه تأثیره فیهم و هم الذین غلبت علیهم القوه القدسیه التی‏ یَکادُ زَیْتُها یُضِی‏ءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ[۲]، و أما الذین أنفقوا من بعد فلضعف استعداداتهم و قلّه نوریتها احتاجوا إلى قوه تأثیره فیهم و إخراج کمالاتهم إلى الفعل‏ وَ کُلًّا وَعَدَ اللَّهُ‏ المثوبه الْحُسْنى‏ لحصول الیقین و ظهور الکمال کیف کان مع تفاوت الدرجات بما لا تحصى، إذ الآخرون هم الذین حازوا الکمال الخلقی فی مقام النفس الذین أقرضوا اللّه أموالهم رغبه فی الإضعاف من الثواب و کرامه الأجر، و الأوّلون هم السابقون الذین تجرّدوا عنها ابتغاء مرضاه اللّه و تثبیتا من أنفسهم فی طریق الحق فهم المؤمنون الذین‏ یَسْعى‏ نُورُهُمْ بَیْنَ أَیْدِیهِمْ‏ لکونهم على الصراط المستقیم متوجهین إلى وجه اللّه بتوحید الذات، و المتأخرون هم الذین یسعى نورهم بإیمانهم لکونهم أصحاب الیمین من المؤمنین و المؤمنات الکائنین فی مقام القلب و الیقین‏ بُشْراکُمُ الْیَوْمَ‏ خطاب لکلا الفریقین مع تغلیب السابقین لذکر الجنات الثلاث، و وصف الفوز بالعظم إذ عظم الفوز إنما هو للفرقه الثالثه، و أما فوز من‏ دونهم من أصحاب الجنّتین فموصوف بالکبیر و الکریم.

 

 

[۱۳- ۱۶]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۱۳ الى ۱۶]

یَوْمَ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِینَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِکُمْ قِیلَ ارْجِعُوا وَراءَکُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَیْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِیهِ الرَّحْمَهُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (۱۳) یُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ قالُوا بَلى‏ وَ لکِنَّکُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَکُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْکُمُ الْأَمانِیُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّکُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (۱۴) فَالْیَوْمَ لا یُؤْخَذُ مِنْکُمْ فِدْیَهٌ وَ لا مِنَ الَّذِینَ کَفَرُوا مَأْواکُمُ النَّارُ هِیَ مَوْلاکُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ (۱۵) أَ لَمْ یَأْنِ لِلَّذِینَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِکْرِ اللَّهِ وَ ما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَ لا یَکُونُوا کَالَّذِینَ أُوتُوا الْکِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَیْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (۱۶)

یَوْمَ یَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ‏ أی: المستعدّون الأقویاء الاستعداد و الضعفاء المحجوبون بصفات النفوس و هیئات الأبدان، المنغمسون فی ظلمات الطبائع و غسق الآثام الذین قد بقی فیهم مسکه من نور الفطره و لم تنظف بالکلیه یشتاقون به إلى نور الکمال الحاصل لفریق المؤمنین و یلتمسونه و یطلبونه فی حسرات و زفرات عند بروزهم عن حجاب البدن بالموت و ظهور الحرمان محبوسین واقفین فی حضیض النقصان، متندّمین عند تبین الخسران و المؤمنون یمرّون کالبرق الخاطف لا یلتفتون إلیهم.

انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِکُمْ‏ بجنسیه الاستعداد و ظاهر الإسلام‏ قِیلَ ارْجِعُوا وَراءَکُمْ‏ إلى الدنیا و محل الکسب، فإن النور إنما یکتسب بالآلات البدنیه و القوى الجسمانیه من الحواس الظاهره و الباطنه بالأعمال الحسنه و العلوم الحقه فَضُرِبَ بَیْنَهُمْ بِسُورٍ هو البرزخ الهیولانی الذی یحتجبون به على حسب اقتضاء هیئاتهم الظلمانیه لَهُ بابٌ‏ هو القلب، إذ لا یطلع من عالم القدس على عالم الرجس إلا من طریق القلب‏ باطِنُهُ‏ و هو عالم القدس‏ فِیهِ الرَّحْمَهُ أی: النور و الروح و الریحان و جنه النعیم من المراتب المذکوره وَ ظاهِرُهُ‏ الذی یلی النفس و هو عالم الرجس و مقرّ تلک النفوس المظلمه من الأشقیاء مِنْ قِبَلِهِ‏ أی: من جهته‏ الْعَذابُ‏ الذی یستحقونه بحسب هیئاتهم و تنوّعها و هذا الباب لا مفتح له من جهه ظاهره الذی إلى الأشقیاء بل هو مسدود مغلق لا ینفتح أبدا. و أما من جهه باطنه فکلما شاء أهل الجنه من السابقین انفتح لهم فاطلعوا على أهل النار و تعذّباتهم و یدخلون علیهم فینطفئ لهب النار من نورهم بل یحرق نورهم النار بالنسبه إلیهم دون الجهنمیین فتقول جهنم: جز یا مؤمن فإن نورک أطفأ لهبی.

أَ لَمْ نَکُنْ مَعَکُمْ‏ فی الفطره الأولى و عین جمع الصفات‏ قالُوا بَلى‏ وَ لکِنَّکُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَکُمْ‏ ابتلیتموها باللذات الحسیه و الشهوات البدنیه و الصفات البهیمیه و السبعیه وَ تَرَبَّصْتُمْ‏ باستیلاء التخیلات من الآمال و الأمانی الغالبه بدواعی الحسد و الطمع‏ وَ ارْتَبْتُمْ‏ باستیلاء الوهمیات على المعقولات و غلبه الأوهام على العقول‏ وَ غَرَّتْکُمُ الْأَمانِیُ‏ بدواعی الوهم و مقتضى التخیل‏ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ‏ من الموت و حصول العقاب.

 

 

[۱۷]

[سوره الحدید (۵۷): آیه ۱۷]

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَیَّنَّا لَکُمُ الْآیاتِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ (۱۷)

اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ یُحْیِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها تمثیل لتأثیر الذکر فی القلوب و إحیائها.

 

 

[۱۸- ۲۰]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۱۸ الى ۲۰]

إِنَّ الْمُصَّدِّقِینَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ وَ أَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً یُضاعَفُ لَهُمْ وَ لَهُمْ أَجْرٌ کَرِیمٌ (۱۸) وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُولئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ وَ الَّذِینَ کَفَرُوا وَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا أُولئِکَ أَصْحابُ الْجَحِیمِ (۱۹) اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَیاهُ الدُّنْیا لَعِبٌ وَ لَهْوٌ وَ زِینَهٌ وَ تَفاخُرٌ بَیْنَکُمْ وَ تَکاثُرٌ فِی الْأَمْوالِ وَ الْأَوْلادِ کَمَثَلِ غَیْثٍ أَعْجَبَ الْکُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ یَکُونُ حُطاماً وَ فِی الْآخِرَهِ عَذابٌ شَدِیدٌ وَ مَغْفِرَهٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ وَ مَا الْحَیاهُ الدُّنْیا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (۲۰)

إِنَّ الْمُصَّدِّقِینَ وَ الْمُصَّدِّقاتِ‏ من المؤمنین بالغیب فی مقام النفس لقوله: وَ لَهُمْ أَجْرٌ کَرِیمٌ‏ وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ‏ من أهل الإیقان فی مقام القلب لقوله: لَهُمْ أَجْرُهُمْ‏ أی:

من جنه النفس و نورهم من جنه القلب بتجلی الصفات‏ أُولئِکَ هُمُ الصِّدِّیقُونَ‏ بقوه الیقین‏ وَ الشُّهَداءُ أهل الحضور و المراقبه و الذین حجبوا عن الذات و الصفات فی مقابلتهم، أی:

لیسوا من أهل الإیمان بالغیب و لا من أهل الإیقان‏ أُولئِکَ أَصْحابُ‏ جحیم الطبیعه.

 

 

[۲۱]

[سوره الحدید (۵۷): آیه ۲۱]

سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَهٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّهٍ عَرْضُها کَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ ذلِکَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ (۲۱)

سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَهٍ مِنْ رَبِّکُمْ‏ لما حقّر الحیاه الحسیه النفسیه الفانیه و صوّرها فی صوره الخضراء السریعه الانقضاء دعاهم إلى الحیاه العقلیه القلبیه الباقیه فقال: سابِقُوا إِلى‏ مَغْفِرَهٍ مِنْ رَبِّکُمْ‏ أی: تستر صفات النفس بنور القلب‏ وَ جَنَّهٍ عَرْضُها العالم الجسمانی بأسره لإحاطه القلب به و بصوره أو نفرهم عن الحیاه البشریه و دعاهم إلى الحیاه الإلهیه أی: سابقوا إلى مغفره تستر ذواتکم و وجوداتکم التی هی أصل الذنب العظیم بنور ذاته و جنّه عرضها سموات الأرواح و أرض الأجساد بأسرها، أی: الوجود المطلق کله الشامل للوجودات الإضافیه بأجمعها أُعِدَّتْ لِلَّذِینَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ‏ الإیمان العلمی الیقینی على الأول و الإیمان العینی و الحقی على الثانی.

 

 

[۲۲- ۲۳]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۲۲ الى ۲۳]

ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَهٍ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلاَّ فِی کِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ (۲۲) لِکَیْلا تَأْسَوْا عَلى‏ ما فاتَکُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاکُمْ وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (۲۳)

ما أَصابَ مِنْ مُصِیبَهٍ من الحوادث الخارجیه و البدنیه و النفسانیه إِلَّا فِی کِتابٍ‏ هو القلب الکلی المسمى باللوح المحفوظ. لتعلموا علما یقینا أنه لیس من لکسبکم و حفظکم و حذرکم و حراستکم فیما آتاکم مدخل و تأثیر، و لا لعجزکم و إهمالکم و غفلتکم و قلّه حیلتکم و عدم احترازکم و احتفاظکم فیما فاتکم مدخل، فلا تحزنوا على فوات خیر و نزول شر و لا تفرحوا بوصول خیر و زوال شرّ إذ کلها مقدّره إن‏ اللَّهُ لا یُحِبُّ کُلَّ مُخْتالٍ‏ أی: متبختر من شدّه الفرح بما آتاه‏ فَخُورٍ به لعدم یقینه و بعده عن الحق بحب الدنیا و انجذابه إلى الجهه السفلیه بمنافاته للحضره الإلهیه و احتجابه بالظلمات عن النور.

 

 

[۲۴]

[سوره الحدید (۵۷): آیه ۲۴]

الَّذِینَ یَبْخَلُونَ وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَ مَنْ یَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ (۲۴)

الَّذِینَ یَبْخَلُونَ‏ لشدّه محبه المال‏ وَ یَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ‏ لاستیلاء الرذیله علیهم‏ وَ مَنْ یَتَوَلَ‏ أی: یعرض عن اللّه بالتوجه إلى العالم السفلی و الجوهر الغاسق الظلمانی‏ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِیُ‏ عنه لاستغنائه بذاته‏ الْحَمِیدُ لاستقلاله بکماله، أی: یخذله و یمهله.

 

 

[۲۵- ۲۷]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۲۵ الى ۲۷]

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ وَ الْمِیزانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ فِیهِ بَأْسٌ شَدِیدٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ وَ لِیَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَیْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزٌ (۲۵) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَ إِبْراهِیمَ وَ جَعَلْنا فِی ذُرِّیَّتِهِمَا النُّبُوَّهَ وَ الْکِتابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (۲۶) ثُمَّ قَفَّیْنا عَلى‏ آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَ قَفَّیْنا بِعِیسَى ابْنِ مَرْیَمَ وَ آتَیْناهُ الْإِنْجِیلَ وَ جَعَلْنا فِی قُلُوبِ الَّذِینَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَهً وَ رَحْمَهً وَ رَهْبانِیَّهً ابْتَدَعُوها ما کَتَبْناها عَلَیْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعایَتِها فَآتَیْنَا الَّذِینَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَ کَثِیرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (۲۷)

لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَیِّناتِ‏ بالمعارف و الحکم‏ وَ أَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْکِتابَ‏ أی: الکتابه وَ الْمِیزانَ‏ أی: العدل لأنه آلته‏ وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِیدَ أی: السیف لأنه مادّته و هی الأمور التی بها یتم الکمال النوعی و ینضبط النظام الکلی المؤدّی إلى صلاح المعاش و المعاد إذ الأصل المعتبر و المبدأ الأول هو العلم و الحکمه، و الأصل المعوّل علیه فی العمل و الاستقامه فی طریق الکمال هو العدل، ثم لا ینضبط النظام و لا یتمشى صلاح الکل إلا بالسیف و القلم اللذان یتم بهما أمر السیاسه، فالأربعه هی أرکان کمال النوع و صلاح الجمهور و یجوز أن تکون البینات إشاره إلى المعارف و الحقائق النظریه، و الکتاب إشاره إلى الشریعه و الحکم العملیه، و المیزان إلى العمل بالعدل، و السویه و الحدید إلى القهر و دفع شرور البریه. و قیل:

البینات العلوم الحقیقیه و الثلاثه الباقیه هی النوامیس الثلاثه المشهوره المذکوره فی الکتب الحکمیه، أی: الشرع و الدینار المعدّل للأشیاء فی المعاوضات و الملک و أیّا ما کان فهی الأمور المتضمنه للکمال الشخصی و النوعی فی الدارین إذ لا یحصل کمال الشخص إلا بالعلم‏ و العمل و لا کمال النوع إلا بالسیف و القلم. أما الأول فظاهر و أما الثانی فلأن الإنسان مدنیّ بالطبع محتاج إلى التعامل و التعاون لا تمکن معیشته إلا بالاجتماع، و النفوس إما خیره أحرار بالطبع منقاده للشرع و إما شریره عبید بالطبع آبیه للشرع. فالأولى یکفیها فی السلوک طریق الکمال، و العمل بالعداله اللطف و سیاسه الشرع. و الثانیه لا بدّ لها من القهر و سیاسه الملک.

 

 

[۲۸- ۲۹]

[سوره الحدید (۵۷): الآیات ۲۸ الى ۲۹]

یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ یَغْفِرْ لَکُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ (۲۸) لِئَلاَّ یَعْلَمَ أَهْلُ الْکِتابِ أَلاَّ یَقْدِرُونَ عَلى‏ شَیْ‏ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ (۲۹)

یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا الإیمان الیقینی‏ اتَّقُوا اللَّهَ‏ بالتجرّد عن صفاتکم و التنزّه عن ذواتکم‏ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ‏ بالاستقامه فی أعمالکم و أحوالکم على طریق المتابعه یُؤْتِکُمْ کِفْلَیْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ‏ فی جنه النفس‏ وَ یَجْعَلْ لَکُمْ نُوراً من أنوار الروح و تجلیات الصفات فی مقام القلب‏ تَمْشُونَ بِهِ‏ تسیرون به فی الصفات‏ وَ یَغْفِرْ لَکُمْ‏ ذنوب ذواتکم‏ وَ اللَّهُ غَفُورٌ بإفناء البقیات‏ رَحِیمٌ‏ بهبه الوجودات الحقانیّه بعد فناء الإنیات‏ لِئَلَّا یَعْلَمَ أَهْلُ الْکِتابِ‏ أی:

المحجوبون بالرین عن الحق أو بطریق الضلاله و دین الباطل عن الصراط المستقیم و دین الحق‏ أَلَّا یَقْدِرُونَ عَلى‏ شَیْ‏ءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ‏ لأنه موهوب لا یمکن اکتسابه‏ وَ أَنَّ الْفَضْلَ بِیَدِ اللَّهِ‏ أی: فی تصرفه و تحت ملکه و قدرته‏ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشاءُ موهبه لا کسبا منه‏ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ‏ الذی هو نهایه الکمال، و اللّه تعالى أعلم.

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج‏۲، ص: ۳۲۴


[۱] ( ۱) سوره النور، الآیه: ۴۰.

[۲] ( ۲) سوره النور، الآیه: ۳۵.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=