تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الأعراف
سوره الأعراف
[۱- ۷]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱ الى ۷]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
المص (۱) کِتابٌ أُنْزِلَ إِلَیْکَ فَلا یَکُنْ فِی صَدْرِکَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَ ذِکْرى لِلْمُؤْمِنِینَ (۲) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ وَ لا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِیاءَ قَلِیلاً ما تَذَکَّرُونَ (۳) وَ کَمْ مِنْ قَرْیَهٍ أَهْلَکْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَیاتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ (۴)
فَما کانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلاَّ أَنْ قالُوا إِنَّا کُنَّا ظالِمِینَ (۵) فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِینَ أُرْسِلَ إِلَیْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِینَ (۶) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَیْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما کُنَّا غائِبِینَ (۷)
المصکِتابٌ أُنْزِلَ إِلَیْکَ- إلى قوله- ذِکْرى لِلْمُؤْمِنِینَ (ا) إشاره إلى الذات الأحدیه، و (ل) إلى الذات مع صفه العلم کما مرّ، و (م) إلى التمیمه الجامعه التی هی معنى محمد، أی: نفسه و حقیقته، و (ص) إلى الصوره المحمدیه التی هی جسده و ظاهره.
و عن ابن عباس، أنه قال صلى اللّه علیه و سلم: «جبل بمکه کان علیه عرش الرحمن حین لا لیل و لا نهار»، أشار بالجبل إلى جسد محمد، و بعرش الرحمن إلى قلبه. کما ورد فی الحدیث: «قلب المؤمن عرش اللّه».
و جاء: «لا یسعنی أرضی و لا سمائی، و یسعنی قلب عبدی المؤمن» .
و قوله: «حین لا لیل و لا نهار» إشاره منه إلى الوحده، لأن القلب إذا وقع فی ظل أرض النفس و احتجب بظلمه صفاتها کان فی اللیل، و إذا طلع علیه نور شمس الروح و استضاء بضوئه کان فی النهار، و إذا وصل إلى الوحده الحقیقیه بالمعرفه و الشهود الذاتی و استوى عنده النور و الظلمه کان وقته لا لیلا و لا نهارا، و لا یکون عرش الرحمن إلا فی هذا الوقت.
فمعنى الآیه: إنّ وجود الکلّ من أوله إلى آخره کِتابٌ أُنْزِلَ إِلَیْکَ أی: أنزل إلیک علمه فَلا یَکُنْ فِی صَدْرِکَ حَرَجٌ مِنْهُ أی: ضیق من حمله، فلا یسعه لعظمته فیتلاشى بالفناء فی الوحده و الاستغراق فی عین الجمع و الذهول عن التفصیل، إذ کان علیه السلام فی مقام الفناء محجوبا بالحق عن الخلق کلما رد علیه الوجود، و حجب عنه الشهود الذاتی و ظهر علیه بالتفصیل، ضاق عنه وعاؤه و ارتکب علیه وزر و ثقل، و لهذا خوطب بقوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ (۱) وَ وَضَعْنا عَنْکَ وِزْرَکَ (۲)[۱] بالوجود الموهوب الحقانی، و الاستقامه فی البقاء بعد الفناء بالتمکین لیسع صدرک الجمع و التفصیل و الحق و الخلق، فلم یبق علیک وزر فی عین الجمع و لا حجاب بأحدهما عن الآخر لِتُنْذِرَ بِهِ و تذکر تذکیرا لِلْمُؤْمِنِینَ بالإیمان الغیبی، أی: لا یضق صدرک منه لیمکنک الإنذار و التذکیر، إذ لو ضاق لبقی فی حال الفناء، لا یرى إلا الحق فی الوجود و ینظر إلى الحق بنظر العدم المحض فکیف ینذر و یذکر و یأمر و ینهی. و على تقدیر القسم فمعناه بالکل من أوّله إلى آخره، أو باسم اللّه الأعظم إذ (ص) حامل العرش و العرش یسع الذات و الصفات و المجموع هو الاسم الأعظم، لهو کتاب أنزل إلیک علمه، أو: لهذا القرآن کتاب أنزل إلیک.
[۸- ۲۱]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۸ الى ۲۱]
وَ الْوَزْنُ یَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۸) وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما کانُوا بِآیاتِنا یَظْلِمُونَ (۹) وَ لَقَدْ مَکَّنَّاکُمْ فِی الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَکُمْ فِیها مَعایِشَ قَلِیلاً ما تَشْکُرُونَ (۱۰) وَ لَقَدْ خَلَقْناکُمْ ثُمَّ صَوَّرْناکُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِکَهِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِیسَ لَمْ یَکُنْ مِنَ السَّاجِدِینَ (۱۱) قالَ ما مَنَعَکَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُکَ قالَ أَنَا خَیْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ (۱۲)
قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما یَکُونُ لَکَ أَنْ تَتَکَبَّرَ فِیها فَاخْرُجْ إِنَّکَ مِنَ الصَّاغِرِینَ (۱۳) قالَ أَنْظِرْنِی إِلى یَوْمِ یُبْعَثُونَ (۱۴) قالَ إِنَّکَ مِنَ الْمُنْظَرِینَ (۱۵) قالَ فَبِما أَغْوَیْتَنِی لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَکَ الْمُسْتَقِیمَ (۱۶) ثُمَّ لَآتِیَنَّهُمْ مِنْ بَیْنِ أَیْدِیهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَیْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَکْثَرَهُمْ شاکِرِینَ (۱۷)
قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَکَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْکُمْ أَجْمَعِینَ (۱۸) وَ یا آدَمُ اسْکُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُکَ الْجَنَّهَ فَکُلا مِنْ حَیْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَهَ فَتَکُونا مِنَ الظَّالِمِینَ (۱۹) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّیْطانُ لِیُبْدِیَ لَهُما ما وُورِیَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَ قالَ ما نَهاکُما رَبُّکُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَهِ إِلاَّ أَنْ تَکُونا مَلَکَیْنِ أَوْ تَکُونا مِنَ الْخالِدِینَ (۲۰) وَ قاسَمَهُما إِنِّی لَکُما لَمِنَ النَّاصِحِینَ (۲۱)
وَ الْوَزْنُ یَوْمَئِذٍ الْحَقُ الوزن هو الاعتبار، أی: اعتبار الأعمال حین قامت القیامه الصغرى. هو الحق، أی: العدل أو الثابت أو الوزن العدل یومئذ. فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ أی: رجحت موزوناته بأن کانت باقیات صالحات فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بصفات الفطره، و نعیم جنه الصفات فی مقام القلب وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ موزوناته بأن کانت من المحسوسات الفانیه فَأُولئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ببیعها باللذات العاجله السریعه الزوال و إفنائها فی دار الفناء مع کونها بضاعه البقاء. و اعلم أن لسان میزان الحق هو صفه العدل و إحدى کفّتیه هو عالم الحس، و الکفّه الأخرى هو عالم العقل فمن کانت مکاسبه من المعقولات الباقیه و الأخلاق الفاضله و الأعمال الخیریه المقرونه بالنیات الصادقه، ثقلت أی:
کانت ذات قدر و وزن، إذ لا قدر أرجح من البقاء الدائم. و من کانت مقتنیاته من المحسوسات الفانیه و اللذات الزائله و الشهوات الفاسده و الأخلاق الردیئه و الشرور المردیه، خفت أی: لا قدر لها و لا اعتداد بها، و لا خفه أخفّ من الفناء، فخسرانهم هو أنهم أضاعوا استعدادهم الأصلی فی طلب الحطام الدنیوی و تحصیل المآرب النفسانیه بسبب ظهورهم بصفات أنفسهم و ظلمهم بصفات اللّه تعالى بالتکذیب بها، أی: بإخفائها بصفات أنفسهم خَلَقْتَنِی مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِینٍ خلقت القوّه الوهمیه من ألطف أجزاء الروح الحیوانیه التی تحدث فی القلب من بخاریه الأخلاط و لطافتها و ترتقی إلى الدماغ، و تلک الروح هی أحرّ ما فی البدن فلذلک سمّاها نار.
و الحراره توجب الصعود و الترفّع، و قد مرّ أن کل قوه ملکوتیه تطلع على خواص ما تحتها دون ما فوقها و على الکمالات البدنیه و خواصها و کمالات الروح الحیوانیه و خواصها، و احتجابها عن الکمالات الإنسانیه الروحانیه و القلبیه هو صوره إنکارها و عله إبائها و استکبارها، و تعدیها عن طورها بالحکم فی المعانی المعقوله و المجرّدات و الامتناع عن قبول حکم العقل هو صوره إبائها عن السجود.
فَما یَکُونُ لَکَ أَنْ تَتَکَبَّرَ فِیها إذ التکبر، و هو التظاهر بما لیس فیه من الفضیله من صفات النفس، فلا یلیق بالحضره الروحانیه التی تزعم أنک من أهلها بالترفع على العقل، فأخرج، فلست من أهلها الذین هم الأعزه إِنَّکَ مِنَ الصَّاغِرِینَ من القوى النفسانیه الملازمه للجهه السفلیه الدائمه الهوان بملازمه الأبدان إِلى یَوْمِ یُبْعَثُونَ من قبور الأبدان و أجداث صفات النفس بعد الموت الإرادی فی القیامه الوسطى بحیاه القلب و خلاص الفطره من حجب النشأه، أو یبعثون بعد الفناء فی الوحده فی القیامه الکبرى بالوجود الموهوب الحقانی و الحیاه الحقیقیه، و المبعوث الأول هو المخلص بکسر اللام، و الثانی هو المخلص بالفتح و لا سبیل لإبلیس إلى إغوائهما فَبِما أَغْوَیْتَنِی إقسام و إبلیس محجوب عن الذات الأحدیه دون الصفات و الأفعال، فشهوده للأفعال و تعظیمه لها إقسام بها کما أقسم بعزّته فی قوله: فَبِعِزَّتِکَ لَأُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ[۲].
لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَکَ أی: أعترضن لهم فی طریق التوحید الذاتی و أمنعنّهم عن سلوکها بأن أشغلهم بما سواک، و لآتینهم من الجهات الأربع التی یأتی منها العدوّ فی الشاهد لأن إتیانه من أسفل، أی: من جهه الأحکام الحسیّه و التدابیر الجزئیه من باب المصالح الدنیویه غیر موجب للضلاله، بل قد ینتفع به فی العلوم الطبیعیه و الریاضیه و به یستعین العقل فیها کما مرّ فی تأویل قوله: لَأَکَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[۳].
و إتیانه من فوق غیر ممکن له إذ الجهه العلویه هی التی تلی الروح و یرد منها الإلهامات الحقّه و الإلقاءات الملکیه و تفیض المعارف و الحقائق الروحیه فبقیت الجهات الأربع مواقع وساوسه. أما من بین یدیه فبأن یؤمّنه من مکر اللّه و یغرّه بأن اللّه غفور رحیم فلا یخاف فیثبطه عن الطاعات. و أما من خلفه فبأن یخوّفه من الفقر و ضیعه الأولاد من خلفه فیحرضه على الجمع و الادخار لهم و لنفسه فی المستقبل عند تأمیله طول العمر.
و أما من جهه الیمین، فبأن یزیّن علیه فضائله و یعجبه بفضله و علمه و طاعته و یحجبه عن اللّه برؤیه تفضیله. و أما عن شماله فبأن یحمله على المعاصی و المقابح و یدعوه إلى الشهوات و اللذات. وَ لا تَجِدُ أَکْثَرَهُمْ شاکِرِینَ مستعملین لقواهم و جوارحهم و ما أنعم اللّه به علیهم فی طریق الطاعه و التقرّب إلى اللّه.
لَمَنْ تَبِعَکَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ الطبیعه التی هی أسفل مراتب الوجود مِنْکُمْ أَجْمَعِینَ محجوبین عن لذّه النعیم الأبدیّ و ذوق البقاء السرمدی و الکمالات الروحانیه و الکمالات الحقانیه معذبین بنیران الحرمان عن المراد فی انقلابات عالم التضاد و تقلبات الکون و الفساد لِیُبْدِیَ لَهُما ما وُورِیَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما أی: لیظهر علیهما بالمیل إلى الطبیعه ما حجب عنهما عند التجرّد من الأمور الطبیعیه و اللذات البدنیه و الرذائل الخلقیه و الأفعال الحیوانیه و الصفات السبعیه و البهیمیه التی یستحیی الإنسان من إظهارها و یستهجن إفشاءها و تحمله المروءه على إخفائها لکونها عورات عند العقل یأنف منها و یستقبحها وَ قالَ ما نَهاکُما رَبُّکُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَهِ إِلَّا أَنْ تَکُونا مَلَکَیْنِ أی: أوهمهما أن فی الاتصال بالطبیعه الجسمانیه و الماده الهیولانیه لذات ملکیه و إدراکات و أفعالا و خلودا فیها أو ملکا و رئاسه على القوى و سائر الحیوانات دائما بغیر زوال إن قرئ ملکین بکسر اللام کما قال: أَدُلُّکَ عَلى شَجَرَهِ الْخُلْدِ وَ مُلْکٍ لا یَبْلى[۴]. و زیّن لها من المصالح الجزئیه و الزخارف الحسیّه التی لا تنال إلا بالآلات البدنیه فی صوره الناصح الأمین.
[۲۲- ۲۸]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۲۲ الى ۲۸]
فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَهَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ طَفِقا یَخْصِفانِ عَلَیْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّهِ وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَکُما عَنْ تِلْکُمَا الشَّجَرَهِ وَ أَقُلْ لَکُما إِنَّ الشَّیْطانَ لَکُما عَدُوٌّ مُبِینٌ (۲۲) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ (۲۳) قالَ اهْبِطُوا بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَکُمْ فِی الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتاعٌ إِلى حِینٍ (۲۴) قالَ فِیها تَحْیَوْنَ وَ فِیها تَمُوتُونَ وَ مِنْها تُخْرَجُونَ (۲۵) یا بَنِی آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَیْکُمْ لِباساً یُوارِی سَوْآتِکُمْ وَ رِیشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِکَ خَیْرٌ ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ (۲۶)
یا بَنِی آدَمَ لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطانُ کَما أَخْرَجَ أَبَوَیْکُمْ مِنَ الْجَنَّهِ یَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِیُرِیَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ یَراکُمْ هُوَ وَ قَبِیلُهُ مِنْ حَیْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ لِلَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ (۲۷) وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَهً قالُوا وَجَدْنا عَلَیْها آباءَنا وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (۲۸)
فَدَلَّاهُما أی: فنزلهما إلى التعلق بها و السکون إلیها بما غرّهما من التزیی بزی الناصحین و إفاده توهم دوام اللذات البدنیه و الریاسه الإنسیه و سوّل لهما من المنافع البدنیه و الشهوات النفسیه وَ طَفِقا یَخْصِفانِ عَلَیْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّهِ أی: یکتمان الغواشی الطبیعیه بالآداب الحسنه و العادات الجمیله التی هی من تفاریع الآراء العقلیه و مستنبطات القوّه العاقله العملیه و یخفیانها بالحیل العلمیه وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَکُما صوره النهی هو ما رکز فی العقول من المیل إلى التجرّد و إدراک المعقولات و التجافی عن المواد و المحسوسات و قوله لهما: إِنَّ الشَّیْطانَ لَکُما عَدُوٌّ مُبِینٌ ما ألهم العقل من منافاه أحکام الوهم و مضادّه مدرکاته و الوقوف على مخالفاته و مکابراته إیاه و نداؤه إیاهما بذلک هو التنبیه على ذلک المعنى على سبیل الخاطر و التذکیر له بعد التعلق و الانغمار فی اللذات الطبیعیه عند البلوغ و ظهور أنوار العقل و الفهم علیهما.
و قولهما: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا هو لتنبیه النفس الناطقه على نقصانها من جهه الطبیعه و انطفاء نورها و انکسار قوتها و حصول الداعی فیها على طلب الکمال بالتجرّد وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا بإلباسنا الأنوار الروحانیه و إفاضتها مشرقه علیها وَ تَرْحَمْنا بإفاضه المعارف الحقیقیه لَنَکُونَنَّ مِنَ الذین أتلفوا الاستعداد الأصلی الذی هو ماده السعاده و البقاء بصرفها فی دار الفناء، و حرموا عن الکمال التجرّدی بملازمه النقص الطبیعی لِباساً یُوارِی سَوْآتِکُمْ أی:
شریعه تستر قبائح أوصافکم و فواحش أفعالکم وَ رِیشاً أی: جمالا یبعدکم عن شبه الأنعام المهمله و یزینکم بالأخلاق الحسنه و الأعمال الجمیله وَ لِباسُ التَّقْوى أی: صفه الورع و الحذر من صفه النفس ذلِکَ خَیْرٌ من جمله أرکان الشرائع لأنه أصل الدین و أساسه کالحمیه فی العلاج ذلِکَ مِنْ آیاتِ اللَّهِ أی: من أنوار صفاته، إذ الاجتناب عن صفات النفس لا یحصل و لا یتیسر إلا بظهور تجلیات صفات الحق. و إلى هذا أشار القوم بقولهم:
إن اللّه لا یتصرّف فی شیء من العبد إلا و یعوّضه أحسن منه من جنسه لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ عند ظهور تجلیات لباسکم النوری الأصلی أو جوار الحق الذی کنتم تسکنون فیه بهدایه أنوار الصفات لا یَفْتِنَنَّکُمُ الشَّیْطانُ عن دخول الجنه و ملازمتها بنزع لباس الشریعه و التقوى عنکم کَما أَخْرَجَ أَبَوَیْکُمْ منها بنزع اللباس الفطری النوری.
[۲۹- ۳۰]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۲۹ الى ۳۰]
قُلْ أَمَرَ رَبِّی بِالْقِسْطِ وَ أَقِیمُوا وُجُوهَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ کَما بَدَأَکُمْ تَعُودُونَ (۲۹) فَرِیقاً هَدى وَ فَرِیقاً حَقَّ عَلَیْهِمُ الضَّلالَهُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّیاطِینَ أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (۳۰)
قُلْ أَمَرَ رَبِّی بِالْقِسْطِ أی: العداله و الاستقامه وَ أَقِیمُوا وُجُوهَکُمْ ذواتکم الموجوده بمنعها عن المیل و الزیغ إلى طرفی الإفراط و التفریط فی العداله، و عن التلوینات فی الاستقامه عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ أی: کل مقام سجود أو وقت سجود، و السجود أربعه أقسام: سجود الانقیاد و الطاعه و إقامه الوجه فیه بالإخلاص، و الاجتناب عن الریاء و النفاق فی العمل للّه، و الالتفات إلى الغیر فیه، و مراعاه موافقه الأمر مع صدق النیه و الامتناع عن المخالفه فی جمیع الأمور و هی العداله و سجود الفناء فی الأفعال و إقامه الوجه فیه بالقیام بحقه بحیث لا یرى هو مؤثرا غیر اللّه و لا یرى مؤثرا من نفسه و لا من غیره، و سجود الفناء فی الصفات، و إقامه الوجه عنده بالمحافظه على شرائطه بحیث لا یرى زینه ذاته بها و لا یرید و لا یکره شیئا من غیر أن یمیل إلى الإفراط بترک الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و لا إلى التفریط بالتسخط على المخالف و سجود الفناء فی الذات، و إقامه الوجه عنده بالغیبه عن البقیه، و الانطماس بالکلیه و الامتناع عن إثبات الإنیه و الإثنینیه فلا یطغى بحجاب الأنانیه و لا یتزندق بالإباحه و ترک الطاعه. وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ فی المقام الأول بتخصیص العمل للّه به، و فی الثانی و الثالث برؤیه الدین و الطاعه من اللّه، و فی الرابع برؤیته باللّه، فیکون اللّه هو المتدین بدینه لیس لغیره فیه نصیب کَما بَدَأَکُمْ بإظهارکم و اختفائه تَعُودُونَ بفنائکم فیه و اختفائکم لیظهر.
فَرِیقاً هَدى إلیهم بهذا الطریق وَ فَرِیقاً حَقَّ عَلَیْهِمُ کلمه الضَّلالَهُ بسبب اتخاذهم شیاطین القوى النفسانیه الوهمیه و التخیلیه أَوْلِیاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لمناسبه ذواتهم فی الظلمه و الکدوره و البعد عن معدن النور إیاهم، و الجنسیه التی بینهم فی الرکون إلى الجهه السفلیه، و المیل إلى الزخارف الطبیعیه وَ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ لأنّ سلطان الوهم بالحسبان.
[۳۱- ۳۲]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۳۱ الى ۳۲]
یا بَنِی آدَمَ خُذُوا زِینَتَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ وَ کُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُسْرِفِینَ (۳۱) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَهَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَ الطَّیِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِیَ لِلَّذِینَ آمَنُوا فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا خالِصَهً یَوْمَ الْقِیامَهِ کَذلِکَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَعْلَمُونَ (۳۲)
خُذُوا زِینَتَکُمْ عِنْدَ کُلِّ مَسْجِدٍ أی: لازموها و تمسکوا بها، فزینه المقام الأول من السجود هی الإخلاص فی العمل للّه، و زینه المقام الثانی هی التوکل و مراعاه شرائطه، و زینه المقام الثالث هی القیام بحق الرضا، و زینه المقام الرابع هی التمکین فی التحقق بالحقیقه الحقیّه و مراعاه حقوق الاستقامه و شرائطها وَ کُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا بالمحافظه على قانون العداله فیها قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِینَهَ اللَّهِ الَّتِی أَخْرَجَ لِعِبادِهِ أی: من منعهم من جنس هذه الزینه المذکوره المطلقه و قال إنه لا یمکنهم التزین بها و استحال ذلک منهم تمسکا بأن اللّه مانعهم.
وَ الطَّیِّباتِ من رزق علوم الإخلاص و علوم مقام التوکل و الرضا و التمکین خالِصَهً یَوْمَ الْقِیامَهِ عن شوب التلوینات و ظهور شیء من بقایا الأفعال و الصفات و الذات.
[۳۳- ۳۵]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۳۳ الى ۳۵]
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْیَ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ أَنْ تُشْرِکُوا بِاللَّهِ ما لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (۳۳) وَ لِکُلِّ أُمَّهٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا یَسْتَأْخِرُونَ ساعَهً وَ لا یَسْتَقْدِمُونَ (۳۴) یا بَنِی آدَمَ إِمَّا یَأْتِیَنَّکُمْ رُسُلٌ مِنْکُمْ یَقُصُّونَ عَلَیْکُمْ آیاتِی فَمَنِ اتَّقى وَ أَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ (۳۵)
قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّیَ الْفَواحِشَ أی: رذائل القوه البهیمیه وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْیَ أی: رذائل القوّه السبعیه وَ أَنْ تُشْرِکُوا إلى آخره، أی: رذائل القوّه النطقیه الملکیه لأنها صفات نفسانیه مانعه عن الزینه المذکوره التی هی الکمالات الإنسانیه مضاده لها فَمَنِ اتَّقى وَ أَصْلَحَ أی:اتقى البقیه فی الفناء و أصلح بالاستقامه عند البقاء فَلا خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَ لا هُمْ یَحْزَنُونَ لکونهم فی مقام الولایه.
[۳۶- ۴۶]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۳۶ الى ۴۶]
وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَکْبَرُوا عَنْها أُولئِکَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ (۳۶) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ کَذِباً أَوْ کَذَّبَ بِآیاتِهِ أُولئِکَ یَنالُهُمْ نَصِیبُهُمْ مِنَ الْکِتابِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا یَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَیْنَ ما کُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ کانُوا کافِرِینَ (۳۷) قالَ ادْخُلُوا فِی أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِکُمْ مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ فِی النَّارِ کُلَّما دَخَلَتْ أُمَّهٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَکُوا فِیها جَمِیعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قالَ لِکُلٍّ ضِعْفٌ وَ لکِنْ لا تَعْلَمُونَ (۳۸) وَ قالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما کانَ لَکُمْ عَلَیْنا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما کُنْتُمْ تَکْسِبُونَ (۳۹) إِنَّ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ اسْتَکْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَ لا یَدْخُلُونَ الْجَنَّهَ حَتَّى یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ وَ کَذلِکَ نَجْزِی الْمُجْرِمِینَ (۴۰)
لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَ مِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَ کَذلِکَ نَجْزِی الظَّالِمِینَ (۴۱) وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُکَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِکَ أَصْحابُ الْجَنَّهِ هُمْ فِیها خالِدُونَ (۴۲) وَ نَزَعْنا ما فِی صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِی مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی هَدانا لِهذا وَ ما کُنَّا لِنَهْتَدِیَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَ نُودُوا أَنْ تِلْکُمُ الْجَنَّهُ أُورِثْتُمُوها بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۴۳) وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّهِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّکُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَیْنَهُمْ أَنْ لَعْنَهُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِینَ (۴۴) الَّذِینَ یَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ وَ یَبْغُونَها عِوَجاً وَ هُمْ بِالْآخِرَهِ کافِرُونَ (۴۵)
وَ بَیْنَهُما حِجابٌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ یَعْرِفُونَ کُلاًّ بِسِیماهُمْ وَ نادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّهِ أَنْ سَلامٌ عَلَیْکُمْ لَمْ یَدْخُلُوها وَ هُمْ یَطْمَعُونَ (۴۶)
وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا أی: أخفوا صفاتنا بصفات أنفسهم وَ اسْتَکْبَرُوا عَنْها بالشیطنه أُولئِکَ أَصْحابُ نار الحرمان وَ بَیْنَهُما حِجابٌ أی: بین أصحاب الجنه و بین أصحاب النار حجاب به کل منهم محجوب عن صاحبه. و المراد بأصحاب الجنه هاهنا: أهل ثواب الأعمال من الأبرار و الزهاد و العباد الذین جنتهم جنه النفوس، و إلا فأهل جنه القلوب و الأرواح لا یحجبون عن أصحاب النار وَ عَلَى الْأَعْرافِ أی: على أعالی ذلک الحجاب الذی هو حجاب القلب الفارق بین الفریقین هؤلاء عن یمینه و هؤلاء عن شماله رِجالٌ هم العرفاء أهل اللّه و خاصته یَعْرِفُونَ کُلًّا من الفریقین بِسِیماهُمْ یسلمون على أهل الجنه بإمداد أسباب التزکیه و التحلیه و الأنوار القلبیه و إفاضه الخیرات و البرکات علیهم، لم یدخلوا الجنه لتجرّدهم عن ملابس صفات النفوس و طیباتها و ترقیهم عن طورهم فلا یشغلهم عن الشهود الذاتی و مطالعه التجلی الصفاتی نعیم وَ هُمْ أی: أصحاب الجنه یَطْمَعُونَ فی دخولهم لیقتبسوا من نورهم و یستضیئوا بأشعه وجوههم، و یستأنسوا بحضورهم.
[۴۷- ۵۱]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۴۷ الى ۵۱]
وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۴۷) وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً یَعْرِفُونَهُمْ بِسِیماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْکُمْ جَمْعُکُمْ وَ ما کُنْتُمْ تَسْتَکْبِرُونَ (۴۸) أَ هؤُلاءِ الَّذِینَ أَقْسَمْتُمْ لا یَنالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَهٍ ادْخُلُوا الْجَنَّهَ لا خَوْفٌ عَلَیْکُمْ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (۴۹) وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّهِ أَنْ أَفِیضُوا عَلَیْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَکُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْکافِرِینَ (۵۰) الَّذِینَ اتَّخَذُوا دِینَهُمْ لَهْواً وَ لَعِباً وَ غَرَّتْهُمُ الْحَیاهُ الدُّنْیا فَالْیَوْمَ نَنْساهُمْ کَما نَسُوا لِقاءَ یَوْمِهِمْ هذا وَ ما کانُوا بِآیاتِنا یَجْحَدُونَ (۵۱)
وَ إِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ أی: لا ینظرون إلیهم طوعا و رأفه و رحمه و رضا، بل کراهه و اعتبارا کان صارفا صرف أبصارهم إلیهم رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ أی: لا تزغ قلوبنا بعد إذ هدیتنا، کماقال أمیر المؤمنین علی علیه السلام: «أعوذ باللّه من الضلاله بعد الهدى». و قال النبی صلى اللّه علیه و سلم: «اللهم ثبت قلبی على دینک»، فقیل له: أما غفر اللّه لک ما تقدّم من ذنبک و ما تأخر؟ قال صلى اللّه علیه و سلم: «أو ما یؤمننی أنّ مثل القلب کمثل ریشه فی فلاه، تقلبها الریاح کیف شاءت».
[۵۲- ۵۳]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۵۲ الى ۵۳]
وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِکِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَ رَحْمَهً لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۵۲) هَلْ یَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِیلَهُ یَوْمَ یَأْتِی تَأْوِیلُهُ یَقُولُ الَّذِینَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَیَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَیْرَ الَّذِی کُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما کانُوا یَفْتَرُونَ (۵۳)
وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِکِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ أی: البدن الإنسانی المفصل إلى أعضاء و جوارح و آلات و حواس تصلح للاستکمال على ما یقتضیه العلم الإلهی و تأویله ما یؤول إلیه أمره فی العاقبه من الانقلاب إلى ما لا یصلح لذلک عند البعث من هیئات و صور و أشکال تناسب صفاتهم و عقائدهم على مقتضى قوله تعالى: سَیَجْزِیهِمْ وَصْفَهُمْ[۵]، کما قال تعالى:وَ نَحْشُرُهُمْ یَوْمَ الْقِیامَهِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْیاً وَ بُکْماً وَ صُمًّا[۶].
[۵۴- ۱۰۶]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۵۴ الى ۱۰۶]
إِنَّ رَبَّکُمُ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ یُغْشِی اللَّیْلَ النَّهارَ یَطْلُبُهُ حَثِیثاً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ تَبارَکَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِینَ (۵۴) ادْعُوا رَبَّکُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْیَهً إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ (۵۵) وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِینَ (۵۶) وَ هُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ کَذلِکَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ (۵۷) وَ الْبَلَدُ الطَّیِّبُ یَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَ الَّذِی خَبُثَ لا یَخْرُجُ إِلاَّ نَکِداً کَذلِکَ نُصَرِّفُ الْآیاتِ لِقَوْمٍ یَشْکُرُونَ (۵۸)
لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ إِنِّی أَخافُ عَلَیْکُمْ عَذابَ یَوْمٍ عَظِیمٍ (۵۹) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراکَ فِی ضَلالٍ مُبِینٍ (۶۰) قالَ یا قَوْمِ لَیْسَ بِی ضَلالَهٌ وَ لکِنِّی رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ (۶۱) أُبَلِّغُکُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ أَنْصَحُ لَکُمْ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (۶۲) أَ وَ عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَکُمْ ذِکْرٌ مِنْ رَبِّکُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْکُمْ لِیُنْذِرَکُمْ وَ لِتَتَّقُوا وَ لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ (۶۳)
فَکَذَّبُوهُ فَأَنْجَیْناهُ وَ الَّذِینَ مَعَهُ فِی الْفُلْکِ وَ أَغْرَقْنَا الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا إِنَّهُمْ کانُوا قَوْماً عَمِینَ (۶۴) وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ (۶۵) قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراکَ فِی سَفاهَهٍ وَ إِنَّا لَنَظُنُّکَ مِنَ الْکاذِبِینَ (۶۶) قالَ یا قَوْمِ لَیْسَ بِی سَفاهَهٌ وَ لکِنِّی رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ (۶۷) أُبَلِّغُکُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ أَنَا لَکُمْ ناصِحٌ أَمِینٌ (۶۸)
أَ وَ عَجِبْتُمْ أَنْ جاءَکُمْ ذِکْرٌ مِنْ رَبِّکُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْکُمْ لِیُنْذِرَکُمْ وَ اذْکُرُوا إِذْ جَعَلَکُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَ زادَکُمْ فِی الْخَلْقِ بَصْطَهً فَاذْکُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ (۶۹) قالُوا أَ جِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَ نَذَرَ ما کانَ یَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (۷۰) قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَیْکُمْ مِنْ رَبِّکُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ أَ تُجادِلُونَنِی فِی أَسْماءٍ سَمَّیْتُمُوها أَنْتُمْ وَ آباؤُکُمْ ما نَزَّلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّی مَعَکُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِینَ (۷۱) فَأَنْجَیْناهُ وَ الَّذِینَ مَعَهُ بِرَحْمَهٍ مِنَّا وَ قَطَعْنا دابِرَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ ما کانُوا مُؤْمِنِینَ (۷۲) وَ إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ قَدْ جاءَتْکُمْ بَیِّنَهٌ مِنْ رَبِّکُمْ هذِهِ ناقَهُ اللَّهِ لَکُمْ آیَهً فَذَرُوها تَأْکُلْ فِی أَرْضِ اللَّهِ وَ لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَیَأْخُذَکُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۷۳)
وَ اذْکُرُوا إِذْ جَعَلَکُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَ بَوَّأَکُمْ فِی الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَ تَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُیُوتاً فَاذْکُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ (۷۴) قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (۷۵) قالَ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِی آمَنْتُمْ بِهِ کافِرُونَ (۷۶) فَعَقَرُوا النَّاقَهَ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَ قالُوا یا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ کُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِینَ (۷۷) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَهُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ (۷۸)
فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ یا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُکُمْ رِسالَهَ رَبِّی وَ نَصَحْتُ لَکُمْ وَ لکِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِینَ (۷۹) وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَهَ ما سَبَقَکُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ (۸۰) إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَهً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (۸۱) وَ ما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْیَتِکُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ یَتَطَهَّرُونَ (۸۲) فَأَنْجَیْناهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ کانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ (۸۳)
وَ أَمْطَرْنا عَلَیْهِمْ مَطَراً فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الْمُجْرِمِینَ (۸۴) وَ إِلى مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً قالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ قَدْ جاءَتْکُمْ بَیِّنَهٌ مِنْ رَبِّکُمْ فَأَوْفُوا الْکَیْلَ وَ الْمِیزانَ وَ لا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْیاءَهُمْ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ (۸۵) وَ لا تَقْعُدُوا بِکُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِیلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَ اذْکُرُوا إِذْ کُنْتُمْ قَلِیلاً فَکَثَّرَکُمْ وَ انْظُرُوا کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الْمُفْسِدِینَ (۸۶) وَ إِنْ کانَ طائِفَهٌ مِنْکُمْ آمَنُوا بِالَّذِی أُرْسِلْتُ بِهِ وَ طائِفَهٌ لَمْ یُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى یَحْکُمَ اللَّهُ بَیْنَنا وَ هُوَ خَیْرُ الْحاکِمِینَ (۸۷) قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ اسْتَکْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّکَ یا شُعَیْبُ وَ الَّذِینَ آمَنُوا مَعَکَ مِنْ قَرْیَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِی مِلَّتِنا قالَ أَ وَ لَوْ کُنَّا کارِهِینَ (۸۸)
قَدِ افْتَرَیْنا عَلَى اللَّهِ کَذِباً إِنْ عُدْنا فِی مِلَّتِکُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَ ما یَکُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِیها إِلاَّ أَنْ یَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا کُلَّ شَیْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَکَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنا وَ بَیْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ (۸۹) وَ قالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَیْباً إِنَّکُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (۹۰) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَهُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ (۹۱) الَّذِینَ کَذَّبُوا شُعَیْباً کَأَنْ لَمْ یَغْنَوْا فِیهَا الَّذِینَ کَذَّبُوا شُعَیْباً کانُوا هُمُ الْخاسِرِینَ (۹۲) فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ یا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُکُمْ رِسالاتِ رَبِّی وَ نَصَحْتُ لَکُمْ فَکَیْفَ آسى عَلى قَوْمٍ کافِرِینَ (۹۳)
وَ ما أَرْسَلْنا فِی قَرْیَهٍ مِنْ نَبِیٍّ إِلاَّ أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ یَضَّرَّعُونَ (۹۴) ثُمَّ بَدَّلْنا مَکانَ السَّیِّئَهِ الْحَسَنَهَ حَتَّى عَفَوْا وَ قالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَ السَّرَّاءُ فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَهً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (۹۵) وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَکاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ (۹۶) أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ یَأْتِیَهُمْ بَأْسُنا بَیاتاً وَ هُمْ نائِمُونَ (۹۷) أَ وَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ یَأْتِیَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَ هُمْ یَلْعَبُونَ (۹۸)
أَ فَأَمِنُوا مَکْرَ اللَّهِ فَلا یَأْمَنُ مَکْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ (۹۹) أَ وَ لَمْ یَهْدِ لِلَّذِینَ یَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَسْمَعُونَ (۱۰۰) تِلْکَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَیْکَ مِنْ أَنْبائِها وَ لَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَیِّناتِ فَما کانُوا لِیُؤْمِنُوا بِما کَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ کَذلِکَ یَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الْکافِرِینَ (۱۰۱) وَ ما وَجَدْنا لِأَکْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَکْثَرَهُمْ لَفاسِقِینَ (۱۰۲) ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآیاتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَ مَلائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ کَیْفَ کانَ عاقِبَهُ الْمُفْسِدِینَ (۱۰۳)
وَ قالَ مُوسى یا فِرْعَوْنُ إِنِّی رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ (۱۰۴) حَقِیقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُکُمْ بِبَیِّنَهٍ مِنْ رَبِّکُمْ فَأَرْسِلْ مَعِیَ بَنِی إِسْرائِیلَ (۱۰۵) قالَ إِنْ کُنْتَ جِئْتَ بِآیَهٍ فَأْتِ بِها إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (۱۰۶)
إِنَّ رَبَّکُمُ اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ أی: اختفى فی صور سماء الأرواح و أرض الأجساد فی سته آلاف سنه لقوله تعالى: وَ إِنَّ یَوْماً عِنْدَ رَبِّکَ کَأَلْفِ سَنَهٍ مِمَّا تَعُدُّونَ[۷] أی: من لدن خلق آدم إلى زمان محمد علیهما الصلاه و السلام لأن الخلق هو اختفاء الحق فی المظاهر الخلقیه و هذه المده من ابتداء دور الخفاء إلى ابتداء الظهور الذی هو زمان ختم النبوّه و ظهور الولایه، کما قال صلى اللّه علیه و سلم: «إنّ الزمان قد استدار کهیئته یوم خلق اللّه فیه السموات و الأرض»، لأن ابتداء الخفاء بالخلق هو انتهاء الظهور، فإذا انتهى الخفاء إلى الظهور عاد إلى أول الخلق کما مرّ، و یتم الظهور بخروج المهدی علیه السلام فی تتمه سبعه أیام و لهذا قالوا: مده الدنیا سبعه آلاف سنه.
ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أی: عرش القلب المحمدی بالتجلی التام فیه بجمیع صفاته کما ذکر فی معنى (ص) یُغْشِی لیل البدن و ظلمه الطبیعه نهار نور الروح یَطْلُبُهُ بتهیئته و استعداده لقبوله باعتدال مزاجه سریعا، و شمس الروح و قمر القلب و نجوم الحواس مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ الذی هو الشأن المذکور فی قوله تعالى: کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ[۸]. أَلا لَهُ الإیجاد بالقدره و التصریف بالحکمه، أو ألا له التکوین و الإبداع. و إن حمل السموات و الأرض على الظاهر فالأیام السته هی الجهات الست، إذ یعبر عن الحوادث بالأیام کقوله تعالى: وَ ذَکِّرْهُمْ بِأَیَّامِ اللَّهِ[۹] أی: خلق عالم الأجسام فی الجهات الست ثم استعلى متمکنا على العرش بالتأثیر فیه بإثبات صور الکائنات علیه. و للعرش ظاهر و باطن، فظاهره هو السماء التاسعه التی تنتقش فیها صور الکائنات بأسرها و یتبع وجودها و عدمها و المحو و الإثبات فیها على ما سیأتی فی تأویل قوله تعالى: یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَ یُثْبِتُ[۱۰] إن شاء اللّه. و باطنه هو العقل الأول المرتسم بصور الأشیاء على وجه کلّی، المعبر عنه ببطنان العرش کما جاء: «نادى منادی من بطنان العرش»، و هو محل القضاء السابق، فالاستواء علیه قصد الاستعلاء علیه بالتأثیر فی إیجاد الأشیاء بإثبات صورها علیه قصدا مستویا من غیر أن یلوی إلى شیء غیره.
هذِهِ ناقَهُ اللَّهِ لَکُمْ آیَهً الناقه لصالح علیه السلام کالعصا لموسى علیه السلام و الحمار لعیسى و البراق لمحمد علیهما السلام، فإنّ لکل أحد من الأنبیاء و غیرهم مرکبا هو نفسه الحیوانیه الحامله لحقیقته التی هی النفس الإنسانیه و تنتسب بالصفه الغالبه إلى ما یتّصف بتلک الصفه من الحیوانات فیطلق علیه اسمه، فمن کانت نفسه مطواعه منقاده من غایه اللین حموله قویه متذلله فمرکبه ناقه و نسبتها إلى اللّه لکونها مأموره بأمره مختصه به فی طاعته و قربه. و ما قیل: إنّ الماء قسم بینها و بینهم، لها شرب یوم و لهم شرب یوم، إشاره إلى أنّ مشربهم من القوه العاقله العملیه، و مشربها من العاقله النظریه. و ما روی أنها یوم شربها کانت تتفحج فیحلب منها اللبن حتى ملؤوا أوانیهم، إشاره إلى أنّ نفسه تستخرج بالفکر من علومه الکلیه الفطریه العلوم النافعه للناقصین من علوم الأخلاق و الشرائع و الآداب. و خروجها من الجبل:
ظهورها من بدن صالح علیه السلام. هذا هو التأویل مع أن الإقرار بظاهرها واجب، فإن ظهور المعجزات و خوارق العادات حق لا ننکر شیئا منها. و ما یؤید التأویل تسویه النبی علیه الصلاه و السلام عاقرها بقاتل علیّ علیه السلام، حیث قال: «یا علی، أ تدری من أشقى الأوّلین؟» قال: اللّه و رسوله أعلم. قال صلى اللّه علیه و سلم: «عاقر ناقه صالح»، ثم قال صلى اللّه علیه و سلم: «أ تدری من أشقى الآخرین؟»، قال: اللّه و رسوله أعلم. قال صلى اللّه علیه و سلم: «قاتلک». وروی أنه قال صلى اللّه علیه و سلم: «من خضب هذا بهذا»و أشار بیده إلى لحیته و رأسه.
[۱۰۷- ۱۴۱]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱۰۷ الى ۱۴۱]
فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِیَ ثُعْبانٌ مُبِینٌ (۱۰۷) وَ نَزَعَ یَدَهُ فَإِذا هِیَ بَیْضاءُ لِلنَّاظِرِینَ (۱۰۸) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِیمٌ (۱۰۹) یُرِیدُ أَنْ یُخْرِجَکُمْ مِنْ أَرْضِکُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (۱۱۰) قالُوا أَرْجِهْ وَ أَخاهُ وَ أَرْسِلْ فِی الْمَدائِنِ حاشِرِینَ (۱۱۱)
یَأْتُوکَ بِکُلِّ ساحِرٍ عَلِیمٍ (۱۱۲) وَ جاءَ السَّحَرَهُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ کُنَّا نَحْنُ الْغالِبِینَ (۱۱۳) قالَ نَعَمْ وَ إِنَّکُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ (۱۱۴) قالُوا یا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِیَ وَ إِمَّا أَنْ نَکُونَ نَحْنُ الْمُلْقِینَ (۱۱۵) قالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْیُنَ النَّاسِ وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ وَ جاؤُ بِسِحْرٍ عَظِیمٍ (۱۱۶)
وَ أَوْحَیْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاکَ فَإِذا هِیَ تَلْقَفُ ما یَأْفِکُونَ (۱۱۷) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۱۸) فَغُلِبُوا هُنالِکَ وَ انْقَلَبُوا صاغِرِینَ (۱۱۹) وَ أُلْقِیَ السَّحَرَهُ ساجِدِینَ (۱۲۰) قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِینَ (۱۲۱)
رَبِّ مُوسى وَ هارُونَ (۱۲۲) قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَکُمْ إِنَّ هذا لَمَکْرٌ مَکَرْتُمُوهُ فِی الْمَدِینَهِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (۱۲۳) لَأُقَطِّعَنَّ أَیْدِیَکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّکُمْ أَجْمَعِینَ (۱۲۴) قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (۱۲۵) وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآیاتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَیْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِینَ (۱۲۶)
وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسى وَ قَوْمَهُ لِیُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ وَ یَذَرَکَ وَ آلِهَتَکَ قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْیِی نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ (۱۲۷) قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِینُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ یُورِثُها مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ الْعاقِبَهُ لِلْمُتَّقِینَ (۱۲۸) قالُوا أُوذِینا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِیَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّکُمْ أَنْ یُهْلِکَ عَدُوَّکُمْ وَ یَسْتَخْلِفَکُمْ فِی الْأَرْضِ فَیَنْظُرَ کَیْفَ تَعْمَلُونَ (۱۲۹) وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِینَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ (۱۳۰) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَهُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَیِّئَهٌ یَطَّیَّرُوا بِمُوسى وَ مَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لا یَعْلَمُونَ (۱۳۱)
وَ قالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آیَهٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَکَ بِمُؤْمِنِینَ (۱۳۲) فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ آیاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَکْبَرُوا وَ کانُوا قَوْماً مُجْرِمِینَ (۱۳۳) وَ لَمَّا وَقَعَ عَلَیْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا یا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّکَ بِما عَهِدَ عِنْدَکَ لَئِنْ کَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَکَ وَ لَنُرْسِلَنَّ مَعَکَ بَنِی إِسْرائِیلَ (۱۳۴) فَلَمَّا کَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ یَنْکُثُونَ (۱۳۵) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِی الْیَمِّ بِأَنَّهُمْ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ کانُوا عَنْها غافِلِینَ (۱۳۶)
وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِینَ کانُوا یُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِی بارَکْنا فِیها وَ تَمَّتْ کَلِمَتُ رَبِّکَ الْحُسْنى عَلى بَنِی إِسْرائِیلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما کانَ یَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ وَ ما کانُوا یَعْرِشُونَ (۱۳۷) وَ جاوَزْنا بِبَنِی إِسْرائِیلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ یَعْکُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا یا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً کَما لَهُمْ آلِهَهٌ قالَ إِنَّکُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (۱۳۸) إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِیهِ وَ باطِلٌ ما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۳۹) قالَ أَ غَیْرَ اللَّهِ أَبْغِیکُمْ إِلهاً وَ هُوَ فَضَّلَکُمْ عَلَى الْعالَمِینَ (۱۴۰) وَ إِذْ أَنْجَیْناکُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ یَسُومُونَکُمْ سُوءَ الْعَذابِ یُقَتِّلُونَ أَبْناءَکُمْ وَ یَسْتَحْیُونَ نِساءَکُمْ وَ فِی ذلِکُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّکُمْ عَظِیمٌ (۱۴۱)
فَأَلْقى عَصاهُ ظاهره إعجاز موسى کما هو مرویّ. و التأویل هو: أن العصا إشاره إلى نفسه التی یتوکأ علیها أی: یعتمد علیها فی الحرکات و الأفعال الحیوانیه و یهشّ بها على غنم القوّه البهیمیه السلیمیه، ورق الآداب الجمیله و الملکات الفاضله و العادات الحمیده من شجره الفکر، و کانت نفسه من حسن سیاسته إیاها و ریاضته لها، منقاده لتصرفاته، مطواعه لأوامره، مرتدعه عن أفعالها الحیوانیه إلا بإذنه کالعصا.
و إذا أرسلها عند الاحتجاج فی مقابله الخصوم صارت کالثعبان یتلقف ما یأفکون من أکاذیبهم الباطله و یزوّرون من حبال شبهاتهم التی بها تحکم دعاویهم، و عصی مغالطاتهم و مزخرفاتهم التی تمسکوا بها عند الخصام فی إثبات مقاصدهم فتغلبهم و تقهرهم. وَ نَزَعَ یَدَهُ أی: أظهر قدرته الباهره التی تبهرهم و تظهر نور حقیّه دعواه، و الظاهر أنه کان الغالب على زمانه هو السحر، فخرج بالسحر الإلهی کما أن الغالب على زمان محمد علیه الصلاه و السلام کان هو الفصاحه، فکانت معجزه القرآن. و على زمان عیسى علیه السلام الطب، فجاء بالطب الإلهی- على ما روی- لأنّ معجزه کل نبیّ یجب أن تکون من جنس ما غلب على زمانه لیکون أدعى إلى إجابه دعواه.
[۱۴۲- ۱۴۵]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱۴۲ الى ۱۴۵]
وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِینَ لَیْلَهً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِیقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِینَ لَیْلَهً وَ قالَ مُوسى لِأَخِیهِ هارُونَ اخْلُفْنِی فِی قَوْمِی وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِیلَ الْمُفْسِدِینَ (۱۴۲) وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِیقاتِنا وَ کَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ قالَ لَنْ تَرانِی وَ لکِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَکانَهُ فَسَوْفَ تَرانِی فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَکًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَکَ تُبْتُ إِلَیْکَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ (۱۴۳) قالَ یا مُوسى إِنِّی اصْطَفَیْتُکَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِی وَ بِکَلامِی فَخُذْ ما آتَیْتُکَ وَ کُنْ مِنَ الشَّاکِرِینَ (۱۴۴) وَ کَتَبْنا لَهُ فِی الْأَلْواحِ مِنْ کُلِّ شَیْءٍ مَوْعِظَهً وَ تَفْصِیلاً لِکُلِّ شَیْءٍ فَخُذْها بِقُوَّهٍ وَ أْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِیکُمْ دارَ الْفاسِقِینَ (۱۴۵)
وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِینَ لَیْلَهً قیل: أمره بصوم ثلاثین فلما أتمّ أنکر خلوف فمه، فتسوّک فعاتبه اللّه على ذلک و أمره بزیاده عشر، و قیل: أمره بأن یتقرب إلیه بما تقرّب به فی الثلاثین، و أنزل إلیه التوراه فی العشر الأخیر تتمه الأربعین. فالأول: إشاره إلى أنه خلص عن حجاب الأفعال و الصفات و الذات فی الثلاثین لکن بقی منه بقیه ما خلص عن وجودها.
و استعمال السواک إشاره إلى ظهور تلک البقیه عند قوله: رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ. و الثانی:إشاره إلى أنه بلغ الشهود الذاتی التام فی الثلاثین بالسلوک إلى اللّه و لم یبق منه بقیه، بل فنى بالکلیه. و تمّ فی العشر الأخیر سلوکه فی اللّه حتى رزق البقاء باللّه بعد الفناء بالإفاقه، و على هذا ینبغی أن یکون قوله: رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ کان قد صدر عنه فی الثلاثین، و الإفاقه بعدها فی تتمه الأربعین. و کلمه ربه، التکلیم فی مقام تجلی الصفات، و قوله: رَبِّ أَرِنِی أَنْظُرْ إِلَیْکَ بدر عن إفراط شوق منه إلى شهود الذات فی مقام فناء الصفات مع وجود البقیه.
لَنْ تَرانِی إشاره إلى استحاله الإثنینیه و بقاء الإنیه فی مقام المشاهده کقوله:
إذا تغیّبت بدا | و إن بدا غیّبنی |
و قوله: رأیت ربی بعین ربّی وَ لکِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ أی: جبل وجودک فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَکانَهُ أمکنت رؤیتک إیای، و ذلک من باب التعلیق بالمحال جَعَلَهُ دَکًّا أی: متلاشیا لا وجود له أصلا وَ خَرَّ مُوسى عن درجه الوجود فانیا فَلَمَّا أَفاقَ بالوجود الموهوب الحقانی عند البقاء بعد الفناء قالَ سُبْحانَکَ أن تکون مرئیا لغیرک، مدرکا لأبصار الحدثان تُبْتُ إِلَیْکَ عن ذنب البقیه وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِینَ بحسب الرتبه لا بحسب الزمان، أی: أنا فی الصف الأول من صفوف مراتب الأرواح الذی هو مقام أهل الوحده و ذلک مقام الاصطفاء المحض.
و قوله: إِنِّی اصْطَفَیْتُکَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِی هو أول درجه الاستنباء بعد الولایه فَخُذْ ما آتَیْتُکَ بالتمکین وَ کُنْ مِنَ الشَّاکِرِینَ بالاستقامه فی القیام بحق العبودیه، کما قال النبی علیه السلام: «أو لا أکون عبدا شکورا» . فِی الْأَلْواحِ أی: الألواح تفاصیل وجود موسى من روحه و قلبه و عقله و فکره و خیاله.
و إلقاؤها عند الغضب هو الذهول عنها و التجافی عن حکم ما فیها کما یحکم أحدنا بحسن الحلم و التحمّل للأذى، ثم ینسى عند سوره الغضب و لا یتذکر شیئا مما فی عقله من علمه عند ظهور نفسه فَخُذْها بِقُوَّهٍ أی: بعزیمه لتکون من أولی العزم وَ أْمُرْ قَوْمَکَ یَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أی: بالعزائم دون الرخص سَأُرِیکُمْ دارَ الْفاسِقِینَ أی: عاقبه الذین لا یأخذون بها.
[۱۴۶]
[سوره الأعراف (۷): آیه ۱۴۶]
سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَکَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِّ وَ إِنْ یَرَوْا کُلَّ آیَهٍ لا یُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ یَرَوْا سَبِیلَ الرُّشْدِ لا یَتَّخِذُوهُ سَبِیلاً وَ إِنْ یَرَوْا سَبِیلَ الغَیِّ یَتَّخِذُوهُ سَبِیلاً ذلِکَ بِأَنَّهُمْ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ کانُوا عَنْها غافِلِینَ (۱۴۶)
سَأَصْرِفُ عَنْ آیاتِیَ الَّذِینَ یَتَکَبَّرُونَ فِی الْأَرْضِ بِغَیْرِ الْحَقِ لأن التکبر من صفات النفس، فهم فی مقام النفس محجوبون عن آیات الصفات التی تکون فی مقام القلب دون المتکبرین بالحق الذین اتّصفوا بصفه الکبریاء فی مقام المحو و الفناء، فقام کبریاؤه تعالى مقام تکبّرهم، کما
قال جعفر الصادق علیه السلام فی جواب من قال له: فیک کل فضیله إلا أنک متکبّر! فقال: «لست بمتکبّر، و لکن کبریاء اللّه تعالى قام منی مقام التکبّر».
[۱۴۷- ۱۵۸]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱۴۷ الى ۱۵۸]
وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَهِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ یُجْزَوْنَ إِلاَّ ما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۴۷) وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِیِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَ لَمْ یَرَوْا أَنَّهُ لا یُکَلِّمُهُمْ وَ لا یَهْدِیهِمْ سَبِیلاً اتَّخَذُوهُ وَ کانُوا ظالِمِینَ (۱۴۸) وَ لَمَّا سُقِطَ فِی أَیْدِیهِمْ وَ رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ یَرْحَمْنا رَبُّنا وَ یَغْفِرْ لَنا لَنَکُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِینَ (۱۴۹) وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِی مِنْ بَعْدِی أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّکُمْ وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِیهِ یَجُرُّهُ إِلَیْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِی وَ کادُوا یَقْتُلُونَنِی فَلا تُشْمِتْ بِیَ الْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِی مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۱۵۰) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِی وَ لِأَخِی وَ أَدْخِلْنا فِی رَحْمَتِکَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ (۱۵۱)
إِنَّ الَّذِینَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَیَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّهٌ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا وَ کَذلِکَ نَجْزِی الْمُفْتَرِینَ (۱۵۲) وَ الَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّکَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِیمٌ (۱۵۳) وَ لَمَّا سَکَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَ فِی نُسْخَتِها هُدىً وَ رَحْمَهٌ لِلَّذِینَ هُمْ لِرَبِّهِمْ یَرْهَبُونَ (۱۵۴) وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلاً لِمِیقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَهُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَکْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِیَّایَ أَ تُهْلِکُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِیَ إِلاَّ فِتْنَتُکَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِیُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الْغافِرِینَ (۱۵۵) وَ اکْتُبْ لَنا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَهً وَ فِی الْآخِرَهِ إِنَّا هُدْنا إِلَیْکَ قالَ عَذابِی أُصِیبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ فَسَأَکْتُبُها لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَ یُؤْتُونَ الزَّکاهَ وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِنا یُؤْمِنُونَ (۱۵۶)
الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ الَّذِی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراهِ وَ الْإِنْجِیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ یَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَ یُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَ یُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ وَ یَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِی کانَتْ عَلَیْهِمْ فَالَّذِینَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِی أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۱۵۷) قُلْ یا أَیُّهَا النَّاسُ إِنِّی رَسُولُ اللَّهِ إِلَیْکُمْ جَمِیعاً الَّذِی لَهُ مُلْکُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ یُحیِی وَ یُمِیتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ الَّذِی یُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ کَلِماتِهِ وَ اتَّبِعُوهُ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ (۱۵۸)
وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَهِ أی: ستروا بصفاتهم صفاتنا و بأفعالهم أفعالنا فوقفوا مع الآثار و عموا عن لقاء الآخره و جنه النفوس و الأفعال حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ و لو کان التکذیب بالصفات مجردا عن التکذیب بلقاء الآخره لما حبطت أعمالهم، و إن عذبوا حینا بنوع من العذاب سَبْعِینَ رَجُلًا من أشرافهم و نجبائهم أهل الاستعداد و صفاء النفس و الإراده و الطلب و السلوک و هم المصعوقون فی قوله تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَهُ*[۱۱].
فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَهُ أی: رجفه جبل البدن التی هی من مبادئ صعقه الفناء عند طیران بوارق الأنوار و ظهور طوالع تجلیات الصفات من اقشعرار الجسد و تأثره و ارتعاده بها، و لهذا قال موسى علیه السلام عندها: رَبِّ لَوْ شِئْتَ إذ لا قول لموسى علیه السلام عند الصعقه و لا لهم لفنائهم عندها، و قوله علیه السلام: رَبِّ لَوْ شِئْتَ، کلمه ضجر و فقدان صبر من غلبه الشوق عند ألم الفراق، کماقال محمد صلى اللّه علیه و سلم فی مثل هذه الحاله: «لیت أمی لم تلدنی، و کذا لیت ربّ محمد لم یخلق محمدا»، و همّ بإلقاء نفسه عن الجبل. و لو هذه للتمنی.
أَ تُهْلِکُنا بطول الحجاب و عذاب الحرمان و ألم الفراق بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا من عباده عجل هوى النفس و الاحتجاب بصفاتها أو بما صدر منا حاله السفه قبل التیقظ و الاستبصار و إراده السلوک و ظهور نور البصیره و الاعتبار من الوقوف مع النفس و صفائها إِنْ هِیَ إِلَّا فِتْنَتُکَ أی: ما هذا الابتلاء بصفات النفس و عباده الهوى إلا ابتلاؤک لا مدخل فیها لغیرک تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ من أهل الحجب و الشقاوه و الجهل و العمى وَ تَهْدِی مَنْ تَشاءُ من أهل السعاده و العنایه و العلم و الهدى، قالها فی مقام تجلی الأفعال.
أَنْتَ متولی أمورنا القائم بها فَاغْفِرْ لَنا ذنوب صفاتنا و ذواتنا کما غفرت لنا ذنوب أفعالنا وَ ارْحَمْنا بإفاضه أنوار شهودک و رفع حجاب الأینیه بوجودک وَ أَنْتَ خَیْرُ الْغافِرِینَ بالمغفره التامه.
وَ اکْتُبْ لَنا فِی هذِهِ الدُّنْیا حَسَنَهً العداله و الاستقامه بالبقاء بعد الفناء وَ فِی الْآخِرَهِ حَسَنَهً المشاهده و الزیاده إِنَّا هُدْنا رجعنا إِلَیْکَ عن ذنوب وجودنا قالَ عَذابِی أی:عذاب الشوق المخصوص بی الحاصل من جهتی، و إن کان ألیما لشدّه ألم الفراق، لکنه أمر عزیز خطیر أُصِیبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ من أهل العنایه من عبادی الخاصه بی وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ لا تختص بأحد دون أحد غیره و شیء دون شیء، ففی هذا العذاب رحمه لا یبلغ کنهها و لا یقدر قدرها من رحمه لذه الوصول التی قال فیها: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّهِ أَعْیُنٍ[۱۲] مع کونه لذیذا لا یقاس بلذّته لذّه، کما قال أحدهم:
و کل لذیذ قد نلت منه | سوى ملذوذ و جدی بالعذاب |
و لعمری إنّ هذا العذاب أعزّ من الکبریت الأحمر. و أما الرحمه فلا یخلو من حظ منها أحد فَسَأَکْتُبُها تامه کامله رحیمیه کتبه خاصه لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ الحجب کلها و یفیضون مما رزقوا من الأموال و الأخلاق و العلوم و الأحوال على مستحقیها وَ الَّذِینَ هُمْ بجمیع صفاتنا یتصفون و هم الَّذِینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَ فی آخر الزمان، أی: المحمدیون الذین اتّبعوا فی التقوى وصفه بقوله تعالى له: وَ ما رَمَیْتَ إِذْ رَمَیْتَ وَ لکِنَّ اللَّهَ رَمى[۱۳]، و بقوله تعالى: وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (۳)[۱۴]، و قوله تعالى: ما زاغَ الْبَصَرُ وَ ما طَغى (۱۷)[۱۵]، و فی إیتاء الزکاه قوله تعالى: وَ أَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (۱۰) وَ أَمَّا بِنِعْمَهِ رَبِّکَ فَحَدِّثْ (۱۱)[۱۶]، و فی الإیمان بالآیات قوله صلى اللّه علیه و سلم: «أوتیت جوامع الکلم، و بعثت لأتمم مکارم الأخلاق».
[۱۵۹- ۱۹۳]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱۵۹ الى ۱۹۳]
وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّهٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (۱۵۹) وَ قَطَّعْناهُمُ اثْنَتَیْ عَشْرَهَ أَسْباطاً أُمَماً وَ أَوْحَیْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاکَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَهَ عَیْناً قَدْ عَلِمَ کُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَ ظَلَّلْنا عَلَیْهِمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَیْهِمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى کُلُوا مِنْ طَیِّباتِ ما رَزَقْناکُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لکِنْ کانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ (۱۶۰) وَ إِذْ قِیلَ لَهُمُ اسْکُنُوا هذِهِ الْقَرْیَهَ وَ کُلُوا مِنْها حَیْثُ شِئْتُمْ وَ قُولُوا حِطَّهٌ وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَکُمْ خَطِیئاتِکُمْ سَنَزِیدُ الْمُحْسِنِینَ (۱۶۱) فَبَدَّلَ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَیْرَ الَّذِی قِیلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما کانُوا یَظْلِمُونَ (۱۶۲) وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْیَهِ الَّتِی کانَتْ حاضِرَهَ الْبَحْرِ إِذْ یَعْدُونَ فِی السَّبْتِ إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ کَذلِکَ نَبْلُوهُمْ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ (۱۶۳)
وَ إِذْ قالَتْ أُمَّهٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِکُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِیداً قالُوا مَعْذِرَهً إِلى رَبِّکُمْ وَ لَعَلَّهُمْ یَتَّقُونَ (۱۶۴) فَلَمَّا نَسُوا ما ذُکِّرُوا بِهِ أَنْجَیْنَا الَّذِینَ یَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِینَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِیسٍ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ (۱۶۵) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ کُونُوا قِرَدَهً خاسِئِینَ (۱۶۶) وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّکَ لَیَبْعَثَنَّ عَلَیْهِمْ إِلى یَوْمِ الْقِیامَهِ مَنْ یَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّکَ لَسَرِیعُ الْعِقابِ وَ إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِیمٌ (۱۶۷) وَ قَطَّعْناهُمْ فِی الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَ مِنْهُمْ دُونَ ذلِکَ وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ السَّیِّئاتِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (۱۶۸)
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْکِتابَ یَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَ یَقُولُونَ سَیُغْفَرُ لَنا وَ إِنْ یَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ یَأْخُذُوهُ أَ لَمْ یُؤْخَذْ عَلَیْهِمْ مِیثاقُ الْکِتابِ أَنْ لا یَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَ دَرَسُوا ما فِیهِ وَ الدَّارُ الْآخِرَهُ خَیْرٌ لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (۱۶۹) وَ الَّذِینَ یُمَسِّکُونَ بِالْکِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاهَ إِنَّا لا نُضِیعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِینَ (۱۷۰) وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ کَأَنَّهُ ظُلَّهٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَیْناکُمْ بِقُوَّهٍ وَ اذْکُرُوا ما فِیهِ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ (۱۷۱) وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّکَ مِنْ بَنِی آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّیَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّکُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا یَوْمَ الْقِیامَهِ إِنَّا کُنَّا عَنْ هذا غافِلِینَ (۱۷۲) أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَکَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ کُنَّا ذُرِّیَّهً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِکُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (۱۷۳)
وَ کَذلِکَ نُفَصِّلُ الْآیاتِ وَ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (۱۷۴) وَ اتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ الَّذِی آتَیْناهُ آیاتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّیْطانُ فَکانَ مِنَ الْغاوِینَ (۱۷۵) وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لکِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ کَمَثَلِ الْکَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَیْهِ یَلْهَثْ أَوْ تَتْرُکْهُ یَلْهَثْ ذلِکَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ یَتَفَکَّرُونَ (۱۷۶) ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا وَ أَنْفُسَهُمْ کانُوا یَظْلِمُونَ (۱۷۷) مَنْ یَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِی وَ مَنْ یُضْلِلْ فَأُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ (۱۷۸)
وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ کَثِیراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا یَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْیُنٌ لا یُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا یَسْمَعُونَ بِها أُولئِکَ کَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِکَ هُمُ الْغافِلُونَ (۱۷۹) وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمائِهِ سَیُجْزَوْنَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۸۰) وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّهٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُونَ (۱۸۱) وَ الَّذِینَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ (۱۸۲) وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ کَیْدِی مَتِینٌ (۱۸۳)
أَ وَ لَمْ یَتَفَکَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّهٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِیرٌ مُبِینٌ (۱۸۴) أَ وَ لَمْ یَنْظُرُوا فِی مَلَکُوتِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَیْءٍ وَ أَنْ عَسى أَنْ یَکُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَهُ یُؤْمِنُونَ (۱۸۵) مَنْ یُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِیَ لَهُ وَ یَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ (۱۸۶) یَسْئَلُونَکَ عَنِ السَّاعَهِ أَیَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّی لا یُجَلِّیها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِیکُمْ إِلاَّ بَغْتَهً یَسْئَلُونَکَ کَأَنَّکَ حَفِیٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَ لکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لا یَعْلَمُونَ (۱۸۷) قُلْ لا أَمْلِکُ لِنَفْسِی نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ وَ لَوْ کُنْتُ أَعْلَمُ الْغَیْبَ لاسْتَکْثَرْتُ مِنَ الْخَیْرِ وَ ما مَسَّنِیَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِیرٌ وَ بَشِیرٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۱۸۸)
هُوَ الَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَهٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِیَسْکُنَ إِلَیْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِیفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَیْتَنا صالِحاً لَنَکُونَنَّ مِنَ الشَّاکِرِینَ (۱۸۹) فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَکاءَ فِیما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا یُشْرِکُونَ (۱۹۰) أَ یُشْرِکُونَ ما لا یَخْلُقُ شَیْئاً وَ هُمْ یُخْلَقُونَ (۱۹۱) وَ لا یَسْتَطِیعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَ لا أَنْفُسَهُمْ یَنْصُرُونَ (۱۹۲) وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا یَتَّبِعُوکُمْ سَواءٌ عَلَیْکُمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (۱۹۳)
وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّهٌ أی: أولئک المتّبعون هم المفلحون بالرحمه التامه، و أمّه من قوم موسى موحدون یَهْدُونَ الناس بِالْحَقِ لا بأنفسهم وَ بِهِ یَعْدِلُونَ بین الناس فی حال الاستقامه و التمکین إِذْ تَأْتِیهِمْ حِیتانُهُمْ یَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ یَوْمَ لا یَسْبِتُونَ لا تَأْتِیهِمْ ما کان إلا کحال الإسلامیین من أهل زماننا فی اجتماع أنواع الحظوظ النفسانیه من المطاعم و المشارب و الملاهی و المناکح ظاهره فی الأسواق و المواسم و الشوارع و المحافل یوم الجمعات دون سائر الأیام، و ما ذلک إلا ابتلاء من اللّه بسبب الفسق أُولئِکَ کَالْأَنْعامِ لفقدان إدراک الحقائق و المعارف التی تقرّبهم من اللّه بالقلوب و عدم الاعتبار بالأعین و الادّکار و الفهم بالأسماع بَلْ هُمْ أَضَلُ لوجود الشیطنه فیهم الموجبه للبعد بفساد العقائد و کثره المکاید وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى قد مرّ أن کل اسم هو الذات مع صفه، و اللّه یدبر کل أمر باسم من أسمائه فَادْعُوهُ عند الافتقار إلى ذلک الاسم به إما بلسان الحال کما أن الجاهل إذا طلب العلم یدعوه باسمه العلیم، و المریض إذا طلب الشفاء یدعوه باسمه الشافی، و الفقیر إذا طلب الغنى یدعوه باسمه المغنی، کل بتحصیل الاستعداد الذی استلزم قبوله لتأثیر ذلک الاسم و أثر تلک الصفه. و أما بلسان القال کما إذا قال الأول: یا رب، یرید به یا علیم، لاختصاص ربوبیته بذلک الاسم. و الثانی: یرید بیا رب یا شافی.
و الثالث: یا مغنی. و أما بلسان الفعل کما یدعوه الطالب السالک باتصافه بتلک الصفه فإذا فنى عن علمه بعلمه دعاه باسمه: العلیم، و إذا وجد شفاء دائه منه و طلب منه أن یشفی غیره باتصافه بصفه الشفاء دعاه باسمه: الشافی، و إذا استغنى عن فقره به دعاه باسمه: الغنی. و هذه هی الدعوه المأمور بها الموحدون من المؤمنین فلیمتثلوا. وَ ذَرُوا الَّذِینَ یُلْحِدُونَ فِی أَسْمائِهِ یطلبون هذه الصفات من غیره و یضیفونها إلیه فیشرکون به.
المراد بالساعه: وقت ظهور القیامه الکبرى، أی: الوحده الذاتیه بوجود المهدی و لا یعلم وقتها إلا اللّه کما قال النبیّ علیه الصلاه و السلام فی وقت خروج المهدی: «کذب الوقاتون»، و لعمری ما یعلمها عند وقوعها أیضا إلا اللّه کما هی قبل وقوعها. ثَقُلَتْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إذ لا یسع أهلها علمها.
[۱۹۴]
[سوره الأعراف (۷): آیه ۱۹۴]
إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُکُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْیَسْتَجِیبُوا لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۱۹۴)
إِنَّ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ کائنین من کانوا، ناسا کانوا أو غیرهم عِبادٌ أَمْثالُکُمْ فی العجز و عدم التأثیر فَادْعُوهُمْ إلى أمر لا ییسره اللّه لکم فَلْیَسْتَجِیبُوا لَکُمْ إلى تیسیره إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ فی نسبه التأثیر إلى الغیر، کما قال النبیّ علیه الصلاه و السلام لابن عباس: «یا غلام، احفظ اللّه یحفظک، احفظ اللّه تجده تجاهک. و إذا سألت فاسأل اللّه، و إذا استعنت فاستعن باللّه. و اعلم أنّ الأمّه لو اجتمعوا على أن ینفعوک بشیء لم ینفعوک إلا بشیء قد کتبه اللّه لک، و لو اجتمعوا على أن یضروک بشیء لم یضروک إلا بشیء کتبه اللّه علیک، رفعت الأقلام و جفت الصحف».
[۱۹۵- ۱۹۸]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۱۹۵ الى ۱۹۸]
أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ یَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَیْدٍ یَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْیُنٌ یُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ یَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَکاءَکُمْ ثُمَّ کِیدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (۱۹۵) إِنَّ وَلِیِّیَ اللَّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْکِتابَ وَ هُوَ یَتَوَلَّى الصَّالِحِینَ (۱۹۶) وَ الَّذِینَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا یَسْتَطِیعُونَ نَصْرَکُمْ وَ لا أَنْفُسَهُمْ یَنْصُرُونَ (۱۹۷) وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا یَسْمَعُوا وَ تَراهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْکَ وَ هُمْ لا یُبْصِرُونَ (۱۹۸)
أَ لَهُمْ أَرْجُلٌ یَمْشُونَ بِها استفهام على سبیل الإنکار، أی: ألهم أرجل و لکن لا یمشون بها بل باللّه، إذ هو الذی یمشیهم بها و کذا سائر الجوارح قُلِ ادْعُوا شُرَکاءَکُمْ من الجنّ و الأنس ثُمَّ کِیدُونِ إن استطعتم فإنّ متولی أمری و حافظی و مدبری هو اللَّهُ الَّذِی یعلمنی بتنزیل الکتاب وَ هُوَ یَتَوَلَّى کل صالح، أی: کل من قام به فی حال الاستقامه.
و کلما ورد الصالح فی وصف نبیّ من الأنبیاء أرید به الباقی بالحق بالاستقامه و التمکین بعد الفناء فی عین الجمع القائم بإصلاح النوع بإذن الحق وَ تَراهُمْ یَنْظُرُونَ إِلَیْکَ وَ هُمْ لا یُبْصِرُونَ أی: إن تدع المطبوع على قلوبهم من المشرکین و غیرهم إلى الهدى لا یسمعوا و لا یطیعوا و تراهم مع صحه البصر و النظر لا یبصرون الحق و لا حقیقتک لأنهم عمی القلوب فی الحقیقه.
[۱۹۹]
[سوره الأعراف (۷): آیه ۱۹۹]
خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ (۱۹۹)
خُذِ الْعَفْوَ أی: السهل الذی یتیسر لهم و لا تکلفهم ما لا یتیسر لهم وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ أی: بالوجه الجمیل وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِینَ بعدم مکافأه جهلهم. وعن الإمام جعفر الصادق رضی اللّه عنه: «أمر اللّه نبیه بمکارم الأخلاق و لیس فی القرآن آیه أجمع لمکارم الأخلاق منها». قال ذلک لقوه دلالتها على التوحید، فإن من شاهد مالک النواصی و تصرفه فی عباده و کونهم فیما یأتون و یذرون به لا بأنفسهم، لا یشاقهم و لا یداقهم فی تکالیفهم و لا یغضب فی الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، و لا یتشدّد علیهم و یحلم عنهم.
[۲۰۰]
[سوره الأعراف (۷): آیه ۲۰۰]
وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّکَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ (۲۰۰)
وَ إِمَّا یَنْزَغَنَّکَ مِنَ الشَّیْطانِ نَزْغٌ أی: نخس و داعیه قویه تحملک على مناقشتهم برؤیه الفعل منهم و نسبه الذنب إلیهم فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ بالشهود و الحضور لفاعلیته إِنَّهُ سَمِیعٌ یسمع أحادیث النفس و وساوس الشیطان فی الصدر عَلِیمٌ بالنیّات و الأسرار.
[۲۰۱- ۲۰۵]
[سوره الأعراف (۷): الآیات ۲۰۱ الى ۲۰۵]
إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّیْطانِ تَذَکَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ (۲۰۱) وَ إِخْوانُهُمْ یَمُدُّونَهُمْ فِی الغَیِّ ثُمَّ لا یُقْصِرُونَ (۲۰۲) وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآیَهٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَیْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما یُوحى إِلَیَّ مِنْ رَبِّی هذا بَصائِرُ مِنْ رَبِّکُمْ وَ هُدىً وَ رَحْمَهٌ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۲۰۳) وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ (۲۰۴) وَ اذْکُرْ رَبَّکَ فِی نَفْسِکَ تَضَرُّعاً وَ خِیفَهً وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ وَ لا تَکُنْ مِنَ الْغافِلِینَ (۲۰۵)
إِنَّ الَّذِینَ اتَّقَوْا الشرک إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ لمه مِنَ الشَّیْطانِ بنسبه الفعل إلى الغیر تَذَکَّرُوا مقام التوحید و مشاهده الأفعال من اللّه فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ فعالیه اللّه، فلا یبقى شیطان و لا فاعل غیر اللّه فی نظرهم. و إخوان الشیاطین من المحجوبین یَمُدُّونَهُمْ فی نسبه الفعل إلى غیره فلا یقصرون من العناد و المراء و الجهل لَوْ لا اجْتَبَیْتَها أی: هلا اجتمعتها من تلقاء نفسک قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما یُوحى إِلَیَّ مِنْ رَبِّی أی: لا أفتعل بنفسی، بل أبلغ عن اللّه و لا أقول إلا ما یوحى إلیّ منه به لأنی قائم به لا بنفسی فَاسْتَمِعُوا لَهُ أی: إلى اللّه و لا تستمعوا إلا منه وَ أَنْصِتُوا عن حدیث النفس و غیره، فإنّ المتکلم به هو اللّه لَعَلَّکُمْ تُرْحَمُونَ برحمه تجلی المتکلم فی کلامه بصفاته و أفعاله وَ اذْکُرْ رَبَّکَ حاضرا فِی نَفْسِکَ کقوله تعالى: لَقَدْ کانَ لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَهٌ حَسَنَهٌ[۱۷].
تَضَرُّعاً فی مقام التفصیل للجمع وَ خِیفَهً فی السر من النفس أو خیفه أن یکون للنفس فیه نصیب وَ دُونَ الْجَهْرِ أی: دون أن یظهر لک التضرع و الذکر منک، بل تکون ذاکرا به له فی غدوّ ظهور نور الروح و إشراقه و غلبته، و آصال غلبات صفات النفس و قواها وَ لا تَکُنْ فی حال من الأحوال، و خصوصا حال غلبات النفس و صفاتها مِنَ الْغافِلِینَ عن شهود الوحده الذاتیه.
[۲۰۶]
[سوره الأعراف (۷): آیه ۲۰۶]
إِنَّ الَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ لا یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَ یُسَبِّحُونَهُ وَ لَهُ یَسْجُدُونَ (۲۰۶)
إِنَّ الَّذِینَ عِنْدَ رَبِّکَ بالتوحید و الفناء فیه باقین به ذوی الاستقامه لا یَسْتَکْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ بسبب احتجابهم بالأنائیه بل یشاهدون التفصیل فی عین الجمع فیذعنون له وَ یُسَبِّحُونَهُ ینزّهونه عن الشرک بنفی الأنانیه وَ لَهُ یَسْجُدُونَ بالفناء التام، و طمس البقیه، و آثار الإنیه، و اللّه الباقی بعد فناء الخلق.
[۱] ( ۱) سوره الشرح، الآیات: ۱- ۲.
[۲] ( ۱) سوره ص، الآیه: ۸۲.
[۳] ( ۲) سوره المائده، الآیه: ۶۶.
[۴] ( ۱) سوره طه، الآیه: ۱۲۰.
[۵] ( ۱) سوره الأنعام، الآیه: ۱۳۹.
[۶] ( ۲) سوره الأنعام، الآیه: ۹۷.
[۷] ( ۱) سوره الحج، الآیه: ۴۷.
[۸] ( ۲) سوره الرحمن، الآیه: ۲۹.
[۹] ( ۳) سوره إبراهیم، الآیه: ۵.
[۱۰] ( ۴) سوره الرعد، الآیه: ۳۹.
[۱۱] ( ۱) سوره الذاریات، الآیه: ۴۴.
[۱۲] ( ۱) سوره السجده، الآیه: ۱۷.
[۱۳] ( ۲) سوره الأنفال، الآیه: ۱۷.
[۱۴] ( ۳) سوره النجم، الآیه: ۳.
[۱۵] ( ۴) سوره النجم، الآیه: ۱۷.
[۱۶] ( ۵) سوره الضحى، الآیات: ۱۰- ۱۱.
[۱۷] ( ۱) سوره الأحزاب، الآیه: ۲۱.