تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره القلم
سوره القلم
[۱]
[سوره القلم (۶۸): آیه ۱]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
ن وَ الْقَلَمِ وَ ما یَسْطُرُونَ (۱)
ن هو النفس الکلیّه وَ الْقَلَمِ هو العقل الکلی و الأول من باب الکنایه بالاکتفاء من الکلمه بأول حروفها، و الثانی من باب التشبیه إذ تنتقش فی النفس صور الموجودات بتأثیر العقل کما تنتقش الصور فی اللوح بالقلم وَ ما یَسْطُرُونَ من صور الأشیاء و ماهیاتها و أحوالها المقدّره على ما یقع علیها، و فاعل ما یسطرون الکتبه من العقول المتوسطه و الأرواح المقدّسه و إن کان الکاتب فی الحقیقه هو اللّه تعالى، لکن لما کان فی حضره الأسماء نسب إلیها مجازا، أقسم بهما و بما یصدر عنهما من مبادئ الوجود و صور التقدیر الإلهی و مبدأ أمره و مخزن غیبه لشرفهما و کونهما مشتملین على کل الوجود فی أول مرتبه التأثیر و التأثر و مناسبتهما للمقسم علیه.
[۲]
[سوره القلم (۶۸): آیه ۲]
ما أَنْتَ بِنِعْمَهِ رَبِّکَ بِمَجْنُونٍ (۲)
ما أَنْتَ بِنِعْمَهِ رَبِّکَ بِمَجْنُونٍ أی: ما أنت بمستور العقل مختلّ الإدراک فی حاله کونک منعما علیک بنعمه الاطلاع على هذا المسطور بهما فإنه لا أعقل ممن اطلع على سرّ القدر و أحاط بحقائق الأشیاء فی نفس الأمر.
[۳]
[سوره القلم (۶۸): آیه ۳]
وَ إِنَّ لَکَ لَأَجْراً غَیْرَ مَمْنُونٍ (۳)
وَ إِنَّ لَکَ لَأَجْراً من أنوار المشاهدات و المکاشفات من هذین العالمین غَیْرَ مقطوع لکونه سرمدیا غیر مادی فلا یتناهى و هم مادّیون محجوبون عنه، متضادّون إیاک فی الحال و الوجهه، فلهذا ینسبونک إلى الجنون لانحصار عقولهم و أفکارهم فی المادّیات.
[۴]
[سوره القلم (۶۸): آیه ۴]
وَ إِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِیمٍ (۴)
وَ إِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِیمٍ لکونک متخلقا بأخلاق اللّه متأیدا بالتأیید القدسی فلا تتأثر بمفتریاتهم و لا تتأذى بمؤذیاتهم إذ باللّه تصبر لا بنفسک کما قال: وَ ما صَبْرُکَ إِلَّا بِاللَّهِ[۱].
[۵- ۶]
[سوره القلم (۶۸): الآیات ۵ الى ۶]
فَسَتُبْصِرُ وَ یُبْصِرُونَ (۵) بِأَیِّکُمُ الْمَفْتُونُ (۶)
فَسَتُبْصِرُ وَ یُبْصِرُونَ عند کشف الغطاء بالموت أیکم المجنون بالحقیقه، أ أنت الذی کوشفت بأسرار القدر و أوتیت بجوامع الکلم أم هم الذین حجبوا عما فی أنفسهم من آیات اللّه و العبر و فتنوا بعباده الصنم.
[۷- ۱۵]
[سوره القلم (۶۸): الآیات ۷ الى ۱۵]
إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِینَ (۷) فَلا تُطِعِ الْمُکَذِّبِینَ (۸) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَیُدْهِنُونَ (۹) وَ لا تُطِعْ کُلَّ حَلاَّفٍ مَهِینٍ (۱۰) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِیمٍ (۱۱)
مَنَّاعٍ لِلْخَیْرِ مُعْتَدٍ أَثِیمٍ (۱۲) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِکَ زَنِیمٍ (۱۳) أَنْ کانَ ذا مالٍ وَ بَنِینَ (۱۴) إِذا تُتْلى عَلَیْهِ آیاتُنا قالَ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ (۱۵)
إِنَّ رَبَّکَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ جنّ فی الحقیقه ف ضَلَّ عَنْ سَبِیلِهِ و احتجب عن الدین و بمن عقل فاهتدى إلیه، أی: لا یعلم أحد کنه جنونهم و ضلالهم إلا اللّه لکونه فی الغایه و کذا کنه اهتدائک و اهتداء من اهتدى بهداک فلا توافقهم فی الظاهر کما لا توافقهم فی الباطن. فإن موافقه الظاهر أثر موافقه الباطن و کذا المخالفه و إلا کان نفاقا سریع الزوال و مصانعه و شیکه الانقضاء، و أما هم فلانهماکهم فی الرذائل و تعمقهم فی التلوین و الاختلاف لتشعب أهوائهم و تفرّق أمانیهم و میول قواهم و جهات نفوسهم یصانعون و یضمون تلک الرذیله إلى رذائلهم طمعا فی مداهنتک معهم و مصانعتک إیاهم، فلا یفتننک کثره أموال من کان أغناهم و کثره قومه و تبعه فتطیعه و تصانعه مع کثره رذائله، و دم على توافق الظاهر و الباطن مستعینا باللّه مستظهرا به مصادقا لمن صدقک مصافیا لمن وافقک مصاحبا لصعالیک المؤمنین الزاهدین فی الدنیا.
[۱۶- ۴۱]
[سوره القلم (۶۸): الآیات ۱۶ الى ۴۱]
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (۱۶) إِنَّا بَلَوْناهُمْ کَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّهِ إِذْ أَقْسَمُوا لَیَصْرِمُنَّها مُصْبِحِینَ (۱۷) وَ لا یَسْتَثْنُونَ (۱۸) فَطافَ عَلَیْها طائِفٌ مِنْ رَبِّکَ وَ هُمْ نائِمُونَ (۱۹) فَأَصْبَحَتْ کَالصَّرِیمِ (۲۰)
فَتَنادَوْا مُصْبِحِینَ (۲۱) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِکُمْ إِنْ کُنْتُمْ صارِمِینَ (۲۲) فَانْطَلَقُوا وَ هُمْ یَتَخافَتُونَ (۲۳) أَنْ لا یَدْخُلَنَّهَا الْیَوْمَ عَلَیْکُمْ مِسْکِینٌ (۲۴) وَ غَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِینَ (۲۵)
فَلَمَّا رَأَوْها قالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ (۲۶) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (۲۷) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَ لَمْ أَقُلْ لَکُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (۲۸) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا کُنَّا ظالِمِینَ (۲۹) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ یَتَلاوَمُونَ (۳۰)
قالُوا یا وَیْلَنا إِنَّا کُنَّا طاغِینَ (۳۱) عَسى رَبُّنا أَنْ یُبْدِلَنا خَیْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ (۳۲) کَذلِکَ الْعَذابُ وَ لَعَذابُ الْآخِرَهِ أَکْبَرُ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ (۳۳) إِنَّ لِلْمُتَّقِینَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِیمِ (۳۴) أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِینَ کَالْمُجْرِمِینَ (۳۵)
ما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ (۳۶) أَمْ لَکُمْ کِتابٌ فِیهِ تَدْرُسُونَ (۳۷) إِنَّ لَکُمْ فِیهِ لَما تَخَیَّرُونَ (۳۸) أَمْ لَکُمْ أَیْمانٌ عَلَیْنا بالِغَهٌ إِلى یَوْمِ الْقِیامَهِ إِنَّ لَکُمْ لَما تَحْکُمُونَ (۳۹) سَلْهُمْ أَیُّهُمْ بِذلِکَ زَعِیمٌ (۴۰)
أَمْ لَهُمْ شُرَکاءُ فَلْیَأْتُوا بِشُرَکائِهِمْ إِنْ کانُوا صادِقِینَ (۴۱)
سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أی: نغیر وجهه فی القیامه الصغرى و نجعل آله حرصه مشاکلا لهیئه نفسه کخرطوم الفیل مثلا، و نبدّل أعز أعضائه بما فیه علامه غایه الذل لخسّه نفسه المنجذبه إلى ما فی جهه السفل الجاذبه لمواد الرجس.
[۴۲- ۴۷]
[سوره القلم (۶۸): الآیات ۴۲ الى ۴۷]
یَوْمَ یُکْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ یُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا یَسْتَطِیعُونَ (۴۲) خاشِعَهً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّهٌ وَ قَدْ کانُوا یُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ (۴۳) فَذَرْنِی وَ مَنْ یُکَذِّبُ بِهذَا الْحَدِیثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَیْثُ لا یَعْلَمُونَ (۴۴) وَ أُمْلِی لَهُمْ إِنَّ کَیْدِی مَتِینٌ (۴۵) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (۴۶)
أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَیْبُ فَهُمْ یَکْتُبُونَ (۴۷)
یَوْمَ یُکْشَفُ عَنْ ساقٍ أی: اذکر یوم یشتدّ الأمر و تتفاقم شدته بحیث لا یمکن وصفها بمفارقه المألوفات البدنیه و الملاذ الحسیه و ظهور الأهوال و الآلام النفسیه بالهیئات الموحشه و الصور المؤذیه وَ یُدْعَوْنَ على لسان الملکوت للجنسیه الأصلیه و المناسبه الفطریه إِلَى سجود الإذعان و الانقیاد لقبول الأنوار الإلهیه و الإشراقات السبوحیه فَلا یَسْتَطِیعُونَ الانقیاد و الإذعان لقبولها لزوال استعدادهم الأصلی بالهیئات المظلمه و احتجابهم بالغواشی الجسمانیه و الملابس الهیولانیه خاشِعَهً أَبْصارُهُمْ ذلیله متحیره لذهاب قوتها النوریه و عدم قدرتها على النظر إلى عالم النور و بعدها عن إدراک الشعاع مفید السرور تَرْهَقُهُمْ ذِلَّهٌ الرکون إلى السفلیات و الرکود إلى خساسه الانفعالیات و ملازمه الطبیعیات وَ قَدْ کانُوا یُدْعَوْنَ عند بقاء الاستعداد و وجود الآلات إِلَى سجود الانقیاد بتهیئه الاستعداد لقبول الإمداد من عالم الأنوار وَ هُمْ سالِمُونَ الاستعداد متمکنون على إحراز السعاده فی المعاد.
[۴۸- ۵۲]
[سوره القلم (۶۸): الآیات ۴۸ الى ۵۲]
فَاصْبِرْ لِحُکْمِ رَبِّکَ وَ لا تَکُنْ کَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَ هُوَ مَکْظُومٌ (۴۸) لَوْ لا أَنْ تَدارَکَهُ نِعْمَهٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَ هُوَ مَذْمُومٌ (۴۹) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِینَ (۵۰) وَ إِنْ یَکادُ الَّذِینَ کَفَرُوا لَیُزْلِقُونَکَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّکْرَ وَ یَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (۵۱) وَ ما هُوَ إِلاَّ ذِکْرٌ لِلْعالَمِینَ (۵۲)
فَاصْبِرْ لِحُکْمِ رَبِّکَ بسعاده من سعد و شقاوه من شقی و نجاه من نجا و هلاک من هلک و هدایه من اهتدى و ضلال من ضلّ وَ لا تَکُنْ کَصاحِبِ الْحُوتِ فی استیلاء صفات النفس علیه و غلبه الطیش و الغضب و الاحتجاب عن حکم الربّ حتى ردّ عن جناب القدس إلى مقر الطبع فَالْتَقَمَهُ حوت الطبیعه السفلیه فی مقام النفس و ابتلى بالاجتنان فی بطن حوت الرحم إِذْ نادى ربّه لقهر قومه و إهلاکهم لفرط الغضب عن مقام النفس لا بإذن الحق وَ هُوَ ممتلئ غیظا لَوْ لا أَنْ تَدارَکَهُ نِعْمَهٌ کامله مِنْ رَبِّهِ بالهدایه إلى الکمال لبقاء سلامه الاستعداد و عدم رسوخ الهیئه الغضبیه و التوبه عن فرطات النفس و التنصل عن صفاتها لَنُبِذَ بِالْعَراءِ أی: بظاهر عالم الحسّ و طرد من جناب القدس بالکلیه و ترک فی وادی النفس وَ هُوَ مَذْمُومٌ موصوف بالرذائل مستحق للإذلال و الخذلان، محجوب عن الحق، مبتلى بالحرمان، و لکنه اجتباه رَبُّهُ برحمته لمکان سلامه فطرته و بقاء نوره الأصلی فقرّبه إلیه و جمعه إلى ذاته بإلقاء کلمه التوحید إلیه و إیصاله إلى مقام الجمع فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِینَ لمقام النبوّه بالاستقامه حال البقاء بعد الفناء فی عین الجمع، و اللّه تعالى أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۳۶۴
[۱] ( ۱) سوره النحل، الآیه: ۱۲۷.