تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره العنكبوت

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره العنکبوت

سوره العنکبوت‏

[۱- ۲]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۱ الى ۲]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

الم (۱) أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ یُتْرَکُوا أَنْ یَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا یُفْتَنُونَ (۲)

الم‏ أی: الذات الإلهیه و الصفات الحقیقیه التی أصلها و أوّلها باعتبار النسبه إلى الغیر العلم و الإضافیه التی أوّلها و منشؤها المبدئیه اقتضت أن لا یترک الناس على نقصانهم و غفلتهم و احتجابهم بمجرّد أقوالهم المطابقه للحق و ظواهر أعمالهم، بل یفتنوا بأنواع البلیّات و یمتحنوا بالشدائد و الریاضات حتى یظهر ما کمن فی استعدادتهم و أودع فی غرائزهم. فإنّ الذات الإلهیه أحبّت أن تظهر کمالاتها المخزونه فی عین الجمع فأودعها معادن أعیان الناس، و أوجدها فی عالم الشهاده، کما قال تعالى: کنت کنزا مخفیّا

الحدیث. فتحبّب إلیهم بالابتلاء بالنعم و النقم لیعرفوه عند ظهور صفاته علیهم فیصیروا مظاهر له فی الانتهاء إلیه، کما کانوا معادن و خزائن عند الابتداء منه، فإنّ کونه منتهى من لوازم کونه مبتدأ.

 

 

 

[۳- ۴]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۳ الى ۴]

وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ صَدَقُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْکاذِبِینَ (۳) أَمْ حَسِبَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ السَّیِّئاتِ أَنْ یَسْبِقُونا ساءَ ما یَحْکُمُونَ (۴)

وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ من أهل الاستبصار و الاستعداد بأنواع المصائب و المحن و الریاضات و الفتن، حتى یتمیز الصادق فی الطلب، القابل للکمال بظهور کماله من الکاذب المهوّس الضعیف الاستعداد.

 

 

 

[۵]

[سوره العنکبوت (۲۹): آیه ۵]

مَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (۵)

مَنْ کانَ یَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ‏ فی أحد المواطن سواء کان موطن الثواب و الآثار أو موطن الأفعال أو موطن الأخلاق أو موطن الصفات أو موطن الذات‏ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ‏ فی إحدى المقامات الثلاث‏ لَآتٍ‏ أی: فلیتیقن وقوع اللقاء بحسب حاله و رجاءه عند الأجل المعلوم، و لیعمل الحسنات لیجد الکرامه فی جنه النفس من باب الآثار و الأفعال عند الموت الطبیعی، أو لیجتهد فی المحو بالریاضات و المراقبات لیشاهد فی جنه القلب من تجلیات الصفات و مقامات الأخلاق ما یشتهیه و یدّعیه عند الموت الإرادی، أو لیجاهد فی اللّه حقّ جهاده بالفناء فیه لیجد روح الشهود و ذوق الجمال فی جنه الروح عند الموت الأکبر و الطامّه الکبرى.

 

 

 

[۶- ۷]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۶ الى ۷]

وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما یُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِیٌّ عَنِ الْعالَمِینَ (۶) وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُکَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَیِّئاتِهِمْ وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِی کانُوا یَعْمَلُونَ (۷)

وَ مَنْ جاهَدَ فی أی مقام کان لأیّ موطن أراد فَإِنَّما یُجاهِدُ لِنَفْسِهِ‏. وَ الَّذِینَ آمَنُوا کل واحد من أنواع الإیمان المذکوره وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ بحسب إیمانهم‏ لَنُکَفِّرَنَّ عَنْهُمْ‏ سیئات أعمالهم و أخلاقهم، أو صفاتهم أو ذواتهم بأنوار ذاته‏ وَ لَنَجْزِیَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِی کانُوا یَعْمَلُونَ‏ من أعمالنا الصادره عن صفاتنا بدل أعمالهم.

 

 

 

[۸- ۲۴]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۸ الى ۲۴]

وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَیْهِ حُسْناً وَ إِنْ جاهَداکَ لِتُشْرِکَ بِی ما لَیْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَیَّ مَرْجِعُکُمْ فَأُنَبِّئُکُمْ بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۸) وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِی الصَّالِحِینَ (۹) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ یَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِیَ فِی اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَهَ النَّاسِ کَعَذابِ اللَّهِ وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّکَ لَیَقُولُنَّ إِنَّا کُنَّا مَعَکُمْ أَ وَ لَیْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِی صُدُورِ الْعالَمِینَ (۱۰) وَ لَیَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِینَ آمَنُوا وَ لَیَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِینَ (۱۱) وَ قالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لِلَّذِینَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِیلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطایاکُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِینَ مِنْ خَطایاهُمْ مِنْ شَیْ‏ءٍ إِنَّهُمْ لَکاذِبُونَ (۱۲)

وَ لَیَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَ لَیُسْئَلُنَّ یَوْمَ الْقِیامَهِ عَمَّا کانُوا یَفْتَرُونَ (۱۳) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِیهِمْ أَلْفَ سَنَهٍ إِلاَّ خَمْسِینَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَ هُمْ ظالِمُونَ (۱۴) فَأَنْجَیْناهُ وَ أَصْحابَ السَّفِینَهِ وَ جَعَلْناها آیَهً لِلْعالَمِینَ (۱۵) وَ إِبْراهِیمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ ذلِکُمْ خَیْرٌ لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (۱۶) إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَ تَخْلُقُونَ إِفْکاً إِنَّ الَّذِینَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا یَمْلِکُونَ لَکُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَ اعْبُدُوهُ وَ اشْکُرُوا لَهُ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ (۱۷)

وَ إِنْ تُکَذِّبُوا فَقَدْ کَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِکُمْ وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِینُ (۱۸) أَ وَ لَمْ یَرَوْا کَیْفَ یُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ إِنَّ ذلِکَ عَلَى اللَّهِ یَسِیرٌ (۱۹) قُلْ سِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُرُوا کَیْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ یُنْشِئُ النَّشْأَهَ الْآخِرَهَ إِنَّ اللَّهَ عَلى‏ کُلِّ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ (۲۰) یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ یَرْحَمُ مَنْ یَشاءُ وَ إِلَیْهِ تُقْلَبُونَ (۲۱) وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِینَ فِی الْأَرْضِ وَ لا فِی السَّماءِ وَ ما لَکُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصِیرٍ (۲۲)

وَ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِ اللَّهِ وَ لِقائِهِ أُولئِکَ یَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِی وَ أُولئِکَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ (۲۳) فَما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۲۴)

وَ وَصَّیْنَا الْإِنْسانَ‏ إلى آخره، جعل أول مکارم الأخلاق إحسان الوالدین إذ هما مظهرا صفتی الإیجاد و الربوبیه، فکان حقّهما یلی حقّ اللّه بقرن طاعتهما بطاعته لأن العدل ظلّ التوحید، فمن وحّد اللّه لزمه العدل و أول العدل مراعاه حقوقهما لأنهما أولى الناس، فوجب تقدیم حقوقهما على حق کل أحد إلا على حقه تعالى، و لهذا وجبت طاعتهما فی کل شی‏ء إلا فی الشرک باللّه.

 

 

 

[۲۵- ۴۴]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۲۵ الى ۴۴]

وَ قالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّهَ بَیْنِکُمْ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا ثُمَّ یَوْمَ الْقِیامَهِ یَکْفُرُ بَعْضُکُمْ بِبَعْضٍ وَ یَلْعَنُ بَعْضُکُمْ بَعْضاً وَ مَأْواکُمُ النَّارُ وَ ما لَکُمْ مِنْ ناصِرِینَ (۲۵) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَ قالَ إِنِّی مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّی إِنَّهُ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۲۶) وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ یَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِی ذُرِّیَّتِهِ النُّبُوَّهَ وَ الْکِتابَ وَ آتَیْناهُ أَجْرَهُ فِی الدُّنْیا وَ إِنَّهُ فِی الْآخِرَهِ لَمِنَ الصَّالِحِینَ (۲۷) وَ لُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَهَ ما سَبَقَکُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِینَ (۲۸) أَ إِنَّکُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَ تَقْطَعُونَ السَّبِیلَ وَ تَأْتُونَ فِی نادِیکُمُ الْمُنْکَرَ فَما کانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ إِنْ کُنْتَ مِنَ الصَّادِقِینَ (۲۹)

قالَ رَبِّ انْصُرْنِی عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِینَ (۳۰) وَ لَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِیمَ بِالْبُشْرى‏ قالُوا إِنَّا مُهْلِکُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَهِ إِنَّ أَهْلَها کانُوا ظالِمِینَ (۳۱) قالَ إِنَّ فِیها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِیها لَنُنَجِّیَنَّهُ وَ أَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ کانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ (۳۲) وَ لَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِی‏ءَ بِهِمْ وَ ضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَ قالُوا لا تَخَفْ وَ لا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوکَ وَ أَهْلَکَ إِلاَّ امْرَأَتَکَ کانَتْ مِنَ الْغابِرِینَ (۳۳) إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى‏ أَهْلِ هذِهِ الْقَرْیَهِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما کانُوا یَفْسُقُونَ (۳۴)

وَ لَقَدْ تَرَکْنا مِنْها آیَهً بَیِّنَهً لِقَوْمٍ یَعْقِلُونَ (۳۵) وَ إِلى‏ مَدْیَنَ أَخاهُمْ شُعَیْباً فَقالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ ارْجُوا الْیَوْمَ الْآخِرَ وَ لا تَعْثَوْا فِی الْأَرْضِ مُفْسِدِینَ (۳۶) فَکَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَهُ فَأَصْبَحُوا فِی دارِهِمْ جاثِمِینَ (۳۷) وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ قَدْ تَبَیَّنَ لَکُمْ مِنْ مَساکِنِهِمْ وَ زَیَّنَ لَهُمُ الشَّیْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِیلِ وَ کانُوا مُسْتَبْصِرِینَ (۳۸) وَ قارُونَ وَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى‏ بِالْبَیِّناتِ فَاسْتَکْبَرُوا فِی الْأَرْضِ وَ ما کانُوا سابِقِینَ (۳۹)

فَکُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَیْهِ حاصِباً وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّیْحَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَ ما کانَ اللَّهُ لِیَظْلِمَهُمْ وَ لکِنْ کانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ (۴۰) مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ کَمَثَلِ الْعَنْکَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَیْتاً وَ إِنَّ أَوْهَنَ الْبُیُوتِ لَبَیْتُ الْعَنْکَبُوتِ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ (۴۱) إِنَّ اللَّهَ یَعْلَمُ ما یَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَیْ‏ءٍ وَ هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ (۴۲) وَ تِلْکَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَ ما یَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (۴۳) خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیَهً لِلْمُؤْمِنِینَ (۴۴)

إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ شیئا عبدتموه مودودا فیما بینکم‏ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا أو أن کل ما اتخذتم من دون اللّه شیئا مودودا فیما بینکم فی الحیاه الدنیا، أو أن کل ما اتخذتم أوثانا مودود فی هذه الحیاه أو لمودّه بینکم فی هذه على القراءتین. و المعنى: أن الموده قسمان: مودّه دنیویه و موده أخرویه، و الدنیویه منشؤها النفس من الجهه السفلیه، و الأخرویه منشؤها الروح من الجهه العلویه. فکل ما یحب و یودّ من دون اللّه لا للّه و لا بمحبه اللّه فهو محبوب بالمودّه النفسیه، و هی هوى زائل کلما انقطعت الوصله البدنیه زالت و لم تصل إلى إحدى القیامات فإنها أنشأت من ترکیب البدن و اعتدال المزاج، فإذا انحلّ الترکیب و انحرف المزاج تلاشت و بقی التضادّ و التعاند بمقتضى الطبائع کقوله تعالى:

ثُمَّ یَوْمَ الْقِیامَهِ یَکْفُرُ بَعْضُکُمْ بِبَعْضٍ وَ یَلْعَنُ بَعْضُکُمْ بَعْضاً و لهذا شبهها ببیت العنکبوت فی الوهن فی قوله: مَثَلُ الَّذِینَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیاءَ کَمَثَلِ الْعَنْکَبُوتِ‏ إلى آخر الآیه.

و أما الأخرویه فمنشؤها الذات الأحدیه و المحبه الإلهیه، و تلک المودّه هی التی تکون بین الأصفیاء و الأولیاء لتناسب الصفات و تجانس الذوات لا تتصفى غایه الصفاء و لا تتجرّد عن الغطاء إلا عند زوال الترکیب و البروز عن حجب النفس و البدن فی مقام القلب الروح لقربها من منبعها هناک فتصیر یوم القیامه محبّه صرفه صافیه الهیئه بخلاف تلک.

 

 

 

[۴۵]

[سوره العنکبوت (۲۹): آیه ۴۵]

اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنَ الْکِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاهَ إِنَّ الصَّلاهَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ وَ لَذِکْرُ اللَّهِ أَکْبَرُ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ (۴۵)

اتْلُ ما أُوحِیَ إِلَیْکَ مِنَ الْکِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاهَ أی: فصّل ما أجمل فیک من کتاب العقل القرآنی بسبب الوحی و نزول کتاب العلم الفرقانی، و أقم الصلاه المطلقه على ترتیب تفاصیل التلاوه و العلوم. و معناه: اجمع بین الکمال العلمیّ و العمل المطلق، فإن لک بحسب کل علم صلاه و کما أن العلوم إما نافعه تتعلق بالآداب و الأعمال و إصلاح المعاش و هی علوم القوى من غیب الملکوت الأرضیه، و إما شریفه تتعلق بالأخلاق و الفضائل و إصلاح المعاد و هی علوم النفس من غیب الصدر و العقل العلمی، و إما کلیه یقینیه تتعلق بالصفات و هی على نوعین: عقلیه نظریه و کشفیه سریّه، و کلاهما من غیب القلب و السرّ. و إما حقیقیه تتعلق بالتجلیات و المشاهدات، و هی من غیب الروح، و إما ذوقیه لدنیه تتعلق بالعشقیات و المواصلات و هی من غیب الخفاء.

و إما حقیّه من غیب الغیوب. و بحسب کل علم صلاه، فالأولى هی الصلاه البدنیه بإقامه الأوضاع و أداء الأرکان، و الثانیه صلاه النفس بالخضوع و الخشوع و الانقیاد و الطمأنینه بین الخوف و الرجاء، و الثالثه صلاه القلب بالحضور و المراقبه، و الرابعه صلاه السرّ بالمناجاه و المکالمه، و الخامسه صلاه الروح بالمشاهده و المعاینه، و السادسه صلاه الخفاء بالمناغاه و الملاطفه، و لا صلاه فی المقام السابع لأنه مقام الفناء و المحبه الصرفه الفناء فی عین الوحده.

و کما کان نهایه الصلاه الظاهره و انقطاعها بظهور الموت الذی هو ظاهر الیقین و صورته کما قیل فی تفسیر قوله تعالى: وَ اعْبُدْ رَبَّکَ حَتَّى یَأْتِیَکَ الْیَقِینُ (۹۹)[۱]، فکذلک انتهاء الصلاه الحقیقیه بالفناء المطلق الذی هو حق الیقین. و أما فی‏ مقام البقاء بعد الفناء فیتجدّد جمیع الصلوات الست مع سابعه و هی صلاه الحق بالمحبه و التفرید.

إِنَّ الصَّلاهَ تَنْهى‏ عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْکَرِ فالصلاه البدنیه تنهى عن المعاصی و السیئات الشرعیه، و صلاه النفس تنهى عن الرذائل و الأخلاق الردیئه و الهیئات المظلمه، و صلاه القلب تنهى عن الفضول و الغفله، و صلاه السرّ تنهى عن الالتفات إلى الغیر و الغیبه، کماقال علیه السلام: «لو علم المصلی من یناجی ما التفت».

و صلاه الروح عن الطغیان بظهور القلب بالصفات کنهی صلاه القلب عن ظهور النفس بها، و صلاه الخفاء عن الاثنینیه و ظهور الأنانیه، و صلاه الذات تنهى عن ظهور البقیه بالتلوین و حصول المخالفه فی التوحید وَ لَذِکْرُ اللَّهِ أَکْبَرُ الذی هو ذکر الذات فی مقام الفناء المحض، و صلاه الحق عند التمکین فی مقام البقاء أکبر من جمیع الأذکار و الصلوات‏ وَ اللَّهُ یَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ‏ فی جمیع المقامات و الأحوال و الصلوات.

 

 

 

[۴۶- ۴۸]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۴۶ الى ۴۸]

وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إِلاَّ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَ قُولُوا آمَنَّا بِالَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُکُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (۴۶) وَ کَذلِکَ أَنْزَلْنا إِلَیْکَ الْکِتابَ فَالَّذِینَ آتَیْناهُمُ الْکِتابَ یُؤْمِنُونَ بِهِ وَ مِنْ هؤُلاءِ مَنْ یُؤْمِنُ بِهِ وَ ما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إِلاَّ الْکافِرُونَ (۴۷) وَ ما کُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ کِتابٍ وَ لا تَخُطُّهُ بِیَمِینِکَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (۴۸)

وَ لا تُجادِلُوا أَهْلَ الْکِتابِ إِلَّا بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ‏ إنما منع المجادله مع أهل الکتاب إلا بالطریقه التی هی أحسن لأنهم لیسوا محجوبین عن الحق بل عن الدین، فهم أهل استعداد و لطف لا أهل خذلان و قهر. و إنما ضلّوا عن مقصدهم الذی هو الحق فی الطریق لموانع و عادات و ظواهر فوجب فی الحکمه مرافقتهم فی المقصد الذی هو التوحید کما قال: وَ إِلهُنا وَ إِلهُکُمْ واحِدٌ و مرافقتهم فی الطریق ما استقام منها و وافق طریق الحق، لا ما اعوجّ و انحرف عن المقصد کالانقیاد و الاستسلام للمعبود بالحق الواحد المطلق کما قال: وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ لیتحقق عندهم أنهم على الحق متوجهون إلى مقصدهم سالکون لسبیله، فتطمئن قلوبهم.

و ملاطفتهم فی بیان کیفیه سلوک الطریق بتصویب ما هو حق مما هم علیه و تبصیر ما هو باطل لاحتجابهم عنه بالعباده، کقوله: آمَنَّا بِالَّذِی أُنْزِلَ إِلَیْنا وَ أُنْزِلَ إِلَیْکُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُکُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ لمناسبتهم و مشارکتهم إیاهم فی اللطف، فیستأنسوا بهم و یقبلوا قولهم و یهتدوا بهداهم إلا الذی ران على قلوبهم ما کانوا یکسبون فبطل استعدادهم و حجبوا عن ربّهم، و هم الذین ظلموا منهم على أنفسهم بإبطال استعداداتهم و نقص حقوقها من‏ کمالاتها بتکدیرها و تسویدها، و منعها عن القبول بکثره ارتکاب الفضول فإنهم أهل القهر لا یؤثر فیهم إلا القهر و لا تنجح فیهم الملاطفه للمضادّه بین الوصفین.

 

 

 

[۴۹- ۵۴]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۴۹ الى ۵۴]

بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ ما یَجْحَدُ بِآیاتِنا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (۴۹) وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَیْهِ آیاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآیاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِیرٌ مُبِینٌ (۵۰) أَ وَ لَمْ یَکْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَیْکَ الْکِتابَ یُتْلى‏ عَلَیْهِمْ إِنَّ فِی ذلِکَ لَرَحْمَهً وَ ذِکْرى‏ لِقَوْمٍ یُؤْمِنُونَ (۵۱) قُلْ کَفى‏ بِاللَّهِ بَیْنِی وَ بَیْنَکُمْ شَهِیداً یَعْلَمُ ما فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الَّذِینَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَ کَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِکَ هُمُ الْخاسِرُونَ (۵۲) وَ یَسْتَعْجِلُونَکَ بِالْعَذابِ وَ لَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَ لَیَأْتِیَنَّهُمْ بَغْتَهً وَ هُمْ لا یَشْعُرُونَ (۵۳)

یَسْتَعْجِلُونَکَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَهٌ بِالْکافِرِینَ (۵۴)

بَلْ هُوَ آیاتٌ بَیِّناتٌ فِی صُدُورِ الَّذِینَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ أی: القرآن علوم حقیقیه ذوقیه بیّنه، محلها صدور العلماء المحققین، و هی المعانی النازله من غیب الغیوب إلى الصدر لا الألفاظ و الحروف الواقعه على اللسان و الذکر، و ما یجحد بها إلّا الکافرون المحجوبون لعدم الاستعداد، أو الظالمون الذین أبطلوا استعدادهم بالرذائل و الوقوف مع الأضداد وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِیطَهٌ بِالْکافِرِینَ‏ المحجوبین عن الحق لکونهم مغمورین فی الغواشی الطبیعیه و الحجب الهیولانیه بحیث لم یبق فیهم فرجه إلى عالم النور فیستبصروا و یستضیئوا بها و یتنفسوا منها فیتروّحوا فیها.

 

 

 

[۵۵- ۶۸]

[سوره العنکبوت (۲۹): الآیات ۵۵ الى ۶۸]

یَوْمَ یَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَ یَقُولُ ذُوقُوا ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۵۵) یا عِبادِیَ الَّذِینَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِی واسِعَهٌ فَإِیَّایَ فَاعْبُدُونِ (۵۶) کُلُّ نَفْسٍ ذائِقَهُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَیْنا تُرْجَعُونَ (۵۷) وَ الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّهِ غُرَفاً تَجْرِی مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِینَ فِیها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِینَ (۵۸) الَّذِینَ صَبَرُوا وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ یَتَوَکَّلُونَ (۵۹)

وَ کَأَیِّنْ مِنْ دَابَّهٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ یَرْزُقُها وَ إِیَّاکُمْ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ (۶۰) وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى یُؤْفَکُونَ (۶۱) اللَّهُ یَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ یَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عَلِیمٌ (۶۲) وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْیا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَیَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَکْثَرُهُمْ لا یَعْقِلُونَ (۶۳) وَ ما هذِهِ الْحَیاهُ الدُّنْیا إِلاَّ لَهْوٌ وَ لَعِبٌ وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَهَ لَهِیَ الْحَیَوانُ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ (۶۴)

فَإِذا رَکِبُوا فِی الْفُلْکِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِینَ لَهُ الدِّینَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ یُشْرِکُونَ (۶۵) لِیَکْفُرُوا بِما آتَیْناهُمْ وَ لِیَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ (۶۶) أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ یُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَ فَبِالْباطِلِ یُؤْمِنُونَ وَ بِنِعْمَهِ اللَّهِ یَکْفُرُونَ (۶۷) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ کَذِباً أَوْ کَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَ لَیْسَ فِی جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْکافِرِینَ (۶۸)

یَوْمَ یَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ‏ لحرمانهم عن الحق و احتجابهم عن النور و احتراقهم تحت القهر وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ‏ لحرمانهم اللذات و الشهوات و احتجابهم عنها بفقدان الأسباب و الآلات، و تعذّبهم بإیلام الهیئات و نیران الآثار و هم بین مبتلین شدیدین و مشوقین قویین إلى الجهه العلویه بمقتضى الفطره الأصلیه، و إلى السفلیه باقتضاء رسوخ الهیئه العارضیه مع الحرمان عنهما و احتباسهم فی برزخ بینهما نعوذ باللّه منه.

 

 

 

[۶۹]

[سوره العنکبوت (۲۹): آیه ۶۹]

وَ الَّذِینَ جاهَدُوا فِینا لَنَهْدِیَنَّهُمْ سُبُلَنا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِینَ (۶۹)

وَ الَّذِینَ جاهَدُوا من أهل الطریقه فِینا بالسیر فی صفاتنا، و هو السیر القلبیّ لأن المبتدئ الذی هو فی مقام النفس سیره بالجهاد إلى اللّه. و المجاهده فی هذا السیر بالحضور و المراقبه و الاستقامه إلى اللّه فی الثبات على حکم التجلیات‏ لَنَهْدِیَنَّهُمْ‏ إلى طرق الوصول إلى الذات، و هی الصفات لأنها حجب الذات، فالسلوک فیها بالاتصاف بها موصل إلى حقیقه الاسم الثابت له تعالى بحسب الصفه الموصوف هو بها و هو عین الذات الواحدیه و هی باب الحضره الأحدیه وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِینَ‏ الذین یعبدون اللّه على المشاهده، کما قال علیه السلام: «الإحسان أن تعبد اللّه کأنک تراه»، فالمحسنون السالکون فی الصفات و المتّصفون بها لأنهم یعبدون بالمراقبه و المشاهده، و إنما

قال: «کأنک تراه»لأن الرؤیه و الشهود العینی لا یکون إلا بالفناء فی الذات بعد الصفات.


[۱] ( ۱) سوره الحجر، الآیه: ۹۹.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=