تفسیر ابن عربی سوره السجدة

تفسیر ابن عربى(رحمه من الرحمن) سوره السّجده

(۳۲) سوره السّجده مکیّه

بسم اللّه الرّحمن الرّحیم‏

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۱ الى ۲]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

الم (۱) تَنْزِیلُ الْکِتابِ لا رَیْبَ فِیهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ (۲)

«تَنْزِیلُ الْکِتابِ» أنزله بصفه العلم، و قلوب کلمات الحق محله، و هو نزول یتنزه عن أن تدرک ذاته‏ «لا رَیْبَ فِیهِ» عند أهل الحقائق‏ «مِنْ رَبِّ الْعالَمِینَ».

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۳ الى ۴]

أَمْ یَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّکَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِیرٍ مِنْ قَبْلِکَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ (۳) اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّهِ أَیَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ ما لَکُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا شَفِیعٍ أَ فَلا تَتَذَکَّرُونَ (۴)

راجع الأعراف آیه- ۵۴-.

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۵ الى ۸]

یُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ یَعْرُجُ إِلَیْهِ فِی یَوْمٍ کانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَهٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (۵) ذلِکَ عالِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَهِ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ (۶) الَّذِی أَحْسَنَ کُلَّ شَیْ‏ءٍ خَلَقَهُ وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِینٍ (۷) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَهٍ مِنْ ماءٍ مَهِینٍ (۸)

«مِنْ ماءٍ مَهِینٍ» و هو الماء الذی استقر فی رحم المرأه.

[سوره السجده (۳۲): آیه ۹]

ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فِیهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَهَ قَلِیلاً ما تَشْکُرُونَ (۹)

«ثُمَّ سَوَّاهُ» فبعد تسویه أرض البدن و قبوله للاشتعال بما فیه من الرطوبه و الحراره، نفخ اللّه فیه فاشتعل، فکان ذلک الاشتعال روحا له‏ «وَ جَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَهَ» و هی القوى و المعانی التی لا توجد إلا فی هذه الأرض البدنیه الإنسانیه «قَلِیلًا ما تَشْکُرُونَ».

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۱۰ الى ۱۲]

وَ قالُوا أَ إِذا ضَلَلْنا فِی الْأَرْضِ أَ إِنَّا لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ کافِرُونَ (۱۰) قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الَّذِی وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلى‏ رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ (۱۱) وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناکِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ (۱۲)

یحشر المجرمون و هم أصحاب الشمال منکوسین، أما السعداء فیحشرون على حال الاستقامه.

[سوره السجده (۳۲): آیه ۱۳]

وَ لَوْ شِئْنا لَآتَیْنا کُلَّ نَفْسٍ هُداها وَ لکِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّی لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّهِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ (۱۳)

[لا حکم لأداه لو]

لا حکم لأداه لو، فإن کلمه لو لو زرعت ما نبت عنها شی‏ء و یخسر البذر، فمتى سمعت- لو- حیث سمعتها فلا تنظر إلى ما تحتها، فإن ما تحتها ما یوجد، فلا تخف منها و لا من دلالتها، و لیکن مشهودک الواقع خاصه.

 

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۱۴ الى ۱۵]

فَذُوقُوا بِما نَسِیتُمْ لِقاءَ یَوْمِکُمْ هذا إِنَّا نَسِیناکُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (۱۴) إِنَّما یُؤْمِنُ بِآیاتِنَا الَّذِینَ إِذا ذُکِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ (۱۵)

«إِنَّما» إن حرف تحقیق و تنکیر «یُؤْمِنُ بِآیاتِنَا» یقول: إن الذی یصدق بآیاتنا أنها آیات نصبن، لها دلالات على وجودنا و صدق أرسالنا، ما هی عن همم نفوسهم هم‏ «الَّذِینَ إِذا ذُکِّرُوا بِها» و التذکر لا یکون إلا عن علم غفل عنه أو نسیان من عاقل، یقول: إنها مدرکه بالنظر العقلی أنها دلالات على ما نصبناها علیه‏ «خَرُّوا سُجَّداً» فإذا ذکروا بها وقعوا على وجوههم‏ «وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» فنزهوا ربهم بما نزه به نفسه على ألسنه رسلهم‏ «وَ هُمْ لا یَسْتَکْبِرُونَ» و لم یعطهم العلم الأنفه عن ذلک، فیفرق بین مدارک عقله و ما یعطیه نظره و بین ما یعطیه إیمانه، فینزه ربه إیمانا و عقلا، و یأخذ العلم و الحکمه حیث وجدها.

[سوره السجده (۳۲): آیه ۱۶]

تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ یَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ (۱۶)

[ «تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ» الآیه، إشاره من باب یحبهم و یحبونه‏]

«تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ» فإن الثواب لهم مشهود، و القیامه و أهوالها و الجنه و النار مشهودتان، شغلهم هول المعاد عن الرقاد، فیا لیت شعری من أقامهم من المضاجع حین نوّم غیرهم؟ أ ترى ذلک من نفوسهم؟ لا و اللّه، بل هو خلق فیهم طاعته، و أثنى علیهم بأنهم أطاعوه، فقال: «وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ یُنْفِقُونَ» فمما رزقهم التجافی عن المضاجع و عن دار الغرور، و مما رزقهم الدعاء و الابتهال، و مما رزقهم الخوف منه و الطمع فیه، فأنفقوا ذلک کله علیه فقبله منهم- إشاره- من باب (یحبهم و یحبونه).

نادى الحبیب: من الذی‏ بالباب؟ قلت: فتى دعی‏
قال: ادعى هل شاهد یدریه؟ قلت له: معی‏
إن کنت أکذب سیدی‏ حسبی شهاده أدمعی‏
و تسهدی و تبلدی‏ و توجعی و تفجعی‏
و تلهفی و تحیری‏ و تسرعی بتشرعی‏
ما زلت أسهر باکیا حتى بکانی مضجعی‏
شهدت بذلک زفرتی‏ و سنا النجوم الطلّع‏

قوله: «و تسرعی بتشرعی» أی إنک نادیتنی بالإسراع فیما شرعت، و قد فعلته، فهو أیضا من شهودی على صدق دعوای، و قوله: «حتى بکانی مضجعی» أی و من الشهود مضجعی حیث تجافى جنبی عنه، فکنت ممن قیل فیهم فی معرض الثناء الإلهی‏ «تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ».

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۱۷ الى ۱۸]

فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّهِ أَعْیُنٍ جَزاءً بِما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۷) أَ فَمَنْ کانَ مُؤْمِناً کَمَنْ کانَ فاسِقاً لا یَسْتَوُونَ (۱۸)

[قره العین‏]

«فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ» فنکّر و نفى العلم‏ «ما أُخْفِیَ لَهُمْ» أی هؤلاء الذین بهذه المثابه «مِنْ قُرَّهِ أَعْیُنٍ» یعنی فیها، فعلمنا على الإجمال أنه أمر مشاهد، لکونه قرنه بالأعین و لم یقرنه بالأذن و لا بشی‏ء من الإدراکات، فتقر أعینهم بما شاهدوه، فیعلمون ما أخفی لهم فیهم مما تقر به أعینهم، و متعلق الرؤیه إدراک عین المرئی- تفسیر من باب الإشاره- قال تعالى فی صلاه اللیل‏ «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِیَ لَهُمْ مِنْ قُرَّهِ أَعْیُنٍ» یعنی فیها، قال صلّى اللّه علیه و سلم: [و جعلت قره عینی فی الصلاه] لأنه مناج ربه من حیث ما هو مصل، و جلیس من حیث ما هو ذاکر.

ما قره العین غیر عینی‏ فبینی کان الهوى و بینی‏
و اللّه لو لا وجود کونی‏ ما لاح عینی لغیر عینی‏
فکونه ما رأیت فیه‏ أکمل من صورتی و کونی‏
بالبین أوصلت کل بین‏ فقام شکر البین بینی‏
قد أحسن اللّه فی وجودی‏ عند أداء الفروض عونی‏
أشهدنی فیه علم ذاتی‏ فی هذه الدار قبل حینی‏
لا فرّق اللّه یا حبیبی‏ ما بین أنفاسه و بینی‏

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۱۹ الى ۲۲]

أَمَّا الَّذِینَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى‏ نُزُلاً بِما کانُوا یَعْمَلُونَ (۱۹) وَ أَمَّا الَّذِینَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ کُلَّما أَرادُوا أَنْ یَخْرُجُوا مِنْها أُعِیدُوا فِیها وَ قِیلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِی کُنْتُمْ بِهِ تُکَذِّبُونَ (۲۰) وَ لَنُذِیقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَکْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ (۲۱) وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُکِّرَ بِآیاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِینَ مُنْتَقِمُونَ (۲۲)

الإعراض عن الآیات التی نصبها الحق دلائل علیه دلیل على عدم الإنصاف و اتباع الهوى المردی، و هو عله لا یبرأ منها صاحبها بعد استحکامها حتى یبدو له من اللّه ما لم یکن یحتسب، فعند ذلک یرید استعمال الدواء فلا ینفع، کالتوبه عند طلوع الشمس من مغربها، لا ینفع نفسا إیمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت فی إیمانها خیرا، و الإیمان عند حلول البأس و عند الاحتضار و التیقن بالمفارقه.

 

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۲۳ الى ۲۶]

وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَى الْکِتابَ فَلا تَکُنْ فِی مِرْیَهٍ مِنْ لِقائِهِ وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِی إِسْرائِیلَ (۲۳) وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّهً یَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ کانُوا بِآیاتِنا یُوقِنُونَ (۲۴) إِنَّ رَبَّکَ هُوَ یَفْصِلُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَهِ فِیما کانُوا فِیهِ یَخْتَلِفُونَ (۲۵) أَ وَ لَمْ یَهْدِ لَهُمْ کَمْ أَهْلَکْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ یَمْشُونَ فِی مَساکِنِهِمْ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ أَ فَلا یَسْمَعُونَ (۲۶)

[ذکر أخبار القرون الماضیه]

اعلم أن اللّه ما ذکر أخبار القرون الماضیه إلا لنکون على حذر من الأسباب التی أخذهم اللّه بها أخذته الرابیه، و بطش بهم البطش الشدید، و أما الموت فأنفاس معدوده و آجال محدوده، و لیس الخوف إلا من أخذه و بطشه لا من لقائه، فإن لقاءه یسر الولی، و الموت سبب اللقاء، فهو أسنى تحفه یتحفها المؤمن، فکیف به إذا کان عالما؟ بخ على بخ.

 

[سوره السجده (۳۲): آیه ۲۷]

أَ وَ لَمْ یَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْکُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَ أَنْفُسُهُمْ أَ فَلا یُبْصِرُونَ (۲۷)

[جمیع الحواس لا تخطئ أبدا]

إن العین لا تخطئ أبدا، لا هی و لا جمیع الحواس، فإن إدراک الحواس إدراک ذاتی، و لا تؤثر العلل الظاهره العارضه فی الذاتیات، و إدراک العقل على قسمین: إدراک ذاتی هو فیه کالحواس لا یخطئ، و إدراک غیر ذاتی، و هو ما یدرکه بالآله التی هی الفکر و بالآله التی هی الحس، فالخیال یقلد الحس فیما یعطیه، و الفکر ینظر فی الخیال فیجد الأمور مفردات فیحب أن ینشئ منها صوره یحفظها العقل، فینسب بعض المفردات إلى بعض، فقد یخطئ فی النسبه الأمر على ما هو علیه و قد یصیب، فیحکم العقل على ذلک الحد فیخطئ، فالعقل مقلد، و لهذا اتصف بالخطإ، و قد حصرت الآیات فی السمع و البصر، فإما شهود و إما خبر.

[سوره السجده (۳۲): الآیات ۲۸ الى ۳۰]

وَ یَقُولُونَ مَتى‏ هذَا الْفَتْحُ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ (۲۸) قُلْ یَوْمَ الْفَتْحِ لا یَنْفَعُ الَّذِینَ کَفَرُوا إِیمانُهُمْ وَ لا هُمْ یُنْظَرُونَ (۲۹) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ انْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (۳۰)

رحمه من الرحمن فى تفسیر و اشارات القرآن، ج‏۳، ص: ۳۷۷

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
-+=