تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره الفیل
سوره الفیل
[۱- ۲]
[سوره الفیل (۱۰۵): الآیات ۱ الى ۲]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
أَ لَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِأَصْحابِ الْفِیلِ (۱) أَ لَمْ یَجْعَلْ کَیْدَهُمْ فِی تَضْلِیلٍ (۲)
أَ لَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِأَصْحابِ الْفِیلِ قصه أصحاب الفیل مشهوره و واقعتهم کانت قریبه من عهد رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم و هی إحدى آیات قدره اللّه و أثر من سخطه على من اجترأ علیه بهتک حرمه و إلهام الطیور و الوحوش أقرب من إلهام الإنسان لکون نفوسهم ساذجه و تأثیر الأحجار بخاصیه أودعها اللّه تعالى فیها لیس بمستنکر، و من اطلع على عالم القدره و کشف له حجاب الحکمه عرف لمیه أمثال هذه، و قد وقع فی زماننا مثلها من استیلاء الفأر على مدینه ابیورد و إفساد زروعهم و رجوعها فی البریه إلى شطّ جیحون و أخذ کل واحده منها خشبه من الأیکه التی على شطّ نهرها و رکوبها علیها و عبورها بها من النهر و هی لا تقبل التأویل کأحوال القیامه و أمثالها.
و أما التطبیق فاعلم أن أبرهه النفس الحبشیه لما قصد تخریب کعبه القلب الذی هو بیت اللّه بالحقیقه و الاستیلاء علیها و أراد أن یصرف حجاج القوى الروحانیه إلى قلس الطبیعه الجسمانیه التی بناها و أراد تعظیمها فخرا فیها قرشی العاقله العملیه بإلقاء فضله الغذاء العقلی فیها من صور التأدیب المخصوص بالأمور الطبیعیه کالعادات الجمیله و الآداب المحموده أوقع فیها شرارا من نار الشوق التی أوقدها عیر قریش القوى الروحانیه فأحرقها بالریاضه فساق جنوده و عبى جیوشه من جنس القوى النفسانیه و صفاتها الظلمانیه بالطبع کالغضب و الشهوه و أمثال ذلک، و قدّم فیل شیطان الوهم الذی لا ینهزم عن جنود العقل و یعارضه فی الحرب و الشیطان أکثر ما یتشکل یکون بصوره الفیل کما رآه معاذ فی زمن رسول اللّه صلى اللّه علیه و سلم، و لهذا
قال علیه السلام: «إن الشیطان لیضع خرطومه على قلب ابن آدم فإذا ذکر اللّه خنس»
. جعل اللّه کیدهم فی تضییع.
[۳- ۵]
[سوره الفیل (۱۰۵): الآیات ۳ الى ۵]
وَ أَرْسَلَ عَلَیْهِمْ طَیْراً أَبابِیلَ (۳) تَرْمِیهِمْ بِحِجارَهٍ مِنْ سِجِّیلٍ (۴) فَجَعَلَهُمْ کَعَصْفٍ مَأْکُولٍ (۵)
وَ أَرْسَلَ عَلَیْهِمْ طیور الأفکار و الأذکار بیضاء منوّره بنور الروح أَبابِیلَ أی: خرابق جماعات کصور القیاسات و کثره الأذکار تَرْمِیهِمْ بِحِجارَهٍ مِنْ سِجِّیلٍ أی: ریاضه مما سجل و خص بکل واحد منهم کتب على کل واحد منها اسم المرمی بها بقلم الشرع و العقل و عین أن هذه الریاضه مزجره للقوه الفلانیه مهلکه لها کالانقهار و التسخر للغضب و الصوم للشهوه و الضّعه للتکبّر و الذلّه للتجبر و أمثال ذلک فَجَعَلَهُمْ هلکى هامده لا حراک بها کَعَصْفٍ مَأْکُولٍ أی: کقوى نباتیه أمیتت و ذهبت قوتها و خاصیتها و وقفت عن فعلها لضعفها بالریاضه، و اللّه أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۶۲