تفسير ابن عربى (تأويلات عبد الرزاق کاشانی)تفسیر ابن عربی سوره المؤمنون

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره المؤمنون

سوره المؤمنون‏

[۱- ۱۱]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۱ الى ۱۱]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ‏

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (۱) الَّذِینَ هُمْ فِی صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (۲) وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (۳) وَ الَّذِینَ هُمْ لِلزَّکاهِ فاعِلُونَ (۴)

وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (۵) إِلاَّ عَلى‏ أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَیْرُ مَلُومِینَ (۶) فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِکَ فَأُولئِکَ هُمُ العادُونَ (۷) وَ الَّذِینَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ راعُونَ (۸) وَ الَّذِینَ هُمْ عَلى‏ صَلَواتِهِمْ یُحافِظُونَ (۹)

أُولئِکَ هُمُ الْوارِثُونَ (۱۰) الَّذِینَ یَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِیها خالِدُونَ (۱۱)

قَدْ أَفْلَحَ‏ دخل فی الفوز الأعظم الموقنون‏ الَّذِینَ هُمْ‏ فی صلاه حضور القلب‏ خاشِعُونَ‏ باستیلاء الخشیه و الهیبه علیهم لتجلی نور العظمه لهم‏ وَ الَّذِینَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ أی: الفضول‏ مُعْرِضُونَ‏ لاشتغالهم بالحق‏ وَ الَّذِینَ هُمْ لِلزَّکاهِ فاعِلُونَ‏ بالتجرّد عن صفاتهم‏ وَ الَّذِینَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ‏ و أسباب لذّاتهم و شهواتهم‏ حافِظُونَ‏ بترک الحظوظ و الاقتصار على الحقوق‏ فَمَنِ ابْتَغى‏ وَراءَ ذلِکَ‏ بالمیل إلى الحظوظ فَأُولئِکَ هُمُ‏ المرتکبون العدوان على أنفسهم‏ وَ الَّذِینَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ‏ من أسراره التی أودعهم اللّه إیاها فی سرّهم‏ وَ عَهْدِهِمْ‏ الذی عاهدهم اللّه علیه فی بدء الفطره راعُونَ‏ بالأداء إلیه و الإحیاء به‏ وَ الَّذِینَ هُمْ عَلى‏ صلاه مشاهده أرواحهم‏ یُحافِظُونَ‏ أُولئِکَ‏ الموصوفون بهذه الصفات‏ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِینَ یَرِثُونَ‏ فردوس جنه الروح فی حظیره القدس.

[۱۲- ۲۶]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۱۲ الى ۲۶]

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَهٍ مِنْ طِینٍ (۱۲) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَهً فِی قَرارٍ مَکِینٍ (۱۳) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَهَ عَلَقَهً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَهَ مُضْغَهً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَهَ عِظاماً فَکَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَکَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ (۱۴) ثُمَّ إِنَّکُمْ بَعْدَ ذلِکَ لَمَیِّتُونَ (۱۵) ثُمَّ إِنَّکُمْ یَوْمَ الْقِیامَهِ تُبْعَثُونَ (۱۶)

وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَکُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَ ما کُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِینَ (۱۷) وَ أَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْکَنَّاهُ فِی الْأَرْضِ وَ إِنَّا عَلى‏ ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (۱۸) فَأَنْشَأْنا لَکُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِیلٍ وَ أَعْنابٍ لَکُمْ فِیها فَواکِهُ کَثِیرَهٌ وَ مِنْها تَأْکُلُونَ (۱۹) وَ شَجَرَهً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَیْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَ صِبْغٍ لِلْآکِلِینَ (۲۰) وَ إِنَّ لَکُمْ فِی الْأَنْعامِ لَعِبْرَهً نُسْقِیکُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها وَ لَکُمْ فِیها مَنافِعُ کَثِیرَهٌ وَ مِنْها تَأْکُلُونَ (۲۱)

وَ عَلَیْها وَ عَلَى الْفُلْکِ تُحْمَلُونَ (۲۲) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى‏ قَوْمِهِ فَقالَ یا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ (۲۳) فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یُرِیدُ أَنْ یَتَفَضَّلَ عَلَیْکُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِکَهً ما سَمِعْنا بِهذا فِی آبائِنَا الْأَوَّلِینَ (۲۴) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّهٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِینٍ (۲۵) قالَ رَبِّ انْصُرْنِی بِما کَذَّبُونِ (۲۶)

ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ غیر هذا المتقلب فی أطوار الخلقه بنفخ روحنا فیه و تصویره بصورتنا، فهو فی الحقیقه خلق و لیس بخلق‏ لَمَیِّتُونَ‏ بالطبیعه.

ثُمَّ إِنَّکُمْ یَوْمَ الْقِیامَهِ الصغرى‏ تُبْعَثُونَ‏ فی النشأه الثانیه، أو میتون بالإراده، و یوم القیامه الوسطى تبعثون بالحقیقه، أو میتون بالفناء و یوم القیامه الکبرى تبعثون بالبقاء فَوْقَکُمْ‏ أی: فوق صورکم و أجسامکم‏ سَبْعَ طَرائِقَ‏ عن الغیوب السبعه المذکوره وَ ما کُنَّا عن خلقها غافِلِینَ‏ فإنّ الغیب لنا شهاده وَ أَنْزَلْنا من سماء الروح ماء العلم الیقینی‏ فَأَسْکَنَّاهُ‏ فجعلناه سکینه فی النفس‏ وَ إِنَّا عَلى‏ ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ‏ بالاحتجاب و الاستتار فَأَنْشَأْنا لَکُمْ بِهِ جَنَّاتٍ‏ من نخیل الأحوال و المواهب و أعناب الأخلاق و المکاسب‏ لَکُمْ فِیها فَواکِهُ کَثِیرَهٌ من ثمرات لذات النفوس و القلوب و الأرواح‏ وَ مِنْها تقوتون و بها تتقون‏ وَ شَجَرَهً التفکّر تَخْرُجُ مِنْ طُورِ الدماغ أو طور القلب الحقیقی بقوّه العقل‏ تَنْبُتُ‏ ما تنبت من المطالب ملتبسا بدهن استعداد الاشتغال بنور نار العقل الفعّال‏ وَ صِبْغٍ‏ لون نوریّ أو ذوق حالیّ للمستبصرین المتعلمین المستطعمین للمعانی‏ وَ إِنَّ لَکُمْ فِی‏ أنعام القوى الحیوانیه لَعِبْرَهً تعتبرون بها من الدنیا إلى الآخره نُسْقِیکُمْ مِمَّا فِی بُطُونِها من المدرکات و العلوم النافعه وَ لَکُمْ فِیها مَنافِعُ کَثِیرَهٌ فی السلوک‏ وَ مِنْها تَأْکُلُونَ‏ تتقوّتون بالأخلاق‏ وَ عَلَیْها وَ عَلَى‏ فلک الشریعه الحامله إیاکم فی البحر الهیولانی‏ تُحْمَلُونَ‏ إلى عالم القدس بقوّه التوفیق.

[۲۷]

[سوره المؤمنون (۲۳): آیه ۲۷]

فَأَوْحَیْنا إِلَیْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْکَ بِأَعْیُنِنا وَ وَحْیِنا فَإِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ فَاسْلُکْ فِیها مِنْ کُلٍّ زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ وَ أَهْلَکَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَیْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَ لا تُخاطِبْنِی فِی الَّذِینَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (۲۷)

فَأَوْحَیْنا إِلَیْهِ أَنِ اصْنَعِ‏ فلک الحکمه العملیه و الشریعه النبویه بِأَعْیُنِنا على محافظتنا إیاک عن الزلل فی العمل‏ وَ وَحْیِنا بالعلم و الإلهام‏ فَإِذا جاءَ أَمْرُنا بإهلاک القوى البدنیه و النفوس المنغمسه المادیه وَ فارَ تنور البدن باستیلاء المواد الفاسده و الأخلاط الردیئه فَاسْلُکْ فِیها مِنْ کُلٍّ زَوْجَیْنِ‏ أی: من کل شی‏ء صنفین من الصور الکلیه و الجزئیه أعنی صورتین اثنتین إحداهما کلیه نوعیه و الأخرى جزئیه شخصیه وَ أَهْلَکَ‏ من القوى الروحانیه و النفوس المجرّده الإنسانیه ممن تشرّع بشریعتک‏ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَیْهِ الْقَوْلُ‏ بإهلاکه من زوجتک النفس الحیوانیه و الطبیعه الجسمانیه وَ لا تُخاطِبْنِی فِی الَّذِینَ ظَلَمُوا من القوى‏ النفسانیه و النفوس المنغمسه الهیولانیه بالاستیلاء على القوى الروحانیه و النفوس المجرّده الإنسانیه و غصب مناصبهم‏ إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ‏ فی البحر الهیولانی.

[۲۸- ۳۰]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۲۸ الى ۳۰]

فَإِذَا اسْتَوَیْتَ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَکَ عَلَى الْفُلْکِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۲۸) وَ قُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِی مُنْزَلاً مُبارَکاً وَ أَنْتَ خَیْرُ الْمُنْزِلِینَ (۲۹) إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ وَ إِنْ کُنَّا لَمُبْتَلِینَ (۳۰)

فَإِذَا اسْتَوَیْتَ‏ بالاستقامه فی السیر إلى اللّه، فاتّصف بصفات اللّه التی هی الحمد القلبی على نعمه الإنجاء من ظلمه الجنود الشیطانیه وَ قُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِی مُنْزَلًا مُبارَکاً هو مقام القلب الذی بارک اللّه فیه بالجمع بین العالمین و إدراک المعانی الکلیه و الجزئیه و أمنه من طوفان بحر الهیولى و طغیان مائه‏ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیاتٍ‏ دلائل و مشاهدات لأولی الألباب‏ وَ إِنْ کُنَّا ممتحنین إیاهم ببلیّات صفات النفوس و التجرید عنها بالریاضه، أو ممتحنین العقلاء بالاعتبار بأحوالهم عند الکشف عن حالاتهم و حکایاتهم.

[۳۱- ۵۴]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۳۱ الى ۵۴]

ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِینَ (۳۱) فَأَرْسَلْنا فِیهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَکُمْ مِنْ إِلهٍ غَیْرُهُ أَ فَلا تَتَّقُونَ (۳۲) وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِینَ کَفَرُوا وَ کَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَهِ وَ أَتْرَفْناهُمْ فِی الْحَیاهِ الدُّنْیا ما هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُکُمْ یَأْکُلُ مِمَّا تَأْکُلُونَ مِنْهُ وَ یَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (۳۳) وَ لَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَکُمْ إِنَّکُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (۳۴) أَ یَعِدُکُمْ أَنَّکُمْ إِذا مِتُّمْ وَ کُنْتُمْ تُراباً وَ عِظاماً أَنَّکُمْ مُخْرَجُونَ (۳۵)

هَیْهاتَ هَیْهاتَ لِما تُوعَدُونَ (۳۶) إِنْ هِیَ إِلاَّ حَیاتُنَا الدُّنْیا نَمُوتُ وَ نَحْیا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِینَ (۳۷) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ کَذِباً وَ ما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِینَ (۳۸) قالَ رَبِّ انْصُرْنِی بِما کَذَّبُونِ (۳۹) قالَ عَمَّا قَلِیلٍ لَیُصْبِحُنَّ نادِمِینَ (۴۰)

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّیْحَهُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۴۱) ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِینَ (۴۲) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّهٍ أَجَلَها وَ ما یَسْتَأْخِرُونَ (۴۳) ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا کُلَّ ما جاءَ أُمَّهً رَسُولُها کَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَ جَعَلْناهُمْ أَحادِیثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا یُؤْمِنُونَ (۴۴) ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى‏ وَ أَخاهُ هارُونَ بِآیاتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِینٍ (۴۵)

إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ مَلائِهِ فَاسْتَکْبَرُوا وَ کانُوا قَوْماً عالِینَ (۴۶) فَقالُوا أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَیْنِ مِثْلِنا وَ قَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ (۴۷) فَکَذَّبُوهُما فَکانُوا مِنَ الْمُهْلَکِینَ (۴۸) وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَى الْکِتابَ لَعَلَّهُمْ یَهْتَدُونَ (۴۹) وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ وَ أُمَّهُ آیَهً وَ آوَیْناهُما إِلى‏ رَبْوَهٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِینٍ (۵۰)

یا أَیُّهَا الرُّسُلُ کُلُوا مِنَ الطَّیِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّی بِما تَعْمَلُونَ عَلِیمٌ (۵۱) وَ إِنَّ هذِهِ أُمَّتُکُمْ أُمَّهً واحِدَهً وَ أَنَا رَبُّکُمْ فَاتَّقُونِ (۵۲) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَیْنَهُمْ زُبُراً کُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَیْهِمْ فَرِحُونَ (۵۳) فَذَرْهُمْ فِی غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِینٍ (۵۴)

ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِینَ‏ فی النشأه الثانیه وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْیَمَ‏ القلب‏ وَ أُمَّهُ‏ النفس المطمئنه آیَهً واحده باتحادهما فی التوجه و السیر إلى اللّه و حدوث القلب‏

تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج‏۲، ص: ۶۸

منها عند الترقی‏ وَ آوَیْناهُما إِلى‏ رَبْوَهٍ مکان مرتفع بترقی القلب إلى مقام الروح و ترقی النفس إلى مقام القلب‏ ذاتِ‏ استقرار و ثبات و تمکن یستقرّ فیها لخصبها وَ مَعِینٍ‏ و علم یقین مکشوف ظاهر.

[۵۵- ۶۱]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۵۵ الى ۶۱]

أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ (۵۵) نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ بَلْ لا یَشْعُرُونَ (۵۶) إِنَّ الَّذِینَ هُمْ مِنْ خَشْیَهِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (۵۷) وَ الَّذِینَ هُمْ بِآیاتِ رَبِّهِمْ یُؤْمِنُونَ (۵۸) وَ الَّذِینَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا یُشْرِکُونَ (۵۹)

وَ الَّذِینَ یُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَهٌ أَنَّهُمْ إِلى‏ رَبِّهِمْ راجِعُونَ (۶۰) أُولئِکَ یُسارِعُونَ فِی الْخَیْراتِ وَ هُمْ لَها سابِقُونَ (۶۱)

أَ یَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِینَ* نُسارِعُ لَهُمْ فِی الْخَیْراتِ‏ أی: لیس التمتیع باللذات الدنیویه و الإمداد بالحظوظ الفانیه هو مسارعتنا لهم فی الخیرات کما حسبوا، إنما المسارعه فیها هو التوفیق لهذه الخیرات الباقیه و هی الإشفاق بالانفعال و القبول من شدّه الخشیه عند تجلی العظمه و الإیقان العینی بآیات تجلی الصفات الربانیه و التوحید الذاتی بالفناء فی الحق، و القیام بهدایه الخلق و إعطاء کمالاتهم فی مقام البقاء مع الخشیه من ظهور البقیه فی الرجوع إلى عالم الربوبیه من الذات الأحدیه و هو السبق فی الخیرات و إلیها و لها.

[۶۲]

[سوره المؤمنون (۲۳): آیه ۶۲]

وَ لا نُکَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَ لَدَیْنا کِتابٌ یَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ (۶۲)

وَ لا نُکَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أی: لا نکلف کل أحد بمقامات السابقین فإنها مقامات لا یبلغها إلا الأفراد کما قیل: جلّ جناب الحق أن یکون شریعه لکل وارد، أو یطلع علیه إلا واحد بعد واحد، بل کل مکلف بما یقتضیه استعداده بهویته من کماله اللائق به. و هو غایه وسعه.

وَ لَدَیْنا کِتابٌ‏ هو اللوح المحفوظ أو أمّ الکتاب‏ یَنْطِقُ‏ بمراتب استعداد کل نفس و حدود کمالاتها و غایاتها، و ما هو حق کل منها وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ‏ بمنعهم عنه و حرمانهم إذا جاهدوا فیه وسعوا فی طلبه بالریاضه، بل یعطی کل ما أمکنه الوصول إلیه و ما یشتاقه فی السلوک إلیه.

[۶۳- ۷۰]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۶۳ الى ۷۰]

بَلْ قُلُوبُهُمْ فِی غَمْرَهٍ مِنْ هذا وَ لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِکَ هُمْ لَها عامِلُونَ (۶۳) حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِیهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ یَجْأَرُونَ (۶۴) لا تَجْأَرُوا الْیَوْمَ إِنَّکُمْ مِنَّا لا تُنْصَرُونَ (۶۵) قَدْ کانَتْ آیاتِی تُتْلى‏ عَلَیْکُمْ فَکُنْتُمْ عَلى‏ أَعْقابِکُمْ تَنْکِصُونَ (۶۶) مُسْتَکْبِرِینَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (۶۷)

أَ فَلَمْ یَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جاءَهُمْ ما لَمْ یَأْتِ آباءَهُمُ الْأَوَّلِینَ (۶۸) أَمْ لَمْ یَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْکِرُونَ (۶۹) أَمْ یَقُولُونَ بِهِ جِنَّهٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَ أَکْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ کارِهُونَ (۷۰)

 بَلْ‏ قلوب المحجوبین‏ فِی غَمْرَهٍ غشاوات الهیولى و غفله غامره مِنْ هذا السبق و طلب الحق‏ وَ لَهُمْ أَعْمالٌ‏ على خلاف ذلک موجبه للبعد عن هذا الباب و تکاثف الحجاب، أی: کما أن أعمال السابقین موجبه للترقی فی التنوّر کشف الغطاء و الوصول إلى الحق، فأعمالهم موجبه للتسفل و التکدّر و غلظ الحجاب و الطرد عن باب الحق لکونها فی طلب الدنیا و شهواتها و هوى النفس و لذاتها. هُمْ لَها عامِلُونَ‏ دائبون علیها مواظبون. و کلما سمعوا ذکر الآیات و الکمالات ازدادوا عتوّا و انهماکا فی الغیّ، و استکبارا و تعمقا فی الباطل، و هو النکوص على الأعقاب إلى مهاوی جحیم الطبیعه. و لما أبطلوا استعداداتهم و أطفؤوا أنوارها بالرین و الطبع على مقتضى قوى النفس و الطبع و اشتدّ احتجابهم بالغواشی الهیولانیه و الهیئات الظلمانیه عن نور الهدى و العقل، لم یمکنهم تدبّر القول و لم یفهموا حقائق التوحید و العدل، فنسبوه إلى الجنه و لم یعرفوه للتقابل بین النور و الظلمه و التضادّ بین الباطل و الحق و أنکروه و کرهوا الحق الذی جاء به.

[۷۱- ۷۲]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۷۱ الى ۷۲]

وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیهِنَّ بَلْ أَتَیْناهُمْ بِذِکْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِکْرِهِمْ مُعْرِضُونَ (۷۱) أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَ هُوَ خَیْرُ الرَّازِقِینَ (۷۲)

وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُ‏ الذی هو التوحید و العدل، أیّ الدعوه إلى الذات و الصفات‏ أَهْواءَهُمْ‏ المتفرّقه فی الباطل، الناشئه من النفوس الظالمه، المظلمه، المحتجبه بالکثره عن الوحده لصار باطلا لانعدام العدل الذی قامت به السموات و الأرض و التوحید الذی قامت به الذوات المجرّده، إذ بالوحده بقاء حقائق الأشیاء، و بظلها الذی هو العدل و نظام الکثرات قوام الأرض و السماء فلزم فساد الکل.

[۷۳- ۹۵]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۷۳ الى ۹۵]

وَ إِنَّکَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ (۷۳) وَ إِنَّ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَهِ عَنِ الصِّراطِ لَناکِبُونَ (۷۴) وَ لَوْ رَحِمْناهُمْ وَ کَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ (۷۵) وَ لَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَکانُوا لِرَبِّهِمْ وَ ما یَتَضَرَّعُونَ (۷۶) حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَیْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِیدٍ إِذا هُمْ فِیهِ مُبْلِسُونَ (۷۷)

وَ هُوَ الَّذِی أَنْشَأَ لَکُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَهَ قَلِیلاً ما تَشْکُرُونَ (۷۸) وَ هُوَ الَّذِی ذَرَأَکُمْ فِی الْأَرْضِ وَ إِلَیْهِ تُحْشَرُونَ (۷۹) وَ هُوَ الَّذِی یُحْیِی وَ یُمِیتُ وَ لَهُ اخْتِلافُ اللَّیْلِ وَ النَّهارِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (۸۰) بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ (۸۱) قالُوا أَ إِذا مِتْنا وَ کُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (۸۲)

لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَ آباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلاَّ أَساطِیرُ الْأَوَّلِینَ (۸۳) قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِیها إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (۸۴) سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَذَکَّرُونَ (۸۵) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ (۸۶) سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ (۸۷)

قُلْ مَنْ بِیَدِهِ مَلَکُوتُ کُلِّ شَیْ‏ءٍ وَ هُوَ یُجِیرُ وَ لا یُجارُ عَلَیْهِ إِنْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (۸۸) سَیَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (۸۹) بَلْ أَتَیْناهُمْ بِالْحَقِّ وَ إِنَّهُمْ لَکاذِبُونَ (۹۰) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما کانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ کُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا یَصِفُونَ (۹۱) عالِمِ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَهِ فَتَعالى‏ عَمَّا یُشْرِکُونَ (۹۲)

قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِیَنِّی ما یُوعَدُونَ (۹۳) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِی فِی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ (۹۴) وَ إِنَّا عَلى‏ أَنْ نُرِیَکَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (۹۵)

الصراط المستقیم الذی یدعوهم إلیه هو طریق التوحید المستلزم لحصول العداله فی النفس و وجود المحبه فی القلب و شهود الوحده فی الروح. و الذین یحتجبون عن عالم النور بالظلمات و عن العقل بالحس و عن القدس بالرجس إنما هم منهمکون فی الظلم و البغضاء و العداوه و الرکون إلى الکثره، فلا جرم أنهم عن الصراط ناکبون منحرفون إلى ضدّه، فهو فی واد و هم فی واد.

[۹۶- ۱۱۱]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۹۶ الى ۱۱۱]

ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَهَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَصِفُونَ (۹۶) وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِکَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّیاطِینِ (۹۷) وَ أَعُوذُ بِکَ رَبِّ أَنْ یَحْضُرُونِ (۹۸) حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (۹۹) لَعَلِّی أَعْمَلُ صالِحاً فِیما تَرَکْتُ کَلاَّ إِنَّها کَلِمَهٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى‏ یَوْمِ یُبْعَثُونَ (۱۰۰)

فَإِذا نُفِخَ فِی الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ وَ لا یَتَساءَلُونَ (۱۰۱) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (۱۰۲) وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِی جَهَنَّمَ خالِدُونَ (۱۰۳) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِیها کالِحُونَ (۱۰۴) أَ لَمْ تَکُنْ آیاتِی تُتْلى‏ عَلَیْکُمْ فَکُنْتُمْ بِها تُکَذِّبُونَ (۱۰۵)

قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَیْنا شِقْوَتُنا وَ کُنَّا قَوْماً ضالِّینَ (۱۰۶) رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ (۱۰۷) قالَ اخْسَؤُا فِیها وَ لا تُکَلِّمُونِ (۱۰۸) إِنَّهُ کانَ فَرِیقٌ مِنْ عِبادِی یَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّاحِمِینَ (۱۰۹) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِیًّا حَتَّى أَنْسَوْکُمْ ذِکْرِی وَ کُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَکُونَ (۱۱۰)

إِنِّی جَزَیْتُهُمُ الْیَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ (۱۱۱)

ادْفَعْ بِالَّتِی هِیَ أَحْسَنُ السَّیِّئَهَ أی: إذا قابلک أحد بسیئه فتثبت فی مقام القلب و انظر أیّ الحسنات أحسن فی مقابلتها لتنقمع بها نفس صاحبک و تنکسر فترجع عن السیئه و تندم و لا تدع نفسک تظهر و تقابله بمثلها فتزداد حده نفسه و سورتها و تزید فی السیئه، فإنک إن قابلته بحسن الحسنات، ملکت نفسک، و غلبت شیطانک، و ثبت قلبک، و استقمت على ما أمرک اللّه به، و حصلت على فضیله الحلم، و تمکنت على مقتضى العلم، و استقررت فی طاعه الرحمن و معصیه الشیطان، و أضفت إلى حسنتک إصلاح نفس صاحبک و ملکتها إن کان فیه أدنى مسکه و قوّمتها و شددتها، و تلک حسنه أخرى لک، فکنت حائزا للحسنیین و إن عکست کنت جامعا للسوأیین‏ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَصِفُونَ‏ أی: کل المسیئ إلى علم اللّه. و اعلم أن اللّه عالم به، فیجازیه عنک إن کان مستحقا للعقوبه و هو أقدر منک علیه أو یعفو عنه إن أمکن رجوعه و علم‏ صلاحه بالعفو عنه. و استعذ باللّه من سوره الغضب و ظهور النفس بنخس الشیطان و همزه إیاها و من حضوره و قربه، أی: توجه إلى ربّک مستعیذا به قائلا: رَبِّ أَعُوذُ بِکَ‏ منخرطا فی سلک التوجه إلى جنابه بالقلب و اللسان و الأرکان لائذا ببابه من تحریضات اللعین و دواعیه و حضوره، فیصیر مقهورا مرجوما مطرودا.

و الموصوف بالسیئه الواصف لک بها، الذاکر لک بالسوء، إن بقی على حاله حتى إذا احتضر و شاهد أمارات العذاب و عاین وحشه هیئات السیئات تمنى الرجوع و أظهر الندامه و نذر العمل الصالح فی الإیمان الذی ترک و لم یحصل إلا على الحسره و الندامه و التلفظ بألفاظ التحسر و الندم، و الدعوه دون المنفعه و الفائده و الإجابه وَ مِنْ وَرائِهِمْ‏ أی: أمام رجوعهم حائل من هیئات جرمانیه ظلمانیه مناسبه لهیئات سیئاتهم من الصور المعلقه، مانعه من الرجوع إلى الحق و إلى الدنیا، و هو البرزخ بین بحری النور و الظلمه و عالم الأرواح المجرّده و الأجساد المرکبه یتعذبون فیه بأشد أنواع العذاب، و أفحش أصناف العقاب إلى وقت البعث فی الصوره الکثیفه عند النفخ فی الصور و وقوع القیامه و حشر الأجساد، و حینئذ فَلا أَنْسابَ بَیْنَهُمْ‏ لاحتجاب بعضهم عن بعض بالهیاکل المناسبه لأخلاقهم و أعمالهم و هیئاتهم الراسخه فی نفوسهم المکتوبه علیهم، فلا یتعارفون‏ وَ لا یَتَساءَلُونَ‏ لشدّه ما بهم من الأهوال و ذهولهم عما کان بینهم من الأحوال، و تنقطع العلائق و الوصل التی کانت بینهم لتفرّقهم بأنواع العذاب و أسباب الحجاب، و تتغیر صورهم و جلودهم و تتبدّل أشکالهم و وجوههم على حسب اقتضاء معایبهم و صفات نفوسهم، و هو معنى قوله: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِیها کالِحُونَ‏ و ذلک غلبه الشقوه و سوء العاقبه الموجبه للخس‏ء و الطرد و البعد و اللعن کخس‏ء الکلاب.

[۱۱۲- ۱۱۸]

[سوره المؤمنون (۲۳): الآیات ۱۱۲ الى ۱۱۸]

قالَ کَمْ لَبِثْتُمْ فِی الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِینَ (۱۱۲) قالُوا لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّینَ (۱۱۳) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِیلاً لَوْ أَنَّکُمْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (۱۱۴) أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناکُمْ عَبَثاً وَ أَنَّکُمْ إِلَیْنا لا تُرْجَعُونَ (۱۱۵) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِکُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْکَرِیمِ (۱۱۶)

وَ مَنْ یَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا یُفْلِحُ الْکافِرُونَ (۱۱۷) وَ قُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّاحِمِینَ (۱۱۸)

لَبِثْنا یَوْماً أَوْ بَعْضَ یَوْمٍ‏ قال ابن عباس: أنساهم ما کانوا فیه من العذاب بین النفختین: الاحتجاب فی البرزخ المذکور، فالصور المذکور أنساهم مدّه اللبث و إنما استقصروها لانقضائها و کل منقض فهو لیس بشی‏ء، و لهذا صدّقهم بقوله: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا و معنى: لَوْ أَنَّکُمْ کُنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏ إنکم حسبتموها کثیرا فاغتررتم بها و فتنتم بلذاتها و شهواتها، و لو علمتموها قلیلا لتزودتم و تجرّدتم عن تعلقاتها.

رَبِّ اغْفِرْ هیئات المعلقات‏ وَ ارْحَمْ‏ بإفاضه الکمالات‏ وَ أَنْتَ خَیْرُ الرَّاحِمِینَ‏

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Back to top button
-+=