تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره القمر
سوره القمر
[۱- ۶]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۱ الى ۶]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
اقْتَرَبَتِ السَّاعَهُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (۱) وَ إِنْ یَرَوْا آیَهً یُعْرِضُوا وَ یَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (۲) وَ کَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ کُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (۳) وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِیهِ مُزْدَجَرٌ (۴)
حِکْمَهٌ بالِغَهٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (۵) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَیْءٍ نُکُرٍ (۶)
اقْتَرَبَتِ السَّاعَهُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ إنما کان انشقاق القمر آیه قرب القیامه الکبرى، لأن القمر إشاره إلى القلب لکونه ذا وجهین: وجه مظلم یلی النفس، و آخر منوّر یلی الروح، و لاستفادته النور من الروح کاستفاده القمر النور من الشمس و انفلاقه بتأثیر نور الروح فیه و ظهور شمسه من مغربها أی: بروزها من حجاب القلب بعد کونها فیه علامه قرب الفناء فی الوحده لکونه مقام المشاهده المؤدیه إلى الشهود الذاتی و إن حملت على دور الظهور الذی هو زمان المهدی المبعوث فی نسمها. فانشقاق القمر انفلاقه عن ظهور محمد علیه السلام لظهوره فی دور القمر و إن حملت على الصغرى فالقمر هو البدن لاستفادته نور الشعور و الحیاه من شمس الروح و ظلمته فی نفسه و یقویه قوله: یَوْمَ یَدْعُ الدَّاعِ أی: یظهر مقتضى الموت و یدعو موجبه إلى شیء منکر فظیع تکرهه النفوس.
[۷- ۱۰]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۷ الى ۱۰]
خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ یَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ کَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (۷) مُهْطِعِینَ إِلَى الدَّاعِ یَقُولُ الْکافِرُونَ هذا یَوْمٌ عَسِرٌ (۸) کَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَکَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ (۹) فَدَعا رَبَّهُ أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (۱۰)
خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ من الذلّه و العجز و المسکنه و الحرمان یَخْرُجُونَ من أجداث الأبدان کَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ شبهها بالجراد لکثره النفوس المفارقه و ذلتها و ضعفها و حرصها و تهالکها على حضره الذات الحسیه و الشهوات الطبیعیه و میلها إلى الجهه السفلیه کما شبهها بالفراش لتهالکها إلى نور الحیاه. و على الأول یوم یدعو داعی الروح و القلب النفوس إلى شیء منکر عندها من ترک الحظوظ العاجله و اللذات البدنیه و الحسیّه الذی هو الموت الإرادی بالریاضه و مشایعه السرّ فی التوجه إلى جناب الحق خشعا أبصارهم، ذلیله منکسره لقهر الداعی لها و استیلائه علیها یخرجون من أجداث الأبدان بالتجرد و الانخلاع عنها کأنهم جراد لضعفهاو طیرانها فی شعاع نور شمس الروح مُهْطِعِینَ إِلَى الدَّاعِ على کلا التأویلین لانقیادها طوعا و کرها یَقُولُ الْکافِرُونَ أی: المحجوبون عن الدین أو الحق هذا یَوْمٌ عَسِرٌ لنزوعهم إلى اللذات و الشهوات الحسیّه و شوقهم إلیها و ضراوتهم بها، فأما غیر المحجوب فأیسر شیء علیه الموت الطبیعی و الإرادی جمیعا.
[۱۱]
[سوره القمر (۵۴): آیه ۱۱]
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (۱۱)
فَفَتَحْنا أَبْوابَ سماء العقل بعلم منصب إلى العالم السفلی بقوه، أی: نکسنا عقولهم بالمیل إلى الدنیا و الاشتغال بتدابیر الأمور الجزئیه و ترتیب اللذات الحسیه و الانهماک فی أمر المعاش و صرف عملها فیه و وقوفها معها و احتجابها بها عن الأمور الأخرویه المؤدّی إلى هلاکهم، فهو کقوله: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِکَ قَرْیَهً أَمَرْنا مُتْرَفِیها فَفَسَقُوا فِیها[۱].
[۱۲- ۱۴]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۱۲ الى ۱۴]
وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُیُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (۱۲) وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (۱۳) تَجْرِی بِأَعْیُنِنا جَزاءً لِمَنْ کانَ کُفِرَ (۱۴)
وَ فَجَّرْنَا أرض النفس عُیُوناً علوما جزئیه حسیّه متعلقه بکسب الحطام و جمعه و التلذذ به و الترفه فیه کأن نفوسهم کلها ذلک التدبیر لشده انجذابها إلیها و حرصها فیها فَالْتَقَى العلمان فی طلب الدنیا و جذبها عَلى أَمْرٍ قد قدّره اللّه تعالى و هو: إهلاکهم بسبب التورط فی الشهوات بالجهل و حملنا نوحا على شریعه ذات أعمال و علوم ترتبط بها الأعمال أو أحکام و معاقد تستند إلیها الأحکام تَجْرِی بِأَعْیُنِنا أی: تنفذ على حفظ منا فی لجه جهلهم الغالب الغامر إیاهم، فلا یغلبها جهلهم فیبطلها جَزاءً لنوح علیه السلام الذی کان نعمه مکفوره من قومه بأن لم یعرفوه فیطیعوه و یعظموه فینجوا به، بل أنکروه فعصوه فهلکوا بسببه.
[۱۵- ۲۶]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۱۵ الى ۲۶]
وَ لَقَدْ تَرَکْناها آیَهً فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ (۱۵) فَکَیْفَ کانَ عَذابِی وَ نُذُرِ (۱۶) وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّکْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ (۱۷) کَذَّبَتْ عادٌ فَکَیْفَ کانَ عَذابِی وَ نُذُرِ (۱۸) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً فِی یَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (۱۹)
تَنْزِعُ النَّاسَ کَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (۲۰) فَکَیْفَ کانَ عَذابِی وَ نُذُرِ (۲۱) وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّکْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ (۲۲) کَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (۲۳) فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِی ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (۲۴)
أَ أُلْقِیَ الذِّکْرُ عَلَیْهِ مِنْ بَیْنِنا بَلْ هُوَ کَذَّابٌ أَشِرٌ (۲۵) سَیَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْکَذَّابُ الْأَشِرُ (۲۶)
وَ لَقَدْ تَرَکْناها أی: آثار تلک الشریعه و الدعوه إلى یومنا هذا آیَهً بینه لمن یعتبر بها فَهَلْ من متعظ، فإنّ طریق الحق واحد و الأنبیاء کلهم متوافقون فی أصول الشرائع فَکَیْفَ کانَ عَذابِی لقومه بإهلاکهم فی ورطه الجهل و حرمان الحیاه الحقیقیه و اللذه السرمدیه و إنذاری على لسان نوح علیه السلام.
و وجه آخر و هو: تأوّل فتح السماء بإنزال الرحمه و الوحی على نوح، أی: فتحنا أبواب سماء روح نوح بعلم کلی منصب بقوّه شامله لجمیع الجزئیات و فجرنا أرض نفسه عیونا، أی:
علوما جزئیه، کإن نفسه کلها علوم، فالتقى العلمان بانضمامها فصارت قیاسات و آراء صحیحه بنى علیها شریعته المؤسسه على العملیات و النظریات، فحملناه علیها بالعمل بها و الاستقامه فیها فنجا فیها و بقی قومه فی ورطه الجهل، فغرقوا فی تیار بحر الهیولى و أموال الجهالات و هلکوا.
[۲۷- ۳۶]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۲۷ الى ۳۶]
إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَهِ فِتْنَهً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ (۲۷) وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَهٌ بَیْنَهُمْ کُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (۲۸) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (۲۹) فَکَیْفَ کانَ عَذابِی وَ نُذُرِ (۳۰) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ صَیْحَهً واحِدَهً فَکانُوا کَهَشِیمِ الْمُحْتَظِرِ (۳۱)
وَ لَقَدْ یَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّکْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ (۳۲) کَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (۳۳) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَیْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّیْناهُمْ بِسَحَرٍ (۳۴) نِعْمَهً مِنْ عِنْدِنا کَذلِکَ نَجْزِی مَنْ شَکَرَ (۳۵) وَ لَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (۳۶)
إِنَّا مُرْسِلُوا ناقه نفسه ابتلاء لَهُمْ لیتمیز المستعدّ القابل السعید، من الجاهل المنکر الشقی فَارْتَقِبْهُمْ لتنظر نجاه الأول و هلاک الثانی وَ اصْطَبِرْ على دعوتهم وَ نَبِّئْهُمْ أَنَ ماء العلم قِسْمَهٌ بَیْنَهُمْ لها علم الروح الفائض علیها و لهم علم النفس، أی: لها المعقولات و لهم المحسوسات کُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ هی تحضر شربها بالتوجه إلى الروح و قبول العلوم الحقیقیه و النافعه منها و هم یحضرون شربهم بالأوی إلى منبع الخیال و الوهم، و تلقی الوهمیات و الخیالیات منه.
[۴۶]
[سوره القمر (۵۴): آیه ۴۶]
بَلِ السَّاعَهُ مَوْعِدُهُمْ وَ السَّاعَهُ أَدْهى وَ أَمَرُّ (۴۶)
بَلِ السَّاعَهُ مَوْعِدُهُمْ أی: القیامه الصغرى و وقوعهم فی العذاب الأبدی بزوال الاستعداد و قلب الوجوه إلى أسفل، و هی أشدّ و أمرّ من عذاب القتل و الهزیمه.
[۴۷]
[سوره القمر (۵۴): آیه ۴۷]
إِنَّ الْمُجْرِمِینَ فِی ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (۴۷)
إِنَّ الْمُجْرِمِینَ الذین أجرموا بکسب الهیئات المظلمه الردیئه الجسمانیه فِی ضَلالٍ عن طریق الحق لعمى قلوبهم بظلمه صفات نفوسهم وَ سُعُرٍ أی: جنون و وله لاحتجاب عقولهم عن نور الحق بشوائب الوهم و حیرتها فی الباطل.
[۴۸- ۵۳]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۴۸ الى ۵۳]
یَوْمَ یُسْحَبُونَ فِی النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (۴۸) إِنَّا کُلَّ شَیْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (۴۹) وَ ما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَهٌ کَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (۵۰) وَ لَقَدْ أَهْلَکْنا أَشْیاعَکُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّکِرٍ (۵۱) وَ کُلُّ شَیْءٍ فَعَلُوهُ فِی الزُّبُرِ (۵۲)
وَ کُلُّ صَغِیرٍ وَ کَبِیرٍ مُسْتَطَرٌ (۵۳)
یَوْمَ یُسْحَبُونَ فِی النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ بحشرها فی صور وجوهها إلى الأرض و تسخیرها فی قهر الملکوت الأرضیه فیقهرها فی أنواع العذاب و یعذبها بنیران الحرمان یقال لهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ وَ ما أَمْرُنا إِلَّا کلمه واحِدَهٌ أی: تعلق المشیئه الأزلیه الموجبه لوجود کل شیء فی زمان معین على وجه معلوم ثابت فی لوح القدریه المسمى فی الشرع:
کن، فیجب وجوده فی ذلک الزمان على ذلک الوجه دفعه فِی الزُّبُرِ أی: ألواح النفوس.
[۵۴- ۵۵]
[سوره القمر (۵۴): الآیات ۵۴ الى ۵۵]
إِنَّ الْمُتَّقِینَ فِی جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ (۵۴) فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِیکٍ مُقْتَدِرٍ (۵۵)
إِنَّ الْمُتَّقِینَ على الإطلاق فِی جَنَّاتٍ من مراتب الجنان الثلاث عالیه رفیعه وَ نَهَرٍ علوم مرتبه بحسب مراتب الجنان المذکوره فِی مَقْعَدِ صِدْقٍ أی: خیر و أی خیر هو مقام الوحده عِنْدَ مَلِیکٍ فی حضره الأسماء حال البقاء بعد الفناء و مقام الفرق بین الذات و الصفات کائنین بالذات فی مقعد صدق و بالصفات عند ملیک مدبر مملکه الوجود على حسب الحکمه و مقتضى العنایه على أحسن وجه و أتمّ نظام مُقْتَدِرٍ یقدر على تصریف جمیع ما فی ملکه على حکم مشیئته و تسخیره على مقتضى إرادته لا یمتنع علیه شیء.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۳۰۱
[۱] ( ۱) سوره الإسراء، الآیه: ۱۶.