تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق) سوره العلق
سوره العلق
[۱- ۸]
[سوره العلق (۹۶): الآیات ۱ الى ۸]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ الَّذِی خَلَقَ (۱) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (۲) اقْرَأْ وَ رَبُّکَ الْأَکْرَمُ (۳) الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (۴)
عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ (۵) کَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغى (۶) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (۷) إِنَّ إِلى رَبِّکَ الرُّجْعى (۸)
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّکَ نزلت فی أول رتبه ردّه علیه السلام عن الجمع إلى التفصیل و لهذا قیل: هی أول سوره نزلت من القرآن، و معنى الباء فی باسم: الاستعانه کما فی قوله: کتبت بالقلم، لأنه إذا رجع إلى الخلق عن الحق کان موجودا بالوجود الحقانی بعد الفناء عن وجوده موصوفا بصفاته، فکان اسما من أسمائه لأن الاسم هو الذات مع الصفه، أی: اقرأ بالوجود الذاتی الذی هو اسمه الأعظم فهو الآمر باعتبار الجمع و المأمور باعتبار التفصیل و لهذا وصف الربّ ب الَّذِی خَلَقَ أی: احتجب بصوره الخلق، یعنی ظهرت بصورتک فقم بی فی صوره الخلق و ارجع عن الحقیه إلى الخلقیه و کن خلقا بالحق. و لما ردّه إلى الخلقیه فی صوره الجمعیه الإنسانیه و أمره بالاحتجاب بها لتمکن الوحی و التنزیل و النبوّه خصّ الخلق بعد تعمیمه بالإنسان فقال: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ باسم رَبُّکَ الْأَکْرَمُ أی: البالغ إلى النهایه فی الکرم الذی لا یمکن فوق غایته کرم لجوده بذاته و صفاته وهب لک ذاته و صفاته فهو أکرم من أن یدعک فانیا فی عین الجمع فلا یعوّض وجودک بنفسک شیئا و لو أبقاک على حال الفناء لم یظهر له صفه فضلا عن الکرم، و من قضیه أکرمیته أنه الذی آثرک بأشرف صفاته الذی هو العلم و ما ادّخر عنک شیئا من کمالاته، فلهذا وصف الأکرم ب الَّذِی عَلَّمَ بِالْقَلَمِ أی: القلم الأعلى الذی هو الروح الأول الأعظم أی: علم بسببه و واسطته ثم لما کان فی أول حال البقاء و لم یصل إلى التمکین أراد أن یمکنه و یحفظه عن التلوین بظهور أنائیته و انتحال صفه اللّه فقال: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ یَعْلَمْ أی: لم یکن له علم فعلمه بعلمه و وهب له صفه عالمیته لئلا یرى ذاته موصوفه بصفه الکمال فیطغى بظهور الأنانیه و لهذا ردعه عن مقام الطغیان بقوله:
کَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَیَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى أی: بسبب رؤیته نفسه مستغنیا بکماله إِنَّ إِلى رَبِّکَ الرُّجْعى بالفناء الذاتی فلا ذات لک و لا صفه فارتدع علیه السلام متأدّبا بأدب حاله و قال: لست بقارئ، أی ما أنا بقارئ إنما القارئ أنت.
[۹- ۱۴]
[سوره العلق (۹۶): الآیات ۹ الى ۱۴]
أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهى (۹) عَبْداً إِذا صَلَّى (۱۰) أَ رَأَیْتَ إِنْ کانَ عَلَى الْهُدى (۱۱) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (۱۲) أَ رَأَیْتَ إِنْ کَذَّبَ وَ تَوَلَّى (۱۳)
أَ لَمْ یَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ یَرى (۱۴)
أَ رَأَیْتَ الَّذِی أی: المحجوب الجاهل المستغنی بحاله و ماله و قومه عن الحق یَنْهى عَبْداً أیّ عبد عن صلاه الحضور و العباده فی مقام الاستقامه بطغیانه إِنْ کانَ عَلَى الْهُدى* أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى فی شرکه و دعوته إلى الشرک فرضا و تقدیرا کما زعم أو إِنْ کَذَّبَ بالحق لکفره و أعرض عن الدین المستقیم لعناده و طغیانه کما هو فی نفس الأمر أَ لَمْ یَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ یراه فی الحالتین فیجازیه.
[۱۵- ۱۸]
[سوره العلق (۹۶): الآیات ۱۵ الى ۱۸]
کَلاَّ لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِیَهِ (۱۵) ناصِیَهٍ کاذِبَهٍ خاطِئَهٍ (۱۶) فَلْیَدْعُ نادِیَهُ (۱۷) سَنَدْعُ الزَّبانِیَهَ (۱۸)
کَلَّا ردع عن النهی عن الصلاه و إثبات للقسم الثانی من الشرطیه بنفی القسم الأول بالوعید علیه لَئِنْ لَمْ یَنْتَهِ عنه و عن نسبه الکذب و الخطأ إلیه على أبلغ وجه و آکده، و بیان احتجابه بقومه و اتکاله على قوتهم و غفلته عن قهر الحق و سخطه بتسلیط الملکوت السماویه و الأرضیه الفعاله فی عالم الطبیعه علیه التی لا یمکن أحدا مقاومتها.
[۱۹]
[سوره العلق (۹۶): آیه ۱۹]
کَلاَّ لا تُطِعْهُ وَ اسْجُدْ وَ اقْتَرِبْ (۱۹)
کَلَّا لا تُطِعْهُ أی: لا توافقه و دم على ما أنت علیه من مخالفته بملازمه التوحید وَ اسْجُدْ سجود الفناء فی صلاه الحضور وَ اقْتَرِبْ إلیه بالفناء فی الأفعال ثم فی الصفات ثم فی الذات أی: دم على حاله فنائک التام فی مقام الاستقامه و الدعوه حتى تکون فی حاله البقاء به فانیا عنک و لا یظهر فیک تلوین بوجود بقیه من إحدى الثلاث، و لهذا
قرأ علیه السلام فی هذه السجده: «أعوذ بعفوک من عقابک»
أی: بفعل لک من فعل لک،
«و أعوذ برضاک من سخطک»
أی: بصفه لک من صفه لک،
«و أعوذ بک منک»
أی: بذاتک من ذاتک و هو معنى اقترابه بالسجود، و
فی الحدیث: «أقرب ما یکون العبد إلى ربّه إذا سجد»
، و اللّه تعالى أعلم.
تفسیر ابن عربى(تأویلات عبد الرزاق)، ج۲، ص: ۴۴۷